التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق

افتتاح المؤتمر العالمي للإفتاء تحت عنوان “التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق” في مصر

خاص الاجتهاد: انطلقت اليوم (16-10-2018م) فعاليات المؤتمر العالمى الرابع، الذى تنظمه الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء فى العالم التابعة لدار الإفتاء المصرية تحت عنوان ” التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق”، والذى يستمر على مدار ثلاثة أيام بمشاركة وفود من مفتين وعلماء ومؤسسات دينية من 73 دولة على مستوى العالم.

ويناقش مؤتمر الإفتاء العالمي الرابع الذي الذي يستمر على مدار ثلاثة أيام العديد من المحاور والقضايا الهامة حول التجديد في الفتوى، مثل الاقتصاد والسياسة والاجتماع والفضاء الإلكتروني والرد على الكثير من الفتاوى المغايرة تماما لما صدرت فيه الفتوى من قبل ، بالإضافة إلأى أهمية مراعاة الفتوى للواقع المعاصر.

وفي الجلسة الإفتتاحية لمؤتمر الإفتاء العالمى والتي شارك فيها الدكتور محمد مختار جمعة وزير الأوقاف نائبا عن رئيس الوزراء، والدكتور شوقي علام مفتي الجمهورية والمستشار حسام عبد الرحيم وزير العدل والشيخ يوسف أدعيس وزير الأوقاف والشئون الدينية الفلسطيني، والشيخ مصطفى سيرتش رئيس العلماء والمفتي العام في البوسنة والهرسك، والشيخ أحمد النور محمد الحلو مفتي تشاد، والشيخ عبد اللطيف دريان مفتي لبنان تم عرض فيلم قصير عن أنشطة الأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم.

الدكتور على جمعة: التراجع عن مواكبة العصر جعلتنا في مواجهة مع تجديد علوم الشريعة وتفعيلها

وفي كلمته بالجلسة النقاشية الأولى بمؤتمر الإفتاء العالمي  حول “الأصول المنهجية للفتوى”-قال الدكتور على جمعة عضو هيئة كبار العلماء بالأزهر الشريف: إن عصرنا الذي نعيش فيه نحن في أحوج الحاجة لمثل هذا التجديد حتى نعيش الواقع الذي حولنا، ونحقق مقاصد الشرع الشريف من غير شطط بترك النصوص القطعية، ومن غير خروج من هويتنا، ومن غير تخلف عن مواكبة عصرنا، والتفاعل معه، والتأثير فيه، وهي مسألة شديدة التعقيد شديدة التركيب شديدة الصعوبة.

وأضاف د. جمعة –  أن كثير من العلماء الكبار استشعروا أن علوم الشريعة بدأت في النكوص أو التراجع عن مواكبة عصره، لهي ذات الضرورة التي تجعلنا في مواجهة مع تجديد علوم الشريعة وإحيائها وتفعيلها من جديد كالإمام الغزالي والسيوطى وغيرهم فألفوا كتب في إحياء سنة الاجتهاد.

ونبّه د.علي جمعة على أن كل تجديد وإبداع لا بد فيه من شطط، وهذا هو نصيب الرواد، دائما يقعون في بعض الشطط، ودائما توجه إليهم أسهم النقد والتجريح، ولكنهم يأخذون ثواب تحريك المياه الراكدة، وإثارة حفيظة العلماء على إعمال العقل والاجتهاد، للرد ولمواجهة الفكرة بالفكرة، والإبداع الموازي، ثم يقبلون بعض التجديد ويرفضون بعضه، فتتحرك الأمة نحو آفاق فكرية جديدة عما كانت جامدة عليه، وهذا أمر محمود شرعا وغير مذموم، فإن النظر يزيد الإيمان، ولا يضره.

وأضاف فضيلته أن التجديد يكون بخدمة التراث بقصد فهمه، واستيعابه، وتيسيره للدارسين، وكذلك فإن تحرير المصطلح ومعالجته من الأهمية في حركة التجديد حيث إنه يجمع أحكام العلم، ويحدد حقائق مسائله، فيخرج مايلتبس منها، ويبين الواقع المراد نقله إلى ذهن السامع، ثم الاعتناء بشرح المصطلح بدقة حتى يصح معياراً صحيحاللفهم، وقادرا على نقل الصورة الصحيحة

واختتم فضيلة الدكتور علي جمعة كلمته بقوله ينبغي علينا كلما رأينا إبداعا ألا نقتله في مهده، ونحارب صاحبه ونوبخه، بل ننظر فيه ونرده إلى مبادئ العلم والمنهج، ونأخذ منه ما كان منضبطا ونافعا، ونترك ما دون ذلك، ونعذر صاحبه.

