المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية
بدأ المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الاسلامية اعماله في عام ١٣٦٩ هـ ش/ ١٩٩٠ بأمر من قائد الثورة المعظم وتعيين امينه العام واعضاء المجلس الاعلى من جانب سماحته، وقد صادق المجلس الاعلى للمجمع في اول خطوة له على النظام التأسيسي وعلى هيكلية المجمع. وقد وضع اركانه على ثلاثة من الاسس وهي: العلمية، والثقافية، والعلاقات الداخلية والدولية.
المفاهيم التخصصية
1 ـ التقريب
التقريب حسب وجهة نظر المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية يعني: التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعرف بعضهم على البعض الآخر عن طريق تحقيق التآلف والأخـوّة الدينيـة على أساس المبـادئ الإسلامية المشتركة الثابتـة والأكيدة.
2 ـ الوحدة الإسلامية
الوحدة الإسلامية عبارة عن: التعاون بين أتباع المذاهب الإسلامية على أساس المبادئ الإسلامية المشتركة الثابتـة والأكيدة واتخاذ موقف موحد من أجل تحقيق الأهداف والمصالح العليا للأمـة الإسلاميـة والموقف الموحد تجاه اعدائها مع احترام التزامات كل مسلم تجاه مذهبه عقيدة وعملاً.
3 ـ المذاهب الإسلامية
المقصود من المذاهب الإسلامية هي: تلك المدارس الفقهية الإسلامية المعروفة التي تتمتع بنظام اجتهادي منسجم ومستند إلى الكتاب والسنة.
وإن المدارس الفقهية المعترف بها حسب وجهة نظر المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية هي عبارة عن: المذهب الحنفي والشافعي والمالكي والحنبلي من أهل السنة، والمذهب الإثني عشري والزيدي والبهرة من الشيعة والمذهب الأباضي.
(على أن هناك مدارس أخرى إمّا أنها لا أتباع لها، أو أنها تنضم لأحد المذاهب المذكورة، أو أنها تعبر عن آراء فردية لا تتقيد في عملها بمذهب معين).
أسس التقريب
تقوم مسيرة التقريب بين المذاهب الإسلامية على مبادئ عامة، من أهمها ما يلي:
1ـ إن الكتاب الكريم والسنّة النبوية الشريفة هما المصدران الأساسيان للشريعة، والمذاهب الإسلامية كلها تشترك في هذين المصدرين، وحجية المصادر الأخرى رهن بكونها مستمدة منهما.
2ـ يعد الإيمان بالأصول والأركان التالية ضابطاً للصبغة الإسلامية:
أ: الإيمان بوحدانية الله تعالى ( التوحيد ).
ب: الإيمان بنبوة وخاتمية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن سنّـته تمثل أحد مصدري الدين الرئيسيين.
ج: الإيمان بالقرآن الكريم ومفاهيمه وأحكامه باعتباره المصدر الأول لدين الإسلام.
د: الإيمان بالمعاد.
هـ: عدم إنكار ضرورات الدين والتسليم بأركان الإسلام، كالصلاة، والزكاة، والصيام، والحج، والجهاد، و…
3ـ شرعية الإجتهاد وحرية البحث: لقد اعترف الإسلام الحنيف بالاختلافات الفكرية عبر اعترافه بشرعية الاجتهاد في إطار المصادر الإسلامية الرئيسة، ولذا على المسلمين أن يعتبروا الاختلاف في الاجتهادات أمراً طبيعياً ويحترموا الرأي الآخر.
4ـ إن الوحدة الإسلامية هي خصيصة قرآنية للأمة الإسلامية وهي مبدأ يمتلك أهمية كبرى، فيقدم في موارد التزاحم على غيره من الأحكام التي تقل عنه أهمية.
5ـ إن مبدأ الأخوة الإسلامية يشكل أساساً عاماً لنوعية التعامل بين المسلمين.
مجالات التقارب
تشمل مجالات التقريب الإسلامي بين المذاهب جوانب حياة أتباع هذه المذاهب كافة، حيث يمكن الإشارة إلى الجوانب التالية:العقائد، الفقه وقواعده (وفقاً لوجهة نظر محققي فقهاء المذاهب، فإن الأبواب الفقهية تتضمن نسبة عالية من النقاط المشتركة، والاختلاف في بعض المسائل الفقهية أمر طبيعي مردّه إلى فهم الفقهاء واجتهاداتهم.) الأخلاق والثقافة الإسلامية، التاريخ، المواقف السياسية للأمة الإسلامية.
