الاجتهاد موقع فقهي
الاجتهاد: لاول مرة يرى النور بحلته الجديدة كتاب (مستقصى مدارك القواعد) للملا حبيب الله الكاشاني، وكان الكتاب سابقا مطبوع طبعة حجرية، لكن بجهود المركز العالمي للدراسات التقريبية تم تحقيق الكتاب ومقارنته بقواعد المذاهب الاسلامية ما امكن لذلك سبيلا، وتعد هذه الطبعة الاولى للكتاب.
وسوف نوجز للقارئ الكريم ميزات هذا الكتاب وما له وما عليه:
للملّا حبيب الله الكاشاني منهجه الخاص في تدوينه لقواعد الفقه وضوابطه, ويبقى أنّ هذا المنهج لم يسبقه غيره في التصنيف في قواعد الفقه, إلّا أنّه يمكن لنا أن نسجّل عدّة ملاحظات حول ذلك نذكرها إجمالاً كالتالي:
1- التبويب
اعتمد الكاشاني منهج التبويب الفقهي الفروعي لتبويب قواعد الفقه, فتعامل مع قواعد الطهارة في باب على حدة, وهكذا قواعد باب الصوم والصلاة والحجّ والأمر بالمعروف والجهاد.
لكن ذكرنا فيما تقدّم أنّ هذا التبويب يواجَه بمشكلات حقيقيّة.
2- ضوابط لا قواعد
يلاحظ أنّ أكثر ما دوّنه في هذا الكتاب يعدّ ضوابط للفقه لا قواعد, وقد تقدّم الفرق بين القاعدة والضابطة الفقهيّة.
3- عدم استيعاب
رغم أنّ المصنّف تولّى مهمّة استيعاب قواعد وضوابط كلّ باب فقهي, إلّا أنّه لم يكن في الحقيقة مستوعباً لجميع تلك الضوابط.
ويضاف إلى ذلك أنّ ضوابطه لم تكن ناضرة إلى المسائل المهمّة في ذلك الباب, وتبدو وكأنّها عشوائيّة, ولا يوجد رابط حقيقي يجمع بين هذه الضوابط والصياغات غير كونها تنتمي إلى نفس الباب الفقهي, وهذا في حدّ نفسه غير كاف في استيعاب قواعد الباب وضوابطه حسب منهج يربط بينها ويوفّر للقارئ إحاطة كاملة أو وافية بقواعد أو ضوابط ذلك الباب.
4- عدم وجود نظام لصياغة الضوابط
يلاحظ أنّه اقتصر على القواعد والضوابط الفقهيّة التي وردت نصّاً عن الشارع, لكن هذا لا يفي بحاجات التشريع وشموليّة الشريعة الإسلاميّة لكلّ زمان ومكان, فإنّ المفروض استخراج تلك القواعد من خلال تكرّرها وضبطها لجملة من أحكام الشارع وانتخاب الصياغة الأمثل لها, وهذه هي المهمّة الأصعب في تقعيد الفقه وصياغته في ضوابط كلّية, نأمل أن ينحو الفقه القواعدي هذا المنحى في المستقبل.
5- أحكام وجمل فقهيّة لا ضوابط
ويلاحظ أنّه أورد كثيراً من الفروع الفقهيّة وجعلها بصيغة الضابطة, لكنّها وإن احتوت على سور القضية لكن كلّيّتها لا تشبه كلّيّة القاعدة أو الضابطة, فهي روحاً لا تخرج عن كونها مسائل فقهيّة وإن كان قد أوردها بصورة الكلّية, فإنّ هذا غير كاف في كلّيّة وشرط القاعدة والضابطة الفقهيّة.
6- يضاف أنّه تعامل مع العبادات لا المعاملات
وطبيعة العبادات تقلّ فيها الضوابط والقواعد؛ لأنّها أحكام تعبّديّة ومن غير الضروري أن تندرج تحت قاعدة أو ضابطة كلّية كما هو مقتضى تعبّديّتها, بخلافه قواعد فقه المعاملات فإنّها ليست تعبّديّة صرفة, بل هي ممضاة من قبل الشارع, وليست مؤسَّسة منه, ولذا توصف بأنّها أحكام معقولة المعنى, وطبيعة هذه الأحكام أنّها ترجع إلى اُصول معيّنة, وفي مثل هذه الأحكام العرف يتّبع اُسلوب الصياغة الكلّيّة في بيان جملة من الفروع الفقهيّة التي تدخل تحت ضابط كلّي معيّن.
عملنا في التحقيق
اقتصر عملنا في تحقيق هذا الكتاب على إعمال الاُمور التالية:
1- ضبط المتن, ويلاحظ وجود نسخة واحدة للكتاب ولم يتسنّى لنا العثور على أكثر من نسخة, وهذه النسخة وقع فيها أخطاء إملائيّة واضحة, فقمنا بإصلاحها مباشرة من دون الإشارة إلى ذلك في الهامش.
2- توثيق الاستشهادات والإرجاعات الفقهيّة التي أشار إليها المصنّف والتي لم يشر إليها, ووضعنا ذلك في الهامش لكي يتسنّى للباحث المتخصّص التأكّد من الأقوال والدعاوى التي أتى بها المصنّف في المتن.
3- توثيق واستخراج الروايات التي أشار اليها المصنّف في المتن, وهي كثيرة بل إنّ هذه الضوابط والقواعد كانت بالأساس واردة في نصوص الشارع.
4- مقارنة اُصول تلك القواعد والضوابط بقواعد وضوابط أهل السنّة بمذاهبهم الأربعة تتميماً للفائدة, واقتصرنا بالمقارنة على اُصول تلك القواعد والضوابط؛ لأنّه لم يمكن ذلك في جملة من التفصيلات والمباحث الأحكاميّة؛ لاختلاف الأدلّة والوجوه التي تخصّ القاعدة في جملة كبيرة منها, فلم يمكن الإشارة لذلك في الهامش.
