يستطيع الإنسان في زمان حياته أن يهدي ما يشاء من أعضائه لشخص آخر ، أو لمراكز زراعة الأعضاء ، أو أن يبيع ذلك العضو بشرط أن لا يؤدي هذا العمل إلى وفاته أو إذلاله بين الناس، وأن يكون هذا العمل مقبولاً عند العقلاء .
موقع الاجتهاد: عندما يتمدّد جسد الإنسان في مستشفى مهتم بالحياة والموت، ويقرر الطبيب أن دماغه توقف عن العمل، أن أهدافه وغاياته في الدنيا كلها انتهت، وأن حياته توقفت. عندما يحصل هذا، يمكن القول أن هذا سرير موته ، ويمكن أن نسميه سرير الحياة، فيأخذوا من جسده لينقذوا أشخاصاً آخرين مفعمين بالحياة. فعشرات الآلاف من البشر يحتاجون إلى زرع الأعضاء للحفاظ على حياتهم ،كحلٍّ لمعضلة بعض الأمراض المستعصية ، التي قد تتسبب بتدمير بعض الأعضاء الأساسية اللازمة لاستمرارية الحياة.
ويمكن الحصول على الأعضاء المراد زرعها للمريض من متبرع حي، أي من أحد أفراد العائلة : الزوج أو الزوجة أو أحد الأقارب. أو من متبرع ميت : (موت دماغي) ، وهو الذي ينتج من توقف وظائف الدماغ كافةً، ويتم تشخيصه بواسطة فحص سريري يقوم به عدة أطباء ، من عدة اختصاصات ..
وبما أن وهب إنسانٍ عضواً من أعضائه لإنسانٍ آخر، خصوصاً إذا كان الآخر يواجه حالةً صحية تهدِّد حياته، يمثل قيمةً أخلاقيةً من حيث الإحسان والإيثار، فالإنسان الذي يهب عضواً من أعضائه، فإنه بذلك يؤثِره على نفسه، والإيثار يمثل قيمةً أخلاقيةً إسلاميةً تحدَّث الله سبحانه وتعالى عنها بقوله: « ويؤثرون على أنفسهم ولو كان بهم خصاصة» .
أما المعوقات التي حالت دون الاستفادة من 66 حالة موت دماغي فهي على الشكل الآتي :
– توقف القلب عن العمل 31 حالة 45 %
– أسباب ثقافية واجتماعية 22 حالة 31 %
– سبب عقائدي فقط 6 حالات 7 %
– عدم قبول أحد افراد العائلة 9 حالات 13 %
– مجهول الهوية 3 حالات 4 %
العثرات
إن من أهم الأسباب التي تمنع الاستفادة من أعضاء الأفراد المصابين بالموت الدماغي ، هي المسائل الثقافية والاجتماعية أو بعبارة أخرى ؛ عدم الاطلاع الكافي على تفاصيل وأهمية الاستفادة من أعضاء هؤلاء الأفراد المصابين بالموت الدماغي .
أما الأسباب الأخرى فهي العوامل الاعتقادية وبالأخص اعتقاد البعض بأن هذا العمل غير جائز شرعاً .
الدراسات الفقهية لموضوع وهب الاعضاء
فيما يلي بعض الاستفتاءات الفقهية حول وهب الأعضاء وهي :
– هل يحق للواهب الحي قبض مبلغ مقابل وهب العضو ؟ .
ج : يجوز ذلك .
– هل يجوز له أن يهب أكثر من عضو؟.
ج: يجوز ذلك ما لم يتضرر بذلك ضرراً معتنىً به .
– إذا توقفت حياة شخص على أن يأخذ عضواً ما ، الوهب في هذه الحالة ؛ عيني أم كفائي ؟.
ج: يجب ذلك في مفروض السؤال ما لم يكن هناك ضررٌ معتنى به على المتبرع .
– هل يحق له أن يحدد الشخص الموهوب له ؟.
ج: له ذلك ، إلاَ أن يكون هناك أهم فيقدم .
– بالنسبة للواهب الميت ، هل يشترط في الوهب الوصية ؟.
ج: له أن يتبرع في حياته ، وله أن يوصي بذلك بعد مماته ، ويمكن لأوليائه أن يأذنوا لو لم يوصِ ولم يتبرع .
– إذا أوصى الواهب بالوهب ، وبعد موته عارض أولياؤه ، من النافذ رأيه ؟.
ج: إذا أوصى الميت بذلك ، ولم يجيزوا قبل الموت جاز لهم المخالفة .
– إذا أخذ الواهب إذن وقبول الأولياء حين حياته ، هل يلزم هذا القبول الأولياء بعد وفاته ؟.
ج: إذا وافق الورثة عند الوصية على ذلك ، فوصيته نافذة ، وليس لهم المخالفة .
– إذا تم الاتفاق كتبياً بين الواهب والورثة ، هل يبقى الاتفاق نافذاً بعد الوفاة ؟.
ج: نعم ينفذ ، وليس للورثة مخالفته .
– هل تحتاج وصية وهب الأعضاء إلى إذن الأولياء حين الوصية ؟.
ج: لا تحتاج إلى إذنهم ، لكن كان لهم المنع بعد موته لو لم يأذنوا في حياته .
– إذا لم يكن هناك من وصية، هل يحق للورثة الموافقة على وهب عضو من الميت؟.
ج: نعم ، لهم ذلك ما لم يكن في قطع العضو هتك حرمة الميّت بنظر العُرف .
– إذا أوصى شخص بعدم الوهب ، وبعد وفاته أجاز الورثة (الاولياء) بالوهب ، هل يصح هذا الوهب؟.
ج: لا يجوز لهم ذلك في مفروض السؤال .
– بعد موافقة الاولياء ، هل يجوز أخذ عضو من الميت دماغياً ؟.
ج: ما لم يمت عرفاً لا يجوز اقتطاع أي عضو منه يكون في قطعه ضرر معتنى به عليه .
– إذا تبين أن الشخص يعيش حياة نباتية (موت دماغي + القلب يدق + لا ينمو جسده) ، هل يجوز أخذ عضو منه بعد موافقة أوليائه؟.
ج: لا يجوز إذا كان أخذه يؤدي إلى استعجال موته ومفارقته الحياة تماماً .
– الموت الدماغي : هل نعتبره موتاً شرعياً؟.
ج: الاعتبار بالموت عرفا، فما لم يمت عرفاً لا يكون قد مات شرعاً .
– ما الهدف من وضع الأجهزة للميت دماغيا ، هل لتأخير عملية توقف القلب أم للأمل بحدوث معجزة؟.
ج: الغرض من ذلك حفظ النفس المحترمة التي يجب حفظها شرعاً ، ولا يجوز نزعها حينئذٍ .
– هل يجوز نزع جهاز التنفس الاصطناعي عن شخص ميؤوس من شفائه ؟
ج: لا يجوز نزعه إذا كان يؤدي إلى موته .
وفيما يلي الآراء الفقهية لمجمع فقه أهل البيت (ع) حول الأسئلة التي طرحت في المؤتمر الأول في جامعة مشهد للعلوم الطبية تحت عنوان : « رأي الإسلام في المسائل المستحدثة بالطب »
1 – يستطيع الإنسان أن يهدي مقداراً من دمه لشخص آخر أو لمراكز التبرع بالدم ، كما انه يستطيع أن يبيع هذا الدم بشرط أن لا يؤدي هذا العمل إلى وفاته أو إيجاد مشكلة له .
2 – يستطيع الإنسان في زمان حياته أن يهدي ما يشاء من أعضائه لشخص آخر ، أو لمراكز زراعة الأعضاء ، أو أن يبيع ذلك العضو بشرط أن لا يؤدي هذا العمل إلى وفاته أو إذلاله بين الناس، وأن يكون هذا العمل مقبولاً عند العقلاء .
3 – تعريف الموت : هو توقف النبض العادي للقلب إلى الأبد ، وعندما يصل الإنسان إلى هذه المرحلة يعتبر ميتاً . أما إذا حافظ القلب على نبضه بمساعدة التنفس الاصطناعي أو بمساعدة بعض الأجهزة الأخرى أو تم وضع قلب اصطناعي بدلاً عن القلب المصاب ، واستطاع المريض عندها الاستمرار في الحباة فعندئذ نقول بأنه حي وبناء على ذلك :
أ – ما دام المريض على قيد الحياة ، وقد أعطى إذناً باستئصال أحد أعضائه ، فإن ذلك العمل يعتبر جائزاً مع مراعاة الشروط التي ذكرت في السؤال رقم (2) .
ب – يجوز إهداء الدم والأعضاء الأخرى كالعظام وغيره من الإنسان المسلم لغير المسلم مع رعاية الشروط التي ذكرت مسبقاً .
4 – إن فضلات أو زوائد الولادة هي ملك للمرأة التي أولدت، وفي حال موافقتها ، يجوز الاستفادة من تلك الفضلات من أجل الأعمال الجراحية الأخرى ، وكذلك الأمر يجوز زراعتها لأشخاص آخرين ، وللمرأة الحق بأن تهدي هذه الفضلات أو أن تأخذ مبلغاً من المال مقابل هذا العمل .
5 – يجوز الترويج والتبليغ من أجل حث الناس على الإقدام في إهداء بعض الأعضاء والدم ، ولكن ذلك مشروطا بأن يبيّن للناس الحدود والموانع لهذا العمل .
المصدر: الهيئة الصحية الإسلامية