الاجتهاد: بحث فقهي استدلالي حول حكم الحيوانات البحرية – من سمك وغيره ومن ذوات القشور وغيرها – من حيث الحلية والحرمة.وقد صار بحمد الله متوفراً في دار الهلال (قرب بيت المرجع الكبير الراحل السيد محمد سعيد الحكيم “قده”) في النجف الأشرف، وفي دار المحجة البيضاء في بيروت لبنان.
أسأل الله أن ينفع به المؤمنين ولا سيما طلبة العلوم الدينية، وأن يتقبله مني بقبول حسن بجوده وكرمه.
بسم الله الرحمن الرحیم
وله الحمد والمجد والصلاة والسلام على محمد وآله الذین اصطفی، ولعنة الله علی أعدائهم اجمعین الی یوم الدین.
لقد سرحت النظر فیما کتبه قرة عینی العزیز الحجة المفضل الشیخ محمد موسی آل حیدر العاملی (وفقه الله تعالی لمراضیه، وجعل مستقبل أیامه خیراً من ماضیه) فی مسئلة علمیة عملیة فیما یتعلق بصید البحر موضوعاً وحکماً، فوجدته قد أجاد فی متابعة الأدلة وكلمات الأصحاب (رضوان الله علیهم اجمعین)، مستقلاً فیما یختار من نتائج البحث، ولئن کان فیه شیء من الحدة أحیاناً فقد یشفع له ما فیه من الجدة أحیاناً أخری، و أسأله تعالی ان یمده بعونه وتوفیقه الإحقاق الحقائق و توضیحها لطلابها، و هو حسبنا و نعم الوکیل، والسلام علیه و علی اخواننا المؤمنین و رحمة الله و برکاته.
عید الغدیر الأغر ١٤٤٦ هـ
محمد جعفر الحکیم
دعوة إلى الموضوعية والإنصاف
في الختام أدعو القارئ الكريم إلى أن ينظر إلى كتابي هذا بعين الموضوعية والإنصاف، فما كان فيه من خطأ من علي بتصويبه، وما كان فيه من نقص من علي بتكميله، وما كان فيه من وهن في مضمون أو رداءة في تعبير من علي بإحكامه وتجويده، وأن يعذرني في ذلك كله، فإنه لا يكاد يخلص مصنف من مثل هذه الهفوات، وينجو مؤلف من مثل تلك العثرات، وأن يحملني على محامل حسنة ما أمكنه ذلك، وأن ينظر إلي ما قيل فإن «دين الله لا يُعرف بالرجال بل بآية الحق فاعرف الحق تعرف أهله».
منهجية البحث
يقع بحثنا حول القاعدة في الحيوانات البحرية في هذا الكتاب في ضمن فصول ثلاثة:
الفصل الأول: في بيان الدليل على ما توصلنا إليه من حرمة ما كان من جنس السباع من السمك ذي الفلس.
وهذه المسألة مستحدثة لم تُبحث سابقاً ولم يقع السؤال عنها بعد، ولعلنا أول من التفت إليها، وكنا قد فاتحنا بها سيدنا الأستاذ الأعظم ﷺ قبيل وفاته، فبينا له أن بعض أنواع السمك الذي له قشر من المفترسات كالفرش، بل لعلها أشد افتراساً منه، وعرضنا عليه صور بعضها التي حصلنا عليها من خلال الشبكة العنكبوتية، فأشار إلينا بأن الوجه فيها عنده هو الحرمة، تقديماً لعموم ما دل على حرمة السباع على عموم ما دل على حلية السمك ذي القشر.
الفصل الثاني: في بيان حرمة السمك الذي لا فلس له بجميع أصنافه.
الفصل الثالث: في بيان حرمة غير السمك، سواء أكان له قشر أم لا قشر له، خلافاً لما ذهب إليه سيدنا الأستاذ الأعظم ﷺ من كون المعيار في الحلّية على القشر من دون أن يكون للسمكية دخالة في ذلك.
فإذا ثبت الدليل على الحرمة في الفصلين الثاني والثالث ثبتت القاعدة محل البحث بالأدلة الخاصة وتم المطلوب، وإن لم يثبت الدليل على الحرمة فيها أو في أحدهما – كلا أو بعضاً – كان اللازم الرجوع فيها لم ينهض الدليل على حرمته إلى ما تقتضيه العمومات الفوقانية – إن وجدت – وإلا فإلى ما تقتضيه الأصول العملية، وسنبحث عن ذلك في ضمن ثلاثة فصول أيضاً، وهي:
الفصل الرابع: في عدم وجود عمومات تقتضي حلّية كل ما في الأرض، أو خصوص الأطعمة، أو خصوص حيوان البحر.
الفصل الخامس: في انقلاب الأصل العملي في الشبهات الحكمية التحريمية للحوم من البراءة إلى الاحتياط.
الفصل السادس: في أنه على تقدير عدم انقلاب الأصل في اللحوم إلى الاحتياط وكونه فيها – كغيرها من الشبهات الحكمية التحريمية – هو البراءة كما هو المعروف، فإن ثمة أصلاً تعبدياً تحریمياً مخالفاً للبراءة حاكماً علیها و مانعاً من جریانها، و هو أصالة عدم التذكية.
وسنذكر في نهاية البحث خاتمة نتعرض فيها إلى فائدتين لم نستحسن ذكرهما في ثنايا الكتاب حتى لا يتشتت البحث. فظهر إلى هنا أن كتابنا هذا موضوع على مقدمة و ستة فصول و خاتمة.