الشيخ-علي-دواني

العلامة المحقق الشيخ علي دواني “ره” في سطور

الاجتهاد: الشيخ علي دواني (ولد سنة ۱۹۲۹ في منطقة «دوان» التابعة لمحافظة شيراز) الذي يشتهر في الساحة الثقافية الإيرانية بكثرة كتاباته، إذ هو يمسك بالقلم منذ العقد الثاني من عمره حتى مماته.

ومع أن آثار دواني نيفت على السبعين کتاباً بين تألیف و ترجمة، إلا أن هناك بضعة أعمال لها قيمة استثنائية من بين مؤلفاته، ربما كان أولها موسوعته التي تحمل عنوان «مفاخر الإسلام» (سبعة مجلدات) التي تهتم بترجمة حياة العلماء من أوائل المحدثين والفقهاء والمتكلمين وغيرهم،

ثم موسوعته الثانية «نهضة علماء إيران» (أحد عشر مجلداً) ، وفيها يؤرِّخ لجهاد علماء الشيعة في إيران، وربما كانت هذه الموسوعة هي أشمل عمل موسوعي وأكثرها توثيقاً حول الجهاد السياسي والنشاط الاجتماعي والعلمي للعلماء في إيران.

قطع  الشيخ دواني شوطأ من دراسته الحوزوية في النجف الأشرف قبل أن يعود إلى بلده إيران، فيواصل الدراسة في حوزة قم، ويتركها بعد أن يقضي فيها سنوات طويلة للاستقرار في طهران، والتفرغ للكتابة والبحث والتأليف بشكل كامل، من دون أن يقبل الارتباط بأي عمل وظيفي صغُر أم كَبر.

ربما كان من أهم أدواره في مدينة قم هو مشاركته في إصدار مجلة «مکتب إسلام» (بالفارسية) مع السادة : موسوي أردبيلي، مکارم شیرازی، سبحاني، موسى الصدر (الإمام)، واعظ زاده خراساني، حسين النوري وغيرهم.

وهذه المجلة لم تكن مشروعاً هيناً ليس في إيران وحدها، بل في تأريخ المجلات الإسلامية والصحافة الدينية، إذ كانت تبلغ كمية المطبوع منها (۱۲۰) ألفا للعدد الواحد.

وهذا رقم كبير بكل المقاييس، والذي يزيد في أهميته ويعمق من دلالته أكثر، هو أن ذلك كان يحصل قبل أكثر من أربعة عقود من الآن.

مع أن العمل في سلك الصحافة الدينية لم يكن مألوفا لعالم الدين آنذاك، لكون الصحافة الدينية نفسها لم تكن مقبولة آنئذ، إلا أن الشيخ دواني اختار أن يزاول الكتابة الصحافية في المجلات الدينية بشكل مبكر، فكتب في صحف «نداء الحق»، “مجلة المسلمين” وغيرهما، ثم أصدر كتابه الأول عن حياة الفيلسوف جلال الدین الدواني وهو بعد في سن الرابعة والعشرين.

إن الناظر لمؤلفات دواني يجد أن أغلبها يدخل في حقل الدراسات التأريخية، وله في حياة العلماء وتراجم الرجال فقط (۳۲) کتاباً. ونرجو أن لا نعطي انطباعاً خاطئاً من مصطلح « تراجم الرجال» إذ لا نعني به مؤدّاه العلمي المتداول في علم الرجال، بل نعني به المعنى الثقافي والتربوي العام الذي ينصرف لتناول جميع الأبعاد الخاصة والعامة في شخصية علمائنا، أي سيرة العلماء.

يقول الشيخ دواني في إضاءة هذا الجانب من اهتماماته:

منذ أيام الشباب وأنا أرغب ببحث حياة العلماء الكبار، وأن أكتبها بأسلوب تحليلي، جديد ومبتكر، وبلغة معاصرة، و في الواقع كنت أعشق هذا العمل.

وفي خط المسؤولية الدينية يشعر الشيخ دواني أن الشباب بحاجة إلى هذا اللون من الكتابات التأريخية، كما إلى بقية مجالات التأريخ. ولذلك كلّه انصرف للاهتمام به، واستطاع أن يخرج بحصيلة ممتازة على صعيد المكتبة الإيرانية، حيث سدّ شاغراً كبيراً على مستوى حاجات وعي الشباب الإيراني خاصة، والوعي الديني العام في البلد.

وكون دواني مؤرخاً أنجز الكثير من الأعمال، لم يكن ذلك باعثاً لتكبره أو لرفعةٍ نخبوية، هي مرض يرافق بعض أصحاب الإنجازات العلمية أو الثقافية الواسعة؛ على العكس هو ينطوي على تواضع كبير، حيث كنت أزدد له حباً كلما أقرأ عن حياته ونشاطه العلمي شيئاً.

علي-دواني

لنقف على بعض اللمحات في تواضعه العلمي والثقافي، حيث يقول عن نفسه في مجال التأريخ:

لا أعتقد أنني بلغت مستوى الباحث المحقق.

ولكي يخرج هذا التقييم لنفسه ولأعاله من إطار التواضع الكاذب المغلّف بكلمات المجاملة، تراه يقول بصراحة في مجال ما حققه الباحثون الإيرانيون في حقل الدراسات التاريخية:

أستطيع أن أقول: إنه لا أنا ولا غيري من الإيرانيين المشتغلين في حقل الدراسة التأريخية، استطعنا أن نقدّم شيئاً أساسياً مبتكراً في حقل تأريخ الإسلام، يحقق لنا عنوان الباحث المبدع.

أكثر من ذلك ترئ أن عمل بعضهم مع الأسف لايتجاوز التعاطي مع التواريخ المكتوبة – في مجال تأريخ الاسلام – بتغيير بعض العبارات وإضافة عشرات المصادر، لغرض التضليل، مما ينتهي إلى مصادرة جهود الآخرين، وبهذا الأسلوب يطوي إنسان مثل هذا، مسار مائة سنة بليلة واحدة، ويتحول إلى باحث في تاريخ الإسلام، بل باحث في جميع الفروع !

طبيعي لا يهدف دواني أن يسقط جهود الجميع، بل يريد أن يميز بين من يعمل، ومن يحتال، وكذلك يريد أن يرتقي بالبحث التأريخي إلى مستوىً رفيع، حيث يضيف: يجب على الباحثين الآخرين، أن يعملوا – في مجال البحث التاريخي – بمستوى كتابات السيد مرتضى العسكري والسيد جعفر مرتضى (العاملي)، التي تتحلى بالعمق الكبير و بالطابع التحليلي في المكتبة العربية.

يبقى أن نقول أن هذا اللون من الاهتمام بالتأريخ عامة وبتأريخ العلماء خاصة، جعل الشيخ دواني يتحول إلى خزانة واسعة من المعلومات، فهو ينطوي على ذکریات واسعة، ولديه الكثير من الخواطر، كتب بعضها وذكر بعضها في الحوارات التي تجرى معه، وكان ممّن كتب عنهم أو ذكرهم السادة: الأصفهاني، محمد حسین کاشف الغطاء، البروجردي، آقا بزرك الطهراني، محمد علي الكاظمي وهو من أبرز تلامذة النائيني في الأصول، الأميني صاحب الغدیر ، محمد رضا المظفر صاحب منتدى النشر»، نوّاب صفوي قائد «فدائیان اسلام»، الشهيد بهشتي، الإمام الخميني، والشهيد مطهري.

(استفدنا في ترجمة الشيخ دواني، وفي النصوص التي نقلناها عنه، من مجلة “كيهان فرهنكي” (بالفارسية) العدد 109، أرديبهشت 1373ش لقاء مع الشيخ دواني)

 

المصدر: كتاب: ذكرياتي مع الشهيد مطهري “ره” تأليف علي دواني ، ترجمه خالد توفيق.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky