الاجتهاد: تساؤلات الدراسة: ما هي الأسباب التي أدّت إلى هذا التفاوت الكبير في صلاحيات الولي الفقيه لدى مختلف المراجع؟ ما هي الأسس الفلسفية بصيغة علم فلسفة السياسة لنظام الحكومة الإسلامية؟ ما هي الضمانات الإجرائية التي تحول دون تحوُّل منصب الولي الفقيه إلى دكتاتورية بغطاء ديني؟
المقدمة
منذ قيام الدولة الوطنية الحديثة على أسس علمانية في أوروبا انتقلت أفكارها إلى العالم الإسلامي بما تحمله من مشكلات مع الدين (الكنيسة) دفعت نحو القطيعة بين الدولة والموروث الفقهي وخاصة في بعده الاجتماعي، وهذا ما عمل على دراسته مجموعة من الباحثين[1]، استنتجوا أنه نتج عن ذلك انقسام الفقهاء في مواجهة متغيرات السلطة إلى ما اصطلح عليه بالفقه التقليدي والفقه الحركي.
حاولت الدولة توظيف الفقه التقليدي للضبط الاجتماعي عبر أدوات سلطة الخطاب الديني خصوصًا الفتوى وخطب الجمعة[2]، مثل الشيخ فضل الله النوري، الذي استعان به الشاه محمد علي مظفر الدين لقمع الثورة المشروطة في إيران[3].
في قبال ذلك نشأ حراك فكري لدى طائفة من الفقهاء الحركيين قعّدت أصوليًّا للكثير من الحراكات المهمة في مطلع القرن الأخير، منها -على سبيل المثال- ما صدر من علماء النجف أوائل القرن العشرين على لسان الآخوند محمد كاظم الخرساني فتوى تقول بأن موافقة ومساعدة كل مخالف للمشروطة (الثورة الدستورية في إيران) القويم والتعرض للمحامين عنها “هو محاربة لإمام العصر (ع)”.
وتبعه الميرزا النائيني -والذي يعتبر مفكر الثورة المشروطة الأبرز- بتأليف كتاب “تنبيه الأمة وتنزيه الملة”، الذي أيده معظم فقهاء النجف ذاك الوقت. واستمر حراك الإسلام السياسي الشيعي حتى ختم بالثورة الإسلامية في إيران وتبلور نظرية (الولاية المطلقة العامة للفقيه)، الذي يعنى بخطاب (شامل) يغطي كافة جوانب النشاطات الإنسانية الاجتماعية، وأنواع الحقوق والواجبات للدولة كما للفرد[4].
أحد الأبعاد الاجتماعية المهمة في نجاح هذا الحراك هو ما تميّز به أتباع مذهب أهل البيت على سواهم من أتباع المذاهب الأخرى بميزة احترام العلماء وطاعتهم، الذي تحوّل إلى سنّة جارية لديهم، وكانت هذه الطاعة في الغالب ليست استنادًا إلى أدلّة ولاية الفقيه، بل للدور الاجتماعي والسياسي للفقهاء في المجتمع.
ما أمكن الفقهاء من قيادة ثورات كثيرة في الواقع الشيعي[5]، ومنذ فتح الأصوليون باب الاجتهاد في مسائل الاجتماع السياسي في عصر الغيبة الكبرى كان من الطبيعي أن تتوسع ولاية الفقهاء ونيابتهم عن الإمام في إدارة شؤون المجتمع وإجازتهم في بعض الولايات؛ كالولاية على الخمس والزكاة حتى تصل إلى فكرة ولاية الفقيه، التي شكّلت بجزئياتها التأصيلية والاجتهادية خروقات لعصر الغيبة الكبرى أجازت للعلماء ما لم يكونوا يجوزونه إلا للضرورة، وهي تطورات في خط الاجتهاد الديني ساهمت بفاعلية في التطور السياسي في المذهب[6].
وعلى جانب آخر لم يقتصر الاجتهاد في مسائل الإسلام السياسي والحكومة الإسلامية على مذهب أهل البيت (ع)، بل إن كون الإسلام دين للفرد والمجتمع وأنه شمل أحكام وضرورات لا تقوم إلا بنظام حكم إسلامي فهو مما اتفق عليها المسلمين السنة كذلك[7].
تساؤلات الدراسة
ما هي الأسباب التي أدّت إلى هذا التفاوت الكبير في صلاحيات الولي الفقيه لدى مختلف المراجع؟
ما هي الأسس الفلسفية بصيغة علم فلسفة السياسة لنظام الحكومة الإسلامية؟
ما هي الضمانات الإجرائية التي تحول دون تحوُّل منصب الولي الفقيه إلى دكتاتورية بغطاء ديني؟
تعاريف
الولاية [بكسر الواو]، لغةً: اسم مصدر، يأتي بمعنى الإمارة والحكومة والسلطان والدولة[8]، بخلاف ما إذا كانت بفتح الواو فقد تعني المحبة والنصرة، ولكي تشير إلى معنى السلطة والإمارة فتكون -في هذه الحالة- بحاجة إلى قرينة أخرى معها[9].
أما في الاصطلاح: فمن أجل توضيح الاصطلاح الفقهي، لا بدّ من الإشارة أن الاعمال الموكلة شرعًا إلى الفرد المكلف تنقسم إلى قسمين:
القسم الأول: ما كان مرتبطًا بشخص المكلف، كالصلوات اليومية.
القسم الثاني: ما كان مرتبطًا بغيره خارجًا عن نفسه، وهذا على نحوين:
النحو الأول: ما يكون للآخرين فعل مقابل فعل المكلف، فتكون الفاعلية مشتركة بينهما. (كالبيع والشراء).
النحو الثاني: ما لا يكون للآخرين أي فاعلية في قباله إلا الامتثال وتطبيق الأمر شرعًا وعلى نحو التعبُّد، وهذه هي (الولاية) بمعناها العام، وهذه على نوعين:
النوع الأول: الولاية الخاصة: ما تكون محدودة التصرف في نفس أو مال أو ذمة شخص عاجز عن حفظ مصالحه بسبب حجر أو فلس أو موت أو صغر أو عجز، والهدف منها الحفاظ على مصالح العاجزين وحقوقهم، في أيدي أمينة، ومثاله: ولاية الأب على أبنائه، والزوج على زوجته، والوصي على الموصى عليه، ووليّ المجنون، ووليّ السفيه، ووليّ البكر في التزويج، ووليّ الميّت، ومتولّي الوقف … وغيرهم. وهي محل إجماع الفقهاء على نحو متسالم به في كل المجتمعات والدول والقوانين. ويطلق عليها في الفقه: (القيمومة)[10].
النوع الثاني: الولاية العامة: ما تكون ولاية للأنبياء والأوصياء ولنوّابهم الخاصين والعامين عامة على جميع الناس، فتتولى التصرُّف في إدارة وتنظيم المجتمع الإسلامي[11]، مثل أي حكومة لأي أمة أو شعب، ويكون هدفها إجراء أحكام الإسلام، وتأمين المصالح المادية والمعنوية للمجتمع الإسلامي، وحفظ نظام البلاد مقابل الأعداء، وليس من صلاحيتها التصرف في النفوس والأموال والأمور الشخصية للأفراد إلا بالقدر الذي يتزاحم مع المصلحة العامة[12].
الفقيه: بالعودة إلى الفقاهة/ الفِقه/ الفقيه كما وردت في المعجم الوسيط[13]، يتبين أنها عُرِّفت كالتالي:
“الفقاهة: الفقه والفِطنة. الفِقه: الفهْمُ والفطنةُ. و- العِلمُ. وغلب في علم الشريعة وفي علم أصول الدين. (الفقيه): العالمُ الفطن. و- العالم بأصول الشريعة وأحكامها. واستعمل فيمن يقرأ القرآن ويعلمه. والجمع فُقهاء.” كما عُرفت تبعًا للقاموس المحيط[14] فيما يلي: “الفِقهُ: بالكسر: العِلمُ بالشيء، والفهم له، والفِطنةُ، وغلب على عِلم الدين لِشرفه. وفقُهَ، ككرُم وفرِح، فهو فقيهٌ وفقهٌ، كندسٍ. ج: فقهاءُ، وهي فقيهةٌ وفقُهةٌ. ج: فُقِهاءُ وفقائِهُ. وفقِههُ، كَعَلِمهُ: فهمَهُ، كتفقّهَهُ. وفقّهَهُ تفقيهًا: علّمهُ، كأفقههُ…”.
والفقيه اصطلاحًا: هو الرجل العالم بالفقه والمعارف الإسلامية، والحائز على درجة الاجتهاد بمعنى القدرة على الاستنباط في الأحكام الشرعية. ثم ليكون قائدًا ووليًّا للأمة لا بدّ أن يتصف بشروط أخرى[15] أهمها:
العدالة والتقوى العاليان.
الشجاعة، وعدم رضوخه للأوهام.
الخبرة السياسية.
العلم بالقانون.
القدرة على إدارة وتدبير شؤون الأمة.
الاطلاع على أوضاع الأمة وتحمّل همومها.
قبول الأمة به، واختياره قائدًا لها.
ولاية الفقيه: تم تعريف ولاية الفقيه تبعًا لمعجم ألفاظ الفقه الجعفري: “قيام الفقيه الجامع لشروط الفتوى والقضاء مقام الحاكم الشرعي وولي الأمر الإمام المنتظر (عج) في زمان غيبته في إجراء السياسات وسائر ما له من أمور عدا الأمر بالجهاد الابتدائي، وهو فتح بلاد الكفر بالسلاح، على خلاف في سعة الولاية وضيقها”[16].
ولاية الفقيه في الاصطلاح الفقهي، هي: النيابة العامة للفقيه الجامع للشرائط عن الإمام المعصوم في زمان الغيبة لقيادة الأمة الإسلامية وتدبير شؤونها في جميع ما كان للمعصوم عليه ولاية في غير مختصاته وبشرط وجود المصلحة[17].
أي ولاية عامة في جميع شؤون الأمة، تلك الولاية التي كانت للإمام المعصوم في زمن حضوره، وهي رئاسة الدين والدنيا، ومن ثم فله ما كان للإمام من وظائف دون أن يشارك المعصوم في مختصاته، وبشرط وجود المصلحة في فعله، والتي منها:
السعي لإقامة الحكم الإسلامي وسيادته على البلاد في حقيقته الأصيلة، والمحافظة على المصالح العامة سياسيًّا وأخلاقيًّا وثقافيًّا واقتصاديًّا واجتماعيًّا وما شاكل ذلك.
الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر بالقيام دون تسرب الفساد إلى المجتمع الإسلامي، سواء كان خطرًا يهدد كيان الإسلام، أم يطيح بسلامة الأخلاق العامة، والقيام ببث الدعوة خارجيًّا وداخليًّا بالسعي وراء تنشيط الوعي الإسلامي في نفوس المسلمين.
سد الثغور والأمر بالجهاد والدفاع، وعقد الصلح وقبول الهدنة، وتقسيم الغنائم.
أخذ الزكوات والأخماس وتولية أمر القصّر والغيّب والأوقاف العامة، وتجهيز من لا وليّ له، ووراثة من لا وارث له.
إقامة الجمعة والجماعات وتعيين أئمتها.
تعيين قضاة العدل والمراقبة على أعمالهم بإجراء الحدود.
التصدي لإصدار أحكام (تعرف بالأحكام السلطانية أو الولائية) في مواقع ضرورية حفاظًا على منافع المسلمين.
القضاء والإفتاء وتصدي للأمور الحسبية.
المصلحة العامة: هي الأمور العامة والاجتماعية التي يتعذّر على الأفراد القيام بها باستقلالهم ويحتاجون فيها إلى توجيه مركزي أو قيادة أو إدارة عامة، ومنها على سبيل المثال: الجيش والشرطة والسجون والصحة العامة والقضاء وعمران المدن .. إلخ[18].
مراحل ولاية المعصوم ونائبه العام
اتفق فقهاء الشيعة حول ما أسموه المراحل العشرة لولاية المعصوم[19]، واختلفوا حول وراثة نوابه العامين (رواة الحديث/ مراجع الدين) لكل أو بعض تلك المراحل في عصر الغيبة الكبرى، وهذه المراحل هي:
المرحلة الأولى: ولاية الفتوى: الإجازة في استنباط الأحكام الشرعية والإفتاء طبقًا لاجتهاده. وهو متفق عليه بين الفقهاء.
المرحلة الثانية: ولاية التفويض أو سلطة تشريع الأحكام.
المرحلة الثالثة: ولاية القضاء: رفع الخصومات والقضاء بين الناس والحكم في المنازعات وسلطة الفصل القاهرة على أحد أو كِلا طرفي المنازعة. وهذا هو الحد المتفق عليه بين الفقهاء.
المرحلة الرابعة: ولاية إجراء الحدود؛كإجراء الحدود والتعزيرات.
المرحلة الخامسة: ولاية الطاعة في الأوامر الشرعية: ولاية التشريع مثل تشريع الإمام الباقر (ع) للخمس، وتشريع الإمام الهادي (ع) العُشر بدلًا من الخمس.
المرحلة السادسة: ولاية الطاعة في الأوامر العرفية: ولاية تنزّل الأحكام على الموضوعات الخارجية، كالحكم بثبوت الهلال مثلًا، وإقامة الحج وترغيب الناس به والتزكية الأخلاقية، والأحكام الولائية مثل: تحريم الشيخ النائيني التنباك (التبغ) في بعض الأعوام، ومنع الإمام الخميني الحج في بعض الأعوام.
المرحلة السابعة: ولاية التصرف: مثل التصرف في الأموال (النذور والأخماس والأوقاف … وغيرها)، والنفوس أو في الأمور الاجتماعية والسياسية.
المرحلة الثامنة: ولاية الإذن: مثل الولاية على حقوق وواجبات القصّر والمجانين.
المرحلة التاسعة: ولاية الأمر: باقي الأمور الحسبية التي يحتسبها الشارع عليه، مما ليس لها راع ولا يرضى الشارع بتركها، وحسم الأمور المتصلة بتعارض المصالح الاجتماعية وصراع القوى، وتقدير المصالح والمفاسد الاجتماعية، والدفاع عن الأرض والإنسان بإعداد القدرات العسكرية، وتوفير الأمن الاجتماعي.
المرحلة العاشرة: ولاية الإمامة: وهي القيادة الدينية، ثم القيادة السياسية وولاية الأمر التي تسعى لتوحيد مواقف المسلمين، تقديم النموذج الإلهي في الحكم، وتجسيد القيم الاجتماعية[20]، والتنمية السياسية، وتشمل أحكامًا داخلية تصل إلى التصرف في الأنفس والأموال مثل نزع الملكية للمصلحة العامة، أو إعلان الحرب وحماية البيئة.
بين ولاية الفقيه العامة والخاصة
والنقاش الذي يدور فيما يتعلق بولاية الفقيه بين الفقهاء هو خلاف حول حدود الصلاحيات ومدى شموليتها؛ فهناك قسم يعتبر أن للفقيه صلاحيات في جميع الأمور الدينية والدنيوية للأمة؛ أي حتى في السياسية منها وهناك إلزامية لإطاعته.
أما القسم الآخر من الفقهاء يُضيق حدود صلاحيات الولي ويعتبرها مسألة دينية ترتبط بالإفتاء والقضاء والمسائل التي ترتبط بالاجتهادات في القضايا الدينية. وبذلك سيتم تبيان الفرق فيما بينهما مع عرض نقاط الاختلاف ووجهات نظر كل منها[21].
ممن صرّح بوجود هذه الثنائية في تعريف الفقهاء المتقدمين لولاية الفقيه، ووجود تفاوت واضح بينهم في حدود صلاحيته باختلاف مبانيهم الفقهية، هو آية الله محمد مهدي الخلخالي حيث قال: “ما نفاه الفقهاء في الغالب من ولاية التصرُّف، إنما هو الولاية بالمعنى الأخصّ.
وأمّا (ولاية الرئاسة) فقد أثبتوها للفقيه، وقالوا بها، ولو من باب الحسبة، وقد أوجب هذا الأمر بنفسه الاشتباه والالتباس حول محلّ الإثبات والنفي عند كثير من الأشخاص”[22].
فيما يذهب الإمام الخميني إلى أن الولي الفقيه، لما يتمتع به من معرفة بظروف المكان والزمان، وفي حالة وجود مثل هذه المصلحة الضرورية للدولة أو الحكومة، يكون الحكم شرعيًّا، وله الأولوية في حالة تزاحمه مع الأحكام الأخرى[23].
الفصل الأول
الاجتهادات القائلة بولاية الفقيه الخاصة
يعتبر أصحاب هذه النظرية أن نطاق هذه الولاية للفقيه يقتصر على الأمور الحسبية. وهي التي تعني حسب الفقه الشيعي الأمور التي لا يرضى الله بإهمالها والتي يجب القيام بها في كافة الأحوال مثل الوصاية على من لا وصي له، التعهد بشؤون الأيتام وأموال الأوقاف وبعض الأمور الجزئية الأخرى مثل التصرّف في الأمور الشخصية لفاقدي الأهلية أو المتعدّين،
مثل تطليق الفقيه زوجة رجل لهجران أو إيلاء، أو بيع مال المفلّس أو ما يعبّر عنه بـ (ولاية التصرُّف في الأموال والأنفس)[24]، ورفضوا باقي مراحل الولاية باعتبارها من مختصات المعصوم، استنادًا إلى قوله تعالى: ﴿النَّبِيُّ أَوْلَى بِالْمُؤْمِنِينَ مِنْ أَنْفُسِهِمْ﴾[25]. فضلًا عما هو مشهور ومعروف من وظائف الفقهاء من: القضاء والإفتاء، وتولية الأوقاف، وقبض الحقوق الشرعية والتصرف فيها، وإجبار الممتنع، وتنفيذ وصية من لا وصي له.
وأبرز من ذهب إلى ذلك:
الشهيد الأول العاملي[26].
الشيخ مرتضى الأنصاري[27]. (عدا إخراجه إجراء الحدود والتعزيرات من دائرة صلاحيات الفقيه).
الشيخ محمد حسن الجواهري[28].
السيد الخوئي[29].
أما من ذهب إلى القول بولاية الفقيه العامة ولكن بشكل مشروط، واستنادًا إلى توسعة مهام الحسبة والولايات النوعية، فهم:
السيد السيستاني؛ بشرط حصول المقبولية العامة من المؤمنين.
السيد الشهيد محمد باقر الصدر؛ على مبنى أن الفقهاء مكلفون بملء منطقة الفراغ التشريعي، وأنهم منصوبون من قبل الإمام نصبًا عامًّا، هذا على الرغم أنه (رض) أضاف أن هناك أدلة أخرى خاصة لديه على ولاية الفقيه العامة غير ما اكتفى به السيد الإمام الخميني (قده)[30].
تفصيل المباني الفقهية
يقول السيد أبو القاسم الخوئي في هذا الصدد: “إنّ الولاية المطلقة للفقهاء في عصر الغيبة إنما يستدل من عموم التنزيل وإطلاقه، حيث لا كلام من أحد في أن الشارع قد جعل للفقيه الجامع للشرائط قاضيًا وحاكمًا، وإنما ثبّتوا للفقيه ولاية التصدي .. لنصب القيم والولي على القصّر، والمتولّي على الأوقاف التي لا متولّي لها، والحكم بالهلال وغيرها”؛ أي إنه يعتبر أنّ الولي ليس له صلاحيات سياسية، إنما يتجلّى دوره بإصدار الفتاوي الشرعية التي تؤثر على الحياة الفردية والاجتماعية للشعب[31]. ويقول السيد الخوئي: “إن ما استدل به على الولاية المطلقة في عصر الغيبة غير قابل للاعتماد عليه”[32].
ويقول (قده): “ولكني لا أثبت إلّا بعض الصلاحيات الحكومية للفقيه. و[الأمر] الآخر هو أن الإمام الخميني يعتقد بأن الواجبات المالية في الإسلام [ليست] مقررة للفقراء فقط، وإنما هي تشكل ميزانية الدولة الإسلامية، وأنا أعتقد أن الواجبات المالية في الإسلام موضوعة للفقراء والمساكين”[33].
وفي موضع آخر: “إن التفاوت في المنزلة يستدعي التفاوت في الآثار لا محالة، ومن هنا كان للمعصوم الولاية على الكبير والصغير حتى على المجتهد العادل، ولا ولاية للمجتهد على البالغ الراشد، وما ذلك إلا لأن نسبة المجتهد إلى المعصوم تمامًا كنسبة القاصر إلى المجتهد العادل”[34].
كذلك اعتبر السيد علي السيستاني أنّ الولاية في الأمور الحسبية تثبت لكل فقيه جامع لشرائط التقليد، ويعتبر أن على المرجعية أن تنأى بنفسها عن السلطة والحكم وإبعاد رجال الدين عن المناصب، وأن يقتصر دورها على الإرشاد.
خلال إجابة السيد علي السيستاني حول رأيه بإقامة الحكم الإسلامي في العراق وعن إن كان يرغب أن تكون دولة العراق مثل دولة إيران الإسلامية يقول: “أما تشكيل حكومة دينية على أساس ولاية الفقيه المطلقة فليس وارد…”[35]، فهو ليس مع نقل التجربة الإيرانية إنما يكرر رأيه بأن يتم احترام الدين الإسلامي في الحكم العراقي لأنه يعتبر دين الأغلبية.
أيضًا ذهب العلّامة محمد مهدي شمس الدين، وقال بولاية الأمة على نفسها، وبضرورة الشرعية السياسية للنظام في غياب المعصوم، وأن ولاية الفقيه منحصرة في القضاء والفتيا وما ماثلها، وأن قيام الدولة منفصل عن الإمامة[36].
وعلى مستوى النظرية السياسية في الحكم وطرح الشيخ (رحمه الله)، ومن خلال كتابه “الحكم والإدارة في الإسلام” يناقش فيه مصدر نظرية ولاية الفقيه في المذهب الإمامي، لينتهي إلى اقتراح صيغة بديلة عن الخلافة السنية وعن ولاية الفقيه الشيعية، يسميها (ولاية الأمة على نفسها).
وهي تقتضي أن يقيم كل شعب مسلم لنفسه نظام حكمه الخاص، في إطار وحدة الأمة الإسلامية، وقد اعتبر أن هذا الأمر يسمح للحكومة الإسلامية المقيمة للشريعة أن تصبح حكومة توليها الأمة، وتغيّرها الأمة بإرادتها الحرة. فهو مع إقامة الحكومة الإسلامية ولكن من خلال ولاية الأمة[37].
كذلك السيد محمد حسين فضل الله[38] يقول كلامًا مشابهًا أن للفقيه الولاية على ما يدخل تحت عنوان (الأمور الحسبية)، كولايته على الأفراد الذين فقدوا وليّهم، كالقاصرين والمجانين، وكذا على الغائب والممتنع، ونحو ذلك. وحيث إن ولاية الفقيه لم تثبت عندنا بالنصوص الشرعية في الكتاب والسنَّة، فإنها مقتصرة على خصوص ما يتوقف عليه حفظ النظام، فتدور مداره وجودًا وعدمًا[39].
طروحات بديلة لولاية الفقيه المطلقة
وفي هذا الإطار، ذهب البعض للبحث عن طروحات بديلة لنظرية ولاية الفقيه لاعتبارهم أنها قد تكون أفضل على صعيد حل أزمات العالم الإسلامي. وسيتم ذكر نماذج عن هذه البدائل:
نظرية شورى الفقهاء
وهي التي صاغها السيد محمد حسين الشيرازي، للتعبير عن آرائه حول حكم المجتمع الإسلامي. وهو قد فضّل الشورى على الفردية لاعتبار استطلاع الآراء ضروري ليظهر الرأي الأصوب.
وبرأيه، إنّ السلطة العليا في الدولة الإسلامية يجب أن تكون لمجلس الفقهاء، الذي يتكون من مراجع التقليد الذين عليهم إدارة كافة شؤون البلاد ومعالجة القضايا التي تهم الأمة عبر الشورى.
وتحدّث أنّ الأمة هي التي تحدّد وتنتخب ولي الفقيه الجامع للشرائط، أو قد يجمعون على فقهاء ليتولوا رئاسة الدولة من خلال الشورى فيما بينهم الذين يعملون على رسم السياسة العامة للبلاد. ولذا تكون شرعية الفقيه أو الفقهاء من خلال الشرعية الإلهية لاعتبارهم نوابًا للإمام المنتظر، ولأنه يعبر عن إرادة الأمة لاختيارهم.
نظرية العلمانية الجزئية (فصل الدين عن الدولة)
وهناك من رفضوا المبدأ برمته، انطلاقًا من قناعتهم بأنه لا توجد أية صيغة ملائمة للممارسة السياسية من قبل الفقهاء على أساس أن ذلك يعدّ تدخلًا من السلطة الدينية في الحياة السياسية، وهو أمر مرفوض تمامًا لديهم، ويبرز في هذا الاتجاه آية الله كاظم شريعت مداري، فكان من أكبر المعارضين لنظرية ولاية الفقيه والرافضين لها برمتها، ويؤكد أن الروايات المنقولة حول ما يتعلق بصلاحيات ولاية الفقيه، إنما تنحصر في بيان الوظيفة الدينية للعلماء فقط، في الفصل في المنازعات والفتوى، وليس الولاية العامة في سائر الأمور، وأن ربط الحكومة الإسلامية بولاية الفقيه ربط خاطئ؛ فوظيفة الفقيه هي النصح والإرشاد والقضاء بين الناس، وأن ولاية الفقيه ليست من ضرورات الحكومة الإسلامية، بل إنها نظرية للأزمات والضرورات فقط، التي تقتضي أن يكون الولي الفقيه في سدة الحكم، حتى ينظم أمور الدولة، كما تقتضي الشريعة الإسلامية، ولكن أن تستمر النظرية على إطلاقها هذا هو ما يرفضه هذا الاتجاه،
لقد رافق الجدل بشأن ولاية الفقيه، الجمهورية الإسلامية في جميع المراحل التي مرّت بها، ولم يكن الخلاف بشأنها وليد الأعوام الأخيرة، لكنه أتخذ شكلًا أكثر وضوحًا، ذلك بأن كثيرين وإن كانوا لا يؤمنون بولاية الفقيه، إلّا أنهم كانوا تحت تأثير شخصية السيد الخميني وحضوره الذين جعلوا اليسار الإيراني يرى في السيد الخميني وليًّا فقيهًا مطلقًا، من دون أن يرى في خلفه ذلك، وساهم في ذلك مؤيدي التيار الإصلاحي، من أمثال عبد الكريم سروش[40]، فضلًا عن عدد من رجال الدين الذين ناصروا حسين علي منتظري في وضع ولاية الفقيه في بوتقة الجدل والنقد[41].
وسيتم التعرّض لأدلة الجميع ومناقشتها في الفصل الأخير.
الفصل الثاني
الاجتهادات القائلة بولاية الفقيه العامة المطلقة
ينطلق جميع منظّري الإسلام السياسي من مسلّمة أن الإسلام نظام جامع محكم شامل مترابط منطقيًّا[42]، تغطي أصوله وفروعه وجزئياته جميع احتياجات الإنسان الشخصية والاجتماعية، سواء الاحتياجات المادية منها أو المعنوية[43]، وأن إسقاط أحد أجزائه يؤثر على الكل ويؤدي بالنهاية لإسقاط جميع الأجزاء الأخرى[44]، وهذا ما اتفق على تسميته بـ (روح الإسلام العامة)، أو (المنطق الداخلي للعقيدة الإسلامية) في قبال من يدعو للالتزام التجزيئي للعقيدة والشريعة، فلا يرى موقعًا لنظرية سياسية إسلامية كنظرية ولاية الفقيه في منظومته المعرفية[45].
الجذور التاريخية لولاية الفقيه العامة
كان مصطلح “نائب الإمام” هو المتداول ما قبل القرن الثامن الهجري للتعبير عن وظائف الفقيه وصلاحياته، يعرّفه مثلًا: أبي الصلاح الحلبي (ت: 447 هـ) بأنه: “.. نائب ولي الأمر في الحكم، وما خول له لثبوت الإذن منه آبائهم لمن كان بصفته في ذلك”[46].
وقد نسخ مصطلح “نائب الإمام” واستبدل به المحقق فاضل النراقي (ت: 1244 هـ) مصطلح “الولي الفقيه” في كتابه (عوائد الأيام) في فصل عنونه باسم (ولاية الحاكم)، يبيّن فيه ولايات الفقيه وحدودها من خلال بحث فقهي مفصّل، وتبعه في استخدام المصطلح باقي الفقهاء اللاحقين.
حدود وسعة الصلاحيات السياسية للولي الفقيه
توسّع المحقق النراقي في صلاحيات وولايات الفقيه حتى شملت كل سلطة سياسية كانت للمعصومين، لتكون ثابتة للفقيه أيضًا، أمثال: الولايات التشريعية، والقضائية، والعسكرية، والاقتصادية وغيرها، إلا ما أخرجه الدليل، يقول (رحمه الله): “كل ما كان للنبي والإمام -الذين هم سلاطين الأنام وحصون الإسلام- فيه الولاية وكان لهم، فللفقيه أيضًا ذلك، إلا ما أخرجه الدليل”[47]. ويقول السيد المراغي (ت: 1246 هـ) في كتابه “العناوين الفقهية”: “ومرادهم من (الولي) في الفقه ولاية المال والنفس”[48].
ومن المتقدمين من حدد سلطة الولي الفقيه بالنظر من الجهة العقلية إلى ما حدده العقل للسلطة السياسية، كتحديد الفاضل الدربندي (ت: 1285 هـ) ولاية الفقيه بحيث تشمل كل مصلحة تخص المسلمين كما في قوله: “فالقاعدة المستفادة في المقام هي ثبوت الولاية للمجتهد في كل ما فيه مصلحة خفية كانت أو ظاهرة”[49]. وعلى هذه الطريقة استدل على صلاحيات الفقيه آية الله مهدي الآصفي(رض). كما سيأتي تفصيله لاحقًا.
ومنهم من حددها من ناحية عرفية مثل الملا علي الطالقاني (ت: 1360 هـ) بحيث تشمل سلطة الولي الفقيه كل سلطة عند عرف العقلاء، بقوله: “إن كل أمر حادث قد جرى طريقة الناس بالرجوع فيه إلى الرئيس بمقتضى عقولهم السليمة، فله فيه الرئاسة”[50].
فظاهر هذه الأقوال الاختلاف في الأساس النظري ولكنها تتطابق من حيث الأثر العملي، بحيث تكون ولاية الفقيه عامة كولاية السلطنة[51]، بحيث تحسب كل ما يمكن أن يحصل فيه قصور من مصالح المسلمين العامة في عهدة المجتهد، وكلها في النهاية تسلّم أن ولاية الفقيه للمجتهد لا تتوقف عند الاحتساب على القصّر وفاقدي الأهلية الشخصية، بل على المجتمع الإسلامي في شؤونه السياسية والاجتماعية كـ (فرض الضرائب، ومنع الاحتكار غير المشروع، وتعدّي القيمة، والتجنيد الإجباري، .. ومئات الأمثلة الأخرى التي لا تكون إلا للحكومة)[52].
وقد ذكر الإمام الخميني في بحوثه الفقهية عدة شروط تقيّد من ولاية الفقيه المطلقة منها:
الولاية على المسائل الشخصية غير المتصلة بالمصلحة العامة وأمور الحكومة وإدارة البلاد[53].
عزل أو نصب باقي الفقهاء[54].
إعلان الجهاد الابتدائي[55].
أدلة القائلين بالولاية العامة المطلقة للفقيه.
يعود أصحاب نظرية ولاية الفقيه المطلقة لبرهانها من خلال عدة أدلة:
الدليل الأول: من خلال القرآن الكريم، حيث يلجؤون “إلى بعض الآيات القرآنية الكريمة، كقوله تعالى: ﴿أَطِيعُوا اللهَ وَأَطِيعُوا الرَّسُولَ وَأُولِي الأمْرِ مِنْكُمْ﴾[56]“. ويعتبرون أن الفقيه الجامع للشرائط هو أولى وأكثر أهلية من غيره لتولي ذلك في عصر الغيبة، لاعتقادهم أنّه لا بدَّ من وجود ولي في كل زمان.
الدليل الثاني: من خلال الاستناد إلى الروايات التي وردت عن أئمة الشيعة لاعتبار أن أحاديثهم مرشدة لدور الفقهاء في عصر الغيبة بعدهم. لا سيما مقبولة عمر بن حنظلة المنقولة عن الإمام جعفر الصادق (ع) والتي يكثر استخدامها لتأكيد الولاية المطلقة، وأبرز ما جاء فيها: “من كان منكم قد روى حديثنا، ونظر في حلالنا وحرامنا، وعرف أحكامنا، فليرضوا به حكمًا، فإنني جعلته حاكمًا…”.
الدليل الثالث: من خلال الاستناد إلى الأدلة العقلية وقاعدة اللطف الإلهي، فيقولون: “إن من المستحيل أن يُهمل الناس في زمن الغيبة، دون من يرجعون إليه”.
واستنادًا على هذه الأدلة استدلّ عليها فقهاء من أمثال: المحقق الثاني، والشيخ كاشف الغطاء، والملا أحمد النراقي، والميرزا القمي، والشيخ فضل الله النوري، ومحمد حسين النائيني الغروي، وبخاصة سماحة الإمام الخميني، إضافة إلى اضطرارهم لمواجهة قضايا سياسية، ولمواتاة ظروف الزمان والمكان، فإنهم طرحوا أفكارهم السياسية صراحة، على العكس من الفقهاء الآخرين…”[57].
بل ذهب محققين أمثال آية الله هادي معرفت إلى أن القول بالولاية العامة المطلقة للفقيه هو محل الإجمال الثابت لدى أساطين المذهب ولم يخالفهم فيه إلا جماعة معدودة من المتأخرين[58].
ويذهب الشيخ إسحاق الفياض إلى ثبوت كل ما للنبي وللمعصوم في حضورهم إلى الفقيه في زمن غيبتهم؛ إذ امتداد الشريعة مقترن بامتداد الولاية الدينية للفقيه الجامع للشرائط[59].
ويذهب الشيخ بشير النجفي: “أن للمجتهد إضافة إلى تولي الإفتاء وتوضيح الأحكام الشرعية ولاية عامة على المسلمين بإدارة شؤونهم”[60].
أما الشيخ الآصفي فكان له منهج استدلال مختلف، حيث أعطى الأولوية للمقدمات العقلية -المقاصدية- وضرورة وجود قانون ينظم المجتمع البشري، ووجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، وحرمة الركون إلى الذين كفروا ضمن قواعد فقهية وأدلة أخرى قرآنية[61]، في استدلاله على ضرورة ولاية الفقيه، وهو أشبه ما يكون بنص الطوسي، الذي يرى أن الرياسة من الأمور التي تثبت عقلًا، ما مهد لنظرية ولاية الفقيه فيما بعد[62]، ثم وكنوع من التصديق على نتيجة بحثه بالمقدمات الثلاثة السابقة استشهد بالروايات المختلفة التي تثبت الولاية العامة للفقيه من تراث أهل البيت (ع)[63].
مراحل تطور ولاية الفقيه العامة
بالرغم من اقتران ولاية الفقيه باسم الإمام الخميني باعتباره الفقيه، الذي أخرجها من بطون الكتب وقاعات الدرس إلى الواقع العملي، إلا أنها كانت مطروحة من قبل من خلال اجتهادات أبرز المفكرين في إدارة شؤون الأمة في زمن الغيبة ونحاول ذكر سياق تطورها:
المحقق الكركي: لقد طرح المحقق الكركي[64] آراء مهمة وأساسية في جوهر نظرية ولاية الفقيه التي أسست لشرعية تدخّل نائب الإمام في زمن الغيبة في السلطة والحكم؛ وأهمها نظرته لصلاحيات النائب الواسعة التي تتجلى في حقه بإصدار الأحكام ووجوب إطاعة تنفيذها.
وسعى إلى تطبيقها بعدما تهيأت الظروف المناسبة لذلك. فقد كان له نفوذ في الدولة الصفوية التي تأسست في إيران على يد الشاه إسماعيل الصفوي عندما اتخذت من المذهب الإمامي مذهبًا رسميًّا للبلاد. وبعد انتقال الحكم للشاه طهماسب (ابن الشاه إسماعيل)، جعل من المحقق الكركي شريكًا له في الحكم لاعتباره نائب الإمام.
وهكذا يكون قد انتقل إليه الحكم فعليًّا وعمليًّا، وقد اعتبرت طاعته إلزامية ويُحرّم مخالفة أحكامه.
ويقول المحقق الكركي في هذا الصدد: “اتفق أصحابنا رضوان الله عليهم على أنّ الفقيه العدل الإمامي الجامع لشرائط الفتوى، المعبّر عنه بالمجتهد في الأحكام الشرعية، نائب من قبل أئمة الهدى صلوات الله وسلامه عليهم في حال الغيبة في جميع ما للنيابة فيه مدخل…”. وهنا كان أول توسيع صلاحيات الفقيه/نائب الإمام ضمن النيابة العامة لتشمل صلاحيات في الحكم والسياسة.
الشيخ أحمد النراقي: يُعتبر من أهم الفقهاء الذين تحدثوا عن صلاحيات الفقيه الواسعة ضمن كتابه “عوائد الأيام”. حيث أجاز للفقيه التدخل بالحكم، وكان أول من وضع مصطلح “ولاية الفقيه” بهذا التركيب الذي استمر استخدامه منذ ذلك الحين.
ويقول في هذا السياق:
“أما الفقيه، فقد ورد في حقه ما ورد في الأوصاف الجميلة والمزايا الجليلة، وهي كافية في دلالتها على كونه منصوبًا منه إن بعد ثبوت جواز التولي له، وعدم إمكان القول بأنه يمكن ألا يكون لهذا الأمر من يقوم به، ولا متولّ له، نقول: إنّ كلّ ما يمكن أن يكون وليًّا ومتوليًّا لذلك الأمر ويحتمل ثبوت الولاية له، يدخل فيه الفقيه قطعًا”. وهذه إشارة واضحة أنه يمكن للفقيه القيام بوظائف واسعة وله حق التصرف.
ويقول (رحمه الله): “إن كل فعل متعلق بأمور العباد في دينهم أو دنياهم، ولا بدّ من الإتيان به، ولا مفر منه إما عقلًا أو عادة، من جهة توقف أمور المعاد أو المعاش لواحد أو جماعة عليه، وإناطة انتظام أمور الدين أو الدنيا به، أو شرعًا من جهة ورود أمر به، أو إجماع، أو نفي ضرر، أو إحراز، أو عسر أو حرج، أو فساد على مسلم، أو دليل آخر، أو ورد الإذن فيه من الشارع ولم يجعل وظيفة لمعين واحد أو جماعة فيه، فهو وظيفة الفقيه، وله النصر فيه والإتيان به”[65].
ويقول (رحمه الله): “ولاية الاجتهاد.. حق ثابت من الله ومن حججه للمجتهد”، ولهذا لا بدّ “من وجوب الرجوع إليهم”؛ أي للفقهاء[66].
الميرزا النائيني: يقول: “إن الحاكم الظالم الذي لا يقيد بدستور أو مجلس شعبي (برلمان) يغتصب أمرين معًا في آن واحد، حق الإمام الغائب وحرية الناس، كما الحاكم الذي يقيد بدستور ومجلس الشعب فهو يغتصب حق الإمام وحده بينما يؤمن حريات الناس، ولهذا يجب أن يظل حكمه هو المفضل طالما أن غيبة الإمام مستمرة”[67].
تم جمعها كلها مع اثني عشر بحثًا فقهيًّا آخر لأعاظم فقهاء مذهب أهل البيت (ع) في كتاب اسمه (رسائل في ولاية الفقيه) شملت: عوائد الأيام للنراقي، العناوين الفقهية للسيد المراغي، النبيه في وظائف الفقيه، خزائن الأحكام، ينابيع الولاية، مناط الأحكام، رسالة في الولايات، ولاية الفقيه، بلغة الفقيه للسيد محمد مهدي بحر العلوم، بحث في ولاية حاكم الفقيه، ولاية الفقيه، الهداية إلى من له الولاية للكلبيكاني.
الإمام روح الله الخميني: يُعد الإمام الخميني واضع الأسس للحكومة الإسلامية التي يرشدها ولي الفقيه، وهو الذي طبقها فعليًّا بعد انتصار الثورة الإسلامية في إيران في العام 1979. حيث نتج عنها تحويل النظام الإيراني من نظام ملكي يحكمها الشاه محمد رضا البهلوي إلى جمهورية إسلامية بقيادة الإمام الخميني عبر الاستفتاء.
ويقول الإمام الخميني حول ولاية الفقيه في كتابه “الحكومة الإسلامية”: “وإذا نهض بأمر تشكيل الحكومة فقيه عالم عادل، أنه يلي من أمور المجتمع ما كان يليه النبي محمد (ص) منهم، ووجب على الناس أن يسمعوا له ويطيعوا”.
بحيث يعتبر أنّ للفقيه من ناحية الوظائف العملية صلاحيات مفوضة في زمن الغيبة مماثلة للصلاحيات التي كانت مفوضة للنبي والأئمة. فهو يعتبر أنّ لولي الفقيه الدور الأبرز في الحكم والرعاية والسياسة، وسيتم تناول مباني نظرية السيد الخميني حول ولاية الفقيه بالتفصيل خلال الفقرات القادمة.
تطور الجهد التأصيلي لولاية الفقيه عند الإمام الخميني
بدأ الإمام الخميني في سنّه المبكرة (40 عامًا – سنة 1943م) تنظيره للحكومة الإسلامية في كتابه (كشف الأسرار)، وخصوصًا في المقالتين الثالثة والرابعة، اللتان ساق فيهما مجمل الأدلة النقلية على ثبوت ولاية الفقيه العامة، ابتداءً بتوقيع صاحب الأمر (عج)، ورواية “اللهم ارحم خلفائي”، ومقبولة عمر بن حنظلة، ورواية تحف العقول وغيرها[68].
وحسب السيد محمد الموسوي الغريفي[69]، لم تكن اقتراحات الإمام الخميني آنذاك خالصة حسب رأيه فيما ينبغي أن يكون، ولكنه وبسبب الظروف السياسية التي كانت تحكم البلاد اضطر أن يجمع بين مبدأ ولاية الفقيه وقانون المشروطة[70] فيما سماه بـ (مجلس المؤسسين)، الذي يتكون من مجموعة من المجتهدين ويتولى مهمة الإشراف على السلطتين التنفيذية والتشريعية[71].
لاحقًا في عام 1953 وفي درس الإمام الخميني عندما تناول باب الاجتهاد والتقليد، وحسب تقريرات آية الله الشيخ جعفر السبحاني (تهذيب الأصول)[72]، وما ورد لاحقًا في كتاب الإمام (رسالة الاجتهاد والتقليد)[73]، تناول الإمام مناصب الفقيه وقسمها إلى 3 أقسام:
منصب الإفتاء.
منصب القضاء.
منصب الحكومة.
ثم جمع منصبي القضاء والحكومة في مبحث واحد لاشتراكهما في الأدلة، واستند في ذلك إلى صحيحة القداح، وصحيحة أبي خديجة، ومقبولة عمر بن حنظلة، وغيرهم. وسنتناولها بالتفصيل في هذا الفصل.
لاحقًا في عام 1964م ألّف الإمام باللغة العربية أثناء نفيه في تركيا كتاب (تحرير الوسيلة)، الذي طبع للمرة الأولى بالنجف الأشرف في نفس العام، وتضمّن أحكام سياسية حول ولاية الفقيه وغيرها، منها ما أورده في ختام كتاب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر على سبيل المثال: “في عصر غيبة وليّ الأمر وسلطان العصر (عج) كان نوّابه العامة [العامين]، وهم الفقهاء الجامعون لشرائط الفتوى والقضاء قائمين مقامه في إجراء السياسات وسائر ما للإمام (ع) إلا البدء بالجهاد”[74].
لاحقًا في عام 1969م بادر السيد الإمام إلى تدريس مبحثي الحكومة الإسلامية، وولاية الفقيه على جمع من علماء وفضلاء حوزة النجف في 13 حلقة درسية، جمعت وطبعت لاحقًا تحت عنوان: (ولاية الفقيه)، التي انطلق فيها من قواعد عقلية تقضي بضرورة إقامة حكومة لكل مجتمع، ثم بيّن بالحصر العقلي أنواع الحكومات الممكنة، وأثبت أن الحكومة الإسلامية على رأسها الفقيه هي الأفضل والأنسب لمجتمعنا الإسلامي التي تنحصر الحاكمية فيها والشرعية لله تعالى وللقوانين الإلهية، ثم بيّن شرائط الحاكم والعنوان المناسب له وكيفية تعيينه، وما هي وظائفه؟ وذهب إلى حرمة ترك المجتمع في حالة فوضى، أو السماح بتولي حكام الجور.
لاحقًا في 1976 انتهى الإمام من تأليف كتابه في الفقه الاستدلالي (البيع)، الذي تناول فيه مبحث ولاية الفقيه في 60 صفحة ضمن مبحث (أولياء الصبي) تبعًا لترتيب الشيخ الأنصاري في المكاسب، وإن كان البحث عن ولاية الفقيه في هذا المؤلف أقل من ناحية الاستدلال الفقهي والتفريع من سابقه في (الحكومة الإسلامية)، إلا أنه تميّز بالتطويل والتمحيص في جانب إثبات الأدلة النقلية المثبتة لولاية الفقيه من ناحية تناول الألفاظ بالمتن، ومباحث علم الرجال بالسند، والجمع بين الروايات حسب القواعد الأصولية المعروفة.
وطبقًا لجعفر بيشه فرد أن بحثه في هذا الكتاب كان وصل إلى تمام التفصيل، الذي يظهر عدم وجود أي إثنينيّة أو ترديد في المطلب[75].
الأدلّة العقلية للولاية العامة للفقيه عند الإمام الخميني
توزّع استدلال الإمام الخميني على ضرورة ولاية الفقيه في مؤلفاته الرئيسية على مرحلتين:
المرحلة الأولى: استدلاله أن الحكومة الإسلامية جزء من الولاية.
المرحلة الثانية: استدلاله على ضرورة الحكومة الإسلامية بإثني عشر دليلًا توزعت في كتابيه (البيع)، و(الحكومة الإسلامية)، وهي كالتالي:
أن وجود قانون مدوّن وحده غير كافي لإصلاح المجتمع مهما كان هذا القانون مفصّلًا، فنشأت ضرورة وجود سلطة تنفيذية مؤمنة بمبادئ الإسلام.
