خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / موقع الاجتهاد و جميع المواضيع / جميع الأبحاث والأحداث / حوارات ومذکّرات / 44 حوار خاص / السبب الحقيقي وراء جمع كتاب «تنبيه الأمة» كان انحراف مسار المشروطة
رضا-مختاري مؤتمر الميرزا النائيني

السبب الحقيقي وراء جمع كتاب «تنبيه الأمة» كان انحراف مسار المشروطة

خاص الاجتهاد: أفاد سماحة الإمام الخامنئي، في لقائه بمسؤولي المؤتمر الدولي لتكريم الميرزا النائيني (رضوان الله عليه) (22 أكتوبر/تشرين الأول 2025 م)، وفي معرض إشادته بهذه القامة الرفيعة في الحوزة العلمية القديمة بالنجف الأشرف قائلا: إن لدى الميرزا النائيني ملمحاً استثنائياً في شخصيته لا يملكه أي من مراجعنا المتأخرين – بل وكذلك المتقدمين، لا أتذكر أحداً منهم – وهي المسألة السياسية؛ أي الفكر السياسي بالاصطلاح.

الفكر السياسي مغاير للميل السياسي… كان لدى الميرزا النائيني فكر سياسي، ورؤية سياسية. إن كتابه «تنبيه الأمة» قد تعرّض للظلم حقاً… وما زال هذا الكتاب إلى الآن مهجوراً، مع أنه كتاب بالغ الأهمية.

قامت موقع KHAMENEI.IR، بهذه المناسبة، بإجراء حوار مع حجة الإسلام رضا مختاري، وهو أستاذ في الحوزة العلمية، ومدير مؤسسة تراث الشيعة (كتاب شناسي شيعه)، وعضو اللجنة العلمية للتجمع الدولي لتكريم آية الله الميرزا محمد حسين النائيني، حيث تناول الحوار بحث ودراسة الفكر والمنظور السياسي والفقهي لهذا العالم الجليل.

إحدى النقاط التي أشار إليها سماحة آية الله الخامنئي خلال لقائه بمسؤولي التجمع الدولي لتكريم آية الله الميرزا محمد حسين النائيني، كانت حول الفكر السياسي للعلامة النائيني (ره)؛ أي أن سماحته طرح مسألة الولاية والحكومة الإسلامية. نرجو منكم التفضّل بالإفاضة قليلاً في هذه المسألة: ما هي مكانة الولاية والحكومة الإسلامية في المنظومة الفكرية السياسية للعلامة النائيني؟

بسم الله الرحمن الرحيم، بخصوص هذا الموضوع، فقد أصدرت دار النشر ‘بوستان كتاب’ سابقاً كتاباً مستقلاً بعنوان ‘انديشه سياسي ميرزاي نائيني’ (الفكر السياسي للميرزا النائيني). كما جرى التفصيل في معالجة هذا الموضوع في كتاب نُشر كمدخل، أو ما يُعرف بالمجلَّد الصفري، لموسوعة المحقق النائيني، حيث تم تحليل الفكر السياسي للميرزا النائيني بالاستناد إلى كتاب «تنبيه الأمّة وتنزيه الملّة» وإلى سائر آرائه الفقهية في باب ولاية الفقيه وما شابهها. هذه المسألة هي موضوع مفصَّل وواسع، ولا أظن أن حقه يُؤدّى في بضع كلمات مني؛ لذلك، لتوضيح جوانب هذه المسألة، من الأفضل الرجوع إلى الكتابين اللذين ذكرتهما، فهما يشتملان على بحث مستوفٍ ومفصَّل في فكره السياسي. أما أنا، فسأعرض بإيجاز بعض النقاط التي أشار إليها قائد الثورة المعظم.

إن ما فصَّله الميرزا النائيني في كلامه واضح وجليٌّ جداً.

أولاً: مسألة «مجلس المبعوثان»؛ أي ممثلو الأمة، وهذا ينطبق على «مجلس الشورى الإسلامي» الذي لدينا حالياً.

