استئجار الرحم

استئجار الرحم.. دراسة فقهية / الدكتور شهاب أحمد

الاجتهاد: شرع هذا المقال بتعريف (إجارة الرحم)، وبيان واقع تأجير الأرحام في دول العالَم، ثمّ استعرض صور تأجير الرحم وكانت سبعة. وتمّ تقسيم البحث حول حكم إجارة الرحم في مقامين : أوّلهما: البحث في تمامية المقتضي وهي أدلّة الإجارة. ثانيهما: البحث في الموانع التي تمنع من الصحّة.

المراد بإجارة الرحم: هو تلقيح ماء رجل (النطفة) بماء المرأة (البويضة) تلقيحاً خارجياً في وعاء اختبار ثم زرع هذه البويضة الملقحة (اللقيحة) في رحم أخرى لتنمو وتتكامل فيها إلى حين الولادة سواء أكان ذلك تطوّعاً أو مقابل أجر معيّن؛ فإن وقع مقابل أجر فهو إجارة. فهو عقد على منفعة رحم بشغله بلقيحة أجنبية بعوض.

ويُطلق على هذه العملية تسميات مختلفة، مثل: الرحم الظئر، الرحم المستعار، مؤجرات البطون، الأم البديلة، المضيفة أو الحاضنة، شتل الجنين، الأم بالوكالة، أجنّة بالوكالة. 

أسباب اللجوء إلى تأجير الأرحام ومدى انتشارها:

يعود سبب اللجوء إلى تأجير الأرحام الى كونه حلاً طبياً في بعض الحالات:

1- إذا كان رحم المرأة معيباً أو ضعيفاً بحيث لا يستقرّ الحمل فيه ومبيضها سليماً.
2- عند استئصال رحم المرأة بسبب مرض من الأمراض والمبيض منتج.
3- وفاة الجنين المتكرّر أو الإجهاض المتكرّر مع كون المبيض سليماً.
4- عندما لا تكون المرأة راغبة في الحمل ترفاً، وهذا بدأ ينتشر في طبقة الأثرياء في أوربا والبلاد العربية.

واقع تأجير الأرحام في دول العالم:
نحن لا نتكلّم عن نظرية علمية أو تجربة طبية ما تزال سجينة داخل جدران أحد المختبرات، وإنّما نتحدّث عن حقيقة وواقع ظهر وانتشر في دول العالم، وافتتحت لأجله مؤسسات ومراكز وشركات طبية تستقطب الراغبين والراغبات في إجراء مثل هذه العملية، وتؤمنِّ لهم الإجراءات الطبية اللازمة، مثل جمعية “الأمهات البديلات ” في لوس انجلوس في أمريكا، وشركة ( storkes ) التي أنشئت لبيع الأرحام في أمريكا وتأجيرها.

وفي استراليا في مركز (لوتج بيتش) تمّت عملية نقل لقيحه عمرها خمسة أيام إلى رحم أجنبية حيث حملته تسعة أشهر ووضعته بعمليه قيصرية، وتمّ تسليمه إلى المرأة الأولى بموجب عقد تمَّ إبرامه، والمقابل هو المال.

وأمّا في الهند فإنّ تأجير الأرحام تحوّل إلى وظيفة تمتهنها النساء هناك، وهي الوظيفة الأحدث والأكثر مردوداً، وتُعدّ الهند من أكثر الأماكن استقطاباً حيث الكلفة أقلّ والمؤجرات أكثر.

وفي ظلّ غياب أرقام وإحصائيات رسمية فإنّ هناك ما يقارب (100) ال (150) طفلاً يولدون سنوياً في الهند عن طريق الرحم البديل.

وينتشر تأجير الأرحام في بريطانيا وفرنسا وسنغافورة وكندا وغيرها من الدول الأوربية فقد كانت “ريتا باركر” أوّل رحم مستعار في لندن؛ إذ وافقت على حمل اللقيحة عن زوجين بريطانيين مقابل أجر معيّن، لكن بعد وضع الطفل رفضت تسليمه للزوجين، ورفعت القضية إلى المحكمة حيث لا يوجد قانون ينظّم مثل هذه العقود.

وبالانتقال إلى الدول العربية والإسلامية فإنّ مثل هذه الحالات لا تتمّ غالباً بشكل علني وصريح، وإنّما تتمّ في الظلام حيث لا يمكن للإعلام أو الإحصائيات أن تعلم بها رغم انتشار العديد من الإعلانات على شبكة الانترنت، والتي غالباً ما تتضمّن عروضاً مغرية وصلت إلى حدّ التنافس على الأسعار والمؤهّلات الصحية، ففي إيران مثلاً هناك ما يقارب من (100) عائلة تمكّنت من الإنجاب عن طريق تأجير الأرحام، بل إنّ العشرات من الأزواج يزدحمون أمام مراكز التخصيب للحصول على رحم مستعار لأجنتهم، وهنا انتقل الأمر من الخفاء إلى العلن.

وانطلاقاً من هذا الواقع كان لا بدّ من بيان المسألة، والبحث في صورها وحكمها الفقهي، فالأمر لم يعد تصوراً نظرياً، بل هو واقع عملي انتشر في الغرب، ويتسلّل إلى البلاد الإسلامية والعربية في العلن حيناً وفي الخفاء أحيانا أخرى.

صور تأجير الرحم:

لتأجير الأرحام صور عديدة تتلخّص بما يأتي:

الصورة الأولى: أن تؤخذ البويضة المخصبة والحيمن من الزوجين ويتمّ التلقيح في وعاء اختبار خارج الرحم ثمّ تزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى أجنبية عنها. هذه لا محذور فيها في حدّ نفسها.

الصورة الثانية: نفس الصورة السابقة مع كون الزرع في رحم ضرّة الأولى، وهذه الصورة جائزة شرعاً سواء على الرأي القائل بأنّ صاحبة البويضة هي الأم النسبية للمولود أم على الرأي القائل بأنّ صاحبة الرحم التي تحتضن الجنين هي اُمّه النسبية. وهذه الصورة محظورة في بلاد الغرب؛ لأنّ التعدّد هناك محظور.

الصورة الثالثة: حمل المرأة بويضتها المطعمة بخليّة جسدية من رجل بناءً على عدم اعتبار صاحب الخلية أباً للمولود، بل ولإن اعتبر أبا له بشرط أن لا يكون من المحارم النسبيين لأمّه.

الصورة الرابعة: نفس السابقة مع تطعيم بويضتها بخليّة من جسدها أو بخليّة من جسد حيواني.

الصورة الخامسة: حمل المرأة بويضتها المخصبة في الأنبوبة الطبية بحويمن رجل غير زوجها بشرط أن لا يكون من محارمها النسبين ثمّ توضع اللقيحة في رحم إمرأة أجنبية وبعد الولادة يسلَّم الجنين للزوجة صاحبة البويضة وزوجها العقيم.

الصورة السادسة: أن تكون اللقيحة من متبرّعين (إمرأة تتبرّع بالبويضة ورجل يتبرّع بالنطفة)، ويتم التلقيح خارجاً، ثمّ تُزرع اللقيحة في رحم امرأة أخرى لصالح امرأة ثالثة تدفع المال مقابل أخذ الطفل دون أن تشترك في تكوينه أو حمله.

الصورة السابعة: أن يتمّ تلقيح ماء الزوج بماء أمرأة أجنبية عنه، ثمّ تحمل هذه المرأة ذاتها اللقيحة في رحمها، وعند الولادة يُسلّم الطفل الى هذا الرجل وزوجته مقابل المال.

وقد يقال بحرمة تلقيح البويضة بماء الأجنبي، وعليه فالإجارة تكون باطلة؛ لأنّها إجارة على ما هو محرّم، ويشترط في صحة الإجارة إباحة متعلّقها.

وسيأتي الحديث عنها في نهاية البحث.

 

محتويات المقالة (استئجار الرحم.. دراسة فقهية)

ملخص البحث

تعريف الإجارة

تعريف الإجارة في المذاهب الأخرى

تعريف الأرحام

المراد بإجارة الرحم

أسباب اللجوء إلى تأجير الأرحام ومدى انتشارها

واقع تأجير الأرحام في دول العالم

صور تأجير الرحم

تبويب البحث في حكم إجارة الرحم

المناقشة

أدلة حرمة النظر الى الأجنبية

الدليل الأوّل: القرآن الكريم

المناقشة

مناقشة الاُمور الثلاثة المؤيدة

الدليل الثاني: السنة الشريفة

مناقشة ورد

الدليل الثالث: التمسك بالضرورة الدينية والفقهية على عدم جواز النظر.

مناقشة

مناقشة ورد

دعوى معاكسة

الإجارة على الحمل المحرم

أهم نتائج البحث

الهوامش

المصادر

 

تحميل المقالة

استئجار الرحم

 

 

المصدر: مجلة مِراس للبحوث الانسانية العدد الثاني / السنة الثانية – نيسان 2022م وهي مجلة مُحكمة نصف سنوية تعنى بالدراسات الانسانية. تصدر عن جامعة وارث الانبياء / كلية العلوم الاسلامية

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky