الاجتهاد: تتطور السوق التجارية في ظل أجواء الزيارات العامة لائمة أهل البيت عليهم السلام وزيارة الحسين عليه السلام بشكل خاص يوم الأربعين تبعاً لازدياد عدد الزائرين وتنوعهم سواء أكانوا من داخل البلد أو خارجه، فإنك سوف ترى ألوانا من السلع التجارية القادمة من خارج البلاد في شتى المجالات مما يفتح الأبواب أمام الناس في انتخاب الأحسن والأجمل منها وبأرخص الأسعار نتيجة التنافس الاقتصادي.
قد لا يجد المرء حرجاٌ في الحديث عن الفوائد الاقتصادية المترتبة على زيارة الأربعين المليونية بعد أن تحدث القرآن الكريم عن شعيرة الحج بقوله: {لِّيَشْهَدُوا مَنَافِعَ لَهُمْ }( الحج 28)، وانطلاقا من هذه الآية الكريمة التي أحلت لشرعية الجمع بين الشعيرة الروحية والعبادية والفوائد الدنيوية لاسيما المالية المترتبة عليها، نحاول أن نسلط الأضواء على أهمية المزارات الدينية لاسيما مراقد أئمة أهل البيت عليهم السلام بشكل عام ومرقد سيد الشهداء علیه السلام بشكل خاص.
وقبل أن نبدأ أود أن أشير إلى أن المزارات الدينية أو ما يعرف الآن بالسياحة الدينية قد أخذت أبعاداً كبيرة جداً لاسيما في هذه الفترة واهتمت بها الدول اهتماماً عظيماً وذلك لكثرة مردوداتها الإيجابية عليها، حتى صارت تمثل أكبر حركة سياحية منظمة في العالم، حيث تقدر سنوياً بما لا يقل عن مئات الملايين من السياح ومع واردات تقدر بعشرات المليارات من الدولارات،
ولقد كان العراق وما زال واحداً من جملة أهم البلدان في العالم من حيث عدد السياح الدينيين إليه، لاسيما بعد سقوط النظام الصدامي البغيض، حتى أصبحت أعداد الزائرين إليه بالملايين سنوياً، ولئن كانت مدن العراق تعج بزائريها في بغداد وسامراء والنجف وكربلاء وغيرها فإن هذه الأعداد تجدها مضاعفة وبشكل كبير في زيارة الحسين عليه السلام لاسيما يوم الأربعين حيث المسيرة المليونية المباركة، ومن هنا كان لزاماً علينا أن نضع أيدينا على أهم الفوائد والمردوات الاقتصادية المترتبة على هذه الزيارات الدينية حتى يمكن الاهتمام بما وتطويرها.
ويمكن إجمال هذه الفوائد على النحو التالي:
1. توفير فرص العمل
كلما كان هناك زيادة في أعداد الزائرين كلما كانت هناك زيادة في عدد المشاريع السياحية في مختلف أشكالها وألوانها وبالتالي تحتاج مثل هذه المشاريع إلى أيدي عاملة تخلق لنا فرصة جديدة للعمل، ولا ريب أن الآثار المترتبة على زيادة فرص العمل وانخفاض معدل البطالة ستكون كبيرة جداً حيث تسهم في رفع المستوى المعيشي والرفاهي للفرد في داخل البلد.
ولو أردنا أن نضرب لذلك مثلا، فإن أي زيادة في عدد الفنادق مع افتراض زيادة عدد السائحين سوف يترتب عليه زيادة الطلب على عدد الأسرة وملحقاتها وعلى الأدوات الصحية وسائر الخدمات وهذا بدوره سوف يدخل موردين جديدين، وبالتالي إنشاء مشروعات جديدة لتزويد الفنادق مثل هذه المستلزمات.
وعلى أساس ذلك فإن أثر هذا القطاع على زيادة العمالة وتقليل أعداد البطالة كبير جداً خصوصاً إذا علمنا بتداخل هذا القطاع السياحي الديني مع بقية القطاعات الأخرى كالبناء والنقل والتغذية وغيرها.
۲. زيادة رؤوس الأموال الأجنبية
ومثل هذه الأموال يمكن لنا أن نتلمسها بشكل واضح على أعداد الزائرين لاسيما في زيارة الأربعين، ومن المعروف أن طرق دخول هذه الأموال إلى البلد يتم من خلال ما يلي:
أ) تأشيرات الدخول للسياح إلى داخل البلد.
ب) رؤوس الأموال الأجنبية الداخلة من خلال الاستثمارات الخاصة بالسياحة الدينية.
ج) الانفاق اليومي للسائحين.
د) فروق التحويلات للعملة.
هـ) إيرادات الفنادق والقطاعات السياحية الأخرى.
ولا شك أن كل ذلك سوف يشكل عاملاً مهماً في نمو وازدهار هذا القطاع بشكل خاص والبلد بشكل عام.
3. تنوع السلع التجارية وتطورها
تتطور السوق التجارية في ظل أجواء الزيارات العامة لائمة أهل البيت عليهم السلام وزيارة الحسين عليه السلام بشكل خاص يوم الأربعين تبعاً لازدياد عدد الزائرين وتنوعهم سواء أكانوا من داخل البلد أو خارجه، فإنك سوف ترى ألوانا من السلع التجارية القادمة من خارج البلاد في شتى المجالات مما يفتح الأبواب أمام الناس في انتخاب الأحسن والأجمل منها وبأرخص الأسعار نتيجة التنافس الاقتصادي.
هذا من جهة ومن جهة ثانية فإن هناك مجالاً واسعاً في تسويق المنتوجات الداخلية بشكل كبير فضلاً عن تطويرها وتحسينها بالشكل الذي ينسجم وتلبية متطلبات السوق المتنوعة في هذه الفترة. لاسيما في زيارة الحسين عليه السلام حيث يرى الجميع بأم عينيه توزیع المنتوجات الحيوانية كاللحوم والمنتوجات الزراعية والنباتية الخضار والفواكه والمنتوجات الصناعية كالألبسة والفرش والبطانيات وما شابه ذلك، وبشكل غير مسبوق وبكثرة ملفتة للنظر وبكرم يضرب به المثل،
ومع أعداد الملايين من الزائرين الذين تتوزع عليهم كل الخدمات السابقة، لاشك سوف يدعو كل ذلك المزارعين لزيادة الإنتاج وتنشيط المراعي الحيوانية لسد حاجات السوق ناهيك عن الثلاجات والبرادات ووسائل التبريد أيام الصيف ووسائل التدفئة أيام الشتاء والبرد التي يحتاجها الناس بكثرة في تلك الفترة مضافاً إلى الهدايا والحاجيات التي يشتريها الزائرون من العراق وياخذونها إلى بلدانهم.
كل ذلك يدعو إلى جعل السوق التجارية متحركة لأهميته ومتطورة لا متقوقعة ورابحة لا خاسرة وهذا بحد ذاته هدف كبير تصرف من أجله الدول والحكومات الملايين بل المليارات من الدولارات للوصول إليه.
وربما تكون علامة من علامات هذا السوق المتحرك بالملايين من الزوار هو اكتظاظ مطارات العراق لاسيما النجف الأشرف بالعشرات من شركات الطيران العالمية التي ما كانت لتصل إلى هذا البلد في ظل أوضاعه المشاهدة لولا هذه الأعداد المباركة من الزائرين لعتباته المقدسة لاسيما سيد الشهداء عليه السلام في يوم الأربعين.
وأخيرا نقول: أن كثيرا من دول العالم تعتمد على السياحة والسائحين كمصدر مهم من مصادر الدخل القومي والوطني حين استطاعت أن تحصل على عائدات كبيرة من هذا الجانب الحيوي كما يحصل في الولايات المتحدة وعموم الدول الأوربية والغربية لاسيما المستقطبة للسياح أكثر،
وكمثال على ذلك الأثر لاسيما الاقتصادي على الناس ما ذكره المجلس العالمي للسياحة والسفر في تقاريره حيث تم إيجاد أكثر من مليون فرصة عمل بشكل مباشر وغير مباشر في جميع أنحاء العالم، إضافة إلى العملات الأجنبية لاسيما إنفاق السائح والزائر على السلع والخدمات وهذا الأمر مما يمكن البلد من استيراد السلع وأيضا عامل من عوامل إسناد العملة المحلية .
المصدر: كتاب ” الأربعين وفلسفة المشي إلى الحسين عليه السلام ” تأليف الشيخ حيدر الصمياني منشورات العتبة الحسينية المقدسة.