مفتي لبنان: الفقه الإسلامي قد عني ببيان أحكام الجنين وحقوقه المعنوية والمادية على حد سواء

وتحدث الشيخ عبد اللطيف دريان مفتي الجمهورية اللبنانية عن موضوع الفَتْوَى وَحُقُوْقُ الجَنِيْن قائلًا: ” إن الفقه الإسلامي قد عني ببيان أحكام الجنين وحقوقه المعنوية والمادية على حد سواء، وكان للفقهاء دور كبير في إظهار هذه الأحكام من خلال الاستنباط من النصوص الشرعية، وذلك تحقيقًا لمقاصد الشريعة الإسلامية وخاصة الضروريات والحاجيات منها فضلا عن التحسينيات كذلك.

وأشار الشيخ دريان إلى ماهية الفتوى وضوابطها باستعراض نبذة عن معنى الفتوى وشروط وأهلية المفتي وأهمية وجوده وفوائد الفتوى الصحيحة، ثم تطرق لحقوق الجنين في الإسلام ببيان معنى الجنين وماهيته في المذاهب الفقهية، ثم بين بعضًا من حقوق الجنين في الإسلام كضرورة الاختيار السليم للزوجين، كما استعرض كيف اهتمت الشريعة بالمحافظة على صحة الجنين وأمه.

ولفت الشيخ دريان النظر إلى أن الشريعة الإسلامية قدمت حقوقًا أخرى للجنين وهي بإجماع الفقهاء أن المرأة الحامل إذا ارتكبت جناية موجبة للحد تستوجب العقوبة فلا تنفذ عليها، سواء أكان ذلك الجرم سرقة أو زنا أو قتلا أو ردة حتى تضع حملها وتتعالى من نفاسها، وكذلك فهناك حقوقًا للزوجة ما دامت في عصمة زوجها لها النفقة وهي واجبة على زوجها فإن طرأ على الحياة الزوجية طلاق وقد تكون الزوجة حاملا فلها النفقة.

وأشار الشيخ دريان إلى أقوال فقهاء المذاهب الإسلامية في حق الجنين في الحياة وحرمة إجهاضه، كما نبّه على اهتمام الإسلام بحفظ حق الجنين في النسب حيث أنه من نعم الله العظيمة مشيرًا لبعض الطرق التقليدية والتي اهتم بها الفقهاء في تحديد النسب كالقيافة وغيرها.

واستعرض الشيخ دريان الشروط التي اشترطها العلماء في حق الجنين في الميراث، وحالات نصيبه في التركة، والوصية له ، والوقف عليه، وحقه في الصلاة عليه.

وختم الشيخ دريان كلمته بالتأكيد على أن عناية الإسلام بحقوق الجنين إنما يدل على عظمة الإسلام في تشريعاته السمحة، وعلى كرامة الإنسان في كنف هذا الدين العظيم ، سواء قبل خروجه إلى الدنيا ، بل حتى قبل علقوه في رحم أمه ، فضلا عن كونه حملا وجنينا، إلى أن يخرج إلى دار التكليف، وهذه رحمات الإسلام بالإنسان ، وعناية الرحمن كذلك في حفظ الحقوق لذويها ولتحقيق مقاصد الشريعة الإسلامية، في حفظ النفس والنسب والمال والدين والعقل.

مفتى فلسطين: أتمنى أن يخرج المؤتمر بتوصيات تعالج كثيرا من الازمات المجتمعية وان يكون للأقصى نصيب منها

اكد يوسف أدعيس وزير الأوقاف والشؤون الدينية بفلسطين خلال كلمته بالجلسة الافتتاحية، ان القدس والاقصى يتعرضان لهجمة صهيونية مسعورة وان المرابطين يتعرضون للضرب والتنكيل وفرض الغرامات وقطعان المستوطنين يدنسون بأقدامهم المسجد الأقصى المبارك ويريدون تدمير المسجد الأقصى متحديين مشاعر المسلمين وكذلك القدس التي تتعرض للتهويد ، قائلا “حتى الأموات في قبورهم لم يسلموا من تلك الممارسات “، وأن نساء وأطفال فلسطين انتفضوا لمجابهة ممارسات قوات الاحتلال ، بينما كان من الواجب على امة الإسلام هذا الامر مرسلا تحياته من أرض الكنانة وبحضور جمع العلماء الى نساء وأطفال القدس .

وأكد أدعيس أن أمتنا الإسلامية في العصور المتأخر بدأ يدب فيها مرض فتاك يؤثر على البشر وعلى الأخضر واليابس، وأن قلة المفتين في كثير من المجتمعات دفعت الناس للسير وفق أهواء عشوائية ويرتكنون إلى من يفتون بغير علم فضلوا واضلوا ، وبما ان الفتوى يتوقف عليها صلاح الدنيا و الاخرة وللتقدم العلمي وما يترتب عليه من كثرة الوقائع المتباينة التي ليس لها نظير فان الفتوى والعلوم الشرعية هي الحل للمشاكل وفقا لوضعنا الحاضر ويجب ان تكون الفتوى تحت قيادة علمائنا الاجلاء، لافتا إلى أن الفتيا بغير علم من اعظم المحرمات وحاجة الناس الى المفتي لا تقل عن حاجتهم للطعام والشراب.

محيي الدين عفيفي، الاجتهاد الجماعي فضح بطلان الفتاوى الشاذة

قال الأمين العام لمجمع البحوث الإسلامية الدكتور محيي الدين عفيفي، إن النصوص الشرعية جاءت كلية لم تتعرض للتفاصيل؛ مما يجعلنا ندرك أهمية الاجتهاد والتجديد في الفتوى، ولذلك اتسعت دائرة الاجتهاد وظهرت المدارس الفقهية التي أسهمت في بيان عظمة ومرونة الشريعة الإسلامية.

وأضاف الأمين العام في كلمته التي جاءت تحت عنوان “دور الاجتهاد الجماعي في تجديد الفتوى مجمع البحوث الإسلامية نموذجا” أن الاجتهاد الجماعي يساعد في حل المشكلات والنوازل المعاصرة، وفي تجديد الفتوى التي تتغير بتغير الزمان والمكان والحال والعرف والأشخاص في جميع مجالات الحياة، فيما لم يرد فيه نص.

وأوضح أن الاجتهاد الجماعي ساعد على مواجهة الفتاوى الشاذة، وبيان تهافتها وبطلانها، ومحاصرة أدعياء الدين ممن يحاولون المتاجرة به عبر الفتاوى الشاذة والمضللة التي تؤدي إلى إفساد حياة الناس، وتضليل الشباب، واستباحة حرمة النفس، والأموال، والأعراض من خلال عدم القدرة على التعامل مع النصوص الشرعية، والتعصب والتشدد والتطرف.

وأشار إلى أنه على مستوى مجمع البحوث الإسلامية الذي تم إنشاؤه في الأزهر الشريف عام 1961، فقد أسهم بدور عظيم في الاجتهاد الجماعي الذي قام به العلماء المتخصصون من أعضاء المجمع، أو ممن شاركوا في المؤتمرات العلمية والتي كانت تجسيدا عمليا للاجتهاد الجماعي في العديد من القضايا الفقهية المهمة مثل: المعاملات المالية، الأحوال الشخصية وغير ذلك من المسائل والقضايا والمستجدات الفقهية.

أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي: الاهتمام بالاجتهاد الجماعي يتطلب الوقوف عند حقيقة الاجتهاد

قال الدكتور عبد السلام العبادي أمين مجمع الفقه الإسلامي الدولي في كلمته إن الاهتمام بالاجتهاد الجماعي يتطلب الوقوف عند حقيقة الاجتهاد والآفاق التي يتحرك فيها، والفلسفة التي يقوم عليها كما يتطلب الدعوة إلى الاهتمام به؛بما ينعكس على البرامج والمناهج العلمية في المؤسسات والكليات والجامعات التي تتصدى لتدريس علوم الشريعة الإسلامية والبحث فيها.

