خاص الاجتهاد: صدر حديثاً عن قسم الشؤون الفكرية والثقافية في الأمانة العامة للعتبة الكاظمية المقدسة كتاب الآثار الإنسانية للمرجعية الدينية في الدفاع عن المسيحيين وغيرهم من الطوائف والأقليات، إعداد الدكتور الشيخ عماد الكاظمي *. والذي يحتوي على البيانات والإفتاءات الخاصة للمرجع الديني آية الله السيد علي الحسيني السيستاني “دام ظله” ومواقفه الحكيمة بخصوص نبذ الطائفية والتطرف واحترام الآخرين واحترام معتقداتهم.
يقول الشيخ الكاظمي: إنَّ المرجعية الدينية وعلى مدى تأريخها كانت لها مواقف واضحة جلية صريحة في التعامل بالحسنى مع غير المسلمين من الديانات الأخرى، والذين يعيشون في بلاد المسلمين، والحفاظ على ممتلكاتهم، ورعاية حقوقهم، والدفاع عنهم، وكان ذلك من أهم مواقفها في التعايش السلمي، والحفاظ على الأقليات من الديانات كالمسيحية وغيرها (1).
وأحاول في هذه السطور أن أسلط الضوء على صفحات مشرقة في بيان أهمية الحفاظ على السلام والأمان في كُلّ الظروف التي تعيشها الأمة، وما في ذلك من حفظ الحقوق من الضياع والانحراف عن المسار الذي جاءت به الشريعة المقدسة، وهي رسالة مهمة إلى الآخرين لمعرفة عظمة التشريع الإسلامي في جميع مجالات الحياة.
ونذكر في بيان ذلك أمثلة معينة تؤكد ذلك الدور الإنساني للمرجعية الدينية، وما كانت توصياتها إلى المؤمنين في ذلك، من خلال استعراض بعض ما ورد عن المرجعية الدينية لسماحة السيد علي الحسيني السيستاني في حق كيان داعش الإرهابي عام 2014م، وما قبله بعد سقوط النظام البعثي عام 2003م، وهو ما يؤكد وحدة منهج المرجعية الدينية تجاه قضايا الأمة.
فلقد كانت لمواقف سماحة السيد علي السيستاني وفتاواه وبياناته آثار كبيرة في الحفاظ على المجتمع من الانهيار التام، بعد الاحتلال الأمريكي للعراق عام 2003م، وما صدر عنه بخصوص الحفاظ على حقوق المسلمين والتعايش السلمي بصورة عامة، وحقوق غير المسلمين والأقليات بصورة خاصة، فكان منهجه جليًّا في ذلك، بل وما يصدر عن وكلائه وممثليه.
وأحاول ذكر أمثلة عشرة تجعلنا أمام صورة مشرقة لتلك المواقف، يكتبها التأريخ بأحرف من نور، وسيتم ذكرها على وفق تسلسل تواريخ صدورها، اعتمادًا على أهم المصادر التي وثقت هذه المرحلة، وهو كتاب (النصوص الصادرة عن سماحة السيد السيستاني في المسألة العراقية) للحاج حامد الخفاف، فضلاً عن الموقع الرسمي لسماحة السيد السيستاني على الإنترنت.
إن َّ هذه الصفحات على إيجازها (2) تفسح المجال أمام الباحثين لدراسة تفصيلية عن هذه المواقف التي تنبثق عن تعاليم الشريعة الإسلامية المقدسة في حفظ كرامة الإنسان، والدعوة إلى الاحترام المتبادل بين الديانات جميعًا على أساس المشتركات التي تجمع بينهم، وفي ذلك رسالة إلى العالم كله، وإلى المرجعيات الدينية المختلفة بضرورة الدعوة إلى التعايش السلمي، والحفاظ على المشتركات والانطلاق منها، وترك الاختلافات التي يحاول الأعداء تفريق الشعوب على أساسها.
وسوف يرى الباحث في هذه الأمثلة التي تضمنتها هذه الصفحات أمثلة إنسانية ناصعة للحفاظ على وحدة الشعب العراقي؛ لتكون درسًا عمليًّا إلى الشعوب الأخرى، في أهمية مواجهة هذه الصعوبات التي تمر بها تلك البلدان التي تضم ديانات وقوميات مختلفة، ولمَّا كانت هذه الصفحات التي أعددتها آنذاك ونشرتها على صيغة كتاب إلكتروني، وبعد التفرُّغ لطباعتها الآن في كتاب أحاول أن اذكر في الملحق بعض ما يتعلق بزيارة بابا الفاتيكان؛ لأهمية ما برز عنها، وتوثيقًا لذلك، وما فيه من آثار مهمة للباحثين في المستقبل، فضلاً عن المواقف المهمة التي صدرت عن هذه الزيارة التي تؤكد دور المرجعية في الحفاظ على كيان الأمة وشعوبها.
* الشيخ عماد موسى محمود الكاظمي. مواليد 14 رجب 1390هـ الموافق 1970/9/15م
* متشرف بالخدمة في العتبة الكاظمية المقدسة.
* حاصل على شهادة الدكتوراه في علوم القرآن الكريم / الجامعة العالمية للعلوم الإسلامية.
* له آثار علمية متعددة مطبوعة ومخطوطة في التأليف والتحقيق، ومشاركات في مؤتمرات علمية.
——–
(1) وهناك أمثلة متعددة في ذلك صدرت عن الشيخ محمد تقي الشيرازي “قدس سره” وغيره على سبيل المثال عند قيام ثورة العشرين عام 1920م قبل أكثر من مئة عام ضد الاحتلال البريطاني للعراق، وتوجيهاته في الحفاظ على غير المسلمين، وصيانة أنفسهم وأموالهم وأعراضهم. للتفصيل ينظر: المرجعية الدينية ودورها في بناء الدولة العراقية، د. الشيخ عماد الكاظمي.
(2) تمت إعداد هذه الصفحات -على عجالة- قبل زيارة مرجع الكنيسة الكاثوليكية للعالم في الفاتيكان (البابا فرنسيس Franciscus ) إلى العراق للمدة 5- 2021/3/8م، وتوجهه إلى مدينة النجف الأشرف للقاء سماحة المرجع الديني الأعلى السيد علي الحسيني السيستاني يوم السبت 2021/3/6م، فعلى رغم أن َّ الزيارة قد تم الإعلان عنها قبل أشهر منها، ولكن لم تكن فكرة كتابة هذه السطور في رَوْعِي، إلا قبل ليلتين من قدومه، إذ كان الإعلام العالمي يتحدث عن هذه الزيارة التأريخية، والحكومة العراقية تتهيأ لذلك، فقررت كتابة ذلك وإهداءها إلى الباحثين؛ لتكون وثيقة تأريخية عن مواقف المرجعية.
فهرس محتويات الكراس
تحميل الكراس
.pdf الآثار الإنسانية للمرجعية الدينية في الدفاع عن المسيحيين وغيرهم من الطوائف والأقليات