ثانياً: النقطة الأخرى تتعلق بـ«هيئة النظّار»؛ وهم بالاصطلاح عبارة عن خمسة من الفقهاء جامعي الشرائط، يُعرّفهم مراجع التقليد في كل عصر إلى مجلس الشورى الإسلامي. غير أنهم يُعرّفون عشرين شخصاً، ليختار المجلس من بينهم خمسة. ففي فترة المشروطة، أي في بداية كتابة القانون الأساسي، قام الآخوند الخراساني والشيخ عبد الله المازندراني بتعريف عشرين شخصاً للمجلس، وكان من ضمنهم المرحوم آية الله الشهيد السيد حسن المدرّس وإمام جمعة خويّ وعدد من الأعلام الآخرين.

ومع ذلك، في الفترة التي تلت الدورة الأولى للمجلس، توقف هذا الأمر وعُطِّل ولم يُنفَّذ. حتى جاء وقت الميرزا النائيني وآية الله الحائري وآية الله الإصفهاني، أي حوالي عام 1342 هـ ق، حيث كتب الشهيد المدرّس رسالة إلى المرحوم الميرزا النائيني، مفادها أن «هيئة النظّار»، أو ما يُسمى في الاصطلاح المعاصر «مجلس صيانة الدستور» لم تتشكّل بعد، طالباً من المراجع تعريف أشخاص لهذه الهيئة.

وفي الدورة التالية، قام المرحوم آية الله النائيني وآية الله السيد أبو الحسن الإصفهاني وآية الله الشيخ عبد الكريم الحائري بتعريف عشرين فقيهاً إلى المجلس ليتم انتخاب خمسة منهم بوصفهم «هيئة النظّار». ولكن، ولأن ذلك كان في عهد رضا شاه وفي ظل استبداده، لم يُنفَّذ هذا العمل؛ أي أن المجلس لم يقم بانتخاب هؤلاء الخمسة أصلاً. كانت هذه المسألة مدرجة في القانون الأساسي أو الدستور وفي كتاب «تنبيه الأمّة» للميرزا النائيني، وهي جزء من فكره السياسي، لكنها لم تدخل حيّز التنفيذ الفعلي.

خلاصة فكر الميرزا النائيني هي أنه إذا لم نستطع إقامة مرتبة أعلى وأهمّ، فإننا ننتقل إلى المرتبة الأدنى؛ ومثال ذلك هو تحديد ظلم الشاه الجائر. «التحديد» يعني التقييد، أي تقليل ظلم الشاه وتقييده من خلال تشكيل المجلس، وسنّ القوانين، وكذلك عبر «هيئة النظّار» هذه. في حال لم يُتح لنا تحقيق النموذج الأعلى للحكم الإسلامي، أي ولاية الفقيه، فإننا نعتمد على المرتبة الأدنى، وهي ضمان ألا تتعارض قوانين المجلس والبرلمان مع الشريعة المقدسة، وذلك من خلال إخضاعها لإشراف ورقابة خمسة من المجتهدين الكاملين الشرائط.

ولم يكن قناعة النائيني تقتصر على هذا الحد الأدنى، بحيث يقول: ما دمنا غير قادرين على تحقيق المرتبة الأعلى، فلنتخلَّ عن هذا النقاش برمّته ونقول لا شأن لنا بالمرتبة الأدنى أيضاً؛ بل يقول (النائيني): حتى لو لم نكن نقبل بولاية الفقيه (الولاية المطلقة)، فمن باب الأمور الحسْبية التي لا يرضى الشارع المقدس بتركها، يظل الفقيه هو الأَوْلى بالقيام بهذا العمل وأن يكون في رأس الإدارة وتكون الحكومة تحت إشرافه؛ يقولون: إننا الآن امتثلنا لهذا الشكل الحالي – أي شكل القانون الدستوري (المشروطة) – من باب الاضطرار.

والمقصود هو أن هذه المطالب في تلك الرسالة غير المنشورة للشهيد المدرس – التي نشرناها في مجلة ‘كتاب شيعة’، في ملف الميرزا النائيني الخاص – تؤكد على ضرورة مسارعتكم في تعريف «هيئة النظّار». كان المرحوم المدرّس يأمل أن يتحقق هذا الأمر، ولكن بعد اعتقال الشهيد المدرّس نفسه ونفيه إلى خواف وكاشمر وفي ظل استبداد رضا شاه، لم يُنفَّذ هذا الأصل من القانون الأساسي أيضاً. وقد قام كل من الشيخ الحائري والسيد الإصفهاني والميرزا النائيني بتعريف أعضاء «هيئة النظّار»، وتضم القائمة أسماء السيد المدرّس وإمام جمعة خويّ وعلماء آخرين متعددين، ولكن للأسف لم يتم العمل بها.

كان لكتاب «تنبيه الأمّة» طبعة أولى في بغداد سنة 1327 هجرية قمرية، وهي السنة ذاتها التي أُعدم فيها الشيخ فضل الله النوري. لم تكن الطبعات التي تلتها مصحّحة، إلا أن تلك الطبعة الأولى قام المرحوم النائيني بتصحيحها بنفسه. وحالياً، وبجهود ذرّية المرحوم النائيني، أُعيد تصحيح الكتاب بالاعتماد على تصحيح المؤلِّف ذاته، ونُشرت نسخته الفارسية وكذلك تعريبه (النسخة العربية) ضمن موسوعة المحقق النائيني؛ أي أن نسخته العربية قد طُبعت لتكون خالية من الأخطاء لكل من يرغب في استخدام النص العربي. وعلى أي حال، فإن النسخة الأكثر اعتباراً لكتاب «تنبيه الأمّة» هي هذه التي صدرت حالياً ضمن موسوعة الميرزا النائيني.

ما هي المرتبة الأَوْلى والأعلى التي ذكرتم أنها حاضرة في ذهن العلّامة النائيني، والتي يقول عنها إنه إذا لم تتحقق – مثلاً – وجب علينا أن نُنزّل ونتنازل إلى ما دونها؟

تلك المرحلة الأهم والأَوْلى هي حكومة المعصوم (صلوات الله عليه)، حيث يقول النائيني: بما أننا لا نملك حالياً سبيلاً للوصول إلى حكومة المعصومين، فإن المرحلة التي تليها هي حكومة نائب المعصوم. أما إذا لم نتمكن من إقامة حكومة نائب المعصوم أيضاً، فمن باب الأمور الحسْبية، تكون إدارة الحكم من صلاحية عدول المؤمنين؛ غير أن الفقيه جامع الشرائط هو الأفضل والأهم والأجدر بذلك من عدول المؤمنين.

وفي هذه الحالة، فمن باب الأمور الحسْبية والأمور التي لا يرضى الشارع بتركها – وهو ما كان يقول به أيضاً المرحوم آية الله الخوئي، وهو التلميذ البارز للميرزا النائيني، وما كان يقول به أيضاً المرحوم آية الله التبريزي، وهو التلميذ البارز لآية الله الخوئي – يجب على الفقيه أن يتصدى للحكومة؛ فحتى لو لم نكن نقبل بولاية الفقيه بمعناها الواسع (المطلقة)، فإن الفقيه هو الأَوْلى والأحقّ بإدارة الحكومة من باب الأمور الحسْبية.

كيف يُستنبط ما تفضل به قائد الثورة المعظم في هذا اللقاء من أن مسألة الميرزا النائيني هي مسألة الولاية والحكومة الإسلامية؟

لدي الميرزا النائيني في كتاب «تنبيه الأمة» تعبير بعنوان «الحكومة الوِلائية»؛ أي أن العلاقة بين الناس والحاكم ليست مجرد علاقة حاكم و-على سبيل المثال- رئيس جمهور أو ملك بالناس، بل هي نوع من الارتباط الوِلائي القائم بين الحاكم والشعب. تعبيره هو «الحكومة الوِلائية» وليست «الحكومة التملُّكية» التي يكون فيها السلطان مالكاً لرقاب الناس؛ أي أن رابطة الولاية قائمة بين الحاكم والمحكوم أو بين الناس والوالي؛ ولهذا فإنه يعبر عنها بـ«الحكومة الوِلائية. وقد استخدم قائد الثورة المعظم هذا التعبير (تعبير الحكومة الولائية).