وأضاف الدكتور العبادي -في كلمته بالجلسة النقاشية الأولى بمؤتمر الإفتاء العالمي حول “الأصول المنهجية للفتوى”- أن   النظر إلى أهمية الاجتهاد في البناء الإسلامي ودوره المتميز في تحقيق مواكبة الشريعة لحاجات المجتمع الإنساني النامية والمتزايدة، مما يتطلب الوقوف عند حقيقة الاجتهاد، والآفاق التي يتحرك فيها، والفلسفة التي يقوم عليها، بحيث ينعكس ذلك على البرامج التي تعقد في المؤسسات العلمية من معاهد وجامعات التي تستخدم الاجتهاد وتأكد على ودوره في بناء الأحكام الشرعية.

مفتي تشاد: التجديد في الفتوى فرض من فروض الكفاية على الأمة

قال الشيخ أحمد النور محمد الحلو مفتى تشاد في كلمته أمام المؤتمر العالمي الرابع للإفتاء إن مؤتمر في كلمته بمؤتمر الإفتاء العالمي يأتي في توقيت دقيق ومهم نظرًا لكثير من المستجدات التي طرأت على عالمنا المعاصر، معبرًا عن سعادته بحضوره المؤتمر وقام بتحية الحضور وبارك انعقاد المؤتمر في مصر برعاية دار الإفتاء.

وحذر مفتى تشاد من التقول على الله بغير حق وإفتاء والتحليل والتحريم بغير علم، مضيفًا أن الإفتاء أمر عظيم الخطر كثير الفضل فقد كان كبار العلماء الأوائل يهابون الجواب على كثير من المسائل كالإمام مالك وغيره، وقد كانوا يراعون كل الأعراف ويلتمسون كل طريق وسط سمح.
وشدد مفتي تشاد في كلمته على ضرورة التيسير والتبشير دون التعسير والتنفير، قائلًا: “هذا هو الصراط المستقيم، مؤكدًا على ضرورة سؤال أهل الذكر لأن الحوادث لا تتوقف مادام السائل والمسئول أحياء”.

وعن التجديد في الفتوى قال فضيلته إن التجديد أقل ما يقال فيه أنه فرض من فروض الكفاية على الأمة التي تقوم بها ما دام الأزهر موجود فالخوف والخطر مفقود بإذن الله.

الدكتور أسامة العبد: الإفتاء صنعة وتحتاج إلى صانع متقن

قال رئيس لجنة الشئون الدينية والأوقاف بمجلس النواب المصري، الدكتور أسامة العبد، ورئيس الجلسة الأولى من مؤتمر «تجديد الفتوى بين النظرية والتطبيق»، إن الإفتاء صنعة وتحتاج لصانع متقن.

التجديد في الفتوى بين النظرية والتطبيق

وأضاف، خلال كلمة له في المؤتمر العالمي الرابع للأمانة العامة لدور وهيئات الإفتاء في العالم، أنه لابد أن يكون فقيها يفقه النص ويفقه الواقع، مستشهدا بما قاله الدكتور علي جمعة، مفتي الديار السابق، بأن يكون حكيما ودقيقا ورقيقا في تنزيل النص على الوقت.

الدكتور إبراهيم نجم: الجماعات والتنظيمات الإرهابية لا تعرف أي شيء عن الدين

بدوره، وصف الدكتور إبراهيم نجم، الأمين العام لدور وهيئات الإفتاء في العالم، المؤتمر العالمي ب«الحدث التاريخي» الذي يشارك فيه مفتو العالم لأداء فريضة التجديد لضبط الفتوى والتصدي لفوضى الفتاوى، وتحديد المفاهيم بصورة واضحة وكشف زيف ما تبثه الجماعات الإرهابية وتنسبه إلى الدين.
وأضاف أن أهمية عقد المؤتمر في هذا التوقيت تنبع كذلك من خلال التصدي لفتاوى الجماعات والتنظيمات الإرهابية التي لا تعرف أي شيء عن الدين، فمع تصاعد حدة التطرف الفكري، وتعاقب الأحداث الإرهابية العالمية التي أصبحت الأمة الإسلامية تئن من جراء تطورها، نظراً لتخفّي صانعيها خلف ستار الدين والركون إلى فتاوى تراثية تبرر لهم سفك الدماء

 
 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky