خاص الاجتهاد: للأسف، لقد تم إغفال البعد السياسي لكربلاء إلى حد ما، وفي بعض الفترات بشكل كامل، بين الشيعة. تنبع هذه المسألة من فهم غير صحيح لبعض نصوصنا الروائية والزيارات. هذا الخلط هو في الحقيقة خلط بين الوسيلة والهدف.
في هذا المنظور، كربلاء ليست مرآة للصراع بين الحق والباطل، وليست حالة أو وسيلة للوصول إلى الأهداف الإنسانية السامية؛ ليست وسيلة للعبرة، بل تكتسب أهميتها في حد ذاتها دون هذا الجانب. هذا في حين ورد في زيارة عاشوراء: “اللهم اجعل محياي محيا محمد وآل محمد ومماتي ممات محمد وآل محمد”؛ ولكن للأسف، عندما يقرأ الكثير من شيعتنا من مختلف الطبقات زيارة عاشوراء، فإنهم ينظرون إلى هذه الجملة كمرآة، بل يعتبرون مجرد قراءة هذه الجملة ثوابًا فحسب.تلاحظ هذه المجموعة من الشيعة الروايات التي تتحدث عن أهمية الزيارة، لكنها تستخلص منها فهمًا ناقصًا.
من الطبيعي أن يكون مجرد قراءة زيارة عاشوراء بحد ذاتها ثوابًا؛ لأنها تساهم في تجديد ذكرى نهضة الإمام الحسين (عليه السلام) وتخليد عاشوراء، بما تحتويه من أهداف مقدسة. هذا يشبه تمامًا القول بأنه حتى لو لم يفهم شخص معنى آيات القرآن، فإن قراءتها لا يزال فيها ثواب.
ببيان آخر، عندما يتم التركيز على زيارة كربلاء، فإن المسألة تتضمن جانبين: أحدهما نفس الزيارة وثوابها؛ والآخر هو كونها موجهة نحو التأثير الذي تحدثه في إبقاء الشريعة والعدالة حيتين. نستشف هذه النقطة أيضًا من تصريحات الإمام الحسين (ع) نفسه. وقد أدى الفصل بين هذين الجانبين إلى خلق مشكلة.
يمكن ملاحظة هذا النوع من التعامل في بعض المسائل الدينية الأخرى أيضًا. فبمجرد أن كان الأئمة يشعرون بأن حكمًا من أحكام الدين يوشك على النسيان أو أن بدعة في طريقها لتحل محله، كانوا يحثّون الشيعة على العمل بذلك الحكم ويحرّضونهم على معارضة البدعة.
عندما تحدث الإمام الباقر (عليه السلام) عن زيارة الإمام الحسين (ع)، كان بنو أمية لا يزالون على سدة الحكم، وكان الذهاب لزيارة الإمام الحسين (ع) بمثابة مواجهة لبني أمية وإحياء لأهداف عاشوراء. بطبيعة الحال، يجب أن تكون عاشوراء خالدة، ويجب أن تخلد تقاليدها أيضًا، لأننا دائمًا بحاجة إلى أهداف عاشوراء.
النقطة التي يجب التأكيد عليها عند شرح حادثة عاشوراء للجماهير هي ربط حادثة عاشوراء بأهداف عاشوراء. إذا تحقق هذا الربط والاتصال، حينئذٍ يمكن أن يكون كون كربلاء أسوة وعبرة أكثر وضوحًا وإحساسًا.
كما يجب الانتباه إلى أنه إذا كان البكاء على الإمام الحسين (ع) مزيلًا للذنوب، فذلك ينبع من التأثير المعنوي لكربلاء في تهيئة ظروف التحول الداخلي وإعداد الشيعي للدفاع عن الدين وحمايته، وربما التضحية والفداء في سبيله. ومع ذلك، يجب التأكيد على أن التركيز على الجانب السياسي لكربلاء لا ينبغي أن يقلل من اهتمامنا بهذا الحدث كظاهرة متفوقة تمامًا، وأمر خالد، وأمر مقدر ومحدد من قبل الباري تعالى. كربلاء ليست مجرد نهضة أرضية؛ بل هي جزء من الوحي المتجسد والقرآن المتعين. وكما أن نظرية الإمامة في الشيعة لا تقتصر على الجانب السياسي فحسب، فإن ثورة عاشوراء ليست مجرد حركة سياسية.
المصدر: قسم من مقالة بعنوان: “كربلا از آغاز تا پايان” بالفارسية للدكتور الشيخ رسول جعفريان