خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 55 مذكرة خاص / في ذكرى استشهاده.. السيد مصطفى الخميني: “النسخة الثانية من أبيه

في ذكرى استشهاده.. السيد مصطفى الخميني: “النسخة الثانية من أبيه

خاص الاجتهاد: في ال 23 من أكتوبر 1977م، وقع اختبار عظيم للإمام السيد روح الله الموسوي الخميني في سياق مسيرة نهضته وأحداثها، فببركة استشهاد نجله آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني، تحوّلت النهضة التي استمرت خمسة عشر عامًا – والتي كانت نتاجًا للاستبداد والاستعمار المطلق والخانق لحكومة الشاه التابعة من جهة، ولجهاد واستقامة الإمام الخميني وأصحابه وأنصاره من جهة أخرى – إلى “الثورة الإسلامية”، التي انتصرت بعد مرور ما يزيد قليلًا عن العام، ومَهَّدت لتأسيس النظام الإسلامي الديمقراطي ـ الجمهورية الإسلامية./ بقلم: محمد كاظم تقوي

وُصِف آية الله السيد مصطفى الخميني بحق بأنه “النسخة الثانية من أبيه”؛ لأنه كان مماثلًا للإمام الخميني في الجمع بين الشمول العلمي والتمكن من العلوم العقلية والنقلية، والتقوى وتهذيب النفس والمقامات المعنوية والأخلاقية، والحضور والنشاط الاجتماعي والمواجهات السياسية.

عاش السيد مصطفى طفولة حيوية وحرة، وبعد إتمامه التعليم الابتدائي في المدارس الحديثة، بدأ دراساته الحوزوية. وبفضل ميزتين هما “الموهبة” القوية و”الذاكرة” الخارقة، اجتاز المراحل التعليمية، فبعد تعلّم الأدب العربي وعلوم الصرف والنحو والمعاني والبيان والبديع؛ انكبّ على علوم الفقه والأصول والمنطق والفلسفة الإسلامية، واستفاد من أساتذة بارزين وعظماء. وكان من أساتذته في الفقه والأصول في مرحلة السطح آيات الله: عبد الجواد جبل العاملي، وسلطاني الطباطبائي، ومرتضى الحائري، والشهيد صدوقي.

كما استفاد في المنطق والفلسفة والعرفان من آيات الله: ممجد لنكرودي، والسيد رضا صدر، والسيد أبو الحسن رفيعي قزويني، ومهدي إمامي أميري، والعلامة الطباطبائي، والإمام الخميني (راجع: ” زندگي نامه و مبارزات آيت الله سيد مصطفى خميني(سيرة وحياة آية الله السيد مصطفى الخميني) ص 23 ـ 25″). وفي درس البحث الخارج استفاد من آيات الله: البروجردي، وحجت كوه‌كمري، والمحقق الداماد، والإمام الخميني (راجع: مقدمة كتاب “الطهاره” لآية الله السيد مصطفى الخميني، ج 1، ص 4).

من المهم الإشارة إلى أنه استقى من والده الكريم استفادة عظيمة في جميع فروع العلوم الإسلامية، سواء العقلية أو النقلية، ويُستفاد هذا من مؤلفاته التي يذكر فيها مقام والده العلمي وآرائه وابتكاراته بكثير من التكريم والتعظيم في مباحث ومسائل متعددة.

بالإضافة إلى دراسة العلوم العقلية والنقلية على أيدي الأساتذة الكثيرين المذكورين، قام السيد مصطفى الخميني بالتدريس بنفسه، فدرّس الفقه والأصول والفلسفة في حوزة قم العلمية في خمسينيات القرن الماضي. وتشير التقارير إلى تدريسه لـ “شرح منظومة” السبزواري، وتدريس الخارج في الأصول ضمن نشاطاته العلمية في تلك الفترة.

وكان شغفه الكبير بتعلّم الحكمة المتعالية لدرجة أنه سافر مع صديقه المرحوم العلامة السيد جلال الدين الآشتياني إلى قزوين، حيث تلقى على يد آية الله رفيعي القزويني أجزاءً من كتاب “الأسفار” للملا صدرا.

إن اهتمام السيد مصطفى وشغفه بالشؤون العلمية لم يمنعه من النشاط الاجتماعي والسياسي، حتى إنه بعد أن بدأ نجمه يلمع وبرز اسمه في غياب والده ـ إثر نفيه إلى تركيا ـ تم اعتقاله وسجنه أولًا، ثم أُطلق سراحه ونُفي إلى تركيا، وحينها قدم أولئك الظالمون خدمة كبيرة للإمام الخميني دون قصد، حيث آنس وجود ابنه البار إلى جانبه وحدته، وتبادلا مناقشات علمية مفيدة.