أن رسول الله (ص) عيّن حاكمًا من بعده بأمر الله تعالى، وكانت طريقته في تنصيب الحاكم هي التنصيب المباشر ولم يترك الأمر للناس.
بدون الحكومة الإسلامية تلزم الفوضى، ويتفشى الفساد الاجتماعي والعقائدي والأخلاقي.
ضرورة استمرار تنفيذ الأحكام التي استلزمت تشكيل حكومة النبي الأكرم، وهي ليست محصورة ومحدودة بزمانه، بل مستمرة بعد ارتحاله (ص).
ماهية أحكام الشرع في عدة مواضع وكيفيّة صياغتها تدلُّ على أنها خرجت لتشكل مجموعة قوانين عامة إسلامية، ولتكوين دولة، ولأجل الإدارة السياسية والاقتصادية والثقافية للمجتمع.
ضرورة الثورة السياسية؛ لأن الشرع والعقل يحكمان بأننا لا نسمح باستمرار حكومات معادية للإسلام والعدالة والقيم الإنسانية والفطرية، فكل نظام غير إسلامي يحمل شركًا بداخله، ونحن مكلفون أولًا: بمحاربة الطاغوت. وثانيًا: بتصفية الشرك من مجتمعاتنا الإسلامية.
ضرورة الوحدة الإسلامية، ولكي نحقق الوحدة والحريّة للشعوب الإسلامية، فيجب إسقاط الحكومات الظالمة والعميلة، ومن ثم ملء الفراغ بحكومات عادلة مسلمة وإسلامية تكون في خدمة الناس.
ضرورة إنقاذ المستضعفين والمظلومين والمحرومين؛ فإنها وظيفة علماء الإسلام بالدرجة الأولى، ومن ثم جميع المسلمين، أن ينهوا عن الظلم، وأن يسقطوا في سبيل هذا الحكومات الظالمة، ويقيموا الحكومة الإسلامية.
ضرورة حفظ ثغور المسلمين عن التهجم، وبلادهم عن غلبة المعتدين هو أمر واجب عقلًا وشرعًا، ولا يمكن ذلك إلا بتشكيل حكومة، ولا يعقل ترك ذلك من الحكيم الصانع.
الحكومة الإسلامية أوضح مصاديق الأمور الحسبية؛ لأن حفظ النظام وسدّ الثغور وحفظ الأرواح من الانحراف عن دين الحق ومنع الدعايات المضادة للإسلام ونحوها من أوضح الحسبيات، ولا يمكن الوصول إليها بدون تشكيل حكومة عادلة إسلامية.
ما هو دليل على الإمامة بعينه دليل على لزوم تشكيل حكومة في عصر الغيبة، فلا يقول عاقل أن البارئ الحكيم يهمل الأمة الإسلامية ولا يعيّن تكليف لها، أو أن يرضى بالهرج والمرج واختلال النظام، ولم يأت -تعالى- بشرعٍ قاطعٍ للعذر لئلا تكون للناس عليه -تعالى- حجة.
وما ذكرناه هو من واضحات العقل، فإن لزوم الحكومة لبسط العدالة والتعليم والتربية وحفظ النظام ورفع الظلم وسد الثغور ومنع تجاوز الأجانب من أوضح أحكام العقول بغير فرق بين عصر وعصر، أو مصر ومصر.
الأدلة النقلية على ولاية الفقيه عند الإمام الخميني
استدلّ الإمام الخميني على الولاية العامة المطلقة للفقيه من 12 رواية[76]، تناولها بالتحليل، واستنتج من هذه الروايات بأن للفقيه ولاية عامة التي بمعنى (الزعامة السياسية). حيث قال في النتيجة: “فتحصّل مما مرّ ثبوت الولاية للفقهاء من قبل المعصومين (ع) في جميع ما ثبت لهم الولاية فيه من جهة كونهم سلطانًا على الأمة”[77]، مع توضيح أن الولاية المطلقة للفقيه لا تشمل المسائل الشخصية غير المتصلة بالمصلحة العامة وأمور الحكومة وإدارة البلاد، فهي أساسًا خارجة عن الولاية من الأصل[78].
سار الإمام الخميني (قده) على نهج الفقهاء السابقين أمثال أبو صلاح الحلبي في الكافي[79]، والنراقي في عوائد الأيام[80]، والأنصاري في المكاسب[81]، وباقي الفقهاء الذين اتبعوهم في الاستدلال بالأحاديث الشريفة على ولاية الفقيه المطلقة، وهي كالتالي:
الحديث الأول: اللهم أرحم خلفائي….
قال رسول الله (ص): “اللهم ارحم خلفائي، قيل: يا رسول الله ومن خلفاؤك؟ قال: الذين يأتون من بعدي يروون عني حديثي وسنتي فيعلّمونها الناس من بعدي”[82].
الإمام الخميني (قده) يرى بأن المراد من الخلافة هي؛ خلافة رسول الله (ص) في جميع ما له إلّا أن يدل دليل على إخراجه فيتبع، والقدر المتيقن منها هي خلافته في (الولاية والحكومة) التي هي ولاية الفقيه على تصوره.
ولا معنى أن تكون الخلافة في نقل الرواية والسنة؛ لأن رسول الله (ص) لم يكن راويًا لرواياته حتى يكون الخليفة قائمًا مقامه في ذلك، حيث قال: “وكيف كان معنى الخلافة عن رسول الله (ص) أمر معهود عن أول الإسلام، ليس فيه إبهام. والخلافة لو لم تكن ظاهرة في الولاية والحكومة فلا أقلّ من أنها القدر المتقين منها.
وقوله (ص): “الذين يأتون من بعدي” معرّف للخلفاء لا محدّد لمعناها، وهو واضح، مع أن الخلافة لنقل الرواية والسنة لا معنى لها؛ لأن رسول الله (ص) لم يكن راويًا لرواياته حتى يكون الخليفة قائمًا مقامه في ذلك. فيظهر من الرواية أن للعلماء جميع ما له (ص) إلّا أن يدل دليل على إخراجه فيتبع”[83].
الحديث الثاني: العلماء ورثة الأنبياء….
عن القداح عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): “من سلك طريقًا يطلب فيه علمًا، سلك الله به طريقًا إلى الجنة. وإن الملائكة لتضع أجنحتها لطالب العلم رضًا به. وإنه يستغفر لطالب العلم من في السماء ومن في الأرض، حتى الحوت في البحر.
وفضل العالم على العابد كفضل القمر على ساير النجوم ليلة البدر. وإن العلماء ورثة الأنبياء. إن الأنبياء لم يورِّثوا دينارًا ولا درهمًا، ولكن ورَّثوا العلم. فمن أخذ منه أخذ بحظ وافر”[84].
وقريب منها رواية أبي البختري، عن أبي عبد الله (ص) قال: “إن العلماء ورثة الأنبياء. وذاك أن الأنبياء لم يورِّثوا درهمًا ولا دينارًا، وإنما أورثوا أحاديث من أحاديثهم. فمن أخذ بشيء منها فقد أخذ حظًّا وافرًا. فانظروا علمكم هذا عمَّن تأخذونه. فإن فينا أهل البيت في كل خلف عدولًا ينفون عنه تحريف الغالين، وانتحال المبطلين، وتأويل الجاهلين”[85].
الإمام الخميني (قده) يرى ولاية الفقيه التي هي الحكومة والإمارة (الزعامة السياسية) ورثها الفقهاء عن الأنبياء، كالوراثة في الحكم الملكي. ويرفض تفسير الرواية بأن الرسول الأكرم (ص) لم يورث شيئًا سوى العلم، وأن أمر الولاية والخلافة ليس إرثًا، بل يستدل على ذلك بقول رسول الله (ص): علي وارثي، أي خليفتي، وأحاديث أخرى.
حيث قال: “إن مقتضى كون الفقهاء ورثة الأنبياء ـ ومنهم رسول الله (ص) وسائر المرسلين الذين لهم الولاية العامة على الخلقةـ انتقال كل ما كان إليهم إلا ما ثبت أنه غير ممكن الانتقال، ولا شبهة في أن الولاية قابلة الانتقال كالسلطنة التي كانت عند أهل الجور موروثة خلفًا عن سلف … ومن الضروري أن هذا أمر قابل للانتقال والتوريث، ويشهد له ما في نهج البلاغة: “أرى تراثي نهبًا”[86]. فعليه تكون الولاية؛ أي كونه أولى بالمؤمنين من أنفسهم فيما يرجع إلى الحكومة والإمارة منتقلة إلى الفقهاء”[87].
الحديث الثالث: مجاري الأمور والأحكام ….
في تحف العقول عن سيد الشهداء عن أمير المؤمنين (ع) وفيها: “مجاري الأمور والأحكام على أيدي العلماء بالله الأمناء على حلاله وحرامه”[88].
الإمام الخميني يرى بأن الرواية من أولها إلى آخرها تخاطب العلماء، وليس هناك أية خصوصية تستدعي أن يكون المراد بالعلماء الأئمة (ع)، وأن مجرى أحكام الإسلام وأموره على أيديهم، لما لهم من ولاية عامة في إسقاط الحكومة الجائرة، وإقامة الحكومة الإسلامية.
حيث قال: “ويتحصل من هذه الرواية أمران مهمان: الأول: “ولاية الفقيه”، والثاني: أنه يجب على الفقهاء أن يفضحوا الحكام الجائرين، ويوقظوا الناس من خلال جهادهم وأمرهم بالمعروف ونهيهم عن المنكر، حتى تقوم الجماهير الواعية من خلال نهضتها الشاملة بإسقاط الحكومة الجائرة، وإقامة الحكومة الإسلامية… فإن الرواية من أولها إلى آخرها تخاطب العلماء، وليس هناك أية خصوصية تستدعي أن يكون المراد بالعلماء الأئمة (ع)… إن العلماء الأمناء على حلال الله وحرامه، والحائزين لخصلتي العلم والعدالة اللتين ذكرناهما فيما مضى، لو طبقوا الأحكام الإلهية، وأقاموا الحدود، وكان مجرى أحكام الإسلام وأموره على أيديهم، لما بقي الشعب جائعًا وعاجزًا، ولما تعطلت أحكام الإسلام”[89].
الحديث الرابع: وأما الحوادث الواقعة ….
عن إسحاق بن يعقوب، قال: “سألت محمد بن عثمان العمري أن يوصل لي كتابًا قد سألت فيه عن مسائل أشكلت عليّ، فورد التوقيع بخط مولانا صاحب الزمان (ع): أما ما سألت عنه أرشدك الله وثبّتك ـ إلى أن قال ـ وأما الحوادث الواقعة فارجعوا فيها إلى رواة حديثنا، فإنهم حجتي عليكم، وأنا حجة الله”[90].
الإمام الخميني (قده) يرى بأنه ليس المقصود “بالحوادث الواقعة” المذكورة في هذه الرواية المسائل والأحكام الشرعية، بل هي الحوادث الاجتماعية المستجدة والمشاكل التي تواجه المسلمين. والفقهاء هم حجة على الناس من قبل الإمام (ع) وكل من يتخلف عنهم في أمر الحكومة، وإدارة أمور المسلمين، سوف يحتج الله تعالى عليه.
حيث قال: “فالمقصود “بالحوادث الواقعة” هي الحوادث الاجتماعية المستجدة والمشاكل التي تواجه المسلمين. كان سؤاله بشكل عام، وبنحو مموَّه أنه: نحن الآن لا نستطيع الوصول إليك، فماذا يجب أن نفعل اتجاه المستجدات الاجتماعية؟ وما هو التكليف؟
أو أنه ذكر بعض الحوادث وسأل أنه: لمن نرجع في هذه الحوادث؟ والذي يبدو في النظر أنه قد سأل بشكل عام، والإمام أجابه طبق السؤال أنه في الحوادث والمشاكل ارجعوا إلى رواة أحاديثنا ـ أي الفقهاء ـ فهؤلاء حجتي عليكم وأنا حجة الله.
فقهاء الإسلام اليوم حجة على الناس كما كان رسول الله (ص) حجة الله، وجميع الأمور بيده، وكل من تخلف عنه تقام الحجة عليه. فالفقهاء حجة على الناس من قبل الإمام (ع) وجميع الأمور، وكل مسائل المسلمين موكولة إليهم. وكل من يتخلف عنهم في أمر الحكومة، وإدارة أمور المسلمين، وأخذ الواردات العامة وصرفها، فسوف يحتج الله تعالى عليه. ليس هناك أي إشكال حول دلالة الرواية التي ذكرناها”[91].
الحديث الخامس: فإني قد جعلته عليكم حاكمًا…
مقبولة عمر بن حنظلة قال: “سألت أبا عبد الله (ع) عن رجلين من أصحابنا بينهما منازعة في دين أو ميراث فتحاكما إلى السلطان أو إلى القضاة، أيحل ذلك؟ قال: من تحاكم إليهم في حق أو باطل فإنما تحاكم إلى الطاغوت، وما يحكم له فإنما يأخذ سحتًا وإن كان حقًّا ثابتًا له؛ لأنه أخذه بحكم الطاغوت، وقد أمر الله أن يكفر به، قال تعالى: ﴿يُرِيدُونَ أَن يَتَحَاكَمُواْ إلى الطَّاغُوتِ وَقَدْ أُمِرُواْ أَن يَكْفُرُواْ بِهِ﴾[92]، قلت: فكيف يصنعان؟ قال: ينظران من كان منكم ممن قد روى حديثنا ونظر في حلالنا وحرامنا وعرف أحكامنا فليرضوا به حكمًا، فإني قد جعلته عليكم حاكمًا، فإذا حكم بحكمنا فلن يقبل منه فإنما استخف بحكم الله وعلينا رادّ، والراد علينا كالراد على الله، وهو على حدّ الشرك بالله”[93].
الإمام الخميني (قده) يرى بأن الإمام الصادق (ع) كما نهى عن مراجعة قضاة الجور، كذلك نهى عن مراجعة باقي المسؤولين التنفيذيين والحكوميين بشكل عام من أجل تعطيلها. والدليل واحد في الجميع وهو الآية الشريفة. وفي المقابل نصب الفقهاء لإدارة جميع هذه الأمور القضاء والحكومة معًا.
وإنما قال الإمام (ع) “حاكمًا” لكيلا يتوهم البعض أن الأمر مختص بالمسائل القضائية، ولا يشمل سائر أمور الحكم والدولة حيث قال: “كما يتحصل من صدر وذيل هذه الرواية، ومن استشهاد الإمام (ع) بالآية الشريفة، فإن موضوع السؤال كان حكمًا عامًّا، كما أن الإمام (ع) قد بين التكليف العام. وقد ذكرت الرجوع في الدعاوي الحقوقية والجزائية إلى القضاة، وإلى المسؤولين التنفيذيين والحكوميين بشكل عام….
ففي هذه الرواية يُسأل الإمام (ع) عن جواز الرجوع إلى سلاطين الجور وقضاتهم. ويجيب الإمام (ع) بالنهي عن الرجوع إلى دوائر الحكومات غير الشرعية، سواء التنفيذية أو القضائية. ويقول بأنه على الشعب المسلم ألا يرجع في أموره إلى سلاطين وحكام الجور والقضاة العاملين لديهم، حتى لو كان حق الشخص المراجع ثابتًا، ويريد الرجوع لإحقاقه وتحصيله…
فالإمام الصادق (ع) أيضًا بما أنه “ولي الأمر” المطلق، وله الولاية على جميع العلماء والفقهاء والناس، فهو يستطيع أن يعيّن الحكام والقضاة لزمان حياته، ولما بعد مماته. وقد قام بذلك وجعل هذا المنصب للفقهاء. وإنما قال “حاكمًا” لكيلا يتوهم البعض أن الأمر مختص بالمسائل القضائية، ولا يشمل سائر أمور الحكم والدولة”[94].
الحديث السادس: فإني قد جعلته عليكم قاضيًا…
عن أبي خديجة قال: بعثني أبو عبد الله (ع) إلى أصحابنا فقال: “قل لهم: إياكم إذا وقعت بينكم خصومة، أو تدارى في شيء من الأخذ والعطاء أن تحاكموا إلى أحد من هؤلاء الفساق. اجعلوا بينكم رجلًا قد عرف حلالنا وحرامنا؛ فإني قد جعلته عليكم قاضيًا. وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضًا إلى السلطان الجائر”[95].
بينما الإمام الخميني (قده) يرى بأن الرواية تحتوي على قسمين؛ الأول النهي عن مراجعة القضاة في المنازعات. والثاني النهي عن مراجعة السلطان الجائر في الأمور ذات العلاقة بالسلطة التنفيذية. وفي المقابل نصب الفقهاء في هذه الرواية لمنصب القضاء فقط.
بينما في رواية عمر بن حنظلة جعل لهم منصب القضاء والرئاسة معًا. حيث قال: “ويقول (ع) في ذيل الحديث: “وإياكم أن يخاصم بعضكم بعضًا إلى السلطان الجائر”؛ أي لا ترجعوا في الأمور ذات العلاقة بالسلطة التنفيذية إلى هؤلاء الحكام غير الشرعيين… لكن بالالتفات إلى أنه قد نهى قبل ذلك عن الرجوع إلى قضاة الجور، يتضح أن المراد بهذا النهي فريق آخر، وهم السلطة التنفيذية.
والجملة الأخيرة بالطبع ليست تكرارًا للكلام السابق، أي النهي عن الرجوع إلى الفساق؛ وذلك لأنه قد نهى أولًا عن الرجوع إلى القاضي الفاسق في الأمور المتعلقة به من التحقيق، وإقامة البيّنة، وأمثال ذلك… لقد جعل الإمام (ع) منصب القضاء في حياته للفقهاء ـ وفقًا لهذه الرواية ـ بينما جعل لهم منصب القضاء والرئاسة وفقًا لرواية عمر بن حنظلة”[96].
الحديث السابع: منزلة الفقيه في هذا الوقت…
ورد في الفقه الرضوي: “منزلة الفقيه في هذا الوقت كمنزلة الأنبياء من بني إسرائيل”[97].
الإمام الخميني يرى بأن التنزيل من جهة أمر الحكومة والولاية على الناس؛ لأن نبي الله موسى (ع) وكثيرًا من الأنبياء كان لهم الولاية على بني إسرائيل، وهذه الجهة منزلة للفقهاء في الإسلام.
حيث قال: “من المعلوم أن موسى (ع) كان من أنبياء بني إسرائيل أيضًا، وأن كل ما هو للرسول (ص) فقد كان للنبي موسى (ع) أيضًا ـ طبعًا مع الاختلاف في الرتبة والمقام والمنزلة ـ وبناءً عليه فنحن نفهم من عموم “المنزلة” في الرواية أن ما كان للنبي موسى (ع) من أمر الحكومة والولاية على الناس فهو للفقهاء أيضًا”[98].
الحديث الثامن: بأن السلطان ولي من لا ولي له
روي عن النبي (ص) قوله: “السلطان ولي من لا والي له”[99].
الإمام الخميني يعتبرها شاهدًا ومؤيدًا بعد ثبوت كون الفقهاء ولاة، والمراد بالسلطان هو العادل. حيث قال: “وبعد ثبوت كونهم ولاة لا مانع من التمسك بما روي عن النبي (ص) في كتب العامة والخاصة على ما قيل من أنه قال: “السلطان ولي من لا والي له”. ومعلوم أن المراد السلطان العادل، ولو كان فيه إطلاق يقيد بما مضى”[100].
الحديث التاسع: اتقوا الحكومة …
عن أبي عبد الله (ع): “اتقوا الحكومة، فإن الحكومة إنما هي للإمام العالم بالقضاء العادل في المسلمين لنبي أو وصي نبي”[101].
الإمام الخميني (قده) استنتج منها بأن الفقيه وصي للرسول (ص)، ويكون في عصر الغيبة إمام المسلمين ورئيسهم، ويجب أن يكون هو القاضي، ولا حق لغيره في القضاء والحكم، حيث قال: “تلاحظ هنا أن من يريد أن يحكم (يقضي) فيجب أن يكون أولًا إمامًا؛ والإمام هنا بالمعنى اللغوي، الذي هو الرئيس والقائد، لا بالمعنى الاصطلاحي.
ولذا اعتبر النبي إمامًا أيضًا. ولو كان المراد الإمام بالمعنى الاصطلاحي لكان التقييد “بالعالم”، “والعادل” تقييدًا بأمر زائد … وقد حصر عندها الإمام (ع) وجود هذه الشروط في نبي أو وصي نبي. وبما أن الفقهاء ليسوا أنبياء، فهم إذن أوصياء للنبي أي خلفاؤه. بناءً على هذا يتضح ذلك المجهول من هذا المعلوم، فيكون الفقيه وصيًّا للرسول الأكرم (ص)، ويكون في عصر الغيبة إمام المسلمين ورئيس الأمة، ويجب أن يكون هو القاضي، ولا حق لغيره في القضاء والحكم”[102].
الحديث العاشر: الفقهاء أمناء الرسل….
موثقة السكوني عن أبي عبد الله (ع) قال: قال رسول الله (ص): “الفقهاء أمناء الرسل ما لم يدخلوا في الدنيا، قيل: يا رسول الله وما دخولهم في الدنيا؟ قال: اتباع السلطان، فإذا فعلوا ذلك فاحذروهم على دينكم”[103].
الإمام الخميني (قده) لا يقبل بأن المراد من (الفقهاء أمناء الرسل) أن الفقهاء أمناء في بيان الأحكام فقط، بل تعني أن الفقهاء العدول مكلفون ومأمورون بالقيام بجميع الأمور التي كانت في عهدة الأنبياء، وأهمها إجراء جميع القوانين ذات العلاقة بالحكومة، حيث قال: “إن هدف بعثة الأنبياء وعملهم لا ينحصر بحسب حكم العقل وضرورة الأديان بمجرد بيان المسائل والأحكام.
فلم ينصب الله تعالى الرسول(ص) ومن بعده الأئمة (ع) لمجرد نقل الأحكام والمسائل وبيانها للناس بأمانة، ومن ثم قاموا هم (ع) بإيكال هذه الأمانة للفقهاء، لينقلوا بدورهم الأحكام التي أخذوها من الأنبياء بأمانة، فيكون معنى “الفقهاء أمناء الرسل” أن الفقهاء أمناء في بيان الأحكام (فهذا ليس صحيحًا) … بناءً على هذا “فالفقهاء أمناء الرسل”؛ تعني أن الفقهاء العدول مكلفون ومأمورون بالقيام بجميع الأمور التي كانت في عهدة الأنبياء …”[104].
الحديث الحادي عشر: الفقهاء حصون الإسلام…
عن علي بن أبي حمزة، قال: سمعت أبا الحسن موسى بن جعفر (ع) يقول: “إذا مات المؤمن بكت عليه الملائكة، وبقاع الأرض التي كان يعبد الله عليها، وأبواب السماء التي كان يصعد فيها بأعماله، وثلم في الإسلام ثلمة لا يسدها شيء؛ لأن المؤمنين الفقهاء حصون الإسلام كحصن المدينة لها”[105].
الإمام الخميني (قده) لا يقبل بأن المراد من (الفقهاء حصون الإسلام) هو بيانهم للأحكام فقط، بل تعني أن الفقهاء مكلفون بالحفاظ على الإسلام، وبأن يهيئوا الأرضية للتمكن من المحافظة على الإسلام، كإقامة الحكومة الإسلامية، وتطبيق أحكام الإسلام.
