الاقتصاد الرقمي

نحو اقتصاد رقمي منضبط .. رؤية شرعية / د. إبراهيم عبد اللطيف الأعظمي العبيدي

جاءت هذه الدراسة للإجابة عن بيان مدى توافق الاقتصاد الرقمي؛ والذي تم اختصار مفهومه بظاهرة (العمل عن بعد) مع ضوابط الاقتصاد الإسلامي؛ الذي أولى لوسيلة التبادل (النقود) عناية فائقة، وتتبع مدى هذا الانضباط من عدمه.

الاجتهاد: يوم بعد آخر تتجلى أهمية تكنولوجيا المعلومات في مختلف مجالات الحياة، ومن ضمنها الجانب الاقتصادي بمختلف تطبيقاته التبادلية والاستهلاكية والإنتاجية وغيرها، وفي ظل توسع عالم التكنولوجيا فقد انتشر مجال هذه التطبيقات وتطور كثيرا عن الماضي، ولم يعد النشاط الاقتصادي الحالي بمختلف مراحله مقتصرا على شكله النمطي القائم على مبادلة سلعة أو خدمة بنقد في بقعة جغرافية محددة في دولة معينة ضمن اقتصادها المحلي، إنما أصبح التعاقد يتم على السلع والخدمات بمختلف أشكالها وأحجامها مع إمكانية التعرف على جودتها وكامل أوصافها قبل إبرام العقد وإتمامه من أقصى بقعة في الأرض إلى أقصاها، وكل منهما في مكانه؛ من دون معاناة السفر ومشاقه وتكاليفه، بفضل التطور التقني التكنولوجي.

ووفقا لهذا الأمر؛ فقد تطوّر مفهوم البيع والشراء (عملية التبادل) والتي لم تتوقف على صورة البيع النمطي، والقبض الحقيقي، إنما تم اعتماد القبض الحكمي في مجمل أو جميع التعاملات الإلكترونية الرقمية المعمول بها حاليا من إيجاب وقبول وما يقوم مقام التوقيع، إذ تعد التجارة الإلكترونية التي تعتمد بدورها على الاقتصاد الرقمي في التعامل بالنقد مقابل السلع والبضائع والخدمات على آلية شاشة الحاسبات الإلكترونية والأجهزة اللوحية وتطبيقاتها الذكية أساسا لمعاملاتها المعاصرة، عن طريق النقود الإلكترونية؛ في شكل البطاقات الائتمانية المعتمدة، ثم في شكل العملات الإلكترونية؛ التي لا تخضع إلى معايير جهة إصدار معينة ولا إلى سلطات سيادية تخضع لمصرف مركزي صادرة عنه، كما هو الأساس المعمول به في سائر النقود النمطية المعروفة منذ القِدم.

ومع مرور الوقت أصبح الاقتصاد الرقمي تيارا قويا ونمطا من أنماط الحياة البارزة؛ وله من يتعامل به ويدعمه، حتى صار واقع حال، وصارت له أذرع ووسائل وآليات، ويكاد يكون توجه الدول المتطورة في تعاملاتها المستقبلية؛ فضلا عن المؤسسات والشركات؛ وحتى الأفراد لأسباب عدة، منها اختصار الوقت وتقليل الجهد وسرعة التنفيذ ودقة إحكامه؛ وغيرها من المميزات الأخرى، مع عدم خلو الأمر من مساوئ وعيوب أيضا.

ومثل هذا الأمر-المستجد- يحتّم على المختصين دراسة مثل هذه التغييرات الجوهرية في مفهوم التبادل الاقتصادي العام، وفق رؤية شرعية تضبط ما يجري من مبادلات سلعية مقابل عملات نقدية، تختلف أشكالها من حين لآخر؛ لاسيما مع بروز نجم النقود الإلكترونية؛ وتطورها المستمر ولا سيما العملات الرقمية المعماة منها على وجه الخصوص، والإشكالات والشبهات والضبابية التي تحوم حولها، إلى غيرها من المستجدات الأخرى، إذ لا يخفى الدور الذي يؤديه الاقتصاد الرقمي وتفوقه على الاقتصاد النمطي؛ في سهولة وسرعة الإجراءات التي يعتمدها، إلا أن هذا كله مرهون في الاقتصاد الإسلامي بتحقيق المقاصد الشرعية، فالأمور بمقاصدها؛ التي تضبط حقيقة المعاملات المالية وتقوّمها في شريعتنا الغراء، والتي تقوم -كما حددها الفقهاء- على اجتناب ثلاثية (الربا والغرر وأكل المال بالباطل) وهو ما تهدف إليه هذه الدراسة من النظر في حقيقة امتثال الاقتصاد الرقمي لمعايير الاقتصاد الإسلامي الرئيسة من عدمه، وتسعى إلى تصحيح مساره.

 محتويات المقالة

مقدمة
تمهيد
هل يتعارض الاقتصاد الرقمي مع أسس ومبادئ وتشريعات الاقتصاد الإسلامي؟
المبحث الأول
الاقتصاد الرقمي مفهومه ودوره ومزاياه
المطلب الأول: مفهوم الاقتصاد الرقمي ومميزاته:
المطلب الثاني: حقيقة الفرق بين الاقتصاد التقليدي والاقتصاد الرقمي:
المطلب الثالث: عيوب الاقتصاد الرقمي ومزاياه:
المبحث الثاني
ضوابط الاقتصاد الرقمي الشرعية
المطلب الأول: آلية توليد النقود بني الاقتصاد الوضعي والاقتصاد الإسلامي وتأثرها بالاقتصاد الرقمي
المطلب الثاني: مسيرة النقود ومراحل تطور ها من المعدن النفيس إلى الفضاء الرقمي
المطلب الثالث: آلية عمل الاقتصاد الرقمي وحكمه الشرعي
الخاتمة
قائمة المصادر

إعداد: د. إبراهيم عبد اللطيف الأعظمي العبيدي – باحث أول بدائرة الشؤون الإسلامية والعمل الخيري بدبي

المصدر: من بحوث منتدى فقه الاقتصاد الاسلامي الرابع 2018م بعنوان” الابتكار والسعادة في نمط الحياة الاسلامي رؤية استشراقية.

 

تحميل البحث

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky