خاص الاجتهاد: تشرَّفتُ اليوم بالتوفيق لعيادة المحقِّق الجليل، والأستاذ المكرم، سماحة السيد أحمد الأشكوري (دامَت بركاتُه).
خلال اللقاء، عرضتُ على سماحته أنَّه لافتٌ للنظر أنَّ العديد من أعلام علم الرجال قد سُمُّوا باسم «أحمد» من الغابر إلى الحاضر؛ كأحمد بن علي النجاشي، وأحمد بن علي ابن نوح، وأحمد بن الحسين الغضائري، وأحمد بن محمد بن سعيد المعروف بـ «ابن عقدة»، وأحمد بن محمد بن عيسى الأشعري، وأحمد بن محمد بن خالد البرقي وغيرهم. وفي العهد المعاصر، فشخصكم الكريم كذلك.
ردَّ الأستاذ بالقول: «لا تقارنونا بأولئك الأعلام. لقد تحمَّلوا صعابًا جمَّة وبذلوا جهودًا مضنية في ظروف قاسية جدًا ليُصنِّفوا هذه الكتب، في حين أننا كنا في رفاهية كاملة وتيسَّرت لنا كلُّ الظروف».
كما نقلَ سماحته خاطرة قال فيها: «كانت لي صِلةٌ بـ المرحوم الشيخ آقابزرك الطهراني، وقد منحني إجازتين روائيَّتين فُقِدت إحداهما. كانت النسخة الخطيَّة من «رياض العلماء» بحوزته، وكنتُ أتردَّد على منزله لمطالعة هذه النسخة. كان الشيخ آقابزرك أحيانًا لا يمتلك قلمًا للكتابة، ولا يتوفر لديه ورق، فكان يكتب على قصاصات مختلفة. وعندما أحضر نجله علي نقي المنزوي مُؤلَّفات الشيخ آقابزرك، ومنها «الذريعة» و«طبقات أعلام الشيعة»، إلى إيران، قمتُ بتصويرها جميعًا، وهناك رأيتُ أنَّه كان يكتب على أوراقٍ مُتفرِّقة.
وكذلك فلْيُؤخذ المرحوم السيد محسن الأمين بعين الاعتبار؛ فقد رأيتُ بيته في دمشق، في محلَّة «الخرابات»، وكان بيتًا حَقيرًا جدًا. برغم هذا الفقر وهذه المحدودية، فقد أنجزوا أعمالًا جليلة».
سماحة السيد أحمد الحسيني الإشكوري
يُعدّ سماحة السيد أحمد الحسيني الإشكوري، “شيخ المفهرسين“، أحد أبرز المحققين والباحثين في التراث الإسلامي، والذي كرس ستين عاماً من حياته لخدمة المخطوطات. في حوار أجري معه بمركز إحياء التراث الإسلامي الذي يديره، كشف عن جوانب من منهجه ومسيرته.
بدأ السيد الإشكوري مسيرته في التحقيق حوالي عام 1380 هجرية في النجف الأشرف، وكان أول عمل له هو تحقيق كتابي “أمل الآمل” و”مجمع البحرين” في ستة أجزاء. ويوضح أن سبب توجهه لهذا المجال هو إيمانه بأن التراث القديم والمخطوطات هي أساس الثقافة الإسلامية الأصيلة ومفتاح معرفتها.
فيما يخص طريقة عمله، يصرّ السيد الإشكوري على استخدام الورقة والقلم بدلاً من الحاسوب، معتبراً أن هذه الطريقة أكثر إتقاناً وتمنح المعرفة الشخصية التي تتطلب بحثاً وجهداً عميقاً، بينما يرى أن الحاسوب لا يعدو كونه وسيلة لنقل معرفة الآخرين، ويصلح فقط للقضايا الإحصائية. ويؤمن بأن السرعة في الإنتاج باستخدام التقنيات الحديثة قد تقلل من القيمة العلمية للعمل. كما يصف حالته بأنه ينسجم مع الكتاب وينسى نفسه أحياناً، وقد يضطر للعمل حتى الصباح بسبب أهمية العمل.
لدى السيد الإشكوري جهود تأليفية ضخمة، فقد قام بـ “استدراك” على كتاب “الذريعة” لآغا بزرك الطهراني قبل 40 سنة، نتج عنه مجلدان بعنوان “مستدرك الذريعة”. وهو يعمل حالياً على تأليف عمل ضخم بعنوان “مؤلفات الإمامية”، وقد يصل عند طباعته إلى نحو 20 مجلداً، مؤكداً أن التعريف بالكتاب فيه لا يتم إلا برؤيته بنفسه، وليس مجرد نقلاً للأسماء. ورغم أن اختصاصه يشمل علم الرجال، إلا أن أبحاثه امتدت إلى الفقه واللغة والشعر، حيث حقق ديوان أبي المجد الأصفهاني.
وفيما يتعلق بقضية إجازات الرواية، يرى السيد الإشكوري أن قيمتها تختلف بين من يعتبرها ضرورية لاتصال السند بين الراوي والأئمة المعصومين، ومن يعتبرها للتبرك فقط. ويؤكد أنه لا يمنح الإجازة إلا بعد قراءة التلميذ لجزء من كتب الحديث معه (مثل الكافي)، رافضاً ما وصفه بـ “الابتذال” والمجاملة في إعطائها، مشيراً إلى أنه يملك فقط عشر إجازات من علماء الشيعة ومثلها من علماء الزيدية، رغم كثرة أسفاره. كما ذكر أن أول إجازة حصل عليها كانت من الشيخ آغا بزرك الطهراني.
أما عن مصير التراث، فيرى عكس المتوقع بأن المخطوطات لن تندثر، بل ستبقى لها قيمتها لأنها “وثائق”، بينما قد تندثر أجهزة الحاسوب وتأتي بدلاً منها تقنيات أحدث. وفي ختام الحوار، أشار إلى حصوله على 18 لوحة تقديرية، وإلى نشاطه الدولي الواسع، حيث سافر إلى بريطانيا وإيطاليا والنمسا لإجراء البحوث وإلقاء المحاضرات، كما أجرى العديد من المناظرات مع أصحاب الديانات الأخرى في الحجاز واليمن وأوروبا.
فضيلة الاستاذ السيد حسين كشفي
السيد حسين كشفي”، التحق بالحوزة العلمية منذ عام 2003م، وبعد أن أكمل دراسة مرحلتي المقدمات والسطوح، شارك في دروس البحث الخارج.
وقد حضر السيد كشفي لفترة في البحث الخارج لسماحة آية الله شبيري الزنجاني (دام ظله)، كما شارك في البحث الخارج لنجله الأستاذ السيد جواد شبيري. وكذلك حضر مدةً في البحث الخارج لسماحة آية الله علوي الكركاني (ره)، وشارك أيضاً في البحث الخارج للأستاذ الشهيدي بور، بالإضافة إلى أساتذة آخرين.
کما له في مجال التأليف عدد من الآثار، منها:
تأليفٌ يتعلق بدراسة سند زيارة وارث.
وكتاب “حديث النصر”، قام فيه بتدوين مذكرات المرحوم آية الله الشاه آبادي (قدس سره).
كتاب “آية العلم والعمل” في أحوال آية الله علوي الكركاني (ره)، والذي تم نشره حديثا.
هذه نبذة عن مؤلفاته، علماً بأن بعضها لم يُنشر بعد. وقد نُشر له أيضاً بعض المقالات العلمية، والتراجمية، والرجالية.
وإلى جانب ذلك، يشتغل السيد كشفي بالتدريس في مرحلتي المقدمات والسطوح العالية؛ حيث يُدرّس المقدمات، كشرح اللمعة وغيرها، وكذلك وُفّق، ومنذ عام 2018م، لتدريس كتابي المكاسب والرسائل. وقد كان مهتماً أيضاً بمباحث الحديث والرجال، لذا يقوم بتدريس دروس الحديث والرجال في الحوزة العلمية بقم المقدسة.
الاجتهاد موقع فقهي