المبادئ والقيم
يتمسك المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية في منهجه الإصلاحي وتنفيذ برامجه انطلاقاً مما سبق بالمبادئ والقيم أدناه:
1ـ ضرورة التعاون الكامل في الموارد التي يتفق المسلمون عليها.
2ـ ضرورة اتخاذ موقف منسق وواحد في مواجهة أعداء الإسلام.
3ـ تجنب تكفير وتفسيق المسلمين الآخرين ورميهم بتهمة البدعة.. علينا كمسلمين يقبلون بمشروعية الاجتهاد في إطار المصادر الإسلامية الرئيسة أن نقبل مستلزمات هذا المبدأ وتبعاته حتى لو كان الرأي الإجتهادي خطأ في نظرنا. لذا ينبغي الهبوط بمرتبة الاختلافات من الكفر والإيمان إلى مرتبة الخطأ والصواب.
كما لا ينبغي لأحد من جانب آخر أن يكفّر الآخر بسبب لوازم حديثه أو رأيه تقود حسب رأينا إلى إنكار أصول الدين، فقد يكون غير ملتزم بهذه اللوازم.
4ـ التعامل باحترام عند الاختلاف.. حينما يوصي الإسلام بنوع من التحمل الديني في علاقاته مع باقي الأديان ويطلب من المسلمين أن لايسيئوا للمقدسات الفكرية والعقائدية الباطلة للآخرين؛ فإن من الأولى أن يؤكد في إطار العلاقات بين المسلمين على مبدأ تجنب الإساءة لمقدسات أتباع المذاهب الإسلامية وأن يعذر بعضهم الآخر فيما يختلفون فيه.
5ـ حرية اختيار المذهب.. إن مبدأ حرية اختيار المذهب مبدأ عام في العلاقات الفردية، فكل شخص حر في اختيار مذهبه الإسلامي، ولا ينبغي للمنظمات والحكومات أن تفرض على أحد مذهباً دون غيره بل تعترف بالمذاهب الإسلامية جميعاً.
6ـ حرية العمل بالأحكام الشخصية.. فيما يتعلق بالمسائل الخاصـة بالأمور الشخصية، فإن أتباع المذاهب الإسلامية يتبع كل منهم الأحكام المتعلقة بمذهبه، سوى ما كان مرتبطاً بالنظام العام حيث تكون كلمة الفصل للقوانين المنصوص عليها في بلادهم التي تديرها حكومة شرعية.
7ـ استناداً لما ورد في سورة الزمر المباركة (فبشر عباد الذين يستمعون القول فيتبعون أحسنه)، دعا القرآن الكريم المسلمين إلى اعتماد مبدأ الحوار السلمي مع الكفار وأهل الكتاب بعيداً عن التهويل والضوضاء وذلك من أجل بلوغ الحقيقة. من أجل ذلك وجب على المسلمين من باب أولى أن يتم حل اختلافاتهم عن طريق الحوار السلمي ومراعاة آدابه فيما بينهم.
8ـ لزوم اهتمام جميع المسلمين بالجانب العملي للتقريب وتجسيد هذه القيم في حياتهم والسعي الشامل لتطبيق الشريعة الإسلامية في كل جوانب الحياة.
أركان مجمع التقريب عبارة عن:
أ: الجمعية العمومية.
ب: المجلس الأعلى.
ج: الأمين العام.
ميثاق الوحدة الاسلامية
بسم الله الرحمن الرحيم الحمد لله رب العالمين والصلاة والسلام على سيد البشرية وأسوتها محمد النبي الأمين وآله الطاهرين وصحبه الميامين ومن تبعهم باحسان الى يوم الدين.. وبعد:
انطلاقاً من الايمان بأن الاسلام أمانة في أعناق المسلمين، وعليهم الدفاع عنه وعن مقدساته..
وملاحظة لتأكيد الاسلام على الالتزام بكل ما يؤدي إلى الوحدة الاسلامية، ويقوي العلاقات الأخوية بين أبناء الأمة، ويعتمد المنطق السديد ولغة الحوار البناء، ويحقق التعاون والتضامن والتآلف بين المسلمين ويحفظ المصالح العليا لهم..
