الذمة

مقولة الذمة في الفقه الغربي.. الشهيد السيد محمد باقر الصدر

الاجتهاد: كانت إحدى أمنيات السيد الصدر ـ كما يقول تلميذه السيد كاظم الحائري ـ أن تسنح له الفرصة للقيام بدراسة مقارنة ـ على مستوى فقه العقود والمعاملات ـ بين الإسلام والفقه الوضعي الغربي، ولكنّ بعض الظروف حالت دون أن يكون هذا درسَه الرئيس؛ فاغتنم العطلة الدراسية في شهر رمضان المبارك عام 1387هـ، وألقى عشر محاضرات حول مسألة الحقّ والحكم والملك، بدأت في الثاني من شهر رمضان، لتنتهي في السابع عشر منه، مخصّصاً المحاضرات الثلاث الأخيرة للمقارنة بين الفقه الإسلامي والفقه الغربي، وقد قرّر هذه الدروس ـ بنصّها الحرفي ـ السيد عبدالغني الأردبيلي، أحد خلّص طلاب السيد الشهيد الصدر، /بقلم: السيد عبدالغني الأردبيلي.

وقد قدّم لمجلّة ” الاجتهاد والتجديد” ـ مشكوراً ـ هذه الدراسة التي تُنشر للمرّة الأولى “مركزُ الأبحاث والدراسات التخصّصية للشهيد الصدر” في مدينة قم الإيرانية، وقد قام الشيخ حيدر حبّ الله بتحقيق وتصحيح هذه المحاضرات العلميّة؛ عبر تقويم نصّها، واستخراج مصادرها، وعنونة موضوعاتها، وتحويل صيغتها من محاضرات إلى نصّ مدوّن، كما يراه القارئ هنا، واعدين القارئ بنشر سلسلةٍٍ من بحوث السيد الصدر لم يسبق نشرها من قبل، آسفين لتأخّر نشرها إلى اليوم، بعد عقدين ونصف على استشهاده . (التحرير).

يختلف تصوّر الذمة في الفقه الغربي عنه في فقهنا الإسلامي، وهو اختلاف مرتبطٌ ارتباطاً وثيقاً بالاختلاف في تصور مفهوم الدَّين نفسه؛ حيث نتصور نحن الذمة وعاء للدين، وهنا يجب البدء برأس الخيط، وتمییز تصورنا للدَّين عن تصور الفقه الغربي، أو بالأحرى: الفقه الروماني، الذي ورث عنه الفقه الغربي تصوراته الأساسية ومقولاته الكلية.

الدين في الفقه الإسلامي – بحسب ما يعزّزه من ارتكاز معاش، وأساليب تعبير عنه وردت في تمام النصوص الدينية المنقولة عن سيد المرسلين صلى عليه و آله، وعن الأئمة “عليهم السلام” – عبارة عن مالكية مالٍ ملحوظٍ بنحو المعنى الحرفي، وهذا المال حيث كان ملحوظاً بالمعنى الحرفي لا الاسمي، كان محتاجاً إلى سند يشدّ إليه ويربط به، وهذا السند هو المدين، والشدّ يكون بلحاظ وعاء هو وعاء الذمة،

فالدّين يرجع إلى ملكية مالٍ، إلا أنّ هذا المال مالٌ بنحو المعنى الحرفي؛ من هنا لم تكن الملكية في الفقه الإسلامي مقصورةً على خصوص الأعيان الخارجية ولم تكن حقاً عينياً محضاً، كما هي الحال في الفقه الغربي، فما يبدو من الباحثين المقارنين للفقه الغربي بالفقه الإسلامي من الاعتراف بأن الملكية في الفقه الإسلامي حق عيني، فهو من الملكية في الفقه الإسلامي كما في الفقه الغربي، خطأ ناتج عن عدم استيعاب مفهوم الدَّين في الفقه الإسلامي، وإلاّ فالملكية حقٌ، قد تكون متعلقة بعين خارجية، وقد تكون متعلقة بمالٍ ذمي، أي أنها حق يتعلق إما بالمعنى الحرفي للمال، أو بالمعنى الاسمى له، وليست مختصة بالأموال بوجودها الخارجي، هذا هو الدَّين في تصور الفقه الإسلامي.

أما الدين في مفهوم الفقه الغربي، فهو عبارة عن مجرد التزام من المدين بأن يدفع دیناراً مثلاً للدائن، وهذا الالتزام هو العلاقة التي بلحاظها ينتزع عنوان المديونية من الملتزم، وعنوان الدائنية من الملتزم له، دون أن يكون هناك ملكية ومالك و مملوك بالفعل، فهذا الالتزام يشبهه في فقهنا الإسلامي شرطُ التمليك فيما لو فرض أن شرط أحدها على الآخر في المعاملة أن يملّکه مالاً، بنحو شرط الفعل، لا بنحو شرط النتيجة، إلاّ أن هذا الالتزام عندهم يكفي لتصحيح عنوان الدائنية والمدينية؛ ولهذا يسمّون الدين هذا شخصياً، باعتبار كونه علاقة قائمة ما بين الشخصين.