في حقل علم التاريخ، وتحديداً حول شخصيتي الآخوند الخراساني والعلّامة النائيني، هناك روايات مختلفة. وفيما يخص مسألة جمع كتاب «تنبيه الأمّة» من قبل الميرزا النائيني، أشار سماحة القائد إلى أنه بناءً على الشواهد المتوفرة – ومن ضمنها الشواهد التي قدمها نقلاً عن زملاء والده المرحوم في الدراسة – فإن الرواية الأصحّ ظاهراً هي أنّه (النائيني) قد جمع الكتاب فعلاً، لكن سبب الجمع لم يكن تغيير فتواه أو نظريته السياسية، بل كانت الظروف الاجتماعية وإعدام الشيخ فضل الله ومسائل أخرى مشابهة في هذا السياق – أي ظروف خارجية معينة – هي السبب. نرجو منكم الإيضاح حول هذه المسألة أيضاً.

صدرت الطبعة الأولى من كتاب «تنبيه الأمّة» في بغداد عام 1327 هجرية قمرية، وبالتزامن، أُعدم المرحوم الشيخ فضل الله النوري شنقاً في طهران في العام نفسه؛ أي أن استشهاد الشيخ فضل الله النوري كان في الثالث عشر من رجب عام 1327 هـ ق، وكتاب «تنبيه الأمّة» نُشر أيضاً في بغداد في عام 1327 هـ ق، ثم تلت ذلك قضايا أخرى.

بعد ذلك، عندما رأى الميرزا النائيني أنهم، أي أنصار المشروطة المنحرفون، يريدون استغلال هذا الكتاب لأغراضهم الباطلة، قام بجمع النسخ الموجودة لمنع سوء استغلال الكتاب.

وبالتالي، فإن أصل جمع الكتاب صحيح، وأحفاده يقرّون بذلك. غير أنه جرت مبالغة في بعض الكتب، حيث ذُكر أنه كان يشتري كل نسخة بعدة ليرات! وهذا غير صحيح أبداً؛ لم يكن يملك ليرات كي يشتري بها الكتب. لقد كان الميرزا يجمع تلك النسخ لمنع سوء الاستغلال من قبل أنصار المشروطة في ذلك الزمان، والـشاهد على أنه لم يتراجع عن رأيه هو أنه صحّح النسخة المطبوعة بنفسه وزاد ونقص فيها بخط يده، وهذه النسخة التي نُشرت حالياً ضمن موسوعة النائيني هي النسخة النهائية للكتاب.

وكما ذكر سماحة القائد دام ظله، لا يوجد فقيه يتراجع عن رأيه فيقوم بجمع كتابه؛ هناك الكثير من الفقهاء – والعدد لا يحصى – الذين قدموا رأياً في كتاب، ثم قدموا رأياً آخر في كتاب مختلف، وهذا أمر معلوم؛ فمثل هذا التغيير لا يستدعي الجمع. بل كان الجمع لمنع سوء استغلال أنصار المشروطة الذين أوجدوا تلك المشاكل.

هذا التصحيح الذي تذكرونه للنسخة، هل كان بعد وقائع منطقة (توپخانه‌ی طهران) والإعدام واستشهاد الشيخ فضل الله النوري؟

نعم، كان بعد ذلك؛ أي أن آخر نسخة متبقية من النائيني هي هذه النسخة المصحّحة التي كانت بحوزة حفيده، والتي صُحِّحَت وطُبعت مؤخراً ضمن الموسوعة (موسوعة النائيني).

كتاب «تنبيه الأمّة وتنزيه الملّة» كان يحوي تقريظاً من الآخوند الخراساني وتأييدات من هذا القبيل؛ هل هذا صحيح؟

نعم، يحوي تلك التقاريظ. والأصل أن مباحثه ليست من النوع الذي يحتاج الفقيه أن يتراجع عنه؛ أي أنها مباحث فقهية واضحة جداً، وهي مطالب صحيحة ولا رجوع فيها. بل كان مراد المرحوم الميرزا النائيني هو منعهم من سوء استغلال هذا الكتاب؛ أي ألا تكون أفعالهم متوافقة مع هذا الكتاب وألا يستندوا إليه في أفعالهم المنحرفة).