حيث قال: “… فلو كان الفقيه جليس بيته ولم يتدخل في أمر من الأمور، فلا هو حفظ قوانين الإسلام، ولا نشر أحكامه، ولا تدخل في الأمور الاجتماعية للمسلمين، ولا اهتم بأمورهم، فهل يوصف بأنه “حصن الإسلام؟”، أو حافظ الإسلام؟ … عندما يقولون “الفقهاء حصون الإسلام”؛ فهذا يعني أنهم مكلفون بالحفاظ على الإسلام، وبأن يهيئوا الأرضية للتمكن من المحافظة على الإسلام. وهذا من أهم الواجبات، وهو من الواجبات المطلقة لا المشروطة”[106].
الحديث الثاني عشر: يا شريح، قد جلست مجلسًا ….
عن أبي عبد الله (ع) قال: قال أمير المؤمنين صلوات الله عليه لشريح: “يا شريح، قد جلست مجلسًا لا يجلسه إلا نبي أو وصي نبي أو شقي”[107].
الإمام الخميني (قده) يستنتج من الرواية أن الفقهاء هم أوصياء الدرجة الثانية للرسول الأكرم (ص)، وأن الأمور التي أوكلت للأئمة (ع) من جانب الرسول (ص) ثابتة لهم أيضًا، منها الولاية العامة في إقامة الحكومة الإسلامية.
حيث قال: “يستفاد من الرواية أن تولي منصب القضاء هو إما للنبي (ص) أو للوصي، ولا خلاف في أن الفقهاء العدول منصبون للقضاء بتعيين من الأئمة (ع) وأن القضاء من مناصبهم … وحيث إن الفقهاء لا يمتلكون مقام النبوة، ولا شك في أنهم ليسوا مصداق “الشقي”، فيجب أن نقول بالضرورة أنهم أوصياء، أي خلفاء الرسول الأكرم (ص) … وعلى أية حال فنستنتج من الرواية أن الفقهاء هم أوصياء الدرجة الثانية للرسول الأكرم (ص)، وأن الأمور التي أوكلت للأئمة (ع) من جانب الرسول (ص) ثابتة لهم أيضًا، ويجب أن يقوموا بجميع أعمال رسول الله (ص) كما قام بها أمير المؤمنين (ع)”[108].
جهود تأصيل وتفريعات عن ولاية الفقيه العامة بعد الثورة الإسلامية
وممن كتب في ولاية الفقيه العامة بعد انتصار الثورة الإسلامية المرحوم آية الله المنتظري (رحمه الله) في كتابه “دراسات في ولاية الفقيه المطلقة”[109].
وإن كان تراجع في أواخر عمره من القول بالولاية المطلقة للفقيه إلى الدور “الإشرافي”، ولكن كتابه وإن لم يكن ذات عمق بحثي فلسفي نوعي، ولكنه كان على المستوى الكمّي ومستوى التتبع للأدلة شاملًا تقريبًا.
ومن هنا تظهر أهمية كتاب آخر عمل على التأسيس الفلسفي والتنظير الفقهي للفكرة هو كتاب “الولاية الإلهية الإسلامية” لسماحة آية الله محمد المؤمن القمي (قده) في ثلاثة أجزاء أهمها ما له علاقة بموضوع البحث هو الجزء الثالث، الذي تناول: ولاية الفقيه المطلقة في زمن غيبة الإمام المعصوم.
أما أهم من عَمِل على تفريع المطالب وتفصيل المباحث المتفرعة عن إثبات ولاية الفقيه العامة والمطلقة هو آية الله السيد محمد مهدي الموسوي الخلخالي في كتاب الحاكمية[110]، والتي يتعرض فيها لمراحل عشر في عصر الغيبة، والمقصود بالمراحل هو أنحاء الولاية: الولاية في الفتوى، الولاية في القضاء، الولاية على القصّر والأيتام، الولاية في الأمور الحسبية، .. والتي تم تناولها في الفصل السابق.
إضافة إلى مجموعة من الأبحاث تضمنت ما يمكن أن نسميه تأصيل فلسفي اجتماعي، أو تطوير وتقعيد وتنظيم إجرائي مثل: كتاب “ولاية الأمر في عصر الغيبة” لآية الله العظمى السيد كاظم الحسيني الحائري، الذي تطرق مثلًا إلى ما أسماه القيادة المركزية لشورى الفقهاء ومفهوم البيعة.
وكتاب “ولاية الفقيه في مذهب أهل البيت” للشيخ مفيد الفقيه، الذي تطرّق إلى بحوث وحدة الولي وتعدد الولاية، وكيفية جعل الولي الفقيه طبقًا للأعلمية ولمباني وإجراءات أخرى[111].
وهناك أبحاث متفرقة كتقريرات محاضرات ألقيت في سياق درس بحث الخارج في الحوزات العلمية مثل بحوث آية الله محسن الآراكي مقرر باسم (نظام سياسى اسلام) باللغة الفارسية، وأبحاث أخرى تناولت مسألة ولاية الفقيه ولكن في سياق نظرية شاملة للحكومة الإسلامية كما استظهرها الشيخ جعفر السبحاني في دورته التفسيرية والموضوعية للقرآن الكريم المعنونة بعنوان: (مفاهيم القرآن). ومحاضرات في ولاية الفقيه لسماحة آية الله الشيخ الخائفي من تقرير الشيخ فضيل الجزائري.
وهناك مجموعة من الكتب التثقيفية والتعريفية والكلامية عن موضوع ولاية الفقيه مثل كتاب “ولاية الأمر” لسماحة آية الله محمد مهدي الآصفي[112]، الذي بحث فيه تفرعات وجزئيات من ولاية الفقيه مثل: الولاية والطاعة والشورى والبيعة السياسية.
وكتاب “ولاية الفقيه ظل الحقيقة العظمى” للسيد عباس نور الدين[113]، وكتاب “الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه” لآية الله محمد تقي المصباح اليزدي[114]. وكتاب “ولاية الفقيه والقيادة في الإسلام” لآية الله عبد الله الجوادي الآملي (قده)[115].
الفصل الثالث
ولاية الفقيه في السياق الإجرائي والتنفيذي
اكتسبت فكرة ولاية الفقيه العامة المطلقة أهمية كبرى بعد أن تمّ تطبيقها على أرض الواقع وصبغت بصبغة دستورية[116]، وأصبحت الأساس الذي يقوم عليه نظام الحكم في إيران حتى وقت كتابة هذه الدراسة.
توسع هذا الاهتمام ليشمل أطرافًا دولية، حيث إن عمومية حكم الفقيه لا تتوقف عند حدود سايكس بيكو، في قبال خطاب فقهاء الدولة الذين يبنى خطابهم السياسي على صيانة (الشأن الداخلي) للقُطر، وهو أمر مخالف تمامًا لما يستندون إليه ويدعون للتمسك به من سلطان للفقه يسري حكمه على عامة المكلفين من دون اعتبار لحدود الجغرافيا للخطاب[117].
وبين التنظير لنجاح التجربة أو فشلها لم تعد ولاية الفقيه مجرد “نظرية” لها ما لها وعليها ما عليها، بل أصبحت شعار وراية ورمز للإسلام السياسي، ومؤشر على صلاحية التراث الإسلامي بما هو منظومة معرفية متكاملة، ودرس ديني، وقرون من التراكم المعرفي، وصحة ادعاء امتلاك الإجابة على أسئلة الواقع. بعد أن كانت “الدولة الإسلامية” (ككيان سياسي/اجتماعي) قاصرة على الثبوت في التراث الإسلامي بالاقتضاء كما كان يقول أغلب أصوليو الشيعة قبل 1979[118].
الحكومة الإسلامية
تبعًا لنظرية الإمام الخميني (قده) هناك سلطات ثلاث تتولى إدارة البلاد وهي: التشريعية والتنفيذية والقضائية.
ويرى (قده) أنّ الله وحده واضع العقد الاجتماعي ولا يحق لأحد من البشر أن يقترح قوانينًا لتنظيم المجتمع. أما من الناحية التنفيذية، يُقر الإمام أنه حتى يمكن لتلك القوانين أن تُنفذ فإن هذا ما يتطلب وجود سلطة تنفيذية يتولاها الحاكم الإسلامي تتمثل بالحكومة الإسلامية للإشراف على تطبيق هذه التشريعات المتفرعة عن العقد الاجتماعي الإلهي.
يقول الإمام الخميني (قده): “الحكومة الإسلامية هي حكومة القانون الإلهي للناس، والفارق الأساسي بين الحكومة الإسلامية والحكومة الدستورية [التعاقدية] والجمهورية، هو أن أعضاء هذه الأنظمة يخوضون في التشريع وسن القوانين، والحال أن ذلك يختص بالله، فالتقنين للشارع المقدس ولا يحق لغيره التشريع أبدًا”.
آلية تعيين ولي الفقيه في الدستور الإيراني
تناولت المادة الخامسة من الدستور الإيراني آلية تعيين الولي بالشكل التالي: “في زمن غيبة الإمام المهدي (عج)، تعتبر ولاية الأمة وإمامة الأمة في جمهورية إيران الإسلامية بيد الفقيه العادل المتقي البصير بأمور العصر، الشجاع القادر على الإدارة والتدبير ومن أقرت له أكثرية الأمة وقبلته قائدًا لها، وفي حال عدم إحراز أي فقيه لهذه الأكثرية فإنّ القائد أو مجلس القيادة المكون من الفقهاء الحائزين على الشروط المذكورة أعلاه يتولون هذه المسؤولية”.
ويقصد بهذه المادة أنّ مجلس خبراء القيادة يقومون بتعيين القائد، وإن لم يتم الاتفاق على قائد؛ يعملون على تعيين ثلاثة أو خمسة من جامعي شرائط القيادة ويعرفونهم إلى الشعب لاعتبارهم بأعضاء مجلس القيادة.
فالتعيين والإقالة يقرهما مجلس خبراء القيادة، الذي هو في الأساس منتخب من الشعب بعد البت بأهلية المرشحين لهذا المجلس عن طريق تصويت مجلس صيانة الدستور.
وهذا ما حدث بعد وفاة الإمام الخميني، حيث عين مجلس الخبراء السيد علي الخامنئي خلفًا له بعد إلغاء “شرط المرجعية”، الذي كان موضوعًا سابقًا؛ أي أصبح المرشد الأعلى للثورة الإسلامية في إيران 1989.
فمن المواد، التي جرى تعديلها في الدستور الإيراني لسنة 1989، هي عدم اشتراط المرجعية الدينية[119] في الولي الفقيه، حيث كان هذا الشرط يمثل صعوبة كبيرة، بسبب عدم توفر من تجتمع فيهم صفة المرجعية والكفاءة في القيادة معًا، بالإضافة إلى المؤهلات الأخرى،
ولقد عبّر عن هذا التوجه السيد الخميني بنفسه، بعد ما طلب منه أن يبين رأيه في عمل مجلس إعادة صياغة الدستور في الثلاثين من أبريل/نيسان من عام 1989 بقوله: “للإخوة أن يعملوا حسبما يرونه صالحًا، ولن أتدخّل في ذلك سوى مسألة القيادة، فإنه لا يسعنا ترك نظامنا الإسلامي دون زعيم، لقد كنت معتقدًا أو مصرًّا منذ البداية على عدم اشتراط المرجعية في القائد، فيكفي أن يكون القائد مجتهدًا عادلًا مؤيدًا من قبل مجلس الخبراء. إن الأمة ستكون موافقة على القائد الذي سينتخبه مجلس الخبراء، وذلك لأن الأمة، هي التي انتخبت مجلس الخبراء”[120].
شروط الولي الفقيه
طبقًا لدستور الجمهورية الإسلامية فهناك مجموعة من الشروط التي يجب توافرها بالحاكم الإسلامي [أي الولي الفقيه][121]:
أولًا: يجب على الحاكم الإسلامي أن يكون مسلمًا، وعاملًا بالشريعة الإسلامية، ولا يكفي أن يكون فقط مسلمًا، إنما أن يكون لديه علم وفقاهة وثقافة واسعة في الدين؛ أي أن يكون قد وصل إلى مرحلة الاجتهاد وألا يكون مقلّدًا لمرجع آخر.
ثانيًا: يفترض على الحاكم الإسلامي أن يكون عاقلًا؛ أي أنه يمتلك القدرات العقلية التي يحتاجها لتنظيم وإدارة المجتمع، وذلك لاتخاذ القرارات وتشخيص المصالح والمكاسب.
ثالثًا: على الحاكم الإسلامي أن يمتاز بالعدالة وذلك ليحكم بالعدل، وأن يكون قادرًا على الوقوف بوجه الظلم والطغيان.
رابعًا: يجب أن يمتاز الولي بحسن الإدارة والتدبير. وهذا يتطلب أن يكون لديه خبرة واسعة في الأمور الإدارية والسياسية ليتمكن من اتخاذ القرارات الصائبة، والنهوض بالأمة ومواجهة كافة التحديات. “وأن يمتلك، مضافًا إلى الخبرة بالأسس الإدارية والسياسية، علمًا بمقتضيات زمانه وعواقب الأمور، وتشخيص الأصدقاء من الأعداء…”.
وظائف الولي الفقيه – نموذج الدستور الإيراني
للحكم الإسلامي مجموعة من الوظائف التي عليه القيام بها والتي تختلف حدودها تبعًا لآراء الباحثين المؤيدين للولاية المطلقة أو الولاية الخاصة، حيث سيتم التطرق للفرق فيما بينهما خلال الفقرة التالية.
ولكن بشكل عام، تتجلى أبرز وظائف الولي فيما يلي:
– الوظائف الدينية: نشر المعرفة الإسلامية، وذلك ليتمكن من بناء مجتمع على تعاليم الإسلام يعرف فيه الشعب الحلال والحرام. ويكمن دوره بتهذيب النفوس، ونشر الأخلاقيات من خلال شرح المسائل الأخلاقية. بالإضافة إلى إقامة الواجبات الدينية وإحياء السنن وحفظ الشريعة بوجه الانحرافات.
– الوظائف الإدارية والاقتصادية: العمل على تنظيم الإدارات والمؤسسات العامة للمساهمة في عمران البلاد من خلال مختلف المجالات؛ أي خلق فرص عمل، زيادة الإنتاج، رفع النمو الاقتصادي، زيادة معدل التنمية.
– الوظائف القضائية والاجتماعية: العمل على تحقيق العدالة الاجتماعية والدفاع عن الحق ومواجهة الظلم وتأمين الرفاهية في المجتمع الإسلامي لشعبه وذلك لتوفير الأمن. ولا سيما دور الولي بإدارة الأموال وتحديد طرق صرفها.
– الوظائف السياسية والعسكرية: يلعب دور الولي من خلال تعزيز القدرات القتالية من خلال تدريب المجاهدين عسكريًّا وروحيًّا. كذلك لديه دور في العلاقات الدولية من خلال تحديد طبيعة العلاقة مع الدول الأخرى.
الولي الفقيه أو القائد بنص المادة (107) من الفصل الثامن في الدستور أيًّا كانت تسميته، هو أهم منصب في إيران بعد الثورة، لأنه القائد الأعلى بموجب الدستور الإيراني.
كما أنّ في المادة (110) من الدستور الإيراني، حدّدت مجموعة من الصلاحيات والوظائف للقائد السياسية التي تتجلى بالتعيينات في بعض المناصب والعزل منها، ولدوره في تشكيل بعض المجالس وإعلان الحرب والسلم والتعبئة العامة. وبعض هذه الوظائف والقرارات قد تبنى بالاستناد إلى اقتراحات من قبل الجهات المعنية.
ونصت المادة (110) من الدستور الإيراني صراحة على قيام القائد بالوظائف وتمتعه بالصلاحيات الآتية:
تعيين السياسات العامة.
الإشراف على حسن إجراء الانتخابات.
إصدار الأمر بالاستفتاء.
القيادة العامة للقوات المسلحة.
إعلان الحرب والسلام والنفير العام.
نصب وعزل وقبول استقالة كل من:
فقهاء مجلس صيانة الدستور.
أعلى مسؤول في السلطة القضائية.
رئيس مؤسسة الإذاعة والتلفزيون.
رئيس أركان القيادة المشتركة.
القائد العام لقوات حرس الثورة الإسلامية.
القيادة العليا للقوات المسلحة وقوى الأمن الداخلي.
حل الخلافات وتنظيم العلاقات بين السلطات الثلاث.
إمضاء حكم تنصيب رئيس الجمهورية بعد انتخابه من قبل الشعب.
عزل رئيس الجمهورية مع ملاحظة مصالح البلاد.
العفو أو التخفيف عن عقوبات المحكوم عليه، في إطار الموازين الإسلامية بعد اقتراح رئيس السلطة القضائية.
ويستطيع القائد أن يوكل شخص لأداء بعض وظائفه وصلاحياته[122].
وتميّز تنظير الإمام الخميني للولاية العامة المطلقة للفقيه بالأخذ في الاعتبار الاعتراضات التي أسس أصحابها وجهات نظرهم في نموذج الحكومة الإسلامية بناءً على الدعاية الغربية، فكتب الإمام الخميني ضمن شروط عمل الولي:
أن يعمل طبقًا لمصلحة المسلمين، التي يملك صلاحية تحديدها مجلس الخبراء ممن يناظرونه في المستوى العلمي ولهم صلاحية عزل الولي الفقيه إذا ثبت استبداده برأيه[123]، أو فساد رأيه أو عمله، أو مخالفة قوانين الإسلام[124]، أو اتباع الهوى والمصلحة الشخصية[125].
أن إعمال الولاية المطلقة للفقيه يحتاج إلى قبول الأغلبية الشعبية سواء بالبيعة للفقيه، أو بالانتخاب، وذلك من أجل إعلان استعداد الأمة للطاعة، لا من أجل إعطاء مشروعية للفقيه؛ لأن مشروعية الفقيه من الله تعالى، يقول السيد الإمام: “تولي أمور المسلمين وتشكيل الحكومة مرتبط بقبول أكثر المسلمين، وقد أشار إلى ذلك الدستور، وفي صدر الإسلام يعبّر عنه بالبيعة لوليّ المسلمين”[126].
تطوير صلاحيات الولي الفقيه في عهد الإمام السيد علي الخامنئي
كانت للسيد علي الخامنئي قراءة مختلفة على أرض الواقع عن القراءة النظرية للدستور، فأدخل تعديلات نحو مأسسة المنصب وتعزيز اتصاله الشعبي كان أهمها إقامة ثلاث شبكات متداخلة[127]:
الشبكة الأولى: فرض بها سلطته أولًا على أصحاب المناصب الرسمية في الدولة عن طريق تعيين ممثلين له في كافة المصالح الحكومية.
الشبكة الثانية: تحققت من خلال تشكيل سلاح الحرس الثوري الإسلامي ليكون فصائل شعبية موازية للجيش النظامي. (نتناول دورها الدستوري لاحقًا).
الشبكة الثالثة: كانت من خلال تدعيم السيد علي خامنئي صلتة بالطلاب ومدرسيهم داخل الدوائر الدينية، ووضعهم في المناصب الدينية الهامة بعد قيام الثورة (باعتبار المدارس الدينية هي الرافد الأساس للفقهاء).
الفصل الرابع
الفلسفة السياسية للحكومة الإسلامية وولاية الفقيه
السلطة والمأسسة والتقييد والرقابة
كان ولا زال أكبر إشكال نظري لدى فلاسفة الحكم هو معالجة معضلة التوفيق والموازنة بين فاعلية السلطة المطلقة وفسادها وكذلك المباشرة الشعبية، وانشغل منظّرو علم الفلسفة السياسية بصياغة إجراءات دستورية تحقق التوازن، الذي يحول دون استغلال السلطة عن طريق آليات لا تخل بقدرتها على أداء واجباتها السياسية[128]، فيصبح التساؤل الأساسي لهذا الفصل هو: ما هو أسلوب منظّري الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه للحيلولة دون استغلال سلطة الولي الفقيه؟
بشكل عام، يحدّد علماء فلسفة السياسة[129] طرق السيطرة على القدرة السياسية بطريقين: داخلي وخارجي.
أما الطريق الداخلي فيعني وجود صفات خاصة في شخصية الحاكم تمنعه من استغلال السلطة.
وأما الطريق الخارجي فيعني إيجاد أساليب ناجحة للإشراف على السلطة السياسية ومراقبتها والسيطرة عليها بواسطة المؤسسات البشرية.
وتتفاوت إجابة المفكرين السياسيين حول كيفية السيطرة على السلطة حسب فهم وإدراك كلّ واحد منهم للسلطة ولقيمتها الأخلاقية. فالرؤية التي تعتبر السلطة خيرًا بالذات، تنظّر للأسلوب الداخلي في السيطرة عليها، وفي المقابل الرؤية التي تعتبر السلطة مصدرًا للشر والفساد، تؤمن بأسلوب السيطرة الخارجية على السلطة.
فالطريق الداخلي من الضوابط الذاتية التي تتجه مباشرة إلى جذور الآفات السياسية ومناشئها ونوازعها الكامنة في النفس البشرية، فتعمل على تربيتها على الأخلاق الإلهية والفضائل الكريمة، وعلى حب العدل وإرادة الخير وحُسن الولاية والسير بين الناس بالعدل والرحمة.
وهذه الضوابط الداخلية الذاتية لها عدة ميزات لا تتوفر في غيرها من الآليات الإجرائية في النظريات السياسية، فتعمل على معالجة الآفات من جذورها وتتجلى فاعليتها عند اختيار شخص الولي الفقيه من قبل أهل الخبرة في العلم الشرعي والتربية الأخلاقية، من خلال الآليات المؤسساتية في اختيار الولي الفقيه والتي تتجلى فيها هذه الضوابط من خلال آليات الانتخاب ويراجع الدستور الإيراني كأحد النماذج في صياغة هذه الآليات الإجرائية[130].
السلطة السياسية في الفكر الشيعي ومحورية الله تعالى
تشير دراسة “تكوّن المقولات السياسية للأفراد، والفئات، والمجتمعات”[131] إلى غلبة وقوعها تحت تأثير أحد العوامل التالية:
المصالح والميول الفردية.
المصالح المادية المشتركة لفئة ما.
المشاعر العنصرية والقومية.
العواطف الإنسانية، والدفاع عن الحرية، والاستقلال، والعدالة.
يُعتبر العامل الرابع العاملَ الإنساني الوحيد من بين العوامل المذكورة، حيث تمتدّ جذوره في الطبيعة الإنسانية المتجاوزة للحيوانية، أمّا العوامل الثلاثة الباقية، فليست ضدّ الإنسانية، بل يمكن أن تكون سببًا في نتائج إيجابية تستحقّ التقدير، لكنّها في الأساس غير مختصّة بالإنسان، حيث يمكن مشاهدة عوامل شبيهة بها في الحيوانات عند دفاعها وهجومها.
وحينما تكون عناصر تكوين نظرية سياسية واحدةً من هذه العوامل الثلاثة فمن المترقّب حصول مظاهر سلطوية سلبية يفترض السعي لضمان عدم تخطّيها حدود المنطق والسلامة، ومن ثمّ يكون المطلوب إصلاحها.
إنّ التدبير الذي تبنّاه الفكر الديني ـ وفق الرؤية القرآنية ـ لحلّ هذه المشكلة تمثل في طرح مقولة قادرة على البتّ من الأعلى في سلبيات هذه العناصر الثلاثة، ألا وهي محورية الله.