ونظراً الى الهجمة الشرسة الواسعة من قبل الاستكبار العالمي والصهيونية على ثقافة الأمة الإسلامية وقيمها واستقلالها ومواردها..
وتأكيداً لواجب تعبئة كل الطاقات المادية والمعنوية لإيقاف هذه الهجمة..
فاننا نحن العلماء والمفكرين الموقعين على هذا الميثاق بعد الاطلاع على الخطوات السديدة التي اتخذها العلماء فيما سبق في مكة المكرمة وطهران وعمان والقاهرة وغيرها، نؤكد إيماننا والتزامنا بالمبادىء والأصول والأساليب التالية، كما ندعو الآخرين للالتزام بذلك:
الأسس:
أولاً: الإسلام هو الدين الخاتم والسبيل الوحيد لرقي الإنسانية وهو أمانة في أعناق المسلمين، عليهم تطبيقه والعمل بتعاليمه وتوجيهاته في كل مناحي الحياة والذب عنه وعن حرماته ومقدساته، وعليهم تقديم المصلحة الإسلامية العليا على باقي المصالح.
ثانياً: إن القرآن الكريم والسنّة النبوية الشريفة هما المصدران الأساسان للتشريع وسائر التعاليم الإسلامية، والمذاهب الإسلامية كلها تشترك في هذين المصدرين، وإن اعتبار المصادر الأخرى رهن بكونها مستمدة منهما.
ثالثاً: يُعدّ الإيمان بالأصول والأركان التالية ضابطاً للصبغة الإسلامية:
أ: الإيمان بوحدانية الله تعالى ( التوحيد ).
ب: الإيمان بنبوة وخاتمية الرسول الأكرم محمد (صلى الله عليه وآله وسلم)، وأن سنّـته تمثل أحد مصدري الدين الرئيسين.
ج: الإيمان بالقرآن الكريم ومفاهيمه وأحكامه باعتباره المصدر الأول لدين الإسلام.
د: الإيمان بالمعاد.
هـ: الإيمان بوجوب أركان الإسلام الخمسة وعدم إنكار مسلمات الدين المتفق عليها وما هو معلوم منه بالضرورة.
رابعاً: شرعية الاجتهاد وحرية البحث، حيث أقر الإسلام الحنيف الاختلاف في وجهات النظر من خلال إقراره شرعية الاجتهاد وفق الضوابط الشرعية، ولذا على المسلمين أن يعتبروا الاختلاف في الاجتهادات أمراً طبيعياً ويحترموا الرأي الآخر.
خامساً: إن وحدة الأمة الإسلامية والحفاظ على مصالحها العامة واجب ديني وضرورة حياتية، وإن مبدأ الأخوة الاسلامية هو أساس التعامل والتضامن بين المسلمين.
التطلعات:
سادساً: على العلماء والمفكرين:
1ـ السعي إلى جعل الوضع الذي يعيشه المجتمع الإسلامي المعاصر أقرب ما يكون إلى الصورة التي رسمها القرآن الكريم وعمل على تجسيدها رسولالله(ص)، من حيث الأخوة الدينية والتعاون على البر والتقوى والوقوف صفاً واحداً أمام التحديات والتواصي بالحق والتواصي بالصبر والابتعاد عن التفرق والتنازع وعن كل ما يؤدي إلى وهن المسلمين وفشلهم.
2ـ اقتداء الأتباع بسلوك أئمة المذاهب الإسلامية في التعامل بينهم وتوسيع نطاق العمل بين أتباع المذاهب اليوم.
3ـ توسيع نطاق التضامن القائم حالياً بين بعض المذاهب الإسلامية ليشمل المسلمين كافة والمذاهب الإسلامية، وتقبل عامة المسلمين للخلافات والمنبثقة عن الاجتهاد المنضبط بين المذاهب.
سابعاً: تعزيز الصحوة الإسلامية وتعميقها وترشيدها وتحقيق التقارب بين أتباع المذاهب الإسلامية بغية تعريف بعضهم ببعض عن طريق تحقيق التآلف والأخـوّة الدينيـة على أساس المبـادئ الإسلامية المشتركة الثابتـة والأكيدة.