إذن، فإن الهمّ الذي كان يشغل الميرزا النائيني والبقية هو تقييد سلطة الملوك وإقامة دار العدل؛ لكن خلال المسار، وبسبب تدخلات الماسونيين وأيادي إنجلترا و…، انحرف المسار نحو وجهة أخرى لم تتحقق فيها غايتهم ومقصودهم؛ أليس كذلك؟

أحسنت! الأمر كذلك. وهناك مقولة مشهورة تُنقل، سواء عن المرحوم الآخوند أو عن المرحوم النائيني أو عن كليهما، وهي: ‘لقد وضعنا العنب ليصير خلاً، فصار خمراً’؛ أي أن النتيجة التي حصلوا عليها لم تكن هي ما أردناه؛ وما حدث لم يكن هو مبتغانا.

إذاً، أصل فكره لديه قوامه الفكري وهو فكر ممنهج ومؤسس لم يطرأ عليه أي تغيير.

نعم، الأمر كذلك.

أدلى قائد الثورة الإسلامية، سماحة السيد علي الخامنئي، بتصريحٍ هامٍ خلال لقائه بالقائمين على المؤتمر الدولي للشيخ الميرزا النائيني، حيث أكدّ:
نحن نرى أن كتاب تنبيـه الأمّـة كتابٌ بالغ الأهمية.» وأضاف: «هذا الـ تنبيـه الأمّـة قد ظُلِمَ حقاً.

السؤال الجوهري: بالنظر إلى هذا التصريح، وبما أن الفكر السياسي الشيعي موزع ومُبعثَر في كتب ومواضيع فقهية مختلفة – كوجود جزء منه في كتاب البيع مثلاً – وبما أن الكتاب لم يَنَل حظه الكافي من الاهتمام، فما هي أهمية هذا الكتاب ودوره المحوري في إحداث تحوّل في الفكر السياسي الشيعي؟

إنّ ورود مسألة ولاية الفقيه في كتاب البيع أو في كتب الفقه وما شاكلها يكون بمناسبة طرح مسألة ولاية الأب والجدّ وهذه زاويةٌ واحدةٌ فقط من المسألة ويتمّ فيها طرح رأيٍ فقهيٍ محض؛ لكن في هذا الكتاب (تنبيه الأمّة) عُرضت جميعُ أجزاء المسألة، حيث قدّم (الميرزا النائيني) فكراً مُتَّسقاً ومُتماسكاً.

تجدر الإشارة إلى أنه بعد إعادة طبع هذا الكتاب بمبادرةٍ من المرحوم السيد الطالقاني (رحمه الله) مرفقاً بشرحه وتفسيره، فقد طُبع الكتاب مراتٍ عديدة أخرى وتمّ نشره مع شروح. ولكن، يجب أن ننتبه إلى أنّ البعض قد قام أحياناً بتفسير آراء المرحوم النائيني وفقاً لأهوائهم وميولهم الخاصة، لذا يجب التحلّي بالدقة والحذر لئلاّ يُصبح التفسير “تفسيراً لما لا يرضاه صاحبه” (تفسيراً مُخالفاً لمراد المؤلف).

سماحة الأستاذ! يبدو أن فكر المرحوم النائيني قد نُظِرَ إليه على مرّ السنوات الماضية بصورة انتقائية وجزئية، وفي بعض الأحيان لم يجرِ بحثٌ دقيقٌ لأفكاره، بل وحتّى لم يُؤخَذ فكره بالكامل بعين الاعتبار، وذلك بسبب ارتباطه ببعض المناسبات السياسية. ما هو رأيكم في هذا الشأن؟

أجل، لقد ألَّفَ أحد الكُتَّاب شرحاً لكتاب “تنبيه الأمّة”، وقد تمّ تناول هذا الكتاب لاحقاً في جلسات النقد والمراجعة، بحضور المؤلِّف نفسه. وفي مُقدّمة هذه الموسوعة أيضاً، نُوقش هذا الموضوع بالذات في حوالي عشرة إلى خمسة عشر صفحة. لذا، يمكنكم الرجوع إلى هذا الأثر بخصوص هذه المسألة

تفضلوا، اشرحوا لنا تأثير التراث العلمي للميرزا في امتداد الحركة الأصولية والفقهية في الحوزة العلمية، خاصةً حوزة النجف الأشرف.

كما تفضّل قائد الثورة الإسلامية وصرّح، في فترةٍ ما كان جميع مراجع النجف وأساتذتها من الصف الأوّل من تلاميذ المرحوم النائيني.

على سبيل المثال، كان المرحوم آية الله السيد محمود الحسيني الشاهرودي من أبرز تلامذة المرحوم النائيني، وكذلك آقا جمال الكلبايكاني.

بمعنى أنّه في فترةٍ من الزمن في النجف الأشرف، كان جميع المراجع وأساتذة الصف الأوّل من التلامذة البارزين للمرحوم النائيني، وكانوا يُناقشون آراءه وأفكاره.

ومن هؤلاء أيضاً آية الله الخوئي، الذي كان له هذا العدد الكبير من التلامذة، وتلامذة آية الله الخوئي بدورهم قاموا بترويج تلك المدرسة (مدرسة النائيني)، والتي انتقلت لاحقاً إلى قم ومشهد، حيث قاموا بشرح آراء المرحوم النائيني، مثل آية الله وحيد الخراساني، الذي كان يولي عنايةً خاصةً لمناقشة جميع آراء المرحوم النائيني.
وكذلك آية الله الميرزا جواد التبريزي وآية الله السيد أبو القاسم الكوكبي، وهما من تلامذة مدرسة آية الله الخوئي، اللذين قاما أيضاً بترويج تلك المباني في قم.

وفي مشهد، مثلاً، المرحوم آية الله الميرزا علي آقا الفلسفي، شقيق الواعظ الشهير السيد الفلسفي، وقبله آية الله الميلاني، وقبلهما آ ميرزا مهدي الإصفهاني، وبالتزامن مع الميرزا مهدي الإصفهاني، كان الشيخ موسى الخوانساري أيضاً من تلامذة المرحوم النائيني، وقد قام بترويج مباني الميرزا النائيني في الفقه والأصول لمدة ستة أشهر في مشهد.

المقصود أن أفكاره وآراءه في الفقه والأصول كانت محوراً للدروس في قم والنجف ومشهد، على حدٍ سواء، عن طريق تلامذته، وكان الجميع يتناولها بالبحث والمناقشة.

تُطرح في هذه الأيام شبهاتٌ كثيرةٌ في الفضاء الافتراضي حول السبب الذي دفع الحوزة العلمية للتوجه نحو فكر العلامة النائيني تحديداً؛ نرجو أن تُبيّنوا لنا ما هو الهدف والدافع من وراء عقد هذا المؤتمر، ومتى بدأت مُقدّمات تنظيمه؟

إنّ هذا التعبير الذي أطلقه البعض، ومفاده أن “الجمهورية الإسلامية تحوّلت من فكر الشيخ فضل الله النوري إلى فكر المرحوم النائيني، وأنها تذكّرته الآن!”، هو تعبير غير صحيح.

فقد أصدر قائد الثورة الإسلامية توجيهاً لمكتب الإعلام الإسلامي منذ سنوات خلت، يقضي بعقد مؤتمرات تكريمية لكبار علماء الشيعة وطباعة مجموع آثارهم، وقد بدأ مكتب الإعلام بهذا العمل.
على سبيل المثال، وبما أن مؤتمر المرحوم الكليني كان في منطقة كُلَين ومدينة الري، فقد تقرر أن تتولّى مؤسسة دار الحديث تحت إشراف الشيخ الري شهري تنظيم الجزء المتعلق بمدينة الري، بينما يتولى مكتب الإعلام والمراكز الأخرى تنظيم الأجزاء غير المتعلقة بالري.
لذلك، قام السيد الري شهري بتنظيم مؤتمر المرحوم الكليني وكذلك مؤتمر أبي الفتوح الرازي الذي يقع ضريحه في حرم السيد عبد العظيم الحسني (عليهما السلام).

كما نظّم الشيخ الري شهري أيضاً تكريم الرازي القزويني، صاحب كتاب “النّقض”، بمشاركة عدة مؤسسات أخرى.
وكذلك، عُقد مؤتمر الشريف المرتضى بالتعاون مع مؤسسة الأبحاث التابعة للعتبة الرضوية المقدسة (آستان قدس).

وقد نظّم مكتب الإعلام الإسلامي مؤتمرات للتكريم كـ الشهيد الأول، والشهيد الثاني، وشرف الدين العاملي، والمرحوم البلاغي، ويقومون مؤخراً بالعمل على إقامة مؤتمر المرحوم كاشف الغطاء.

ولم يجر العمل على تنظيم مؤتمرات لعدد من الأعلام منذ سنوات خلت، ومنهم آية الله الحائري مؤسّس حوزة قم، وآية الله النائيني، وإن كان مؤتمرٌ مُقتَضَبٌ قد عُقد له قبل سنوات في أصفهان ونايين، إلا أنه لم يكن شاملاً، من جهة أنهم لم يطبعوا مجموعة آثار المرحوم النائيني.

ولأن المرحوم النائيني والحاج الشيخ عبد الكريم الحائري كانا من الأعلام الذين لم تُحْيَ آثارهم ولديهما العديد من المصنفات، فقد سعت إدارة الحوزة بنفسها، بالتعاون مع مؤسسات أخرى، لإقامة مؤتمر شامل لهما.

من قبيل المصادفة، ففي قضية المرحوم النائيني، ليست إيران وحدها هي المُشْرِفة على المؤتمر، بل تشارك فيه أيضاً العتبة العلوية في النجف الأشرف والعتبة الحسينية في كربلاء، وذلك لأن المرحوم النائيني أقام أربعين عاماً في النجف الأشرف، وقبره أيضاً يقع في النجف الأشرف في الحرم الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام).

لذلك، فإن الهدف من هذا المؤتمر هو مجرد تبيين فكر المرحوم النائيني، وليس كما يُقال إن الجمهورية الإسلامية “تذكّرته الآن ووجب علينا أن ننتقل إلى هذا الجانب!”. لا، ليس الأمر كذلك بتاتاً.

بعضهم يظنّ أن قرار عقد هذا المؤتمر قد اتُّخذ، مثلاً، بين ليلةٍ وضحاها، في حين أن فكرة إقامته تعود إلى سنواتٍ ماضية.

لقد بدأ العمل على مؤتمر المرحوم النائيني بجدية منذ حوالي ست سنوات، والآن وصل إلى مرحلة النتيجة.

فمثلاً، كان هناك دعوةٌ لتقديم المقالات، وكان هناك تصحيح وطباعة أربعين مجلداً من آثاره، وقد استغرق تجهيز هذه الموسوعة وحدها عدة سنوات من العمل.

بناءً على ذلك، بدأ هذا العمل بجدية تامة منذ حوالي ست سنوات، وقد وصل إلى النتيجة الآن، وذلك بمشاركة العتبة الحسينية والعتبة العلوية والمراكز البحثية في إيران.

في الختام، إذا كان لديكم أي نقاط متبقية تودّون جمعها وتقديمها كخلاصة، فإننا نستفيد منها.

حسناً، لم تُطرح جميع هذه المباحث في مؤتمر قم ومشهد أيضاً. هناك نقطة مهمة، وهي أنه في الكتب التاريخية وبعض صحف فترة المشروطة وما بعد المشروطة في زمن رضا شاه، نُسِبت عدة أمور غير صحيحة إلى المرحوم النائيني. وقد جرى بحث هذه الأمور وتحديد عدم صحتها في كتاب مدخل الموسوعة هذا.

من ضمن هذه الأمور، أنهم في صحف زمن رضا شاه جعلوا رسالة باسم المرحوم النائيني تمجد رضا شاه، ومفادها أن المرحوم النائيني أرسل سيفاً من خزينة الإمام أمير المؤمنين (عليه السلام) وصورة وتِمثالاً من خزينة أمير المؤمنين (عليه السلام) إلى رضا شاه تقديراً له!

هذه من الأكاذيب الواضحة؛ فالنائيني لم يرسل الرسالة، ولم يرسل السيف والتِمثال؛ بل الذي أرسلهما هو القيِّم (كليددار) الذي كان يُدير الحرم، ثم قاموا بتزوير رسالة باسم النائيني وطُبعت في صحف ذلك الزمان.

إنّ دلائل كون هذه الرسالة وكلام المديح لرضا شاه وإرسال التِمثال وما شابه ذلك مكذوبة ومُزوّرة، موجودة في كتاب مدخل الموسوعة هذا.

المقصود أنه لا ينبغي لأحد أن يأتي على الفور ويقول: “انظروا إلى هذه الرسالة، كم مجّد فيها الميرزا النائيني رضا شاه!”؛ فهذه الرسالة هي من الرسائل المزوّرة والمجعولة.

بالطبع، هناك أمور أخرى مشابهة لهذه القضية؛ وهذه التي ذكرتها كانت هي الأبرز.

ومن ذلك أيضاً، ذلك النص المُفصّل الذي يُنسَب إلى الآخوند الخراساني، والذي نقله المرحوم النائيني، وتلك الشبهات المُزعومة الكاذبة التي تُثار حول نقد الحكومة الإسلامية.

كلّ هذا من المُختلَقات. ومن قبيل المصادفة، في عام [2009م]، عندما كانت هذه الأقاويل قد بدأت للتو بالانتشار، التقينا [في جلسة] بآية الله السيستاني دام ظله؛ فقال سماحته: “نحن رأينا الشيخ آقا بزرك [الطهراني] هنا لسنوات – الشيخ آقا بزرك الطهراني الذي ينقل عنه البعض هذه المسائل – [والحال أن] الشيخ آقا بزرك الطهراني لم يكن يتفوّه بهذه الأقوال أبداً! ألا يجب على من كان مُحَاشِراً لأهل النجف أن ينقل كلمة واحدة؟ هل يجب أن ينقل هذه الأقاويل شخصٌ واحدٌ فقط؟ ألا يجب أن يقولها لأي شخص آخر؟ وبالإضافة إلى ذلك، ألا يجب أن يكتبها في كتبه؟ لقد كان عمله الأساسي في الواقع هو تسجيل هذه المسائل، ولكنه لم يذكر كلمة واحدة من هذه الأقاويل في أي من كتبه! وعندما كتب سيرة الآخوند [الخراساني]، لماذا لم ينقلها؟ أو لماذا لم يقلها لبقية تلامذته؟ هل قال الآخوند هذه الأقاويل لآقا بزرك الطهراني فقط؟ حسناً، كان لديه كل هؤلاء التلامذة؛ لماذا لم يقلها لهم، ولماذا لم ينقلوا هم كلمة واحدة؟

أي، من شواهد عدم صحة نسبة هذه الأقوال إلى الآخوند الخراساني والميرزا النائيني هو أن الراوي هو شخص واحد فقط؛ وأمر آخر: حسناً، إذا كنت قد سمعت هذه الأقاويل من الشيخ آقا بزرگ قبل خمسين عاماً، فلماذا لم تكتبها وتنشرها في ذلك الوقت؟

رحم الله المرحوم آية الله موسى الأردبيلي! كان يقول: “إنّ هذه الأدبيات هي أدبيات هذا العصر على الإطلاق، هذه الكلمات لا تتناسب مع فكر الآخوند والنائيني”. وكان يقول: “هذه الإشكالات التي تُوجَّه على الحكومة الإسلامية اليوم هي لغة اليوم، ومن الواضح أن الذي صاغها قد تخطى عصرنا وصنعها في أيامنا هذه”.

وعندما كنت في خدمة المرحوم آية الله صافي الكلبايكاني، كان يقول: “لو كان رأي الآخوند كذلك، لو كان قوله هذا، فما الداعي لأن يُقيم الثورة الدستورية (المشروطة) ويُعرِّض نفسه لكل هذه المتاعب؟ إنّ محمد علي شاه كان يُقلِّد المراجع، وكان رأيهم مُؤمَّناً. إذا كنتم تقولون أن مقصد الآخوند هو هذا، فلماذا عانى كل هذه المصائب وبذل كل هذا الجهد؟” المرحوم آية الله الصافي أيضاً لم يكن يقبل ذلك. لقد سمعتُ ذلك بنفسي من آية الله الصافي، وسمعته بنفسي من سماحة آية الله السيستاني، ونقل لنا رفاقنا عن آية الله الأردبيلي أنه قال: “إن هذه الأدبيات هي أدبيات اليوم على الإطلاق، وليست أدبيات الآخوند والنائيني وأمثالهما”.

وبناءً على ذلك، فمن ضمن الأمور المكذوبة والمُفتراة، هذه القضية أيضاً. 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *