العصر الذي نعيش فيه الآن –والّذي سمّي بحقٍّ (عصر الاتّصالات) – جعل من الكرة الأرضية قريةً صغيرةً،ولذلك يجب أن نعدّ هذا الانفجار[المعلوماتي]العالمي فرصةً فاخرةً يجدر بنا انتهازها بالجدّ والاجتهاد، لتكون محصّلتها التطوّر في مختلف العلومالإسلامية
موقع الاجتهاد: يعود التطرّق إلى المواضيع والمسائل المستحدثة في الفقه إلى المراحل الأولى في تاريخ الفقه [الإسلامي]، وإنّ إلقاء نظرةٍ من هذه الناحية إلى الأحاديث والمتون [الروائية] التي تخصّ مباحث هذا العلم الديني القديم يضعنا أمام أمورٍ قد تكون مفقودةً أو مختفيةً في علم الفقه [المعاصر]، وقد أشار وتطرّق إليها أهل البيت (عليهم السلام) وفقهاء الإمامية [من بعدهم].
ولذلك يجب أن نعدّ نظام علم الفقه [في أيّ حقبةٍ زمنيةٍ] ناظرًا إلى المجتمع الّذي عاش تلك الحقبة، وأنّه يحمل الهيكلية الكفيلة بتأمين الإجابة عن المسائل المستحدثة [في عصره].
إنّ العصر الذي نعيش فيه الآن – والّذي سمّي بحقٍّ (عصر الاتّصالات) – جعل من الكرة الأرضية قريةً صغيرةً، وهذا يعني إزالة الحواجز، والتبادل غير المحدود للمعلومات، والظهور الواسع للأسئلة [المتنوّعة] وتوسيع مجالات العلوم البشرية؛ ولذلك يجب أن نعدّ هذا الانفجار [المعلوماتي] العالمي فرصةً فاخرةً يجدر بنا انتهازها بالجدّ والاجتهاد، لتكون محصّلتها التطوّر في [مختلف] العلوم الإسلامية.
ويجدر بالحوزة العلمية اليوم – والّتي ربّت في حلقاتها وصفوفها العلميّة مئات الفقهاء، وتستطيع أن تغطي حاجات العصر – أن تتخذ التدابير اللازمة لاستقراء وإحصاء الموضوعات المستحدثة الّتي لم تكن في الماضي موجودةً، أو كانت موجودةً بيد أنّها لم تكن بسعة وشمولية ما هي عليه اليوم؛ وذلك من خلال إلقاء نظرةٍ دقيقةٍ على الإمكانيّات المتاحة في الحوزة والضرورات الزمانية على الصعيدين الوطني والعالمي.
ويمكننا من خلال تدوين أبوابٍ فقهيةٍ جديدةٍ وإضافة علم الفقه إلى العلوم الأخرى – كالإعلام والتربية والإدارة والسياسة والطبّ وغير ذلك – أن ننتج ظروفًا تعليميةً فاخرةً لنموّ علم الفقه، وهكذا سننمو داخليًّا ونتمكّن من التعامل علميًّا مع المجتمع المعاصر.
ويعتقد الفقهاء – بل يذعنون – بأنّ مباني وقواعد الفقه المضاف ليست سوى الفقه الأصيل [نفسه]؛ والفقيه يخطو خطواتٍ مباركةً في تأمينه لإجاباتٍ مبوبّة ومنظّمة عن [الأسئلة الّتي تفرضها] حاجات عصره، وذلك من خلال إلقائه نظرة على تلك الحاجات، ومعرفته للموضوعات والمسائل الجديدة، وتجميع المسائل المتفرّقة في الأبواب المختلفة، والتفقّه العصري، وإيجاد أبوابٍ جديدةٍ في الفقه.
وفي السنوات الأخيرة بدأت دروس الفقه المضاف تحت إشراف زعماء الحوزة الكرام – وخصوصًا السيّد قائد الثورة – وقد شهدنا ازدهارًا فيها، وطرق أسماعنا حديثٌ عن النموّ الحاصل في هذا المجال العلمي الجديد، وفقًا للنهج الّذي سارت عليه الإدارة الجديدة للحوزة.
ونأمل أن نشهد برمجةً وتنظيمًا كلّيًّا لهذه الدروس من قبل المدراء المسؤولين والمشهورين بحسن تدبيرهم وعمق تفكيرهم، وذلك من خلال معرفة الحاجات الفقهية للمجتمع العالمي؛ ليكون ذلك خطوةً مباركةً باقية الأثر [إلى الأمام] تضاف إلى النظرة الواسعة لفقه الشيعة إلى المجالات الحديثة والمستجدّة.
الشيخ حسن مولائي ؛ وكالة أنباء الحوزة