والتاريخ حافل بنماذج كثيرة لأفراد أو جماعات توجهوا نحو النشاطات السياسية بباعث مقارعة الاستعمار والاستبداد، أو بباعث العواطف الإنسانية الصادقة، ولكن في النهاية استُبدلت تلك الحركات المناهضة للاستبداد والاستعمار إلى حركات استبدادية!
على سبيل المثال: يقول الإمام الخميني: “حدثت في العالم نهضات كثيرة وثورات عديدة، لكن أكثرها كان نهضة ظالم على ظالم آخر.. كان يأتي نظام ظالم ويزيل النظام الآخر، ويستخلف نفسه مكانه ويستمرّ في الظلم..”[132].
مواجهة الطاغوت والخروج من سلطته
ثمّة مجال لجعل مقولة محورية الله لجميع الأعمال والأفكار والمجالات الفردية، الاجتماعية، الاقتصادية والثقافية للإنسان، لكن حينما نضعها أساسًا للقضايا الاجتماعية والسياسية والإدارات الجماعية، تتولّد بشكل تلقائي ظاهرة محاربة الطاغوت، لأن الطاغوت يعني المتعدّي على الحقوق، إن القبول بهكذا سلطة سواء في شكلها الظاهري أو في جانبها الفكري والاقتصادي الخفي واللامحسوس هو أمر يتنافى ومحورية الله. وعلى هذه المبادئ استند الإمام الخميني عند محاربة الطاغوت[133].
ويخالف السيد الخميني الفكرَ السياسي المادّي الإنساني، الذي يعتبر القانون نتاجًا للحكومة[134]، أو نتاجًا للعقل البشري في أعلى مراحل تكامله[135]، ويستدلّ على ذلك بقوله: “ينبغي للمشرّع أن يكون شخصًا مجتنبًا للنفعية والانسياق للشهوة والأهواء النفسانية والظلم، وألا نحتمل فيه هكذا أمور، وليس ذلك سوى الله العادل… من هنا يقول العلماء المتدينون: الدين هو قانون إلهي عظيم جاء لإدارة البشرية ومن أجل دوران عجلة الحياة”[136].
ولاية الفقيه نوع جديد من السلطة
في كتابه “منطق السلطة: مدخل إلى فلسفة الأمر”، يميز ناصيف نصار بين ثلاثة مستويات من “الأمرية” هي: السلطة، والسلطان، والسيطرة، محددًا السلطة بالحق في الأمر، وهو ما يستلزم أمرًا وآمرًا ومأمورًا به، ويحدد فيه مقولة السلطان بأنها لا تتركز على عنصر الأمر بحق، بقدر ما تتركز على عنصر النفوذ كأمر واقع، أما السيطرة بمعناها العام، فهي الإخضاع المفروض بالقوة وتسخير الأضعف لأغراض الأقوى، فهي علاقة أمر وطاعة بين طرفين متغالبين يسعى أحدهما إلى فرض إرادته على الآخر فرضًا، وإلى حمل هذا الآخر على تنفيذ أمره بالقوة الجبرية”[137].
ولكن حسب علي فياض فمفهوم السلطة في التراث الشيعي لا يمكن أن يكون متعلقًا بالسياسي فقط، فالسلطة في التلاقي الديني والسياسي تمتد من رتبة التدبير السياسي حتى رتبة التوجيه والامتلاك الروحي (رتبة: أولى بالمؤمنين من أنفسهم)، يقول فياض في كتابه “نظريات السلطة: “السلطة في المجال الإسلامي الشيعي هي ولاية.. تكون الدولة فيه غاية من غايات السلطة، إلا أنها لا تنحصر بها، فقد يكتب لها الأسبقية عليها دون أن يكون للدولة تحقق فعلي، وقد تنفصل عنها فتجاوزها، وقد تقترن بها فتكون إحدى تعبيراتها”[138].
سنحاول تناول الفلسفة السياسية لنظرية الحكم الإسلامي مع مراعاة عدة أمور:
البعد عن الفكر المادي، الذي يسيطر على الفلسفات السياسية للمفكرين الغربيين الذين يضعون “الحرية من السلطوية” كهدف نهائي يجب أن تصل إليه (الحتمية التاريخية)، فلا يصبح غرض القيادة إلا مجرد إدارة شؤون الدولة والشعب لتحقيق الرفاه للمواطنين وتعزيز روح الفردية (Individualism)، والحرية الفكرية (Liberalism)[139].
البعد عن النظرة القاصرة للحياة الدنيوية بدون اعتبار الحياة الآخرة، ليكون غاية الحكومة الإسلامية هو التكامل المعنوي والأخروي، وأولوية الصالح العام في قبال الرفاه المادي للفرد أو لطبقة معيّنة.
أن السياسة والحكومة مثل سائر القضايا الاقتصادية والاجتماعية والثقافية والأخلاقية، جميعها أجزاء من كل، مترابطة فيما بينها وليس بعضها مستقلًّا عن بعضها الآخر، وبالتالي فالإسلام مجموعة من المقولات المترابطة، والسياسة واحدة منها، وهكذا الاقتصاد، النظام التربوي، القوانين الاجتماعية والمدنية و… فجميعها عناصر لمجموعة واحدة. وإن دراسة كل جزء أو عنصر من هذه المجموعة بشكل مستقل ودون الأخذ بالعناصر والأجزاء الأخرى يؤدي إلى فهم منحرف وغير صحيح عن الإسلام[140].
البعد الأممي؛ أي أن الارتباط الأساسي والمقدس في الثقافة الإسلامية، بين الناس ليس على اشتراكهم في الدم والعرق، أو الأرض والحدود الجغرافية، أو الاجتماع والاشتراك على غاية هدف (أيًّا كان)، أو التشابه في شكل العمل واستخدام أدواته، أو بسبب التشابه في الحيثية والمكانة الاجتماعية وطريقة الحياة، أو لوجود عدو مشترك، والاشتراك في المصالح الطبقية، بل إن أهم عامل في الوحدة والارتباط الاجتماعي، هو تحرك الناس على طريق معين اختاروه عن وعي للوصول إلى هدف محدد، وهنا تكون القيادة المشتركة من مستلزمات هذا النوع من الوحدة والارتباط الاجتماعي، لهذا فإن لفظتي الإمام والأمة، وفي تحليل نهائي لـهما معنيان متلازمان، أو حسب التعبير المنطقي، نسبيان ومتضايفان[141].
الإمامة لا يعني القيادة التي تهدف إلى مجرد إرضاء ميول الناس وإدارة عجلة حياتهم المادية وضمان راحتهم وحرية شهواتهم، بل إن الإنسان الكامل والملتزم والمسؤول هو الذي يسعى لأن تكون حكومته على أساس أيديولوجي ومن أجل تحوّل وتكامل سريع في الفرد والمجتمع وهدايتهما نحو الكمال المطلوب.
يتحمل الإنسان مسؤولية إصلاح الظروف السائدة وتغييرها، وتغيير الأوضاع السياسية والاجتماعية في حياة الإنسان تأتي بإرادته: ﴿إِنَّ اللهَ لاَ يُغَيِّرُ مَا بِقَوْمٍ حَتَّى يُغَيِّرُوا مَا بِأَنْفُسِهِمْ﴾[142]، وعلى أساس هذه الفلسفة السياسية، تكون مسؤولية الإشراف العام -تحت قاعدة وجوب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر- على عاتق الجميع، والأمر بالمعروف والنهي عن المنكر -في حقيقته- قانون يعطي شرعية تمرد الفرد على فساد المجتمع وانحرافه.
المجتمع السياسي، في المنظار التوحيدي، كائن حي لـه حياته وموته وتطوره وبقاؤه وزواله، تحكمه قوانين وروابط منطقية عبّر عنها القرآن الكريم بالسنن الإلهية، وقد عبرت السنّة أيضًا عن هذه الوحدة وهذا الانشداد بالجسد الواحد.
المسلم هو من استند في قراراته وأحكامه السياسية والاجتماعية و… إلى حكم الله، أو من تستند أحكامه إلى الوحي (النبي/الولي/الفقيه)، ولا يُصدر قراراتٍ وأحكامًا شخصية ويعمل في ضوئها، وهذا يصدق أيضًا على القوانين الوضعية وما يتعلق بأركان السلطة وقواها، مثل السلطة التشريعية، والسلطة التنفيذية، والسلطة القضائية.
الإذعان لأحكام أي شخص حقيقيًّا كان أم اعتباريًّا، من دون الاستناد إلى الوحي والأنبياء، يعدّ شركًا، والأنبياء هم الواسطة الوحيدة لتبليغ أحكام الله إلى البشر عن طريق الوحي والكتاب. وفي إطار النظام السياسي فإن هذه الأحكام والقوانين تستند إلى الوحي ومصدرها الكتاب والسنة، وهذا النظام يعد تجلّيًا للسيادة القانونية والسياسية الإلهية، وطاعة الله عز وجل تكون في الامتثال لمثل هذا النظام. في قبال مبارزة الله تعالى باختراع قوانين بناءً على رؤى قاصرة أو مباني معرفية متوهمة.
يجوز للإنسان التصرف والاستفادة واتخاذ أي سبيل من أجل تسخير الطبيعة وقواها لصالحه وصالح الإنسانية، إلا في الموارد المحددة التي منعها الله سبحانه وتعالى. (مثل: الاحتكار – الإسراف – الإفساد في الأرض)، وعلى هذا الأساس صار الإنسان خليفة الله في الأرض، لكي يبدع ويبتكر ما يحتاجه، وفيه صلاحه وسعادته، من خلال الإمكانيات التي أودعت بيده في العالم وعلى أساس الحكمة والعدالة.
شروط الخلافة الإلهية في الأرض هي: الإيمان والعلم والتقوى، ولا يحق لأحد تقلّد منصب الخلافة الربانية في الأرض إلّا بالشروط المذكورة.
قضت المشيئة الإلهية بانتصار الحق على الباطل، والصالحين على الجبابرة في النهاية، ومن أجل تحقيق هذه الإرادة الإلهية لا بدّ من الوقوف بوجه الظالمين والجبابرة ومعاضدة الصالحين ومساندتهم.
ليست هناك طاعة مطلقة للدولة حتى لو كانت على أساس الإسلام، بل هي مشروطة بالتزامها أحكام الله سبحانه وتعالى وأوامره، والعمل في حدود صلاحيات الأحكام الثابتة والمتغيِّرة في الإسلام.
الموارد التي سكت عنها الشارع المقدس فيمكن للدولة التشريع فيها مع الأخذ بالأصول الإسلامية العامة وروح الشريعة؛ لأن المعنى المنطقي لسكوت الشارع المقدس هو أنه سبحانه وتعالى ترك الأمر للدولة والحاكم لاتخاذ القرار المناسب في شأنه.
السلطة السياسية عند فقهاء الشيعة قبل 1979
مع قيام دولة شيعية في إيران في القرن العاشر تحرّكت أذهان الفقهاء نحو رسائل الخراجيات؛ فكان منها ما ألّفه المحقق الكركي والأردبيلي والفاضل القطيفي وغيرهم في جواز أخذ السلطان لضريبة الخراج[143]، والجديد الذي ظهر في شروط إقامة الجمعة مثل رسالة في صلاة الجمعة للمحقق الكركي والرسائل الجهادية، والتي من خلالها ظهرت على يد المحقق الكركي بواكير إعادة التفكير بنظرية الدولة.
السلطة السياسية عند الإمام الخميني
السلطة من وجهة نظر الإمام الخميني (قده) هي خير بالذات[144]، وقد وهب الله تعالى حق تطبيقها في الوهلة الأولى إلى الأنبياء والأئمة المعصومين (ع)، فهم يمثلون المصاديق التامة للإنسان الكامل، وقد حصلوا عليها في سفرهم المعنوي للحق تعالى، لكنهم لم يختاروا العزلة والانزواء عن الخلق، وقد أمرهم الله بتوضيح الطريق وهداية المذنبين والمنحرفين.
وقد وصلوا إلى هذه المرحلة من الكمال في ذلك السفر المعنوي[145]، وأن أعظم المصائب التي يمكن أن تحلّ بأمّةٍ هي أن تسلب منها حكومتها الإلهية[146].
وفي عصر غيبة الإمام المعصوم (ع)، يتولى الفقهاء الجامعون للشرائط أمر الحكومة في المجتمع الإسلامي، ويحل فيهم شرط العدالة (بمعنييها: الأخلاقي[147] والعرفاني[148] والفقهي[149]) بدلًا عن شرط العصمة في الإمام المعصوم[150]. وشرط العدالة مفهوم مشكك معتبر -بدرجاته المختلفة- في خمسة أشخاص: الحاكم الإسلامي، مرجع التقليد، القاضي، إمام الجماعة، الشاهد.
لذلك فشرطي العدالة والأعلمية هو القيد الداخلي القبْلي في الوليّ الفقيه، واللتان تتحققان فيه من خلال آليات:
الاختيار المقيّد: أن يقتصر الترشح لمنصب عضوية مجلس خبراء القيادة على أساس التحصيل العلمي والفضالة الأخلاقية، وفي دوائر انتخابية ذات مساحة انتخابية واسعة، وبالشروط المنصوص عليها في كتاب “الحكومة الإسلامية” للسيد الخميني، التي تستبعد جدًّا -إذا ما تم تطبيقها- شبهة أي تحالف بين السلطة ورأس المال، وتأثير المال السياسي على عملية اختيار الشعب، وكذلك فإن تقييد الاختيار إلى جماعة وظيفية بعينها (رجال الدين وأهل الخبرة) تضيّق جدًّا من احتمالات التأثير عليها بالمجمل واختراقها من قوى معادية، ويصعب تصوّر اختيارها لشخصية وليّ فقيه لا تليق بالمنصب من الناحية الأخلاقية والعلمية.
الاختيار الشعبي الحر غير المباشر (ديموقراطية غير مباشرة): فيتم اختيار الخبراء (أهل الحل والعقد بالمفهوم الفقهي السنيّ) من عامة الناس اختيارًا مقيّدًا، ثم يختار مجلس الخبراء[151] (الوليّ الفقيه) بناءً على القيم المشتركة الغالبة عليهم (العلم والفضالة الأخلاقية)، فيستبعد جدًّا نظام الديموقراطية غير المباشرة تأثير المال السياسي وقوة الإعلام والدعاية في إفراز ولي فقيه لا يراعي أحكام الإسلام أثناء إشرافه على الجوانب الثلاثة للسلطة الإسلامية، وأسلوب الاختيار غير المباشر هو المعمول به الآن في انتخابات الرئاسة الأميركية (ما يعرف بالمجمع الانتخابي)، أو انتخاب المستشار الألماني من خلال البوندستانج (مجلس النواب الألماني)، ولكن باختلاف القيم المشتركة بين ممثلي النظام الإسلامي والنظام المادي.
السيادة الشعبية الدينية: امتلاك النخبة الثورية الشعبية المتديّنة (نموذج: الباسيج/الحشد الشعبي) القوة الصلبة المسلحة وتحلّيها بالشجاعة والتزامها بتعاليم الدين الإسلامي وخاصة تكليف (الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، هي الضمانة الأكبر ضد انقلاب أو استبداد.
في قبال النظريات الغربية التي تفرض احتكار القوة لجماعة بعينها (داخليًّا الشرطة – خارجيًّا الجيش)، والتي كانت في أغلب الأوقات بسبب المسانخة بينها وبين نظيرتها في المجتمعات الغربية من ناحية الهوية الوظيفية (المادية الآلية الميكانيكية) من أضعف مناطق النفوذ التي ينفذ إليها الاستعمار للسيطرة على المجتمعات الإسلامية لصناعة نخب مستبدة، وطالما كان حق الشعوب في امتلاكها السلاح ودفاعها عن حريتها وعقيدتها مقابل أي نخبة مستبدة هو الضمانة الحقيقية لعدم الانقلاب أو الاختراق أو الاستبداد[152]. فضلًا عن تحقيق المناعة الوطنية ضد الاستعمار.
قيادة رجال الدين: من الضروري أن تتشكل طبقة حاكمة حول الحاكم (بِطانة)، وهو أمر لازم بداهة؛ إذ لا يمكن تصور هرم السلطة بدون طبقات وسيطة تنوب عن الحاكم في رأس الهرم في تحمل المسؤوليات التنفيذية في الإدارات العليا والسلطات التشريعية والعلاقات الخارجية والإدارة المالية والإشراف الثقافي والإعلامي، فتقديم الفقهاء العلماء والفلاسفة الأخلاقيين المتألهين أو النخب المتديّنة لشغل مواقع السلطة حول الولي الفقيه هو الخيار الأمثل للمجتمع، في قبال مجموعات المصالح والشركات في الأنظمة الغربية أو العائلات والقبائل الثرية حول رأس الأنظمة الملكية.
عيوب الديموقراطية
المساواة أم العدل
في الجزء السادس من كتاب الجمهورية، يصف أفلاطون على لسان سقراط في حواره مع أديمانتوس، الديمقراطية بسفينة الحمقى، يقول الفيلسوف الإغريقي: إن الديمقراطية نظام يتجاهل الفروق العلمية لأفراد المجتمع ويتجاهل قيمتهم بفرض نوع من المساواة غير المشروطة بينهم،
أي أن مصير السفينة لن تحدده النخبة العالمة، بل الأغلبية الجاهلة، أي الحمقى الذين لا دراية لهم بكيفية قيادة السفينة، الديمقراطية إذًا تفضل الكم على الكيف لأنها تطبق مبدأ سيادة الأغلبية/حكم الأغلبية، وهي ترجيح لمنطق الكثرة مقابل الحقانية، مخالفة بذلك المنطق القرآني والفطري: (أكثر الناس لا يعقلون/ لا يعلمون/ للحق كارهون/ لا يؤمنون/ لا يسمعون).
يقول أرنولد توينبي: “الديمقراطية مجرد شعار من دخان، لإخفاء الصراع الحقيقي بين مبدأي الإنصاف والمساواة”. تقوم الديمقراطية أساسًا على مبدأ المساواة؛ المساواة هي رفع أحد الطرفين إلى مكانة الآخر، بينما العدل إعطاء كل ذي حق حقه، انطلاقًا من هذا التعريف، بدأ الجدل عن نجاعة مبدأ المساواة مقابل طرح مبدأ العدل أو الإنصاف.
حقيقة التمثيل
تشرعن الأنظمة الديموقراطية سلطتها بدعوى “حكم الأغلبية”، فيما أن حقيقة المستوى التمثيلي للأنظمة الحالية لا يعني إلا حكم الأقلية السياسية، ما بين الديمقراطية النظرية والديمقراطية العملية، لو حققت الديمقراطية حكم الأغلبية، التي ستنقاد وراء ممثليها، فيكون الرأي في ظاهره رأي الشعب، أما في حقيقته فهو رأي قلة من الشعب تمكنت من السيطرة على الحكم بفضل قوة المال السياسي والإعلام.
كذلك فإن قصر مدة الحكم مما يؤدي إلى عدم الاستمرار في التزام سياسة واحدة مدة كافية لتحقيق نتائجها وتغير سياسات الحكم قد يخلق جوًّا من الفوضى خصوصًا على الصعيد الخارجي وسياسات الدولة مع نظيراتها[153].
احتكار القوة
لا يمكن عزل مبدأ الديموقراطية عن منظومة الدولة الوطنية التي تفرض مبدأ احتكار الدولة للقوة، التي أدت في كثير من الأحوال لإفراز دولة عميقة غالبًا ما تستطيع السيطرة على الإعلام (من خلال المؤسسات الأمنية والقوة الصلبة)، واحتكار السلطة والثروة لطبقات وعائلات بعينها.
تمرير الفساد
الفساد يشكل جزءًا لا يتجزأ من النظم الديكتاتورية، وحسب سوزان روم أكرمان في كتابها “الفساد والحكم”: “إن الديمقراطية تسمح بتمرير الفساد. فالفساد لديه قدرة كبيرة على التفشي في النظم الديموقراطية، خاصة في غياب آليات عملية على أرض الواقع تستطيع منعه بالشكل الكافي”[154].
وتلخص فكرتها في قدرة المؤسسات المالية الضخمة على التلاعب بأصوات الناخبين من خلال دفع الرشاوي الانتخابية أو تمويل الحملات الانتخابية لمرشحين معينين لمناصب سياسية مهمة.
وجميعنا يعرف كيف يحتاج حزب ما أو شخص ما ينوي الترشح لمنصب سياسي إلى تمويل حملته الانتخابية، وهذا يفتح الطريق للمال السياسي – بطرق غير قانونية – وقد يتحمل عبء توفيره الأثرياء مقابل ضمان ولاء السياسيين الآتين من صناديق الاقتراع لهم.
وحتى مع تنظيرات كارل بوبر القائلة بأنّ وظيفة حقّ الإدلاء بالصوت العامّ ليس لاختيار حكومة جيّدة، إنّما هي لإزالة استبداد حكومة ليست كفؤًا، فبالتجربة العملية لم يؤدِّ إلّا إلى استبدال وجوه مكان أخرى ظلت تسيطر عليها دولة عميقة أو جماعات مصالح (لوبيات) لا تهدف كذلك إلّا إلى تعزيز سلطتها وزيادة ثروتها.
التسافل المعنوي
يقول جوستاف لوبون العقل الجمعي غالبًا ما يكون ذا اختيارات عاطفية اندفاعية، وفي أنظمة تمثيل مباشر يحتاج الممثل عن الشعب تغذية شهوات العقل الجمعي للشعور بالإنجاز والتفوّق ولو على حساب الشعوب الأخرى، فآخر ما يكون في اعتبار هذه القيادات “الديموقراطية” هو الإنسانية بمفهومها الشامل أو البيئة.
حيث لا وازع أخلاقي يضاهي حاجته النفسية للاستمرار بالسلطة، ولا يمكن الجمع بين رضا الناس والاختيارات الأخلاقية التي غالبًا ما تكون مكلّفة (سياسيًّا واقتصاديًّا).
الفصل الخامس
المعارضات الدستورية لولاية الفقيه
حفلت الآراء الدستورية ذات الصلة بولاية الفقيه بدراسات وتعليقات كثيرة، أبرزها:
التعليقات الدستورية عند الشيخ محمد جواد مغنية[155]
تصريحه بأنّنا لا نعرف طريقًا للحكم سوى الرجوع إلى آراء الناس عامّة، ولذلك ليس هناك غير الانتخابات من سبيل.
إنّ الفقهاء لا يتميزون عن الناس في خضوعهم لسياسات الحكومة المنتخبة وينحصر دورهم في استنباط الأحكام وفي القضاء الصلحي بين الناس والدعوة إلى الخير.
يميز الشيخ مغنية بين الثوابت والمتغيرات؛ فيرى العقائد والعبادات والإرث والزواج والطلاق ثوابت، أما المعاملات فهي متغيرات.
ويرد عليها
ثبت بالتجربة العملية وبالتحليل النظري أن الاعتماد على آراء عامة الناس لا يحقق التكامل المنشود للبشرية، فمن ناحية يسهل خداع العقل الجمعي، ومن ناحية عدم عدالة المساواة في الآراء بين أهل الخبرة والانضباط الأخلاقي وعوام الناس.
إذا سلمنا أن المنظومة الدينية تحتوي على أحكام اجتماعية، وأن المجتمعات المسلمة متوجه إليها تكليفات لا يمكن أداءها إلا بشكل جماعي منظم، (مثل: وأعدوا لهم ما استطعتم من قوة، ومثل: قاتلوا المشركين كافة ..)، وإذا سلمنا بضرورة رجوع الجاهل إلى العالم، فلا يمكن أن ينهض بمهمة قيادة المجتمع لأداء هذه التكليفات إلا الأشخاص الأكثر خبرة بها، وهم العلماء.
إن الثوابت والمتغيرات في الإسلام مثل المحكمات والمتشابهات في القرآن لا يعلمها إلا الله والراسخون في العلم، فالفقيه بالدرجة الأولى هو من يحدد ما صدر من النبي والمعصومين على نحو الحكم الولائي أو الحكم الأولي[156]، وإذا كنا متفقين على ثبات الحكم الأولي وصلاحيته لكل عصر ومصر، فلا يعلم مناط الحكم الولائي ولا سياق صدوره ولا مراد الشارع منه -ولو على نحو الظن- شخص أفضل من الفقيه، فلا معنى لمساواة الفقهاء ببقية الناس من حيث المعرفة الدينية اللازمة لإقامة حكم “إسلامي”.
المداخلات الدستورية للشيخ محمد مهدي شمس الدين
يقول الشيخ شمس الدين: إن الأحكام التي تنظم العلاقات الاجتماعية والاقتصادية والسياسية والعلاقات الدولية أحكام متغيرة ومرتبطة بالزمان وتتغير بتغيير المصالح؛ لذلك فهي ناشئة من إرادة المجتمع، وعلى الفقهاء إعطاء رأي منها وبيان الأحكام، وليس للفقهاء غير دور استنباط الأحكام الشرعية، وليس الفقيه نائبًا للإمام المعصوم، ولا ولاية له على الأمة؛
من هنا يرى العلامة شمس الدين أنّ الأمة بالانتخابات تحدّد شكل نظامها على أساس الشورى، ولا يعد الفقه شرطًا لرئيس الدولة المنتخب[157]. ومن البيّن أن حكومةً لا تنسجم مع طبيعة المجتمع ولا تمتزج في أعماق الأمة لا يكتب لها النجاح.
ويرد عليها
أن منح السلطة السياسية ومن ثم الاقتصادية والعسكرية لأشخاص خاضعون للتوافقات الدولية، ولسطوة أصحاب المؤسسات الإعلامية والمصالح الاقتصادية التي لا يهمها إلا الربح وأفرزتهم أهواء عوام الناس التي تتغذى على الخوف أو طلب المصلحة الآنية يتعارض مع مقاصد الشريعة الكبرى في وجوب بسط العدل والقيم والأخلاق بين الناس، وإحقاق الحق وحرمة أن ﴿وَلَنْ يَجْعَلَ اللهُ لِلْكَافِرِينَ عَلَى الْمُؤْمِنِينَ سَبِيلاً﴾[158]، ولو بقاعدة نفس السبيل.
وإطلاق الحرية لعوام الناس في اختيار من يتحكم بمصيرهم يتركهم أمام مخاطر تأثير البروباغندا والمال السياسي والتأثيرات الخارجية؛ فذاكرة العوام ثلاثة أيام كما يقول الجبرتي، والعقل الجمعي ينفعل كطفل مراهق كما أقر بذلك غير واحد من علماء الاجتماع.
وفي هذه الحرية المطلقة تسليم للمبادئ الغربية القائلة إن مجرد عبور الشخص البالغ عتبة عمر 18 عامًا فإنه يصبح فجأة كامل الأهلية لا للتصرف في نفسه وماله فقط، بل والمشاركة في اتخاذ قرارات ربما لا يستطيع عقله استيعاب تأثيرها ودوافعها وحيثياتها.
المعارضات الدستورية (الحداثوية) لنظرية ولاية الفقيه
ويرى معارضو نظرية ولاية الفقيه السياسية أنّ النظرية تجعل الحكم السياسي من مقتضيات النصّ، وتحصر دلالته فيما تريد وتهمل دلالته الأخرى؛ وبذلك تجعل المعارضة الضرورية في أيّ أنموذج متحضر في مواجهة مع النص، كما أنها تمنح الفقهاء فقط السلطة السياسية وتمنع غيرهم؛ فتصبح نظرية إقصائية للتكنوقراط فضلًا عن ظهور احتمالات في أن تجعل من الفقهاء وحدهم الطبقة المستفيدة، وتقترب من أنموذج الحكم الثيوقراطي (الحكومة الإلهية)، الذي يحكم الفقيه فيه باسم الإله.
ويرد عليها
إن محاولات التلاعب اللفظي لإقحام مبادئ: (ما بعد الحداثة – سيولة المعنى – الهرمانوطيقا – موت المؤلف – .. وغيرها) جميعها مترادفات لا تهدف إلا لترسيخ مبدأ واحد وهي نسبية الأخلاق، وبالتالي منح السلطة البشرية (التعاقدية) صلاحية تحديد الحق والباطل، وترسيخ مبدأ تاريخانية النص (الديني أو الفلسفي والأخلاقي)، والحاجة للتمرد عليه باعتباره ابن عصره، ولكن الفقهاء بالمعني الحقيقي لا يعتمدون فقط على مجموعة من النصوص لإكراه الناس عليها، بل إن الوحي والنص الديني والسنة العملية وسائر مصادر التشريع ما هي إلا أدوات اتصال بيننا وبين المولى الحقيقي الخالق والحق الذي أحقّه والباطل الذي أبطله والأخلاق المطلقة المجردة.
ثم إن التكنوقراط الخالي من الأيديولوجيا هو خديعة يراد بها إعادة صياغة لغوية لمبدأ (فصل الدين عن السياسة)؛ إذ لا بد للحكومة من فكرة سياسية تخدمها وتتجه إليها (مثلًا في توزيع فائض الإنتاج: تعظم الأرباح للمالكين من خلال آليات السوق الحرة، أم تفرض الضرائب التصاعدية، أم تتملك الدولة وحدها آليات الإنتاج وفائض الإنتاج وتعطي لكل على قدر حاجته؟).
إنّ اعتماد نظرية ولاية الفقيه لا يحتاج إلى الشرعية المدنية، إنما تُطرح مكمّلًا للشرعية الدينية، ومن ثمّ فهي تتصادم مع الاختيار الديموقراطي المدني، ولا تطرح فاصلًا معرفيًّا بين الفكر الديني الثابت (النصوص والحقائق المجمع عليها)، وبين الفكر السياسي المتغير تبعًا لتعدّد دلالة النص، أو تبعًا للاجتهاد.
ومنهجيًّا، تؤدي نظرية ولاية الفقيه إلى الاعتماد على مستند مركّب: المستند العقائدي والمستند التاريخي على حساب مستند الاختيار المدني، وستتحوّل في ظلها ـ فقط ـ الأحزاب الدينية، بل يحتمل أن تتحول الأحزاب إلى فرق دينية، وتمنع الأحزاب غير الدينية والمنظمات المدنية من أن تأخذ دورها السياسي والرقابي للمساهمة في خلق وعي متجدّد.
إن الفقيه في النظرية فوق الدستور والقانون، فهو المشرف والموجّه وليس مقيدًا إلا بالنصوص القابلة للتأويل (الذي قد يتعدّد) والاجتهاد المفتوح، وعليه فلا يصح هذا قيدًا ضابطًا.
السيد محمد الشيرازي ونظرية شورى الفقهاء
يقول السيد محمد الشيرازي في كتابه “كيف نجمع شمل المسلمين؟”[159]: إن الحكومة الإسلامية قوامها “شورى المراجع” الذين هم مراجع تقليد الناس… لأنهم نواب الأئمة (ع) الذين نصبوهم حكامًا وخلفاء.
يقول (ص): “اللهم ارحم خلفائي”[160]، وقول الصادق (ع): “فإني قد جعلته عليكم حاكمًا”[161]، ولا وجه لأن يكون بعض المراجع في الحكم دون بعض، لأنه عزل لخليفة الرسول، والحاكم المنصوب من قبل الإمام، ولا حق أن يقول أحدهم أن المرجع الفلاني لا يفهم أو ما أشبه (من الاتهامات) إذ ما دام قبلته جملة من الأمة بملء إرادتها، فاللازم أن يكون شريكًا في الحكم.
يؤكد كلامه نجله السيد مرتضى الشيرازي في حوار منشور يقول: “نظرية (شورى الفقهاء) ترى أن رأي أكثرية مراجع التقليد والفقهاء العظام في الشؤون العامة هو النافذ، وليس رأي الفقيه الواحد حتى وإن كان أعلم، كما ترى اشتراط رضى الناس أيضًا،
أما نظرية ولاية الفقيه فيرى عمدة القائلين بها أن للفقيه الواحد الولاية على الناس وإن عارضته أكثرية الفقهاء، بل وحتى وإن عارضته أكثرية الناس. وتنطلق نظرية شورى الفقهاء من سلسلة من الأدلّة والبراهين والحجج العلمية التي ذكرها السيد الوالد في كتبه، وقد تمّ التطرق لها في كتاب “شورى الفقهاء دراسة فقيه أصولية””[162].
ويرد عليها
إن سراية توزيع الصلاحيات إلى أعلى البنية الهرمية قد يصيب بالشلل أو الضرر بعض القضايا أو الأمور التي قد لا تتفق عليها مراكز القوة -أي مراكز الثقل في الصلاحيات- على قرار واحد أو على أسلوب معين في إدارتها وتحديد أولوياتها وكيفية علاجها، وهو ما يعود بالضرر على مجمل أمور الدولة ومصالح المجتمع.
وعدم منح مركز الثقل إلى شخص واحد يبطئ جدًّا إمكانية حسم الموقف واتخاذ القرار، والضياع والتشتت على مستوى الإدارة العملية، ما ينقض الغرض المتوخّى من وجود الدولة. لذلك فإن وظيفة مجلس الخبراء التي تنتخب وتراقب وتعزل الوليّ الفقيه حال المخالفة أو فقدان الأهلية هو الحل الأمثل لضمان عدم الاستبداد في الوقت الذي يعطي الصلاحيات الكافية للإدارة والقيادة بفاعلية[163].
كما أقام بعض الأصوليون أدلة تثبت تهافت فكرة تعدد الولي الفقيه مثل السيد هاشم نور الدين فيرجع إليها في مظانها[164].
السيد الشهيد محمد باقر الصدر ونظرية مجلس التنفيذ
الشهيد الصدر يرى[165] أن المرجع الذي يتصدى وينجح في هذه المهمة يكون هو القائد الفعلي ولكن على أن يقوم بتأليف مجلس يضم مائة من المثقفين الروحانيين، ويشتمل على عدد من أفاضل العلماء في الحوزة، وعدد من أفاضل العلماء الوكلاء، وعدد من أفاضل الخطباء والمؤلفين والمفكرين الإسلاميين على أن يضم المجلس ما لا يقل عن عشرة من المجتهدين، وتمارس المرجعية أعمالها من خلال هذا المجلس.
وأما في حالة أخرى، حيث لم تتوفر عملية التصدي، كأن تكون هناك ظروف ساقت إلى تكوين الحكومة الإسلامية (ثورة شعبية مباغتة، انقلاب عسكري، قرار تحكيم الإسلام…)، ففي مثل هذه الحالة سيأتي فقيه للحكم بترشيح من أكثرية أعضاء مجلس المرجعية، ويؤيد الترشيح من قبل عدد كبير من العاملين في الحقول الدينية -يحدد دستوريًّا- كعلماء وطلبة في الحوزة، وعلماء وكلاء وأئمة مساجد وخطباء ومؤلفين ومفكرين إسلاميين، على أن يحوز مسبقًا على صفات المرجع الديني من الاجتهاد المطلق والعدالة، وأن يكون ذا خط فكري إسلامي واضح من خلال كتبه ومؤلفاته، وأن يكون مرجعًا في الأمة، وقد حاز على هذا المنصب بالطرق الطبيعية المعروفة، وفي حالة تعدد المرجعيات المتكافئة من ناحية الشروط يعود إلى الأمة أمر التعيين من خلال استفتاء شعبي عام.
ويرد عليها
تقترب فكرة الشهيد الصدر عن الشورى ـ تاريخيًّا وسياسيًّا ومعرفيًّا ـ من الاتجاه الفقهي المنتمي ـ مدرسيًّا ـ إلى المذهب السنّي، حيث يتمّ الاعتماد على إلزامية رأي الأكثرية، في ترتيب شكل الحكم الإسلامي، كما نلاحظ في قانون جماعة الإخوان المسلمين ـ كنص تنظيمي ـ وآراء وفتاوي غير واحد من المنظّرين، كالشيخ محمود شلتوت والشيخ مصطفى السباعي، والشهيدين: سيد قطب وعبد القادر عودة[166]، وذلك في مقابل اتجاه آخر طرح ـ مع التزامه بفكرة الشورى ـ إشكاليةً في اتخاذ الأكثرية معيارًا لفرز الآراء وتعيين اللازم منها.
يعتقد أبو الأعلى المودودي في بعض كتبه أنّ الأمور وإن قضت إلزامية الرأي الأكثر في عامة الأحوال، إلا أن الإسلام لا يجعل العدد ميزانًا للحقّ والباطل: ﴿قُل لاَّ يَسْتَوِي الْخَبِيثُ وَالطَّيِّبُ وَلَوْ أَعْجَبَكَ كَثْرَةُ الْخَبِيثِ﴾[167]، فإنه من الممكن في نظر الإسلام أن يكون الفرد أصوب رأيًا من سائر أعضاء المجلس النيابي[168]،
كما يصرّ العلامة الطباطبائي على أنّ النظرية الإسلامية تمتاز عن هذا النظام المعهود في الديمقراطيات الغربية؛ إذ ليس المقياس هو أكثرية الأصوات، وإنما اتّباع الحقّ[169]، وفي هذا السياق، نجد محاولات أكاديمية لطرح مضمون جديد لمفهوم الأغلبية والأكثرية؛ إذ تفسّرها بأنها “أغلبية حجّة وبرهان ومنطق وفكر لا أغلبية عددية”[170].
صرّح بنفس الرأي على نحو الفتوى عدة مجتهدين وأساتذة في الحوزة العلمية منهم آية الله رضا أستاذي: “الولاية لا تستمد شرعيتها من الناس بأي حال من الأحوال، وليس لتأييد أو معارضة الناس أي أثر في أصل ولاية الفقيه”، ويقول آية الله محمد رضا مهدوي كني، وهو أحد أعضاء مجلس الشورى المركزية في جماعة علماء الدين المجاهدين: “ولاية الفقيه ليست مسألة انتخابية، بل هي مسألة تشخيصية، والذي يعمل في المجالات التنفيذية لا يحق له إبداء رأي في المسائل الفقهية والاجتهادية وفي الموضوعات العامة والحكومية”[171].
معارضات الإسلام الحداثوي ودعاة الدولة المدنية الحديثة
من المعاصرين من أمثال السيد هاني فحص وعلي عبد الرازق ورفاعة الطهطاوي وخير الدين التونسي ومحمد عبده .. وغيرهم ممن رأى أن ولاية النبي كانت دينية فقط في الإسلام وأصول الحكم، في مقابل أطروحة الخلافة الإسلامية التي كانت من قبيل المتغير الخاضعة لظروف الزمان والمكان.
أضاف إلى هذه الرؤية من قال إن التعامل مع فكرة الدولة الحديثة كأمر واقع هو الخيار الممكن الوحيد، بالضبط مثل أحكام: (السيل الذي لا يمكن دفعه) ولا يمكن مواجهته إلا بقواعده.
ويرد عليهم
هناك فرق شاسع بين الدولتين المدنية والإسلامية سواء في التعريف أو الدوافع أو الأهداف أو الهيكلية أو آلية العمل. ومحاولة الدمج والتوفيق بين التجربتين هو من قبيل العبث، فلا بد لمن يحاول عمل مزاوجة بين التجربتين أن يتعرف على معالم الحكومة الإسلامية أولًا، ثم يبني على ذلك اقتراحاته.
معارضات محسن كديور
يقول في كتابه “نظريات الحكم في الفقه الشيعي”: “تتحدد الولاية القائمة على أساس الشرعية الإلهية المباشرة من الشارع المقدس، وليس من الناس (المولى عليهم).
وهنا يبرز سؤال في منتهى الأهمية: طالما أن الدستور يستمد شرعيته من إمضاء الولي الفقيه فكيف له أن يقيد ولاية الفقيه المطلقة؟ واقع الحال أن الولي الفقيه المطلق يستطيع أن يلغي القانون عندما يرى أن ذلك من مصلحة الإسلام والمسلمين، وذلك باعتبار أن القانون الواقعي هو قانون الإسلام الذي ينقضه الفقيه الولي. وبناء عليه فأوامر الولي الفقيه تعتبر في حكم القانون، وهي مقدمة عليه في حالات التعارض معه”[172].
ويرد عليه
إن العلاقة بين الحاكم والمحكوم في نظرية الحكومة الإسلامية منظمة ودستورية ومشروطة على نحو التعاقد على أساس عقد شرّعه المولى سبحانه وتعالى، ولا يمكن للولي الفقيه أن يعتبر نفسه فوق أحكام القرآن، مثلًا بأن يحلّل حرامًا أو يحرّم حلالًا، وحتى في النصوص القابلة للتأويل والمتشابهات الموكل بها (الراسخون في العلم)، فإن مجلس خبراء القيادة المنتخب من الناس ممن هم على مستوى من الأهلية العلمية والفضالة الأخلاقية يستطيع دستوريًّا بقوة الأغلبية أن يعزل هذا الولي الفقيه إن انحرف أو عجز، وأن يبطل قراراته.
في قبال القوانين الوضعية التي هي محدودة بحدود الخيال البشري وتجربته المحدودة ومعرفته القاصرة (حتى بنفسه)، والذي ثبت أن إعمال سلطانه الخاضع لهوى فرد أو حتى جماعة تدفعهم مصالحهم لن ينتج إلا الفساد في الأرض والبحر.
الخاتمة
الاتجاه الفطري
يرى العديد من المفكرين والباحثين الإسلاميين أن أساس الفكر الاجتماعي والسياسي الإسلامي -وعلى أساس ما جاء في القرآن الكريم- هو الفطرة، وأن منشأ مباحث مثل الإمامة والحكومة والسلطة وولاية الفقيه يعود إلى الفطرة الإنسانية بالدرجة الأولى، وأنه يمكن دراسة العوامل والدوافع السياسية من ذات الوجود البشري،
ومن هؤلاء الباحثين يمكن الإشارة إلى الأستاذ العلّامة السيد محمد حسين الطباطبائي (قده)، الذي يرجع في تحليله المباحث الاجتماعية والسياسية وبشكل عام جميع القضايا العامة في الحياة الإنسانية إلى الفطرة، ويرى أن أصل الاتجاه نحو الحياة الاجتماعية بجميع تبعاتها ومستلزماتها لا يمكن تفسيرها إلّا بالدوافع الفطرية[173].
حتى البحث في قضايا مثل قيادة الأنبياء، والإمامة، وولاية الفقيه، يراها مبنية على أساس الفطرة من خلال أسلوبه البحثي المعروف، ومن خلال طرح مسألة الفطرة الأولية للإنسان يرجع مثل هذه القضايا إليها، وبطرح أمثلة واضحة وبيّنة يعتقد أن مسألة القيادة مسألة فطرية تمامًا، وأن الولاية من ضروريات المجتمع التي تجد في الإنسان انجذابًا ودوافع داخلية واعية بشكل لا إرادي نحوها.
وقد كانت هذه الدوافع قوية على مدى التاريخ البشري، بحيث لم تكن بحاجة إلى إلزام وإيجاب، كما أن مهمة الشرائع السماوية هي توجيه هذه الحاجات الفطرية في الإنسان، أما من الناحية الشرعية ـــ كما جاء في تعريف الأمور الحسبيةـــ فلم يحدد من يتصدى لـها بشكل خاص.
ويرى العلّامة الطباطبائي أن هذه الأمور الضرورية والفطرية يمكن أن تتعلق بالأشخاص الذين يفتقدون القدرة لإدارة أمورهم مثل المحجورين وأمثالهم، أو أن تتعلق أيضًا بقضايا مثل الأموال العامة وسائر أمور المجتمع العامة، وقضايا مثل الحكومة والدولة والقيادة.
وفي هذا الصدد، يصرّح العلّامة أن أصل الولاية نفسه من الأحكام الثابتة التي لا تقبل النسخ، لـهذا فالمجتمع الإسلامي في جميع ظروفه بمثابة المجتمعات التي يعبر عنها اليوم بالمجتمعات المتطورة والديمقراطية، ويفسر الديمقراطية الحقيقية بالقدرة على المرونة والانعطاف الموجودة في الفطرة أمام التطورات الضرورية ومتطلبات المجتمع المتغيرة، ويرى أن فلسفة الفطرة السياسية تستند إلى نوعين من الأحكام الثابتة والمتغيرة، وأنه لا يمكن تحقيق الديمقراطية من دون هذين النوعين من الأحكام،
وفي بيان ذلك يقول: “في المجتمعات الديمقراطية أيضًا نلاحظ هذين النوعين من الأحكام:
النوع الأول: الأحكام الثابتة التي تشكل مضمون دساتير هذه المجتمعات وأن تغييرها خارج عن صلاحيات المجالس التشريعية، ولا يمكن تغيير تلك الموارد إلّا من خلال رأي الشعب مباشرة عن طريق إجراء استفتاء عام أو إيجاد مجلس خبراء يمكن تغيير بضع مواد من الدستور.
النوع الثاني: القوانين العادية التي تشرع في البرلمان وتنفذ فيما بعد، وهي بمثابة تفسير مؤقت لمواد الدستور، وهذا القسم (النوع) قابل للتغيّر”[174].
“في القسم الأول (الأحكام الثابتة في الإسلام)، فالمشرّع الأصلي هو الله وما جاء على لسان الأنبياء والأولياء في الوحي، في حين أن الأحكام والقوانين الثابتة في سائر المناهج والأنظمة الاجتماعية هي من نتائج الفكر البشري، سواء كانوا نخبة أم أكثرية الشعب.
وفي القسم الثاني (القوانين العادية/الأحكام المتغيرة)، ففي المناهج (والأنظمة) الغربية أو الشرقية فالحاكم هو إرادة الأكثرية (النصف زائد واحد)، سواء كانت مطالبهم محقة أم لا، في حين أن القوانين المتغيرة في المجتمع الإسلامي رغم أن النتيجة تتطابق واستشارة الشعب، لكن الأساس فيها هو الحق وليس إرادة الأكثرية، كذلك تكون على أساس واقعي وليس على أساس العواطف والأهواء البعيدة عن الحق”[175].
وفي ردّه على الذين يرون هذه الفلسفة السياسية والحقوقية الإسلامية قريبة من مطالب الأغلبية (الديمقراطية) وأنها ممكنة التطبيق على المدى القريب، وفي مقابل ذلك يرون أن النظام الديمقراطي يمكن لـه الاستمرار والبقاء لأنه يهتم بمطالب الأغلبية ويحترم رأي الناس، يقول السيد الطباطبائي: “مع أنه لا يمكن إنكار رضى الأكثرية وقبولها في مقبولية أي نظام شعبيًّا، لكنه يجب ألا ننسى أن مطالب الأكثرية هي بدون شك معلولة نوع خاص من التربية العامة والتعليم.
