الاجتهاد: اعتاد بعض العوام لا سيما من النساء الاحتفال بيوم التاسع من شهر ربيع الأول، وهناك من يعبر عنه بأنه فرحة الزهراء أو عيد البقْر، أو عيد الغدير الثاني، أو يوم رفع القلم، وغير ذلك.
ونقل الكفعمي في أنه يوم شريف عظيم الفضل يرجح التعيّد فيه والإنفاق على المؤمنين والتوسعة على العيال والتطيّب ولبس الجديد من الثياب والشكر والعبادة.
القول الأول: انه اليوم الذي قتل فيه عمر بن الخطاب. ولهذا فو يسمى عيد البقْر أو يوم البقْر، لأن عمر بن الخطاب بقرت بطنه في هذا اليوم ( كما يعرف بالفارسية باسم عمر کشان أي مقتل عمر)، وقد رويت عن الامام العسكري رواية بذلك إلا أنها ضعيفة السند جدا ذكرها المجلسي من خط الشيخ الفقيه علي بن مظاهر الواسطي، بإسناد متصل، عن محمد بن العلاء الهمداني الواسطي ويحيى بن محمد بن جريح البغدادي إلى الإمام علي بن محمد الهادي وجاء فيه أن حسفة بن اليمان دخل على النبي (ص) وعنده علي وولداه الحسن والحسين وهو محتفل بهذا اليوم وأن النبي (ص) قال لهما: …. كلا هنيئا لكما ببركة هذا اليوم، فإنه اليوم الذي يهلك الله فيه عدوه وعدو جدكما، ويستجيب فيه دعاء أمكما.
كما ورد فيه أن الله تعالى يقول لنبيه: “وأمرت الكرام الكاتبين أن يرفعوا القلم عن الخلق كلهم ثلاثة أيام من ذلك اليوم ولا أكتب عليهم شيئا من خطاياهم كرامة لك ولوصيك” لذا عرف هذا اليوم برفع القلم فيجوز للمؤمن بحسب هذا النص أن يفعل ما يشاء ما يشاء دون أن يسجل عليه شيء، وكان هناك وجود لهذا الفهم فيما سبق إلا أنه اندثر فيما بعد حتى لن تجد من يذكره لقبحه ولوضوح بطلانه.
ومع نكارة المتن، فإن سندها أقل من لا شيء، فقد رويت عن الشيخ الفاضل عليّ بن مظاهر الواسطي، عن محمد بن العلاء الهمداني، رغم ان بينهما ما يقارب خمسة قرون فضلا عن جهالة اثنين من رواتها على الأقل‼
كما إن المعروف في كتب التواريخ أن وفاة عمر بن الخطاب كانت في 26 من ذي الحجة 23 ه، وليس في التاسع من ربيع الأول. وعلى هذا المحققين من علماء الفريقين، وقد نص عليه من علمائنا الشيخ المُفيد وابن إدريس الحلي وابن طاووس والعلامة الحلي وأخوه رضي الدين الحلي والكفعمي والخوانساري في تكملة مشارق الشموس وعباس الكاشاني في مصابيح الجنان والمجلسي.
القول الثاني: إنّه أول يوم من إمامة الإمام المهدي (عج) حيث توفي والده الحسن العسكري (ع) في الثامن من شهر ربيع الأول، وتولى هو بعد أبيه، وهو ما احتمله ابن طاووس اي مجرد احتمال دون أي دليل عليه.
حيث قال: فإذا كانت وفاة مولانا الحسن العسكري (ع) كما ذكر هؤلاء لثمان خلون مِن ربيع الأوّل، فيكون ابتداء ولاية المهدي (ع) على الأمّة يوم تاسع ربيع الأوّل، فلعلّ تعظيم هذا اليوم وهو يوم تاسع ربيع الأوّل لهذا الوقت المُفضّل، والعناية لمولى المُعظّم المُكمّل.
لكن هذا غير صحيح، أي أنها دعوى بغير دليل. مع إن عبارة “تتويج” غريبة، وهي تستعمل مع الملوك لا مع الإمامة. فضلا عن أن الاحتفال بها غير منسب لكونها تقترن بوفاة الإمام العسكري. أضف إلى ذلك؛ فإن الإمامة تنتقل كما يفترض بوفاة الإمام السابق لا في اليوم الّذي يليه كما تدل عليه بعض الروايات، من قبيل: “لا تخلو الأرض من قائم لله بحجة”، وحديث: “لولا الحجّة لساخت الأرض بأهلها”، ونحوها.
مع العلم بأنه لم يحصل اتفاق بين الشيعة على أن تاريخ وفاة الإمام العسكري كان في الثامن من ربيع الأول، فكيف يمكننا الجزم يكون التاسع منه يوم عيد وتهنئة بتتويج الإمام المهدي، وسنذكر بعض ما قيل في نحديد وفاة الإمام العسكري فقد ذكر المفيد أنه توفي في 4 ربيع أول، وقال الطوسي والكفعمي في أول ربيع أول وقال علي بن يونس 11 ربيع اول وقال المرتضى في ربيع الثاني.
القول الثالث: إنه في هذا اليوم اخبر النبي (ص) ابنته بأنها اول من تلحق به بعد وفاته، إلا أنّ المشهور أن وفاة النبي (ص) كان في 28 صفر، وبالتاكيد فان حادثة اخباره لها كانت قبل وفاته لا بعدها في التاسع من ربيع الاول. ولم يرد هذا الرأي في خبر، ولا جاء في مصدر‼
الرابع: إنه اليوم الذي اخبر النبي (ص) فيه ابنته أنه سوف يموت في صفر ولم يحدّد السنة فكان كلما دخل شهر صفر تحزن الزهراء (ع) وعندما ينقضي صفر دون أن يحدث ذلك تفرح بذلك. وهذه القصة مما تجري على الألسن لكن لم يروها أحد، مع انه لو افترض صحتها لكان الفرح يكون بخروج صفر لا بعده بتسع أيام، وهذا ما ذكره البعض تهربا من الاشكال على السبب الثالث لكن لم يرد في ذلك اي نص مطلقا.
الخامس: قيل إنه اليوم الذي وصل فيه النبي (ص) في هجرته إلى مسجد قبا في ضواحي المدينة وبذلك فرحت الزهراء بسلامة ابيها، وهو ايضا غير مروي في أي مصدر كان.
السادس: أنّه اليوم الذي وصل فيه رأسا عمر بن سعد وابن زياد الى المدينة بين يدي الإمام زين العابدين أو هو مقتل عمر بن سعد. وهو بغير دليل مع إن ان ثورة المختار كانت في 13 ربيع الاول سنة 66 ه، وكان قتل ابن سعد بعد ذلك ببضع شهور، بينما قتل ابن زياد في محرم سنة 67 ه في معركة الخازر المعروفة.
وعموما فإن القولين الأولين هما أشهر الأقوال، لكن لا يوجد أي نص على أي من هذه الاقوال باستثناء الأول حيث ورد فيه رواية ضعيفة جدا. والنتيجة هي أن هذا الاحتفال لا يعرف له اصل وإن كان قديما أشار إلى وجوده ابن ادريس وابن طاووس لكنهما لم يعرفا له أصلا، بل ان ابن طاووس احتمل أن يكون الاحتفال لسر مكنون لا نعلمه.