وهذا التصور للدين في الفقه الغربي، تترتب عليه عدة أمور:

الأمر الأول: استغناء الدين عن الوعاء الذي كان يحتاج إليه في الفقه الإسلامي؛ لأن الدَّين بمفهومه في الفقه الإسلامي عبارة عن مالٍ مملوك، وهذا المال المملوك ملحوظ بنحو المعنى الحرفي، وليس له وجود في الخارج، إذا فأين يوجد هذا المال المملوك؟ فإذا لم يكن له وجود خارجی فما معنی کونه مملوكاً؟

إنّ معنى ذلك أنّه مملوك استطراقاً إلى أن يتحول إلى موجود خارجي، وهذه الاستطراقية تجعله مشدوداً إلى شخص؛ لأجل أن يقوم ذلك الشخص بتحويله إلى ذلك المال الخارجي؛ من هنا تصورنا مملوكاً عليه، أي صار هذا المال مملوكاً على ذلك الشخص، وهو ما لا يتصور إلاّ بأن يكون هذا المال موجوداً في حيازة ذلك الشخص، حتى يكون مملوكاً عليه، وحيث لا حيازة خارجية فلا بد من فرض حيازة اعتبارية، ملتصقة بذات الشخص عينه، فيكون هذا المال موجوداً في ذلك الوعاء الاعتباري، حتى يصح أن يقال: إننا ملكنا هذا المال.

أما إذا لم يكن عندنا باب اسمه: باب الملكية والمالكية والمملوكية، وإنها مجرد التزام من قبل شخص بأن يملك و أن يدفع دیناراً إلى آخر، فلا نحتاج هنا إلى فرض وعاء لهذا الدينار، بل هناك التزام فحسب، ولهذا الالتزام وعاء خارجي تكويني هو نفس الملتزم، فلا نحتاج إلى فرض وعاءٍ اعتباري، من هنا استغنى الفقه الغربي عن ذلك الوعاء الذي أحتاج إلیه الفقه الإسلامي.

الأمر الثاني: ومن جملة الآثار المترتبة على هذا الفرق في تصور الدين ما أشرنا إليه في بداية الحديث، من أن الدين – بحسب تصور الفقه الغربي – أصبح عبارة عن علاقة بين الدائن والمدين؛ لأن هذه العلاقة جوهرها عبارة عن هذا الالتزام، أي الالتزام بأن يدفع دیناراً إلى شخص آخر، وهذا الالتزام كان يشد الدائن والمدين بحبل؛ ولهذا قلنا: إنهم يعبرون عن الدَّين بالحقّ الشخصي؛ لأنه علاقة وسلطنة لشخص على آخر، بخلاف الملكية عندهم، فإنها علاقة قائمة بين الشخص والمال الخارجي، أي بينه وبين هذا الكتاب مثلاً، أو بينه وبين هذه الخشبة،

أما في باب الدين، فحيث قالوا بأنه منتزع عن مجرد التزام شخص بأن يدفع مالاً إلى آخر، إذاً فهذا الالتزام علاقة تشدّ الملتزم بالملتزم به؛ فتكون شخصية، فتكون كالخيط الذي يطوّق به المدين، ويمسك به الدائن من الطرف الآخر، وحيث كانت المدينية والدائنيّة تستلزمان – بحسب الارتكاز العقلائي – شيئاً من المقهورية في هذا الطرف والقاهرية في الطرف الآخر، وحيث تصوّرنا الدين علاقة قائمة بين الطرفين، ساعد هذا التسلسل في التصور الذهني على تصور الدائن ذا سلطنةٍ على المدين، وأن له نحو قاهرية عليه، فكان الالتزام حبلاً يشدّ على رقبة المدين يمسكه الدائن بیده.

من هنا، كان الفقه الروماني الذي ورثه الفقه الغربي يرى أن للدائن حق التحكم بالمدين على فرض تخلف الأخير عن الوفاء، فكأنه يبقى رهيناً له؛ لأن الدين علاقة بين الشخصين، مظهرها هنا المقهورية، ومظهرها هناك القاهرية، فيكون المدين مقهوراً، ومتسلطاً عليه، ويكون الدائن متسلطاً، وقد تنتهي هذه القاهرية – كما انتهت في تشريعات الفقه الروماني الذي ورثه الفقه الغربي – إلى تجويز الاسترقاق، بل أحياناً إلى ما هو أشد من ذلك، وذلك كله من تبعات تصویر کون الدين علاقةً شخصية، تظهر في هذا الطرف بمظهر المقهورية و تظهر في الطرف الآخر بمظهر القاهرية.