والبيئة التربوية التي يوجدها الإسلام في المجتمع تجعل الغالبية لا تتبع الأهواء، ولا تضحي بالحقيقة من أجلها، بل إن رأي الغالبية يكون مع الحق عادة، كما أن مطالب الأغلبية في البيئات غير الإسلامية تتناسب والعادات والتقاليد أو الغايات العامة الثابتة في تلك المجتمعات”[176].
ويطرح السيد الطباطبائي أصل “العقد” الأساسي والفطري في جميع المناسبات الاجتماعية والسياسية، ويرى إمكانية تنظيم جميع العلاقات الإنسانية وتعديلها على أساس هذا الأصل القويم. وهو الأصل الذي يطلق عليه الإسلام “الايمان” فيما يتعلق بالعلاقة بين الإنسان والله، وهو نفسه “العقد” في العلاقات الإنسانية.
وعلى الرغم من أن العقد وتعهد الإنسان أمامه من الأمور الفطرية، لكن بعض العقود والتعهدات المترتبة عليها تكون غير عقلانية ومخالفة للفطرة تمامًا، وهي مخلّة بالنظام الاجتماعي. ويبحث ـــ على سبيل المثال ـــ العقود الربوية وما ينتج عنها من إخلال في نظام المجتمع وتمايز طبقي وتعميق للفقر[177].
فالدولة وظيفيًّا تابعة منهجيًّا للحصيلة المعرفية المستقاة من الرؤية الكونية لنخبتها الحاكمة، فإما أن تكون أداة مساعدة للتكامل الإنساني في أبعاده المادية والمعنوية، والمساعدة على عبور قنطرة الحياة الدنيا إلى الحياة الآخرة، وإما أن تكون الدولة مرعى ومرتع يعمل لتوفير الرفاه المادي وكل ما تلحّ عليه الأبعاد الحيوانية في الناس.
مصادر ومراجع
– معتز الخطيب، “الفقيه والدولة في الثورات العربية”، تبيُّن 9, 2014: 63-85.
– عبد العزيز قاسم: مقال بعنوان: السيد محمد حسين فضل الله، ولاية الفقيه نظرية لا يراها أكثر الشيعة، منشور على موقع: إسلام أون لاين، القاهرة، منشور في: 31/8/2008 آخر دخول للموقع: 22/11/2022.
– مجموعة مؤلفين (مركز نون للتأليف والترجمة)، دروس في ولاية الفقيه، بيروت: جمعية المعارف الإسلامية، 2014.
– نظر علي الطالقاني، مناط الأحكام، ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه، قم: مكتب الإعلام مؤسسة بوستان، 1999.
– الحسيني المراغي، كتاب العناوين الفقهية (ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه)، قم: مكتب الإعلام مؤسسة بوستان، 1999.
– تقي بن نجم أبي الصلاح الحلبي، الكافي في الفقه، إصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين (ع)، 1403هـ.
– أبو الأعلى المودودي، نظريات الإسلام السياسية، جدة: الدار السعودية للنشر، 1985.
– Graham, Gordon. The Case Against The Democratic State. Charlottesville: Im-Print- Academic, 2004.
– روح الله الموسوي الخميني، البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قده)، 1421 هـ.
– الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ.
– محسن كديور، نظريات الحكم في الفقه الشيعي، بيروت: دار الجديد، 2000 م.
– الميرزا علي الغروي، التنقيح في شرح العروة الوثقى، النجف الأشرف: مطبعة الآداب، 1999.
– فؤاد إبراهيم: الفقيه والدولة – الفكر السياسي الشيعي (في حوار له مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، بيروت: دار الكنوز الأدبية، الطبعة1، 1998م.
– معتز الخطيب، “الفقيه والفقيه المعاصر: دوره وعمله وإنجازاته”، النظرية الفقهية والنظام الفقهي، مسقط: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 2012.
– محمد حسين النائيني، تنبيه الأمة وتنزيه الملة، القاهرة: دار التنوير، 2014.
– أحمد محمد مهدي النراقي، عوائد الأيام في بيان قواعد استنباط الأحكام، بيروت: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، 2017 م.
– محمد تقي مصباح اليزدي، الحكومة الإسلامية وولاية الفقيه، لبنان: دار الهادي، 2010.
– عباس نور الدين، ولاية الفقيه ظل الحقيقة العظمى، بيروت: مركز باء للدراسات، 2012.
– مفيد الفقيه، ولاية الفقيه في مذهب أهل البيت، بيروت: دار الأضواء، 2010.
– محمد الحسين الحسيني الطهراني، ولاية الفقيه في حكومة الإسلام، المجلد 3، بيروت: دار المحجة البيضاء، 2012، عدد المجلدات 4.
– محمد هادي معرفة، ولاية الفقيه أبعادها وحدودها، قم: معهد الشهيد مطهري للدراسات الإسلامية العالية، جمعية التحقيق والتأليف، 1999.
– عبد الله الجوادي الآملي، ولاية الفقيه والقيادة في الإسلام، بيروت: دار الهادي، 2004.
– حسين علي منتظري، دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، طهران: دفتر تبليغات مكتب الإعلام الإسلامي، 1984.
– أحمد فتح الله، معجم ألفاظ الفقه الجعفري، الدمام: مطابع المدوخل، 1995.
– إبراهيم مصطفى، أحمد الزيات، وأحمد عبد القادر، المعجم الوسيط، إسطنبول: دار الدعوة، 1989.
– مجد الدين الفيروزآبادي، القاموس المحيط، بيروت: دار الكتب العلمية، 1971.
– علي بن حسين بن علي الكركي، رسائل المحقق الكركي، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، 1989.
– كاظم قاضي زاده، أحمد جهان بزركى، وبهرام إخوان كاظمي، حاكمية الفقيه بين السلطة والولاية، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010.
– برهان غليون ومحمد سليم العوا، النظام السياسي في الإسلام، القاهرة: دار الفكر، 2004.
– فيصل الكاظمي، الحوزات الشيعية المعاصرة بين مدرستي النجف وقم، بيروت: دار المحجة البيضاء، 2012.
– حامد الخفاف، النصوص الصادرة عن سماحة السيد علي السيستاني في المسألة العراقية، بيروت: دار المؤرخ العربي، 2015.
– مجد الدين أبو السعادات ابن الأثير، النهاية في غريب الأثر، بيروت: المكتبة العلمية، 1979.
– فخر الدين الطريحي، مجمع البحرين، بيروت: مؤسسة التاريخ، 2001.
– عباس سلامي الأنصاري، بحوث استدلالية في ولاية الفقيه، طهران: عرش انديشه، 2006.
– أحمد الخوانساري، جامع المدارك في شرح المختصر النافع، قم: مكتبة الصدوق، 1355 ه ش.
– محمد حسين النائيني، المكاسب والبيع، المحرر محمد تقي الآملي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي – جماعة المدرسين، 1413 هـ.
– الفاضل الدربندي، خزائن الأحكام (ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه)، المحرر مهدي المهريزي، ومحمد كاظم الرحمان ستايش، قم: مكتب الإعلام مؤسسه بوستان، 1999.
– الحسن بن يوسف بن المطهر الحلي، تذكرة الفقهاء، قم: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، محرم 1414 هـ.
– روح الله الموسوي الخميني، صحيفة نور، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1429 هـ.
– محمد مهدي الموسوي الخلخالي، الحاكمية في الإسلام، قم: مجمع الفكر الإسلامي، 1990.
– روح الله الموسوي الخميني، تحرير الوسيلة، المجلد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1988.
– روح الله الموسوي الخميني، كشف الأسرار، طهران: انتشارات آزادي، 1943 م.
– محمد الموسوي الغريفي، “ولاية الفقيه في فكر الإمام الخميني”، مجلة المصطفى، العدد (3)، نشرت في 2020: 130 – 166.
– جعفر السبحاني، تهذيب الأصول، قم: انتشارات إسماعيليان، 1985م.
– روح الله الموسوي الخميني، الاجتهاد والتقليد، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1418 هـ.
– مصطفى جعفر بيشه فرد، وآخرون، مطارحات في الفكر السياسي الإسلامي، المحرر حيدر حب الله، بيروت: الانتشار العربي، 2011، المجلد 1.
– محمد باوي، “قدرت از ديدگاه امام خميني”، فصلنامه علوم سياسي 9، 1377 هـ.ش.
– روح الله الموسوي الخميني، الكوثر، مجموعة خطابات الإمام مع شرح لأحداث الثورة الإسلامية، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1371 هـ.
– موعد اللقاء، رسائل الإمام الخميني إلى نجله السيد أحمد الخميني، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1374.
– روح الله الموسوي الخميني: شرح الأربعون حديثًا، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1998.
– روح الله الموسوي الخميني: الرسائل، قم: مؤسسة إسماعيليان، 1368 هـ.
– محمد مهدي شمس الدين، في الاجتماع السياسي الإسلامي، قم: دار الثقافة، 1412 هـ.
– مرتضى الأنصاري، المكاسب المحرمة، كتاب البيع، قم: مؤسسة الهادي للنشر، 1419 هـ، المجلد 3.
– أبو القاسم الخوئي، صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات، قم: مطبعة سلمان الفارسي، 1416 هـ.
– محمد حسن الجواهري، جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، بيروت: دار إحياء التراث العلمي، 1988.
– محمد باقر الصدر، ومضات، النجف: مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1428 هـ.
– محمد إسحاق الفياض، الأنموذج في نهج الحكومة الإسلامية القائمة على أساس الحاكمية لله تعالى، قم: مركز تحقيقات العلوم الإسلامية، 1426 هـ.
– بشير بن حسين بن صادق النجفي، الدين القيم، النجف: مطبعة النعمان، 1425 هـ.
– محمد عباس نعمان الجبوري، ونور حسن جبار، “مرجعية القرآن الكريم في فكر الشيخ محمد مهدي الآصفيّ (ولاية الفقيه أبعادها وحدودها) أنموذجًا”، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية 2019، 242 – 255.
– محمد مهدي الآصفي، علاقة الحركة الإسلامية بولاية الأمر، قم، 1418 هـ.
– محمد مهدي الآصفي: ولاية الأمر – دراسة فقهية مقارنة، قم: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، 2000.
– أبو الحسن علي بن إسماعيل الأشعري، مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، تحرير تحقيق محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1950 م.
– إبراهيم الدسوقي شتا، الثورة الإيرانية: الجذور الأيديولوجية، بيروت: الوطن العربي، 1979 م.
– أحمد مغنية، الخميني أقواله وأفعاله، بيروت: المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، 1979 م.
– أمية حسين أبو السعود، المعارضة الدينية في السياسة الإيرانية في الفترة من 1924 إلى 1979 م، رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، 1987 م.
– كاظم الحائري، الإمامة وقيادة المجتمع، قم: مكتب السيد كاظم الحائري، 1995 م.
– علي فياض، نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010 م.
– ريمون بودون، مناهج علم الاجتماع، ترجمة: هاله شبؤون، بيروت: منشورات عويدات، 1988م.
– محمد حسين الطباطبائي، أبحاث إسلامية، قم: انتشارات إسماعيليان، 1995م.
– الميزان في تفسير القرآن، قم: منشورات إسماعيليان، 1990.
– مرتضى المطهري، المجتمع والتاريخ، قم: انتشارات إسماعيليان، 1988.
– عباس علي عميد الزنجاني، “الفلسفة السياسية في الإسلام”، مجلة المنهاج 10، 2004، 265 – 298.
– سوزان روم أكرمان، الفساد والحكم، بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع والطباعة، 2003.
– محمد شقير، فلسفة الدولة: في الفكر السياسي الشيعي – ولاية الفقيه نموذجًا، بيروت: دار الهادي، 2002 م.
– مصباح يزدي، پرسشها وپاسخها، قم: مؤسسة أموزشي وپژوهشى امام خميني، 1377 هـ. ش، المجلد1و 2.
– علي عطايي، حكومت إسلامي، قم: نشر خرم، 1377 هـ.ش.
– هشام نور الدين، “نظرية ولاية الفقيه بين وحدة القيادة والتعدّد”، مجلة مطارحات في الفكر السياسي الإسلامي 2015 م، الصفحات 171- 177.
– علي بن حسين بن علي الكركي، الخراجيات، قم: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، 1413 هـ.
– محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة، نسخة إلكترونية، 1984.
– محمد حسيني الشيرازي، كيف نجمع شمل المسلمين؟ بيروت: مؤسسة المجتبى، 1424 هـ.
– السيد مرتضى الشيرازي، شورى الفقهاء تجسد ضمانًا قويًّا ضد الانخراط في الاستبداد، 1، 1420هـ، جريدة الوطن الكويتية، 12، 2022، <https://annabaa.org/nba32-33/shora.htm>.
– محمد تقي مصباح يزدي، نظريه سياسى اسلام، قم: انتشارات اسماعيليان، 1422 هـ.
– زين الدين العاملي الشهيد الثاني، مسالك الأفهام، قم: مؤسسة المعارف الإسلامية، 1416 هـ.
– Quinton, Anthony. Political Philosophy. Oxford: Oxford University Press, 1973.
– عدنان سعد الدين، “من أصول العمل السياسي للحركة الإسلامية المعاصرة”، الحركة الإسلامية. أوراق في النقد الذاتي، المحرر عبد الله النفيسي، الكويت: مكتبة آفاق، 2012.
– أبو الأعلى المودودي، نظرية الاسلام وهديه فى السياسة والقانون والدستور، القاهرة: مؤسسة الرسالة، 1969.
– محمد حسين الطباطبائي، نظرية السياسة والحكم في الإسلام، بيروت: الدار الإسلامية، 1982.
– هشام عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1995.
– علي عبد الله كريم، دستور الجمهورية الإسلامية الإيرانية: قراءة في عناصر التجديد والحداثة، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2008م.
– عباس نور الدين، الإمام الخامنئي: السيرة والمسيرة، بيروت: مركز باء للدراسات، 2002.
– دستور الجمهورية الإسلامية في إيران، طهران: المشرق للثقافة والنشر، 2000.
– أمل حمادة، الخبرة الإيرانية الانتقال من الثورة الى الدولة، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2008.
– علي الخامنئي، أجوبة الاستفتاءات، بيروت: جمعية المعارف الإسلامية، 2013.
– عادل نبهان النجار، أثر النظام السياسي على عملية صنع القرار فى إيران (1997-2005)، رسالة ماجستير، القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، 2011م.
– ستار جبار علاي، التجربة الإيرانية: المرشد الأعلى والنظام السياسي، القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، 2019م.
– محمد علي سرحان، إيران إلى أين في عهد الرئيس محمد خاتمي؟ دمشق: منشورات جامعة دمشق، 1999م.
– محمد بن الحسن الحر العاملي، تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، قم: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، 1414 هـ.
– محمد بن يعقوب الكليني، الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م.
– محمد بن حسين الشريف الرضي، نهج البلاغة، قم: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، 1987 م.
– الحسن بن علي بن شعبة الحراني، تحف العقول عن آل الرسول (ص)، النجف: المطبعة الحيدرية، 1963م.
– أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الشيخ الصدوق، كمال الدين وتمام النعمة، طهران: مكتبة الصدق، 1970.
– أبي جعفر محمد بن الحسن الطوسي، كتاب الغيبة، طهران: مكتبة نينوى الحديث، 1970م.
– تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيح المفيد، طهران: دار الكتب الإسلامية، 1364 هـ.ش، المجلد 10.
– أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق، الفقه الرضوي، المحرر المؤتمر العالمي للإمام الرضا، مشهد: مؤسسة آل البيت (ع) لإحياء التراث، 1985 م.
– أبو بكر أحمد بن الحسين بن علي البيهقي، السنن الكبرى، بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م.
– أبو جعفر محمد بن علي بن بابويه القمي الصدوق، من لا يحضره الفقيه، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1984م.
– مرتجي حجت، “التيارات السياسية في إيران”، المجلس الأعلى للثقافة، 2000م.
– محمد مهدي شمس الدين، نظام الحكم والإدارة في الإسلام، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1991 م.
– أحمد محمد مهدي النراقي، ولاية الفقيه، بيروت: دار التعارف، 1999 م.
– مستند الشيعة، النجف: مكتبة آية الله المرعشي النجفي، 1989 م.
– محمد جواد مغنية، الخميني والدولة الإسلامية، بيروت: دار العلم للملايين، بلا تاريخ.
– وزارة الإرشاد الإسلامي، دستور جمهورية إيران الإسلامية، طهران: وزارة الإرشاد الإسلامي، 1983.
– محمد مصطفوي، نظريات الحكم والدولة، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بلا تاريخ.
– مجموعة من الباحثين، “مؤتمر دراسة المباني الفكرية للإمام الخميني”، ملاكات الأحكام والأحكام الحكومية، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 2007.
– مصطفى جعفر بيشه فرد، الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني السياسي، طهران، بلا تاريخ.
– محمد بن مكي الشهيد الأول العاملي، الدروس الشرعية في فقه الإمامية، قم: مؤسسة الصادق للنشر والطباعة، بلا تاريخ.
– السيد اليزدي، العروة الوثقى، قم: مؤسسة النشر الإسلامي – جماعة المبلغين، 1990.
– الراغب الأصفهاني، مفردات ألفاظ القرآن، بيروت: دار القلم – الدار الشامية، 2009.
– Jones, W. T; Foster, Michael B; Lancaster, Lane W; Masters Of Political Thought: 2, Machiavelli To Bentham. London: George G. Harrap, 1977.
[1] أمثال: بيري أندرسون وبرتراند برادي وسامي زبيدة.
[2] معتز الخطيب: بحث بعنوان: “الفقيه والدولة في الثورات العربية”، مجلة تبيُّن عدد (٩) عام 2014: ص ٦٦.
[3] محسن كديور: نظريات الحكم في الفقه الشيعي، بيروت: دار الجديد، 2000م، ص 126.
[4] انظر، المسارات العامة لهذا الحراك في دراسة: معتز الخطيب: “الفقيه والفقيه المعاصر: دوره وعمله وإنجازاته”، قدمت ضمن مؤتمر النظرية الفقهية والنظام الفقهي، مسقط: وزارة الأوقاف والشؤون الدينية، 2012.
[5] كاظم الحائري: الإمامة وقيادة المجتمع، قم: مكتب السيد كاظم الحائري، 1995 م، ص 214.
[6] ينظر: فيصل الكاظمي: الحوزات الشيعية المعاصرة بين مدرستي النجف وقم، بيروت: دار المحجة البيضاء، 2012.
[7] ينظر: الأشعري: مقالات الإسلاميين واختلاف المصلين، اتحقيق: محمد محيي الدين عبد الحميد، القاهرة: مكتبة النهضة المصرية، 1950 م.
[8] ابن الأثير، مادة (ولي)، الجزء 5، الصفحة 510، والراغب الأصفهاني، مادة (ولي)، الصفحة 885، والطريحي، مادة (ولي)، الجزء 4، الصفحة 553.
[9] عباس سلامي الأنصاري: بحوث استدلالية في ولاية الفقيه، طهران: عرش انديشه، 2006، ص ٢٢.
[10] السيد اليزدي: العروة الوثقى، قم: مؤسسة النشر الإسلامي – جماعة المبلغين، 1990. ج 6 ص 413 & الخوانساري: جامع المدارك في شرح المختصر النافع، قم: مكتبة الصدوق، 1355 ه ش.، ج 6 ص 3.
[11] محمد مهدي الموسوي الخلخالي: الحاكمية في الإسلام، قم: مجمع الفكر الإسلامي، 1990، ص ٤٨٤.
[12] النائيني: المكاسب والبيع، تحقيق: محمد تقي الآملي، قم: مؤسسة النشر الإسلامي – جماعة المدرسين، 1413 هـ، ج 2 ص 334.
[13] المعجم الوسيط، إسطنبول: دار الدعوة، 1989 – مادة (ف ق هـ).
[14] القاموس المحيط، بيروت: دار الكتب العلمية، 1971 – مادة (ف ق ه).
[15] ينظر: محمد الحسين الحسيني الطهراني، ولاية الفقيه في حكومة الإسلام، المجلد 3، بيروت: دار المحجة البيضاء، 2012.
[16] أحمد فتح الله: معجم ألفاظ الفقه الجعفري، الدمام: مطابع المدوخل، 1995، (مادة: ولاية الفقيه).
[17] الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، قم: منشورات اسماعيليان، 1990، ج 8 ص 93.
[18] ينظر: فؤاد إبراهيم: الفقيه والدولة – الفكر السياسي الشيعي (في حوار له مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، ط1، بيروت، دار الكنوز الأدبية، 1998م.
[19] محمد مهدي الموسوي الخلخالي: الحاكمية في الإسلام، قم: مجمع الفكر الإسلامي، 1990.
[20] محمد شقير: فلسفة الدولة: في الفكر السياسي الشيعي – ولاية الفقيه نموذجًا، بيروت: دار الهادي، 2002 م، ص 352 -354.
[21] ينظر: كاظم قاضي زاده، أحمد جهان بزركى، وبهرام إخوان كاظمي، حاكمية الفقيه بين السلطة والولاية، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010.
[22] محمد مهدي الموسوي الخلخالي: الحاكمية في الإسلام، قم: مجمع الفكر الإسلامي، 1990، ص ٥٥٠.
[23] عباس نور الدين: الإمام الخامنئي: السيرة والمسيرة، بيروت: مركز باء للدراسات، 2002. ص 175.
[24] ينظر: النائيني: تنبيه الأمة وتنزيه الملة، القاهرة: دار التنوير، 2014.
[25] سورة الأحزاب، الآية 6.
[26] الشهيد الأول: الدروس الشرعية في فقه الإمامية، قم: مؤسسة الصادق للنشر والطباعة، بلا تاريخ.، الصفحة 65.
[27] مرتضى الأنصاري: المكاسب المحرمة، كتاب البيع، قم: مؤسسة الهادي للنشر، 1419 هـ، ج ٣ ص 153.
[28] محمد حسن الجواهري: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، بيروت: دار إحياء التراث العلمي، 1988 م، ج ١ ص ٣٥٩.
[29] الخوئي: صراط النجاة في أجوبة الاستفتاءات، قم: مطبعة سلمان الفارسي، 1416 ه، ص 9 مسألة 1.
[30] محمد باقر الصدر: ومضات، النجف: مركز الأبحاث والدراسات التخصصية للشهيد الصدر، 1428 هـ، ص 484.
[31] ينظر: برهان غليون ومحمد سليم العوا: النظام السياسي في الإسلام، القاهرة: دار الفكر، 2004.
[32] الميرزا علي الغروي: التنقيح في شرح العروة الوثقى، النجف الأشرف: مطبعة الآداب، 1999، ص 419.
[33] محمد جواد مغنية: الخميني والدولة الإسلامية، بيروت: دار العلم للملايين، بلا تاريخ، ص 13.
[34] محمد جواد مغنية: الخميني والدولة الإسلامية، بيروت: دار العلم للملايين، بلا تاريخ، ص 45.
[35] ينظر: حامد الخفاف، النصوص الصادرة عن سماحة السيد علي السيستاني في المسألة العراقية، بيروت: دار المؤرخ العربي، 2015.
[36] فؤاد إبراهيم: الفقيه والدولة – الفكر السياسي الشيعي (في حوار له مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، ط1، بيروت، دار الكنوز الأدبية، 1998م، ص434.
[37] ينظر: محمد مهدي شمس الدين: نظام الحكم والإدارة في الإسلام، بيروت: المؤسسة الجامعية للدراسات والنشر والتوزيع، 1991م.
[38] عبد العزيز قاسم: مقال بعنوان: السيد محمد حسين فضل الله، ولاية الفقيه نظرية لا يراها أكثر الشيعة، منشور على موقع: إسلام أون لاين، القاهرة، منشور في: ٣١/٠٨/٢٠٠٨ آخر دخول للموقع: ٢٢/١١/٢٠٢٢.
[39] منشور في صحيفة عكاظ السعودية بتاريخ ٢١/٠٨/٢٠٠٨، نقلًا عن: موقع البينات (الموقع الرسمي للسيد محمد حسين فضل الله)، آخر دخول: ٢٢/١١/٢٠٢٢. http://arabic.bayynat.org.lb/DialoguePage.aspx?id=12667
[40] محمد علي سرحان: إيران إلى أين؟ في عهد الرئيس محمد خاتمي، دمشق: منشورات جامعة دمشق، 1999م، ص 132.
[41] ستار جبار علاي: التجربة الإيرانية: المرشد الأعلى والنظام السياسي، القاهرة: العربي للنشر والتوزيع، 2019م، ص 15.
[42] أبو الأعلى المودودي: نظريات الإسلام السياسية، جدة: الدار السعودية للنشر، 1985، ص 9.
[43] محمد مصطفوي: نظريات الحكم والدولة، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بلا تاريخ، ص 203- 204.
[44] محمد مهدي شمس الدين: في الاجتماع السياسي الإسلامي، قم: دار الثقافة، 1412 هـ، ص 25.
[45] محمد مصطفوي: نظريات الحكم والدولة، دراسة مقارنة بين الفقه الإسلامي والقانون الدستوري الوضعي، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، بلا تاريخ، ص 205.
[46] أبي الصلاح الحلبي: الكافي في الفقه، إصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين (ع)، 1403هـ، ص 183.
[47] النراقي: عوائد الأيام في بيان قواعد استنباط الأحكام، بيروت: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، 2017، ج ٢ ص 536.
[48] الحسيني المراغي: كتاب العناوين الفقهية (ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه)، قم: مكتب الإعلام مؤسسة بوستان، ١٩٩٩م، ص ٣١٩.
[49] الفاضل الدربندي: كتاب خزائن الأحكام (ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه)، المحرر مهدي المهريزي، ومحمد كاظم الرحمان ستايش، قم: مكتب الإعلام مؤسسه بوستان، 1999م، ص ٣٠٦.
[50] ينظر: نظر علي الطالقاني، مناط الأحكام، ضمن كتاب رسائل في ولاية الفقيه، قم: مكتب الإعلام مؤسسة بوستان، 1999.
[51] االعلامة لحلي: تذكرة الفقهاء، قم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، محرم 1414 هـ، ج 2 ص 586.
[52] روح الله الموسوي الخميني: صحيفة نور، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1429 هـ، ج ٢٠ ص 452. & ينظر: محمد تقي مصباح يزدى: نظريه سياسى اسلام، قم: انتشارات اسماعيليان، 1422 هـ (باللغة الفارسية) & ينظر: علي عطايي: حكومت إسلامي، قم: نشر خرم، 1377 هـ.ش. (باللغة الفارسية)
[53] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 489.
[54] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 83.
[55] روح الله الموسوي الخميني: تحرير الوسيلة (المجلد ١ باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر)، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1988. المسألة 2.
[56] سورة النساء، الآية 59.
[57] ينظر: مجموعة مؤلفين (مركز نون للتأليف والترجمة): دروس في ولاية الفقيه، بيروت: جمعية المعارف الإسلامية، 2014.
[58] محمد هادي معرفة: ولاية الفقيه أبعادها وحدودها، قم: معهد الشهيد مطهري للدراسات الإسلامية العالية، جمعية التحقيق والتأليف، 1999، ص 2.
[59] محمد إسحاق الفياض: الأنموذج في نهج الحكومة الإسلامية القائمة على أساس الحاكمية لله تعالى، قم: مركز تحقيقات العلوم الإسلامية، 1426 هـ، ص 11.
[60] بشير النجفي: الدين القيم، النجف: مطبعة النعمان، 1425 هـ، ص 18.
[61] محمد عباس نعمان الجبوري ونور حسن جبار، بحث بعنوان: “مرجعية القرآن الكريم في فكر الشيخ محمد مهدي الآصفيّ (ولاية الفقيه أبعادها وحدودها) أنموذجًا”، مجلة جامعة بابل للعلوم الإنسانية 2019، ص 242 – 255.
[62] ريمون بودون: مناهج علم الاجتماع، ترجمة: هاله شبؤون الحاج، بيروت: منشورات عويدات، 1988م، ص 9 & علي فياض: نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010 م، ص 122.
[63] محمد مهدي الآصفي: علاقة الحركة الإسلامية بولاية الأمر، قم: مكتب الشيخ الآصفي، 1418 هـ، ص 5.
[64] ينظر: المحقق الكركي: رسائل المحقق الكركي، مكتبة آية الله العظمى المرعشي النجفي، 1989.
[65] الشيخ النراقي: ولاية الفقيه، بيروت: دار التعارف، 1999 م، ص 69.
[66] الشيخ النراقي: مستند الشيعة، (بدون طبعة)، ج 2 صفحات 132 و 517 و 523.
[67] النائيني: تنبيه الأمة وتنزيه الملة، القاهرة: دار التنوير، 2014، ص ١٧.
[68] روح الله الموسوي الخميني: كشف الأسرار، طهران: انتشارات آزادي، 1943 م، ص 181.
[69] محمد الموسوي الغريفي: بحث بعنوان “ولاية الفقيه في فكر الإمام الخميني”، مجلة المصطفى العدد (3)، نشرت في 2020، ص ١٤٨.
[70] قانون المشروطة كان ينصّ على بقاء الحكم الملكي بشرط وجود خمسة مجتهدين في البرلمان يشرفون على كون القوانين المشرعة لا تخالف أحكام الإسلام.
[71] روح الله الموسوي الخميني: كشف الأسرار، طهران: انتشارات آزادي، 1943 م، ص 218.
[72] جعفر السبحاني: تهذيب الأصول، قم: انتشارات إسماعيليان، 1985م، ج 3 صفحات 560- 690.
[73] ينظر: روح الله الموسوي الخميني: الاجتهاد والتقليد، المجلد2، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1418 هـ.
[74] ينظر: روح الله الموسوي الخميني: تحرير الوسيلة، مجلد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1988م.
[75] بيشه فرد، الثابت والمتغير في فكر الإمام الخميني السياسي، طهران: بدون تاريخ، الصفحة 50.
[76] يمكن الرجوع إلى الدراسات الفقهية المتخصصة في استعراض هذه الروايات وطرق استدلال السيد الإمام بها، مثلًا: (محمد الموسوي الغريفي: بحث بعنوان “ولاية الفقيه في فكر الإمام الخميني”، مجلة المصطفى العدد (3)، نشرت في 2020).
[77] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2، ص 488.
[78] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2، ص 489.
[79] أبي الصلاح الحلبي: الكافي في الفقه، إصفهان: مكتبة الإمام أمير المؤمنين (ع)، 1403هـ، ص 424.
[80] النراقي: عوائد الأيام في بيان قواعد استنباط الأحكام، بيروت: دار الهادي للطباعة والنشر والتوزيع، 2017، ج ٢ ص 536.
[81] مرتضى الأنصاري: المكاسب المحرمة، كتاب البيع، قم: مؤسسة الهادي للنشر، 1419 هـ، ج ٣ ص 546.
[82] الحر العاملي: تفصيل وسائل الشيعة إلى تحصيل مسائل الشريعة، قم: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1414 هـ، ج 27 (باب صفات القاضي – الباب 8) الحديث 50 و53.
[83] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 468 – 470.
[84] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج1، كتاب فضل العلم، الحديث 1، ص42.
[85] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج1، كتاب فضل العلم، الحديث 2، ص39.
[86] الشريف الرضي: نهج البلاغة، قم: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرسين، 1987 م، الخطبة 3، ص 5.
[87] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 482 – 486.
[88] ابن شعبة الحراني: تحف العقول عن آل الرسول (ص)، النجف: المطبعة الحيدرية، 1963م، ص 168.
[89] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 159.
[90] الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1984م، ج 2، الحديث 4، ص 483 & الطوسي: كتاب الغيبة، طهران: مكتبة نينوى الحديث، 1970م، ص 177.
[91] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 121.
[92] سورة النساء، الآية ٦٠.
[93] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج1، الحديث 5، ص 412. & الطوسي: تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيح المفيد، الجزء 2، الحديث 6، الصفحة 218.
[94] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 135.
[95] الطوسي: تهذيب الأحكام في شرح المقنعة للشيح المفيد، الجزء6، الحديث 53، الصفحة 303.
[96] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 140.
[97] الشيخ الصدوق: الفقه الرضوي، نشر ضمن أوراق المؤتمر العالمي للإمام الرضا، مشهد: مؤسسة آل البيت عليهم السلام لإحياء التراث، 1985 م، ص 338.
[98] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 157.
[99] البيهقي: السنن الكبرى، بيروت: دار الكتب العلمية، 2003م، الجزء 7، الصفحة 105.
[100] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 488.
[101] الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1984م، الجزء 3، الباب 3، الحديث 1، الصفحة 4.
[102] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 118.
[103] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج1، الحديث 5، ص 46.
[104] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 108.
[105] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج 1 الحديث 3، ص 47.
[106] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 102.
[107] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج 7 الحديث2 ص 406.
[108] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 115.
[109] ينظر: حسين علي منتظري: دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، طهران: دفتر تبليغات مكتب الإعلام الإسلامي، 1984.
[110] ينظر: محمد مهدي الموسوي الخلخالي: الحاكمية في الإسلام، قم: مجمع الفكر الإسلامي، 1990.
[111] ينظر: مفيد الفقيه: ولاية الفقيه في مذهب أهل البيت، بيروت: دار الأضواء، 2010 م.
[112] ينظر: محمد مهدي الآصفي: ولاية الأمر – دراسة فقهية مقارنة، قم: المجمع العالمي للتقريب بين المذاهب الإسلامية، 2000 م.
[113] ينظر: عباس نور الدين: ولاية الفقيه ظل الحقيقة العظمى، بيروت: مركز باء للدراسات، 2012 م.
[114] ينظر: محمد تقي مصباح يزدى: نظريه سياسى اسلام، قم: انتشارات اسماعيليان، 1422 هـ. (باللغة الفارسية)
[115] عبد الله الجوادي الآملي: ولاية الفقيه والقيادة في الإسلام، بيروت: دار الهادي، 2004 م.
[116] ينظر: أحمد مغنية، الخميني أقواله وأفعاله، بيروت: المكتبة الحديثة للطباعة والنشر، 1979 م.
[117] معتز الخطيب: بحث بعنوان: “الفقيه والدولة في الثورات العربية”، مجلة تبيُّن عدد (٩) عام 2014: ص ٦٦.
[118] أمية حسين أبو السعود: المعارضة الدينية في السياسة الإيرانية في الفترة من 1924 إلى 1979 م، رسالة دكتوراه غير منشورة، القاهرة: كلية الاقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، أجيزت: 1987 م.
[119] المرجعية الدينية: هو تقليد يعتمد عليه المذهب الشيعي، وبل يعتبرها الأساس في الفكر الشيعي، هو منصب لا يتم الاختيار فيه عبر عملية زمنية محددة، وإنما يتم من خلال اعتراف من هم على المذهب الشيعي ورجالات المؤسسة الدينية بالمكانة العلمية المتميزة للشخص نفسه، وهي عملية إفراز ذاتي للمجتهد العالم إلى منصب الأستاذية شبيه بآلية إفراز منصب “أستاذ كرسي” في النظام الأكاديمي في الجامعات، والتي يحصل عليها عبر سنوات طويلة من الدراسة الدينية والعلمية الرصينة تصل أحيانًا إلى 30 عامًا من البحث والدراسة. ينظر: أمل حمادة: الخبرة الإيرانية الانتقال من الثورة الى الدولة، بيروت: الشبكة العربية للأبحاث والنشر، 2008م، ص 174.
[120] علي الخامنئي: أجوبة الإستفتاءات، بيروت: جمعية المعارف الإسلامية، 2013، ص 18.
[121] وزارة الإرشاد الإسلامي.
[122] دستور الجمهورية الإسلامية في إيران، طهران: المشرق للثقافة والنشر، 2000 م، ص 74 – 75 (مجلس خبراء القيادة).
[123] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 461.
[124] روح الله الموسوي الخميني: الحكومة الإسلامية، بيروت: مركز بقية الله، 1389 هـ، ص 129.
[125] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 2 ص 461.
[126] روح الله الموسوي الخميني: البيع، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني (قدس سره)، 1421 هـ، ج 20 ص 459.
[127] عادل نبهان النجار: أثر النظام السياسى على عملية صنع القرار فى إيران (1997-2005)، رسالة ماجستير، القاهرة: كلية الإقتصاد والعلوم السياسية – جامعة القاهرة، 2011م، ص 21.
[128] ينظر: إبراهيم الدسوقي شتا: الثورة الإيرانية: الجذور الأيدولوجية، بيروت: الوطن العربي، 1979 م.
[129] محمد تقي مصباح يزدى: نظريه سياسى اسلام، قم: انتشارات اسماعيليان، 1422 هـ، ص 73- 75. (باللغة الفارسية)
[130] محمد شقير: فلسفة الدولة: في الفكر السياسي الشيعي – ولاية الفقيه نموذجًا، بيروت: دار الهادي، 2002 م، ص 305.
[131] مصطفى جعفر بيشه فرد ولاريجاني وكديور: مطارحات في الفكر السياسي الإسلامي، ترجمة: حيدر حب الله، بيروت: الانتشار العربي، 2011 م، ص 355.
[132] روح الله الموسوي الخميني: صحيفة نور، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1429 هـ، ج 13 ص 32.
[133] مصطفى جعفر بيشه فرد ولاريجاني وكديور: مطارحات في الفكر السياسي الإسلامي، ترجمة: حيدر حب الله، بيروت: الانتشار العربي، 2011 م، ص 355.
[134] ANTHONY QUINTON: Political Philosophy. Oxford: Oxford University Press, 1973 p.p. 22.
[135] Jones, W. T. ; Foster, Michael B.; Lancaster, Lane W.;. Masters Of Political Thought: 2, Machiavelli To Bentham. London: George G. Harrap, 1977, vol. 1 p.p. 315.
[136] ينظر: روح الله الموسوي الخميني: صحيفة نور، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1429 هـ.
[137] علي فياض: نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010 م، ص 9.
[138] علي فياض: نظريات السلطة في الفكر السياسي الشيعي المعاصر، بيروت: مركز الحضارة لتنمية الفكر الإسلامي، 2010 م، ص 10.
[139] مرتضى المطهري: المجتمع والتاريخ، قم: انتشارات إسماعيليان، 1988، ص 147.
[140] عباس علي عميد الزنجاني: “الفلسفة السياسية في الإسلام”، مقال في مجلة المنهاج عدد رقم (10)، نشر في 2004، ص 278.
[141] عباس علي عميد الزنجاني: “الفلسفة السياسية في الإسلام”، مقال في مجلة المنهاج عدد رقم (10)، نشر في 2004، ص 278.
[142] سورة الرعد، الآية 11.
[143] ينظر: المحقق الكركي: الخراجيات، قم: مؤسسة النشر الإسلامي التابعة – جماعة المدرسين، 1413 هـ.
[144] ينظر: محمد باوي: “قدرت از ديدگاه امام خميني”، فصلنامه علوم سياسي 9، 1377 هـ.ش. (باللغة الفارسية)
[145] روح الله الموسوي الخميني: موعد اللقاء (رسائل الإمام الخميني إلى نجله السيد أحمد الخميني)، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 1374 ه.ش، ص 83.
[146] روح الله الموسوي الخميني: الكوثر (مجموعة خطابات الإمام مع شرح لأحداث الثورة الإسلامية)، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1371 هـ، ص 237.
[147] راجع في ذلك: روح الله الموسوي الخميني: شرح الأربعون حديثًا، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1998م، ص 6 و 169 و 391 و 510-511.
[148] راجع في ذلك: روح الله الموسوي الخميني: الكوثر (مجموعة خطابات الإمام مع شرح لأحداث الثورة الإسلامية)، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر آثار الإمام الخميني، 1371 هـ، ص 108- 114.
[149] راجع في ذلك: روح الله الموسوي الخميني: تحرير الوسيلة، المجلد باب الأمر بالمعروف والنهي عن المنكر، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1988، الصفحات 11 و 232- 233.
[150] روح الله الموسوي الخميني: تحرير الوسيلة، بيروت: دار التعارف للمطبوعات، 1988، ج1 ص 415. & روح الله الموسوي الخميني: الرسائل، قم: مؤسسة إسماعيليان، 1368 هـ.، ج2، الصفحتان 101و 102.
[151] مجلس الخبراء: تعود خلفيات تأسيس مجلس الخبراء إلى بداية عام 1979 عند انتصار الثورة الإيرانية، وترجع فكرة تأسيسه إلى اقتراح قدم به محمود طالقاني كحل وسط بين الاتجاهين (الليبراليين- المحافظين)، ثم تبنى فكرة انتخاب جمعية مصغرة أطلق عليها تسمية مجلس خبراء القيادة. ينظر: كريم، الصفحة 140.
[152] انظر مثلًا: أسس التعديل الثاني في الدستور الأميركي الذي يعطي الحق للشعب في امتلاك السلاح الخفيف والمتوسط والثقيل، بل وتشكيل ميليشيات مسلحة محلية.
[153] Graham, Gordon. The Case Against the Democratic State. Charlottesville: Im-print- Academic, 2004.
[154] ينظر: سوزان روم أكرمان: الفساد والحكم، بيروت: الأهلية للنشر والتوزيع والطباعة، 2003.
[155] محمد جواد مغنية: الخميني والدولة الإسلامية، بيروت: دار العلم للملايين، بلا تاريخ. ص 79.
[156] الأحكام الأولية أحكامٌ للشارع المقدّس، يتمّ كشفها من قبل الفقيه مباشرةً، فيما الأحكام الولائية أحكامٌ يصدرها الحاكم الشرعي بمقتضى صلاحياته الشرعية، والأحكام الأولية أحكامٌ كلية غير مطبّقة على مصاديقها الخارجية، كقول الفقيه: الصلاة واجبة، والماء طهور؛ فيما تعبّر الأحكام الولائية عن تطبيق حكم كلّي على الموضوعات الخارجية. يراجع في ذلك: الشهيد الثاني: مسالك الأفهام، قم: مؤسسة المعارف الإسلامية، 1416 هـ، ج1، ص 162. & محمد حسن الجواهري: جواهر الكلام في شرح شرائع الإسلام، بيروت: دار إحياء التراث العلمي، 1988 م، ج 21 ص 43 & مجموعة من الباحثين: مقرر “مؤتمر دراسة المباني الفكرية للإمام الخميني”، ملاكات الأحكام والأحكام الحكومية، طهران: مؤسسة تنظيم ونشر تراث الإمام الخميني، 2007. ص 251.
[157] فؤاد إبراهيم: الفقيه والدولة – الفكر السياسي الشيعي (في حوار له مع الشيخ محمد مهدي شمس الدين)، ط1، بيروت، دار الكنوز الأدبية، 1998م، ص 427.
[158] سورة النساء، الآية 141.
[159] محمد حسيني الشيرازي، كيف نجمع شمل المسلمين؟ بيروت: مؤسسة المجتبى، 1424 هـ.
[160] الشيخ الصدوق: من لا يحضره الفقيه، بيروت: مؤسسة الأعلمي للمطبوعات، 1984م، ج ٤ ص ٤٢٠، باب النوادر، الحديث ٥٩١٩. & معاني الأخبار ج 2 ص 374، الباب 423 (باب معنى قول النبي: ” اللهم ارحم خلفائي ” – ثلاثا) & الأمالي للصدوق ص 109، المجلس 34، الحديث 4.
[161] الكليني: الكافي في الأصول والفروع، قم: مطبعة الخيام، 1983م، ج 7 ص ٤١٢.
[162] السيد مرتضى الشيرازي: مقال بعنوان: “شورى الفقهاء تجسد ضمانًا قويًّا ضد الانخراط في الاستبداد”، منشور بتاريخ 1 محرم 1420هـ، جريدة الوطن الكويتية، بواسطة: موقع النبأ: تاريخ الدخول:٢٢/١١/2022، <https://annabaa.org/nba32-33/shora.htm>
[163] محمد شقير: فلسفة الدولة: في الفكر السياسي الشيعي – ولاية الفقيه نموذجًا، بيروت: دار الهادي، 2002 م، ص 284.
[164] ينظر في ذلك: هشام نور الدين: بحث بعنوان: “نظرية ولاية الفقيه بين وحدة القيادة والتعدّد”، مجلة مطارحات في الفكر السياسي الإسلامي 2015 م، الصفحات 171- 177.
[165] محمد باقر الصدر: الإسلام يقود الحياة، نسخة إلكترونية (بدون دار نشر)، 1984، الصفحتان 13 و14.
[166] عدنان سعد الدين، “من أصول العمل السياسي للحركة الإسلامية المعاصرة”، الحركة الإسلامية.. أوراق في النقد الذاتي، المحرر عبد الله النفيسي، الكويت: مكتبة آفاق، 2012، الصفحة ٢٧٦ و 416.
[167] سورة المائدة، الآية 100.
[168] أبو الأعلى المودودي: نظرية الاسلام وهديه فى السياسة والقانون والدستور، القاهرة: مؤسسة الرسالة، 1969، ص 59.
[169] محمد حسين الطباطبائي: نظرية السياسة والحكم في الإسلام، بيروت: الدار الإسلامية، 1982، ص 49. & حسين علي منتظري: دراسات في ولاية الفقيه وفقه الدولة الإسلامية، طهران: دفتر تبليغات مكتب الإعلام الإسلامي، 1984. ج 1، ص 567.
[170] هشام عوض جعفر، الأبعاد السياسية لمفهوم الحاكمية، فرجينيا: المعهد العالمي للفكر الإسلامي، 1995، ص 132.
[171] مرتجي حجت: “التيارات السياسية في إيران”، المجلس الأعلى للثقافة 2002، ص 81.
[172] محسن كديور: نظريات الحكم في الفقه الشيعي، بيروت: دار الجديد، 2000م، ص 13.
[173] محمد حسين الطباطبائي: أبحاث إسلامية، قم: انتشارات اسماعيليان، 1995م، ص 169.
[174] الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، قم: منشورات اسماعيليان، 1990، ج 7 ص 207. & ينظر: الطباطبائي: أبحاث إسلامية، قم: انتشارات اسماعيليان، 1995.
[175] الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، قم: منشورات اسماعيليان، 1990، ج 19 ص 141، و ج 14 ص 72.
[176] الطباطبائي: الميزان في تفسير القرآن، قم: منشورات اسماعيليان، 1990، ج 27 ص 29.
[177] الطباطبائي: أبحاث إسلامية، قم: انتشارات اسماعيليان، 1995.ص 73.
المصدر: معهد المعارف الحكمية للدراسات الدينية والفلسفية