الأشياء التي يستهلكها الإنسان في غذائه تنقسم أساسياً إلى نوعين: النباتات والحيوانات، فالنباتات حلال بشكل عام إلا ما كان مسكراً منها أو يضر لصحة الإنسان، وهذا بخلاف الحيوانات، فالشريعة تمنع استهلاك معظم أجزائها، أي الأصل في الحيوانات الحرمة إلا إذا ثبتت حِلّته في الكتاب والسنة.
موقع الاجتهاد: الغذاء ضرورة أساسية للإنسان، وعليه تتوقف حياته وبقاءه، ولكن مع ذلك هناك أشياء تضر الإنسان صحياً وخلقياً، والشريعة الإسلامية من أهدافها الأساسية إنقاذ البشرية مما يضرها ويؤمن حياتها، لأجل ذلك قد بين الإسلام الحلال والحرام وما يتعلق بهما من أحكام بكل وضوح وتفصيل.
الأشياء التي يستهلكها الإنسان في غذائه تنقسم أساسياً إلى نوعين: (1) النباتات، (2) والحيوانات، فالنباتات حلال بشكل عام إلا ما كان مسكراً منها أو يضر لصحة الإنسان، وماعدا هذين النوعين مما ليس بمسكر ولا يودي بحياة الإنسان على الفور بل يضر بصحة الإنسان أشد الضرر فاستهلاك هذا النوع من النباتات أيضاً ممنوع شرعاً، وإن كانت هذه الممانعة أقل درجة من الشيء المسكر أو المهلك.
وهذا بخلاف الحيوانات، فالشريعة تمنع استهلاك معظم أجزائها، أي الأصل في الحيوانات الحرمة إلا إذا ثبتت حِلّته في الكتاب والسنة، لأجل هذا لم يذكر القرآن الكريم تفاصيل أي حكم من الأحكام مثل ما ذكره من الحيوانات المشروعة، ثم إن الطيور والأنعام التي أباحتها الشريعة قد أوجب الإسلام تذكيتها لتكون صالحة للأكل والاستعمال ولم يُستثن منها إلا حيوان واحد، هذا بالإضافة إلى أنه مع كون تلك الحيوانات مذبوحة بطريقة شرعية يبقى حرمة بعض أجزائها، ومما زاد هذه القضية أهمية في العصر الراهن أن الإنتاجات الغذائية المتنوعة تُصنع وتُجهّز بالمواد النباتية والأغذية الحيوانية، وإن المنتجات المباح استهلاكها شرعاً قد تضاف إليها بعض المواد الكيمائية لسرعة نموها والحفاظ على نضارتها ونكهتها أو تحسينها أو جعلها شهية لذيذة مما قد يضر بصحة الإنسان أشد الضرر ويترتب عليه نتائج لا تحمد عقباه، انطلاقاً من ذلك نرى من المناسب طرح مسائل عديدة منها:
1. لزيادة الإنتاجية في الزراعة يتم استخدام أسمدة تحتوي على كمية كبيرة من السمية، حتى لو أكلها الإنسان في حالته الأصلية فلا عجب من أن يوشك على الموت، هذه السمية تمتزج بالنباتات عن طريق الأرض وكذلك يتم رش أدوية سائلة على الثمار لحمايته من الدود والحشرات، فهذه الأدوية تصيب الدود فتميتها ولكن تتأثر النباتات أيضاً بهذه الأدوية، فقد حظرت المملكة العربية السعودية في الماضي القريب استيراد الفلافل الحارة بعد اختبارها بالمختبرات وكذلك منعت الاتحاد الأوروبي استيراد المانجو الهندي، فهل يجوز استخدام هذه المواد السامة للحفاظ على الأثمار وزيادة الإنتاج، علماً بأن آثارها الضارة تبلغ إلى المستهلكين، ويسبب بشكل بطئ أمراضاً خطيرة كالسرطان وما إليها؟
2. تُستخدم لإنضاج الثمار مواد كيمياوية تجعلها ناضجة قبل الأوان أو تحسن شكلها، وربما تعطى لها حقنات تساعد في نضجها بسرعة فائقة وقد تزيدها حلاوة، ثم إن هذا النوع من الأثمار تبدو كأنها نضجت بشكل طبيعي، يرى خبراء الطب أن الأثمار المنضجة قبل الأوان واستهلاكها ضارة جدا لصحة الإنسان، فهل يجوز لإنضاج الثمار أو لزيادة حجم الخضروات والبقول أو إعدادها بشكل غير طبيعي استخدام المواد السمية؟
3. لزيادة كمية الحليب في الحيوانات المباحة أو استيراد الحليب من الحيوانات التي توقف حليبها فطرياً يُعطى لها حقنات خاصة بها، فهي بدورها تجعل الحيوانات تدر لبناً كثيراً ولكن بعضاً من خبراء الطب يقول: إن هذا النوع من الحليب يضر بصحة الإنسان؛ لأنه محلوب بشكل غير طبيعي، وينتج عنه ضرر كبير للإنسان بشكل عام، فهل يجوز اتخاذ مثل هذه التدابير لزيادة كمية الحليب؟
4. يتم استخدام أدوية لتسمين بعض الحيوانات، كما يتم استخدام أغذية خاصة بذلك لهذا الغرض، على سبيل المثال يقوم أصحاب مزارع الدواجن بهذه العملية لزيادة حجم الفراخ ونموه نمواً مطرداً وبهذا العمل يحققون فائدتين: أولاهما أن هذه الزيادة تزيد وزن اللحم، والثاني: أنهم يفرغون من مسؤولية تربية الدواجن بشكل سريع، ومن المعلوم أن الدجاج يستكمل حاجته الغذائية بالنباتات، والأسماك تنمو بأكل العشب والنباتات الموجودة في الماء أو ابتلاع أسماك صغيرة فيه؛ ولكن من الملاحظ اليوم أن الأغذية التي تعد لهم يتم تصنيعها بمواد تضاف إليها أجزاء حيوانات تساعد على زيادة الوزن بسرعة فائقة، ويقال: إن شحوم الخنـزير هي أكثر فاعلية لأداء هذه الوظيفة في الدواجن والأسماك، ويلاحظ اليوم أن الأغذية التي يتم استيرادها من الدول الغربية تحتوي على مثل هذه المواد الخنـزيرية، فالسؤال:
أ. هل يجوز لزيادة وزن وحجم اللحوم في الحيوانات المباحة استخدام هذه الأغذية؟
ب. لو تمت تغذية الحيوان المباح بهذه الأغذية فهل يكون لحمه حلالاً أو يحرم أو يكره لتغذيته بغذاء محرم؟
5. لو تم استخدام أشياء ضارة بالصحة في المنتجات الغذائية فما حكم هذا العمل؟ وما مدى منع هذا العمل؟ هل يكون محرماً أو مكروهاً؟ وكذلك ما حكم شراء هذه المنتجات واستهلاكها لنفسه وتقديمها للآخرين؟
الندوة الفقهية الرابعة والعشرون
المكان: دارالعلوم الإسلامية، أوجيره، بمديرية كلم، كيرالا الهند
الزمان: 1ــــ3/ مارس