وقد سُجّلت الصفحة الأخرى من حياة السيد مصطفى العلمية والسياسية خلال فترة إقامته في النجف لمدة اثني عشر عامًا، فإلى جانب مشاركته الفعّالة في درس والده واتصالاته العلمية مع كبار أساتذة النجف، انشغل هو بالتدريس في خارج الأصول، والفقه” والتفسير. وكان تدريس خارج الفقه يقتصر على أيام عطلة الدروس الحوزوية كشهر رمضان، أما تدريس تفسير القرآن فكان في نهاية الأسبوع. وفي هذه الفترة الحافلة بالنشاط والعمل العلمي، ألّف العديد من المصنفات؛ منها: ثمانية مجلدات في علم الأصول باسم “تحريرات في الأصول”، وخمسة مجلدات في التفسير باسم “تفسير القرآن الكريم”، وكتاب “الصوم” في الفقه.

وفي هذه السنوات أيضًا، كتب تعليقات مُفصّلة على كتاب “تحرير الوسيلة” للإمام الخميني، طُبعت في مجلدين، ويُعتقد أنها أول تعليقة استدلالية على “تحرير الوسيلة”، بل وقد سبقت الشرح الاستدلالي لصديقه وزميله في المباحثة المرحوم آية الله فاضل اللنكراني، الذي استغل فرصة نفيه إلى يزد وبدأ في شرح “تحرير الوسيلة” باسم “تفصيل الشريعة”. كما كتب تعليقات وتحريرات على أجزاء من “العروة الوثقى”.

وكان آية الله السيد مصطفى الخميني، على الرغم من نشاطه العلمي الواسع في التحصيل والتدريس والتأليف، وحضوره الاجتماعي والسياسي ومشاركته الفاعلة في نهضة الإمام الخميني؛ شديد الالتزام بالسير والسلوك والعبادة والتهجد، والغوص في العوالم الباطنية، والتواصل مع السالكين غير المعروفين على نطاق واسع.

في جميع سنوات إقامته بجوار أمير المؤمنين (عليه السلام)، كان يتوجه سيرًا على الأقدام إلى كربلاء مع أصدقائه ومحبيه في مناسبات زيارة الإمام الحسين (عليه السلام). ويتجلى هذا العشق والولاء للإمام الحسين (عليه السلام) في إهدائه لعمله التفسيري البديع إلى ساحة ذلك الإمام العاشق والأحرار. فقد كتب في مستهل كتابه “تفسير القرآن الكريم”:
روحي وأرواح العالمين لك الفداء يا أبا عبدالله وسيد الشهداء، فيارب إن كان فيما أسطره وأضبطه حول الكتاب الإلهي شيء لي يُسمَّى بالجزاء والثواب، فنهديه إليه ونرجو من حضرته التفضّل عليّ بقبوله والمنّة على المفتاق الفقير إلى شفاعته بعدم ردّه». (“تفسير القرآن الكريم”، ج 1، ص 5).

ما ذُكر عن حياة آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني يوضح شموله ومكانته العلمية البارزة في العلوم الإسلامية، من العقلية والنقلية؛ وشخصيته الأخلاقية والمعنوية؛ كما يظهر شخصيته الاجتماعية والسياسية. ولكن في هذا السياق، تبرز شخصيته العلمية الواضحة من خلال عناوين مؤلفاته، سواء المفقودة أو الموجودة والمطبوعة. كان السيد مصطفى ـ معتمدًا على الموهبة والذاكرة القويتين اللتين اتفق عليها أصدقاؤه ومعاشروه وذكروها في تصريحاتهم ـ كثير المطالعة واهتم بتأليف أعمال قيّمة في مختلف فروع العلوم الإسلامية.

الآثار المفقودة:

١. القواعد الحكمية؛ وقد أشار إليها وأحال عليها في مواضع كثيرة من المباحث الفلسفية والمنطقية.

٢. رسالة “لا تعاد”؛ وكانت رسالة مفصلة.

٣. الخلل في الصلاة؛ وهذا غير ما كتبه وطُبع في سنوات إقامته في النجف.

٤. المختصر النافع في علم الأصول؛ كتبه خلال تدريسه للدورة الأولى لعلم الأصول.

٥. رسالة في قاعدة “لا ضرر”.

٦. رسالة في “العلم الإجمالي”؛ كتبها أثناء نَفيه في “قيطرية”.

٦. كتاب الإجارة؛ في مجلدين.

٧. المكاسب المحرّمة؛ وهذا الكتاب جزء من كتابه الكبير في الفقه الاستدلالي بعنوان “تحريرات في الفقه”.

٨. كتاب الخيارات؛ المجلدان الأول والثاني. (علماً بأن المجلدين الثالث والرابع منه موجودان ومطبوعان).

٩. رسالة في “علم الباري”.

١٠. رسالة في الرد على كتاب “الهيئة والإسلام”.

١١. رسالة في “قضاء الصلوات”.

١٢. الفوائد الرجالية.

١٣. كتاب “الاجتهاد والتقليد”؛ وهو كتاب مفصل.

١٤. كتاب الصلاة؛ وهو جزء من كتابه الكبير “تحريرات في الفقه”. ويذكر أنه كتب مباحث مثل: الأذان والإقامة، مكان المصلي، أوقات الصلوات، صلاة الجماعة، صلاة المسافر، والقضاء من الولي.

١٥. رسالة في موضوع “السرقفلية” (حقوق الإجارة).

كما أن التعليقات التي كتبها على كتب أدبية، وفقهية، ورجالية، وفلسفية، وعرفانية، وأشار إليها في كتاباته الموجودة لكنها مفقودة حالياً؛ مثل:

١. تعليقة على “شرح الرضي على الكافية”.

٢. حاشية على خاتمة “مستدرك الوسائل”.

٣. تعليقة على كتاب “مبدأ ومعاد” لـ صدر المتألهين.

الكتب المطبوعة:

١. تفسير القرآن الكريم؛ في خمسة مجلدات بعنوان توضيحي هو “مفتاح أحسن الخزائن الإلهية”.

إن الحديث عن هذا التفسير من حيث المنهج والمحتوى يحتاج إلى فرصة مستقلة؛ ولكن دراسة هذا الأثر والتمعن فيه بمفرده يكشف عن الشمول العلمي لمؤلفه ويدل على مقاماته المعنوية وفضائله الأخلاقية. وهو تفسير بديع ومفصّل للغاية، ولكنه خالٍ من الحشو والزوائد، ومما يؤسف له أنه لم يتم تفسير فيه إلا حتى آية من سورة البقرة. لقد سخّر المفسّر جميع النقاط الموجودة والقابلة للاستفادة في سبيل فهم معنى ومقصد آيات القرآن؛ من مختلف العلوم الأدبية والنقلية والعقلية، وحتى العلوم الغريبة كعلم الحروف وعلم الأعداد، وجعلها في خدمة تفسير الآيات، وتفسيره هو بصدق مفتاح ومعيار لفهم ومعرفة “أحسن الخزائن الإلهية”، وهي أسمى الكنوز الإلهية.

٢. تحريرات في الأصول؛ في ثمانية مجلدات، لا تنقص منها إلا القليل من مباحث الاستصحاب ومبحث تعارض الأدلة ومبحث الاجتهاد والتقليد.

٣. مستند تحرير الوسيلة؛ في مجلدين، وهو تعليقات استدلالية على “تحرير الوسيلة” ـ كتبه المتعددة.

٤. تحرير العروة الوثقى؛ في مجلد واحد.

٥. تعليقة على العروة الوثقى؛ في مجلد واحد.

٦. الطهاره؛ في مجلدين، وجزء من “تحريرات في الفقه”.

٧. الخلل في الصلاة؛ في مجلد واحد، جزء من “تحريرات في الفقه”.

٨. الصوم؛ في مجلد واحد، جزء من “تحريرات في الفقه”.

٩. كتاب البيع؛ في ثلاثة مجلدات، جزء من “تحريرات في الفقه”.

١٠. كتاب الخيارات؛ المجلدان الثالث والرابع، وجزء من “تحريرات في الفقه”.

١١. ثلاث رسائل؛ وتشمل: “الفوائد والعوائد”، “دروس الأعلام ونقدها”، “ولاية الفقيه”. وتجدر الإشارة إلى أنه بعد العثور على المجلد الثالث من كتاب “البيع” وطباعته، تَبَيَّنَ أن مبحث “ولاية الفقيه” كان جزءًا من هذا الكتاب.

١٢. تعليقات على الحكمة المتعالية. طُبِع هذا العمل ـ وهو تعليقات الفقيه الحكيم آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني على “الأسفار الأربعة” لـ صدر المتألهين ـ في مجلدين (أو مجلد واحد كبير). هذا الأثر الذي نُشر في أكثر من سبعمائة صفحة هو عبارة عن تعليقات قيّمة للمؤلف على هذا العمل العظيم في الحكمة المتعالية، وقد علّق على الإلهيات بالمعنى الأعم، والإلهيات بالمعنى الأخص، وكتاب النفس. وقد درس الشهيد السيد مصطفى الخميني كتاب “الأسفار” على أساتذة متعددين، كان الإمام الخميني أحدهم. وابتداءً من صفحة 597 حيث تبدأ تعليقات قسم الإلهيات بالمعنى الأخص، يقول كاتب التعليقة:

«ولقد شرعنا قراءة هذا الكتاب لدى والدي العلامة المحقق في بلدة تهران سنة 1374. السيد مصطفى عفي عنه». أي أنه درس هذا الجزء من “الأسفار” بشكل خاص على يد والده في الفرصة الصيفية.

إن الغوص في فكر هذا العالم الشامل والمجاهد يقتضي مجالًا مناسبًا له، ولكن هذه المقالة تكتفي بالإشارة إلى نظرية واحدة من نظرياته المبتكرة والرائدة.

قلنا أن كتاب «ثلاث رسائل» يشمل ثلاث رسائل، إحداها «العوائد والفوائد». وهي رسالة تحوي نكاتًا علمية دقيقة من العلوم العقلية والعلوم النقلية، كتبها المؤلف الشهيد آية الله السيد مصطفى الخميني في منفاه بتركيا حين أُجبِر على الإقامة هناك مع والده المعظّم. وقد جمعت هذه الرسالة في طياتها 9 فوائد و 9 عوائد، ليصبح المجموع 18 مطلبًا علميًا.

«الفائدة التاسعة» تحمل عنوان: «حول عدم جواز الإفتاء منفردًا»، ويرى الشهيد السيد مصطفى في هذا المطلب العلمي أنَّ: «الأعذار والحجج العقلائية التي يحتاج إليها العباد والبشر في علاقتهم مع ربهم، تتفاوت باختلاف الأعصار والأمصار (الزمان والمكان). فما كان حجة في الماضي قد لا يكون كذلك اليوم؛ ومن ذلك أنَّ العقلاء اليوم -بعد أن أدركوا أنَّ العمل الفردي في العلوم والفنون يؤدي إلى مخالفة الواقع ويستلزم تبدُّل الآراء المتكرر- قد بنوا على تبادل الأفكار سواء بالحضور أو بالمكاتبات [واليوم في الفضاء الافتراضي ووسائل الاتصال الصوتية والمرئية]، لكي يتجلى لهم الحق والحقيقة، ويذمّون الأفراد المتفردين في مثل هذه الأمور، وربما عدّوهم من المجانين وناقصي العقل؛ لما وجدوه في التفرُّد من أخطاء جمَّة وزلّات كثيرة.

وبناءً على هذا، واستنادًا إلى هذه البناء العقلائي، لا يجوز للمجتهدين الكبار والمحققين العظام أن يفتوا في المسائل النظرية، ولا سيما المسائل العملية الفرعية (الأحكام الفقهية) التي لا يستند دليلها إلا إلى المنقولات الروائية التي هي مختلطة بمطالب باطلة، مع وجود البعد الزماني والمكاني عن زمن صدورها. بل يجب عليهم المباحثة والحوار وتبادل الأفكار لتكون لهم الحجة إذا كُشِف الخلاف؛ وإلا فإنَّ لله عليهم الحجة القاطعة، إذ لا يوجد دليل لفظي على صحة وسلامة المنهج الانفرادي في كشف الحقائق من الآيات والروايات. نعم، (إذا لم يتوصلوا بعد البحث وتبادل الآراء) إلى رأي واحد، فكل فرد منهم يجوز له إظهار رأيه؛ وهو الأسلوب والمنهج المتبع اليوم في المسائل العلمية والتقنية في الفنون المستحدثة، وهو المنهج العقلائي الجاري في الطب وما شابهه».

ويرى آية الله الشهيد السيد مصطفى الخميني أنَّ «كثيرًا من الاختلافات في المسائل الفقهية تنشأ من التشتت في الكبريات الكلية والقواعد العامة، وإذا قيل إنَّ تبادل الرأي فيه حرج ومشقة كبيرة، فبفرض قبول هذه المشكلة، تكون في الكبريات الكلية التي فيها تشتت؛ لا في القواعد العامة».

إنَّ التتبع والتحقيق في مؤلفات هذا العالم المتبحِّر والمحقِّق والفقيه الحكيم القيّمة والكثيرة والمطبوعة، لهو مفيد للحوزات ورجالها، وقد يكون في بعض الأحيان مفتاحًا لحل مشكلات ومعضلات المجتمع الإسلامي الفكرية والفقهية.

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *