السيد السيستاني

شهادات الشهود على رؤية الهلال المخالفة لإخبار الفلكيين؟

 الاجتهاد: يحكى عن سيدّنا المرجع ( دام ظلّه ) أنه لا يأخذ أحياناً بشهادات الشهود على رؤية الهلال إذا خالفت إخبار الفلكيين بعدم قابليته للرؤية مع أن الشهادات حسّية والإخبار حدسي فما الوجه في ذلك؟

الجواب : إن إخبار الفلكيين على قسمين :

۱ ـ ما يعتمد الحسابات الرياضية ولا يتخلله الاجتهاد والحدس الشخصي كإخبارهم عن زمان ولادة الهلال ووقت خروجه من المحاق ومقدار ارتفاعه فوق الأفق ونسبة القسم المنار إلى اكبر قطر يبلغه القرص ونحو ذلك ، ولا يحدث عادةً اختلاف بين الفلكيين في هذا القسم ، نعم ربما يخطأ بعضهم في المحاسبة.

۲ ـ ما يخضع للحدس والاجتهاد ويعتمد التجربة والممارسة ، كقول بعضهم أن الهلال لا يكون قابلاً للرؤية إلا إذا كان بارتفاع (٦) درجات فوق الأفق أو بعمر (۲۲) ساعة أو ببُعد كذا عن الشمس وأشباه ذلك ، وفي هذا القسم يكثر الاختلاف في وجهات النظر .

فإذا كانت شهادات الشهود على رؤية الهلال مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الأول يحصل عادة العلم أو الاطمئنان بخطأ الشهادة إذا اخبروا وفق حسابات دقيقة أن الهلال بعدُ في المحاق أو أنه قد غرب قبل غروب الشمس ومع ذلك شهد اثنان أو أزيد برؤيته!

وأما إذا كانت الشهادات مخالفة لإخبار الفلكيين من القسم الثاني فربما يحصل الاطمئنان بخطأ الشهادات ـ بتجميع القرائن والشواهد ـ و ربما لا يحصل الاطمئنان بذلك، وإن لم يحصل وكان من ضمن الشهود عدلان تتوفر في شهادتهما شروط الحجيّة لزم العمل بمقتضاها ولا أثر للظن بخلافها .

وبالجملة : إن من شروط حجّية البيّنة ( شهادة العدلين ) على رؤية الهلال هو عدم العلم أو الاطمئنان باشتباهها ، فإن حصل العلم أو الاطمئنان بذلك ولو من إخبار الفلكي ــ مثلاً ــ بكون الهلال بعدُ في المحاق أو بكونه بعدُ رفيعاً جدّاً بحيث لم ير مثله بالعين المجرّدة من قبل فلا عبرة بالبيّنة ، و إلا يؤخذ بها ولا أثر لإخبار الفلكي.

الشهادات المنفردة على رؤية الهلال

احيانا تنبعث شهادات منفردة برؤية الهلال من اشخاص موثقين من بلاد متقاربة في الافق , وهي بمجموعها تشكل رقما كبيرا – كثلاثين شهادة – ومع ذلك يلاحظ ان سيدنا المرجع (دام ظله) لا يأخذ بها ولا يعتمدها في ثبوت اول الشهر , فما هو الوجه في ذلك؟

الجواب: مورد عدم الاخذ بها هو ما أذا استهل في كل بلد جمع من الناس ولم يدعي الرؤية الا نفر قليل منهم وفي الباقين من يماثلونهم في معرفة مكان الهلال وحدة البصر مع فرض صفاء الجو وعدم وجود ما يحتمل ان يكون مانعا من رؤية الآخرين ,فان في مثل هذه الحالة لا يعتد بدعاوى الرؤية كما يستفاد ذلك من عددٍ من النصوص:

1) معتبرة ابي ايوب إبراهيم بن عثمان الخزاز عن الصادق عليه السلام: قلت له: كم يجزئ في رؤية الهلال ؟ فقال: ” إن شهر رمضان فريضة من فرائض الله فلا تؤدوا بالتظني، وليس رؤية الهلال أن تقوم عدة فيقول واحد: رأيته، ويقول الآخرون: لم نره، إذا رآه واحد رآه مائة، وإذا رآه مائة رآه ألف..(1)

2) صحيحة محمد بن مسلم عن أبي جعفر عليه السلام قال: إذا رأيتم الهلال فصوموا وإذا رأيتموه فافطروا وليس بالرأي ولا بالتظني ولكن بالرؤية، والرؤية ليس ان يقوم عشرة فينظروا فيقول واحد هو ذا هو، وينظر تسعة فلا يرونه، إذا رآه واحد رآه عشرة والف… (2)

3) موثقة عبد الله بن بكير بن أعين عن أبي عبد الله عليه السلام قال: صم للرؤية وأفطر للرؤية، وليس رؤية الهلال ان يجئ الرجل والرجلان فيقولان رأينا، إنما الرؤية أن يقول القائل رأيت فيقول القوم صدقت.. (3)

فيلاحظ تأكيد الامام عليه السلام في هذه النصوص على عدم الاعتداد بدعوى رؤية الهلال من واحد أو أثنين في ضمن جمع من المستهلين , ومحمله هو ما تقدم من توفر فرص مماثلة للآخرين لرؤية الهلال لو كان موجوداً في الافق وفي هذه الحالة يغلب ابتناء دعاوى الرؤية على الخطأ في الحس وتوهم ما ليس بهلال هلالاً, كما ثبت ذلك في وقائع كثيرة.

 

الهوامش

(1)- تهذيب الأحكام ج4 ص 160

(2) – تهذيب الأحكام ج4 ص 156

(3) – تهذيب الأحكام ج4 ص 164.

رؤية الهلال

المصدر: كتاب ” أسئلة حول رؤية الهلال مع أجوبتها وفق ما أفاده سماحة السيد السيستاني دام ظله

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky