الاجتهاد: أول من أسس مقبرة البقيع هو رسول الله (صلى الله علیه وآله) حيث دفن فيها أول صحابي من الأنصار وهو (أسعد بن زرارة)، ثم دفن بها أول صحابي من المهاجرين وهو (عثمان بن مضعون)، ووضع (صلى الله عليه وآله) حجراً علامة دالة على قبره، ثم أصبحت مقبرة المسلمين حيث دفن فيها عشرة ألاف صحابياً،
وكان رسول الله (صلى الله علیه وآله) يقوم بزيارتهم ويقول : (إن الله قد أمرني أن أستغفر لأهل البقيع)، وأول من أعتدى على قبورهم هو (مروان بن الحكم) حيث مرّ على قبر (عثمان بن مضعون) فرفع الحجر الذي علّم رسول الله (صلى الله علیه وآله) به قبر هذا الصحابي الجليل وقال مروان : (لا تكون علامة لقبر عثمان بن مضعون)،
فقال له بنو أمية : (كيف رفعت علامة وضعها رسول الله ! أعدها لمحلها)، لكنه أمتنع بغضاً لعباد الله الصالحين، وبقيت هذه القبور سالمة من أي اعتداء طيلة حكم الملوك الثلاثة – أبي بكر وعمر بن الخطاب وعثمان بن عفان – وبني أمية وبني العباس وغيرهم من الحكومات السنية كالدولة العثمانية وحكم الأشراف،
حتى حلول عام (1220 هـ) حيث شن الوهابيون هجوماً على البقيع هدموا تلك القبور، ولكن البناء عاد من جديد من قبل جمهور المسلمين، وبعد سيطرتهم على الحكم قاموا بهدم القبور مجدداً عام (1344 هـ)، فهدموا القبر المنسوب إلى (حواء) في جدة، وهدموا قبر (عبد المطلب) و(أبي طالب) و(خديجة) و(عبد الله بن عبد المطلب) و(أمنة بنت وهب) في مكة المكرمة،
صيانة الآثار الإسلامية .. آية الله الشيخ جعفر السبحاني / تحميل الكتاب
كما وقاموا بهدم قبور شهداء معركة (بدر)، وقبر الحمزة بن عبد المطلب في (أحد)، وهدموا قبور الأئمة من ذرية رسول الله (صلى الله علیه وآله)، وهم (الإمام الحسن والإمام زين العابدين والإمام الباقر والإمام الصادق)، وهدموا قبور زوجات رسول الله (صلى الله علیه و آله)، وأولاد رسول الله (صلى الله علیه وآله) – إبراهيم والقاسم – ومن احتضن رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهي (فاطمة بنت أسد)، وعم رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهو (العباس بن عبد المطلب)، وأبناء عم رسول الله (صلى الله علیه وآله) وهم (عقيل بن أبي طالب) و(عبد الله بن جعفر بن أبي طالب)،
والذرية الصالحة من أهل بيت رسول الله (صلى الله عليه وآله) وهم كثر أبرزهم (إسماعيل بن جعفر الصادق) وغيرهم ،،، نحن على نهج رسول الله (صلى الله علیه وآله) نريد اعادة بناء ما بقي شامخاً مئات السنين بتأسيس منه (صلى الله عليه وآله) …