ورغم انفتاح الفقه الغربي – وريث الفقه الروماني – على مفاهيم العدالة التي تأبي جعل المدين تحت رحمة الدائن بهذا الشكل، يتحكم به كما يشاء ويسترقّه كما يشاء، إلا أن هذا الفقه لم يرفع يده عن التصور الأساس لمفهوم الدين، الموروث عن الفقه الروماني، فبقى يحافظ على كونه التزاماً، والالتزام يتحول إلى خيط وحبل، وهذا الحبل یشدّ المدين بالدائن، فهو حق شخصي مظهره هناك المقهورية ومظهره هنا القاهرية.

لكن رغم ذلك، قام الفقه الغربي بممارسة تفكيك غريب، حيث فرّق بين خط المديون و خط المقهورية، فخط المديونية هو ذات الإنسان، أما خط المقهورية والمسؤولية فهو ماله لا ذاته،

من هنا حيث تم التفريق بين اللازم والملزوم تحفظ الفقه الغربي على جوهر العلاقة، لكنه لم يقبل الخلط بين المديونية و المقهورية، فالمديون هو ذات الإنسان، أما المقهور فهو الذي يقع تحت السيطرة والتحكم، فليس هو المديون عينه وإنها ماله، ففرّق ما بينهما بذلك.

أما بناءً على تصورات الفقه الإسلامي للدَّين، فهي أكثر راحةً – من بداياتها – من مثل هذه التصورات التي تؤدي إلى مثل هذه المضاعفات؛ وذلك أن الدين – بحسب الفقه الإسلامي – ليس علاقة قائمة و حبلاً ممدوداً بين الدائن والمدين، بل مالكيةُ الدائن لمال ذمي بالمعنى الحرفي،

فالعلاقة والسلطة على تقديرهما إنما هما سلطة لهذا الشخص على هذا المال بنحو المعنى الحرفي المعرّف والمشير إلى مال خارجي لزيدٍ على وجه الإبهام، وعلى فرض أن زيداً هو المدين وعمرواً هو الدائن، فعمرو هنا ليس له سلطة على زيد، وليس له حبل مشدود برقبته، وإنما سيطرة على معنى حرفي مشير إلى مال خارجي لزيد على وجه الإبهام، نعم، حيث إن هذا المعنى الحرفي إنّما جعل و تصور لأجل أن ينتهي إلى معنى إسمي، ويتحول إليه، لا لأجل أن يبقى معنى حرفياً على الإطلاق، لذا تتحدّد مسؤولية المدين بمقدار تحويل المعنى الحرفي إلى الاسمي لا أكثر، فيتعهد حينئذ بأن يحوّل هذا المعنى الحرفي إلى اسمي، فإن أمكن ذلك فهو، وإلا فنَظِرَةٌ إلى ميسرة، كما جاء في القرآن الكريم.(۱)

وأظن أن تصور الفقه الغربي كان منسجماً مع طبيعة الوضع الاجتماعي الذي كان يغلب الدائن فيه على المدين، أي أن ذاك الوضع هو الذي خلق في ذهن الفقه الروماني هذا النوع من التصورات، والتي ورثها الفقه الغربي فيما بعد، وحينما تغيرت الظروف الاجتماعية للفقه الغربي، وأراد التحرر من ذلك النوع من الظلم، بقي محتفظاً بتلك التصورات، غاية الأمر أدخل عليها بعض التعديلات التي أشرنا إليها.

الأمر الثالث: إن الدَّين حيث كان عبارةً عن مجرد التزام الشخص بأن يدفع دیناراً إلى آخر، استحال على الفقه الروماني تصور كيف ينتقل الدين من شخص لآخر، ونقل الدين كذلك له معنيان: تارة تبديل المدين، وأخرى تبديل الدائن، فتارة نفرض أنّ ما يملكه زيد في ذمة عمرو، فنبدّل المدين فنجعل مكان عمرو خالداً، وأخرى نجعل مکان زيد – الدائن – حسیناً؛

إذاً تارة يكون التبديل تبديلاً في الدائن، وأخرى تبديلاً في المدين، وتبديل الدائن يسميه الفقه الغربي حوالة الحق، فيما يسمي تبديل المدين حوالة الدين، إلا أن حوالة الحق وحوالة الدين قد أصبحتا من المستحيلات أمام الفقه الروماني؛ لأن الدين التزام عمرو لزيد بدينار، وهو أمر قائم بطرفين: الملتزم والملتزم له، ولو بدل المدين نقول: التزام بكر لزيد لا التزام عمرو لزيد، وهذا فرد آخر من الالتزام، وكذا لو بدلنا الدائن، نقول: الالتزام لعمرو لا لزيد، وهذا فرد آخر من الالتزام، إذاً ذاك الفرد من الدين غير قابل للانتقال في المقام، لا من طرف المدين – أي حوالة الدين – ولا من طرف الدائن – أي حوالة الحق.

من هنا بقي الفقه الروماني لا يقر بالحوالة، لا حوالة الدين، ولا حوالة الحق، بوجه من الوجوه، مع شعوره بضرورتها، وكان العقلاء يتعاملون – خارجاً – عبر الاحتيال، كما يحتال فقهاؤنا في موارد الربا، فيطبقون موارد الحوالة الخارجية على غير باب الحوالة، وكانوا يرجعون المسألة إلى باب التوكيل مثلا، ونحو ذلك.

نعم، يقر الفقه الغربي ويعترف هنا بالنسبة إلى الوارث، أي أن الوارث ينتقل إليه الحق الشخصي للمورّث، بل أخيراً سلّم بأنّه ينتقل إليه أيضا الدين على المورث بحيث یکون مديوناً، وهذا من شواهد كون باب الإرث من الامتداد الذي تحدثنا عنه سابقاً، فكان الوارث امتدادٌ للمورّث،

من هنا، لم يشعر الفقه الروماني بالاستحالة، بل قال بأن هذا ليس تحميلاً لشخص، بل امتدادٌ للمورّث، فاستثنى هذا المورد – لذلك – من قانون الاستحالة عنده، وبهذا سلّم الفقه الجرماني بالحوالة دون الفقه اللاتيني، فسلّم أولاً بحوالة الحق، أي تبديل الدائن، ثم سلّم بعد هذا بحوالة الدين.

وقد قيل بأن الالتزام له نظرتان: نظرة ذاتية، ونظرة مادية، فالنظرة الذاتية تعني الالتزام، کالتزام زید لعمرو بدرهم، أما النظرة المادية فالمقصود منها النظرة المالية، وهذا الالتزام له ثلاثة أطراف: ملتزم، وملتزم له، وملتزم به، وهذه الأطراف الثلاثة تعدّ مقوّمة بالنظرة الذاتية، أما بالنظره المادية، فهناك طرف واحد مقوّم، وهو الملتزم به، أي الدرهم أو الدينار، أما الطرفان الآخران فلیسا مهمين بحسبها،

من هنا، شقّقوه وجزؤه وحلّلوه إلى مطلبين، بغية تعقّل مفهوم الحوالة، التي لا تحتاج إلى هذا المقدار من التكلف، فقالوا بعدم قابلية الجانب الذاتي فيه للنقل، أما الجانب الموضوعي أو المادي فيُقبل، فأجازوا حوالة الحق، ثم الدين، وإنها جازت حوالة الحق أولاً باعتبار أن طرفية الدائن للمال أضعف من طرفية المدين له، أي أنّ التصاق الالتزام بالملتزم له أهون من التصاقه بالملتزم، من هنا استعدوا – أولاً – للتنازل عن علاقته بالملتزم له قبل أن يغدوا مستعدّين – ثانياً – للتنازل عن علاقته بالملتزم.

هذه هي مسيرة هذه المسألة في الفقه الروماني ثم الغربي، نتيجة لمعنى الدين في هذا الفقه.

أما في الفقه الإسلامي، فلم يعش هذا الفقه هذه المشكلة من أول الأمر؛ وذلك لأن الدَّين في الفقه الإسلامي لم يكن عبارة عن التزام، وإنها ملك مال في الذمة، إذاً فنقله يكون على حد نقل الأموال الخارجية، دون مواجهة أي مشكلة في المقام، فواقع الأمر ليس وصول الفقه الإسلامي قبل ۱۳۰۰ عام إلى ما وصل إليه الفقه الجرماني اليوم، وإنما عدم إحساس الفقه الإسلامي بوجود مشكلة من الأساس، تلك المشكلة التي ظلّ يعيشها الفقه الروماني، ثم الفقه الغربي اللاتيني، ثم الفقه الجرماني، فلا موضوع لهذه المشكلة في الفقه الإسلامي، تبعا لاختلاف صورة الدين اختلافاً أساسياً في الفقهين معاً.

۱. البقره:280

المصدر: مستل من : سلسلة كتاب مجلة الاجتهاد و التجديد – بحوث فقه الاقتصاد الإسلامي؛ تقريراً لأبحاث الشهيد السعيد السيد محمد باقر الصدر-

ترجمه وإعداد وتقديم : حيدر حب الله -الطبعة الأولى: 2010م

الفصل الأول : شبكة الملكيات والحقوق في الفقه الاسلامي – شبكة الملكيات ؛ تحليل البنيات العقلائية لأنظمة المال والملك والحق ( السيد محمد باقر الصدر – بقلم: السيد عبدالغني الأردبيلي)

 

موسوعة الإمام الشهيد السيد محمد باقر الصدر “قدس سره”

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky