اشترط أغلب الأصوليين بطريق اللزوم والضرورة،أن يمتلك القائم بمهمة الاجتهاد أدوات اللغة،وأن يكون سابرا لأغوارها وأساليبها، عارفا بقواعدها، ليسهل عليه فهم النصوص الشرعية، وتمييز مراتبها. كما أن العلم باللغة والنحو، من العلوم التي بها تعرف طرق الاستثمار، إضافة إلى المعرفة بمواقع الإجماع، وأسباب النزول، ومعرفة الرواية.
الاجتهاد: إن المعرفة باللغة العربية ومعهود كلام العرب وأساليب استعمالهم وتعبيرهم وطرقهم في التخاطب، هو الوسيلة والأداة المنهجية لفهم الخطاب الشرعي، والغوص في معانيه ودلالاته، وإدراك مراتبه بغية استنباط الحكم الشرعي واستثماره، انطلاقا واستنادا إلى قواعد التفسير، وطرق الدلالة.
ومن ثم فقد اشترط أغلب الأصوليين بطريق اللزوم والضرورة، أن يمتلك القائم بمهمة الاجتهاد أدوات اللغة، وأن يكون سابرا لأغوارها وأساليبها، عارفا بقواعدها، ليسهل عليه فهم النصوص الشرعية، وتمييز مراتبها.
كما أن العلم باللغة والنحو، من العلوم التي بها تعرف طرق الاستثمار، إضافة إلى المعرفة بمواقع الإجماع، وأسباب النزول، ومعرفة الرواية.
وفي نفس السياق اعتبر الغزالي العلم باللغة والنحو من العلوم التي بها تعرف طرق الاستثمار، إضافة إلى المعرفة بمواقع الإجماع، وأسباب النزول، ومعرفة الرواية وفي ذلك يستدل على أهميها” أما المقدمة الثانية: فعلم اللغة والنحو أعني القدر الذي يفهم به خطاب العرب وعادتهم في الاستعمال إلى حد يميز بين صريح الكلام وظاهره ومجمله، وحقيقته ومجازه، وعامه وخاصه، ومحكمه ومتشابهه ومطلقه، ومقيده ونصه وفحواه، ولحنه ومفهومه، والتخفيف فيه أنه لا يشترط أن يبلغ درجة الخليل بن أحمد والمبرد وأن يعرف جميع اللغة ويتعمق في النحو، بل القدر الذي يتعلق بالكتاب والسنة ويستولي به على مواقع الخطاب ودرك حقائق المقاصد منه…”
وإذا تأملنا مبحث القول في البيان، نجد أن مجمل الأصوليين يذكرون كثيرا من المسائل التي تداولها أهل اللغة، من مثل حديثهم عن معاني الحروف في تفسير النصوص الشرعية، وأقسام وتقاسيم الكلام، كالأمر والنهي، والعموم والخصوص، والمحكم والمتشابه، والمنظوم والمفهوم، إلى غير ذلك من مراتب الخطاب.
والحقيقة التي لا يجادل فيها اثنان، هي أن القرآن نزل بلسان عربي، وعلى غرار معهود كلام العرب وأساليب تخاطبهم، وهذا يستدل عليه بقوله تعالى: {وإنه لتنزيل رب العالمين، نزل به الروح الأمين على قلبك لتكون من المنذرين بلسان عربي مبين} .
وللتأكيد على أهمية اللغة العربية، ” قال الشافعي: فإنما خاطب الله بكتابه العرب بلسانها، على ما تعرف من معانيها، وكان مما تعرف من معانيها اتساع لسانها. وأن فطرته أن يخاطب بالشيء منه عاما ظاهرا يراد به العام الظاهر، ويستغنى بأول هذا منه عن آخره، وعلما ظاهرا يراد به العام ويدخله الخاص، فيستدل على هذا ببعض ما خوطب به فيه. وعاما ظاهرا يراد به الخاص.
وظاهرا يعرف في سياقه أنه يراد به غير هذا ظاهره. قال هذا موجود علمه في أول الكلام أو أوسطه أو آخره” .
ومدلول كلام الشافعي فيه تنبيه وإشارة إلى أهمية اللغة العربية بالنسبة للمشتغل بالنص الشرعي، فكان حقيقا به لزوما أن يمتلك ناصية اللغة، ويتبحر في علومها فهما، وفي قواعدها تطبيقا.
وفي نفس السياق ولبيان العلاقة التلازمية بين اللغة العربية وفهم الشريعة أكد الشاطبي “….أن الشريعة عربية، وإذا كانت عربية فلا يفهمها حق الفهم إلا من فهم اللغة العربية حق الفهم، لأنهما سيان في النمط ما عدا وجوه الإعجاز، فإذا فرضنا مبتدئا في فهم اللغة العربية أو متوسطا فهو متوسط في فهم الشريعة ، والمتوسط لم يبلغ درجة النهاية، فإن انتهى إلى درجة الغاية في العربية كان كذلك في الشريعة، فكان فهمه فيها حجة .”
ومن ثم، فاللغة العربية هي الميزان الذي يوزن به الكلام، فيعرف سقيمه من صحيحه، وأيضا به تعرف ضروب بيانه، ومعانيه، ودلالاته، لأن اللغة متضمنة لقواعد تفسيره.
ومن ثم فاستخراج واستنباط المدلول هو الحكم الشرعي في النازلة، من الدال وهي النصوص الشرعية، يكون من خلال فقه عموم الخطاب وخصوصه، وإطلاقه وتقييده، وإجماله وبيانه، وإشارته واقتضائه، ومفهومه ودليله، وهذه أهم مرحلة في الاجتهاد، لأنها مبنى باقي المراحل، ذلك أن الفهم يستلزم ضرورة الاستنباط، ثم بعد ذلك تحقيق المناط، وتنزيل الأحكام على الوقائع اللامتناهية.
وهذا التقديم يقودنا إلى طرح الإشكالات الآتية:
ماذا نقصد بمفهوم الموافقة؟ وما هي علاقته بالأحكام الشرعية؟ وما هو مدلول مفهوم المخالفة؟ وما هي علاقته بعملية تفسير النص الشرعي واستنطاقه؟
لتحميل البحث بصورة كاملة أضغط على هنا
لمياء فاتي: باحثة في الدراسات الإسلامية – جامعة دار الحديث الحسنية، المغرب