السيد الخباز: هوية أبنائنا تُختطف على يد ”دعاة فضائيين“.. والإعلام الديني غائب

الاجتهاد: حذّر السيد منير الخباز من أن الأجيال الجديدة باتت تعيش حالة من الانفصال الروحي والمعرفي عن الدين، نتيجة عوامل متراكمة أبرزها ضعف التواصل مع المؤسسات الدينية، وسيطرة الخطاب الرقمي المعولم، وتراجع دور الأسرة في التوجيه والمتابعة.وأكد أن هناك فجوة متزايدة أدت إلى نفور وشكوك وحيرة لدى فئة واسعة من الشباب، الأمر الذي يستدعي تحركاً استراتيجياً عاجلاً من قبل المؤسسات الدينية والأسر على حد سواء.

جاء ذلك خلال محاضرته التي ألقاها في الليلة التاسعة من شهر محرم الحرام بالمركز الإسلامي في مدينة ديربورن الأميركية تحت عنوان ”لماذا لا تتفاعل الأجيال الجديدة من أبناءنا مع الدين ومناسباته وهمومه؟“.

وأشار السيد الخباز أن دخول العصر الرقمي غيّر أنماط الحياة الثقافية، وجعل التكنولوجيا، لا سيما وسائل التواصل الاجتماعي، محور اهتمام الأبناء ومصدرًا رئيسيًا لتلقي المعلومات، بما فيها تلك التي تشكك في ثوابت الدين وقيمه.

وأوضح أن الفئات العمرية التي تقل عن عشر سنوات لم تعد تتفاعل مع الصلوات الجماعية أو الشعائر الحسينية، كما فقدت اهتمامها بقضايا الأمة وأحداثها الكبرى، ما يعكس اتساع الفجوة بين هذه الفئة والمضمون الديني التقليدي.

ولفت إلى أن هذا الانفصال يعود إلى غياب خطط إعلامية موجهة للمجتمع الرقمي، مع اكتفاء المؤسسات الدينية بأساليب تقليدية لا تواكب التطور التقني واللغوي الذي يتفاعل معه الجيل الحالي.

وأشار إلى أن الانتماء الديني يمثل حاجة نفسية أساسية، بحسب تسلسل ماسلو للحاجات الإنسانية، إذ يمنح الإنسان الشعور بالأمن والعزة والثقة بالذات.

ودعا إلى إعادة تفعيل هذا الانتماء عبر برامج تعليمية وتربوية تبدأ من المحيط الأسري.

وبيّن أن أبرز عوامل تشكيل الهوية الدينية تشمل الأسرة، والإعلام، والمراكز الدينية.

وحذر في الوقت نفسه من هيمنة دعاة غير مؤهلين على الفضاء الرقمي، الذين يروجون لخطابات متطرفة أو مائعة على حد سواء، مما يفتح الباب أمام ظاهرة ”التدين الفردي“ ويضعف الانتماء للمؤسسة الدينية.

وأوضح أن هيمنة ”اللغة الرقمية“ غيرت أنماط الحياة وأصبحت تشغل حيزاً كبيراً من وعي وفراغ الأبناء، مما جعلهم عرضة لأفكار متصارعة ومضامين تفصلهم عن قيمهم الأصيلة.

ولفت إلى انتشار مفاهيم مثل النسوية والإلحاد دون رقابة، إلى جانب تسطيح الخطاب الديني عبر ما سماه بـ ”الدعاة الفضائيين الغير المؤهلين“ مستفيدين من غياب الحضور المؤسسي الديني المنظم والمؤثر في هذه المنصات.

وشدد الخباز على أن المؤسسات الدينية، رغم مشاريعها الضخمة في مختلف المجالات، إلا أنها تعاني من نقص حاد في ”التخطيط الإعلامي“ لمواكبة هذا التطور.

ودعا السيد الخباز إلى إصلاح بيئة الوعي الديني من خلال أربع خطوات رئيسية: تأسيس منصات إعلامية رقمية جذابة، إتاحة المجال للعلماء من ذوي الكفاءة العلمية للحضور في الفضاء الرقمي، تبني أساليب خطابية معاصرة تتناسب مع عقلية الجيل، وإنتاج محتوى إعلامي متنوع يشمل الأفلام والمقالات والمقاطع التوعوية.

وأكد على أن الحل لا يكمن في تغيير ثوابت الدين، بل في تجديد لغة الخطاب الديني وأساليبه لتكون معاصرة ومفهومة لدى الشباب.

وبيّن أن مخاطبة الناس على قدر عقولهم وبالمصطلحات التي يفهمونها هو نهج أساسي لضمان وصول الرسالة.

ونادى بضرورة إنتاج محتوى ديني رصين يشمل الأفلام والمقالات والبرامج التي تعزز العقائد والقيم الأخلاقية بأسلوب جذاب.

وفي سياق متصل، لم يُغفل السيد الخباز الدور المحوري للأسرة والمراكز الدينية والمحيط الاجتماعي. فانتقد ضعف الرقابة الأسرية والتركيز على التفوق الدراسي على حساب التربية الدينية.

وحذر السيد الخباز من مخاطر ”الإدمان الرقمي“ الذي يفقِد الأسرة دورها وتأثيرها.

وطالب المراكز الدينية بالانتقال من حالة انتظار الناس إلى المبادرة والتواصل الاجتماعي الفعّال معهم، وزيارتهم وتفقد أحوالهم، لتكوين لحمة اجتماعية حقيقية.

وشدد على أهمية احتواء الأطفال في المراكز وتوفير بيئة جاذبة لهم تربطهم بشعائر الدين منذ الصغر.

دیدگاهتان را بنویسید

نشانی ایمیل شما منتشر نخواهد شد. بخش‌های موردنیاز علامت‌گذاری شده‌اند *

Clicky