خاص الاجتهاد: استعرض سماحة الحجة السيد محمد علي الميلاني، حفيد المرجع الراحل آية الله السيد محمد هادي الميلاني، جوانب من الأجواء الفكرية المعقدة التي خيمت على حوزة مشهد العلمية في العقود الماضية، مسلطاً الضوء على “المظلومية العلمية” التي كابدها جده المرجع الراحل، وقدم رواية لافتة حول الصراع بين التقليدية أو النزعة النصية والعقلانية في خراسان.
وأشار السيد الميلاني إلى أنه عقب وفاة آية الله السبزواري، عانت حوزة مشهد من فراغ في الزعامة المرجعية، مما دفع علماء المدينة—الذين كان معظمهم من تلامذة “مدرسة التفكيك” والمتأثرين بمنهج الميرزا مهدي الأصفهاني—إلى دعوة آية الله السيد محمد هادي الميلاني للاستقرار في مشهد.
وتابع حفيد المرجع الراحل قائلاً: بادر سماحته إلى الاستخارة وجاءت النتيجة طيبة، غير أن إقامته هناك قوبلت بشرطٍ غريب؛ إذ بعث معارضو الفلسفة برسالة مفادها: إذا مزجتم المباحث الفقهية والأصولية بالقواعد العقلية والفلسفية، فسنرفع يد الدعم عنكم، بل وسنروج لمسألة عدم جواز تقليدكم.
وأوضح أن المنهج الاجتهادي لآية الله الميلاني كان يقوم على الحكمة والتعقل، وهو ما خلق تضاداً صارخاً مع الأجواء المعادية للفلسفة في مشهد آنذاك. وأضاف: رغم هذه الضغوط، واجه سماحته الموقف بسعة صدرٍ وأخلاقٍ مثالية، ولم يشكُ معارضيه ولو لمرة واحدة.
وروى السيد الميلاني قصة تنم عن نبل أخلاقي، نقلاً عن المرحوم آية الله السيدان، الذي رغب يوماً في حضور درس آية الله الميلاني، فما كان من المرجع الميلاني إلا أن زاره في منزله ليلاً وقال له: سمعتُ أنك تريد الحضور في درسي.. لا تفعل!، وعندما استفسر عن السبب، أجابه المرجع: إنهم يعدونني هنا فيلسوفاً، فإذا حضرت درسي فستتعرض للأذى اجتماعياً وعلمياً.
وأشار إلى أن الأجواء في خراسان بلغت حداً كان يُطلق فيه على المشتغلين بالفلسفة ألقاباً مثل “كافر” و”زنديق”، ويُتهمون بالانحراف عن الدين، ومع ذلك لم يتخلَّ آية الله الميلاني عن نهجه العلمي العقلاني، ووقف بوقار وتواضع في وجه تلك التيارات المتشددة.
وفي سياق آخر، أشار السيد محمد علي الميلاني إلى واقعة تبرز الاستقلال المالي والفكري للمرجع الراحل، حيث عرض أحد الأثرياء التنازل عن أملاك واسعة لصالحه ليثبت أن “المال سلطة على العلم”، فرفض المرجع العرض بذكاء قائلاً: لن أقبل، لأثبت له أن العلم هو السلطة على المال.
واختتم حديثه بالقول: إن هذا النهج العلمي والأخلاقي يرسم صورة لمرجعٍ صانَ مسار الاجتهاد والحكمة الإلهية بالاستقلال والإنصاف والعقلانية، حتى في أحلك ظروف الضغط الفكري والاجتماعي.
المصدر: موقع آستان نيوز بالفارسية
الاجتهاد موقع فقهي