العلاقة بين الجنسين

أحكام العلاقة بين الجنسين .. الشيخ عباس أمين حرب العاملي

الاجتهاد: أهم فصول الحياة بين الزوجين هي المساكنة تحت سقف واحد في بيت يجمعهما الوئام والتفاهم، أتحدث هنا عن أحكام العلاقة بين الجنسين، والتي ينبغي أن تكون منسجمة مع أسس وقواعد المنهج الإسلامي، الذي رسم لها هدفاً بيّناً، وحدّد لها طريقاً معلوماً، فلم يتركها للنزوة العارضة والرغبة الغامضة، والفلتة التي لا تستند إلى موازين ثابتة، بل أراد لها أن تكون على مستوى الأمانة العظيمة التي أناطها الله تعالى ببني الإنسان.

فقد جعلها علاقة سكن للنفس وطمأنينة للروح وراحة للجسد، ثم ستراً وإحصاناً وصيانة، ثم مزرعة للنسل وامتداد للحب والود، فقد تعامل مع الجنسين على أساس الفطرة مراعياً الحاجات المادية والروحية بلا إفراط ولا تفريط، فحرّم جميع مظاهر وألوان العلاقات المخالفة للنزاهة والعفّة والمؤدية إلى الانحراف والانزلاق والشذوذ، لكي يأخذ الجنسان نصيبهما في إصلاح النفس والأسرة والمجتمع …

2-أحكام النظر:

النظر إلى الجنس الآخر من قبل أحد الجنسين تترتب عليه آثار عملية عديدة، ومواقف سلوكية متباينة، قد تؤدي إلى إثارة الشهوة والوقوع في الفتنة، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (النظرة بعد النظرة تزرع في القلب الشهوة، وكفى بها لصاحبها فتنة) (1).

والنظر يؤدي في أغلب الأحيان إلى الوقوع في شباك إبليس فتعقب صاحبها الندامة والحسرة، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (النظرة سهم من سهام إبليس مسموم، وكم من نظرة أورثت حسرة طويلة) (2)، والنظر قد يكون مقصوداً وبشهوة فيكون إحدى مقدمات الزنا، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (ما من أحد إلاّ وهو يصيب حظّاً من الزنا، فزنا العينين النظر، وزنا الفم القبلة، وزنا اليدين اللّمس، صدّق الفرج ذلك أم كذّب) (3)، ولأجل الحفاظ على المجتمع من الانحراف والابتذال والسقوط دعا الإسلام المؤمنين والمؤمنات إلى غض البصر وتجنب النظر إلى الجنس الآخر،

قال الله تبارك وتعالى: (قُلْ لِلْمُؤْمِنِينَ يَغُضُّوا مِنْ أَبْصَارِهِمْ وَيَحْفَظُوا فُرُوجَهُمْ ذَلِكَ أَزْكَى لَهُمْ إِنَّ اللَّهَ خَبِيرٌ بِمَا يَصْنَعُونَ * وَقُلْ لِلْمُؤْمِنَاتِ يَغْضُضْنَ مِنْ أَبْصَارِهِنَّ وَيَحْفَظْنَ فُرُوجَهُنَّ وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا مَا ظَهَرَ مِنْهَا وَلْيَضْرِبْنَ بِخُمُرِهِنَّ عَلَى جُيُوبِهِنَّ …) (سورة النور الآية 30-31)، وفي هذه الآية أمر الله تعالى الجنسين بغض البصر وأمر المرأة بالحجاب بتغطية رأسها ورقبتها، وحفظ مواضع الزينة إلاّ ما ظهر منها كالوجه والكفين (4)، أمّا إظهار الزينة بنفسها فحرام، ولكن المقصود هو مواضع الزينة عند أغلب المفسرين، عن مسعدة بن زياد قال: سمعت جعفراً “عليه السلام” وسئل عمّا تظهر المرأة من زينتها، قال: الوجه والكفين (5)، والنظر الجائز هو النظرة الأولى، قال رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم”: (لا تتبع النظرة النظرة، فليس لك إلاّ أول نظرة) (6).

والجمع بين الأدلة في جواز النظر وحرمته يقيّد بجواز النظرة الأولى غير المقصودة وغير المتعمّدة، ومعاودة النظر حرام: (ولا ينظر الرجل إلى المرأة الأجنبية إلاّ مرة واحدة من غير معاودة …) (7)، وإنه لا خلاف في: (تحريم نظر المرأة إلى الأجنبي أعمى كان أو مبصراً) (8).

المستثنى في جواز النظر إلى غير الوجه والكفين:

هنالك مستثنيات لحرمة النظر يجوز فيها النظر لأشخاص معينين مطلقاً، ولحالات وموقف معينة، وجميع هذا الجواز مقيّد بعدم التلذّد والريبة إلاّ في الزوجين.

أولاً: استثناء بعض الأشخاص:

جوّزت الآية المتقدمة لبعض الأشخاص النظر إلى الجنس الآخر كما جاء في قوله تعالى: (…وَلَا يُبْدِينَ زِينَتَهُنَّ إِلَّا لِبُعُولَتِهِنَّ أَوْ آَبَائِهِنَّ أَوْ آَبَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ أَبْنَائِهِنَّ أَوْ أَبْنَاءِ بُعُولَتِهِنَّ أَوْ إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي إِخْوَانِهِنَّ أَوْ بَنِي أَخَوَاتِهِنَّ أَوْ نِسَائِهِنَّ أَوْ مَا مَلَكَتْ أَيْمَانُهُنَّ أَوِ التَّابِعِينَ غَيْرِ أُولِي الْإِرْبَةِ مِنَ الرِّجَالِ أَوِ الطِّفْلِ الَّذِينَ لَمْ يَظْهَرُوا عَلَى عَوْرَاتِ النِّسَاءِ) (سورة النور: الآية 31)، تقدم أن المراد هو موضع الزينة وليست الزينة نفسها، وموضع الزينة هو الوجه والكفان، فيجوز لأشخاص معينين النظر إلى أكثر من الوجه والكفّين كالشعر وباقي أجزاء الجسد عدا العورة وهم:

*الزوج والأب وأبو الزوج.

*الابن وابن الزوج من زوجة ثانية.

*الأخ وأبناء الأخ وأبناء الأخت.

ويجوز للرجل النظر إلى زوجته وأمّه وأمّ زوجته وبنته وبنت زوجته من زوج ثان، وأخته وبنات أخيه وبنات أخته، أي يجوز النظر إلى مطلق المحارم، وبمعنى آخر لا يتوجب على المذكورات لبس القناع وتغطية الرأس وعدم وجوب الحجاب مخصوص بما كرته الآية الشريفة(9)، أما ما تعارف عليه البعض وهو عدم الحجاب من أخ الزوج أو زوج الخالة أو زوج العمة أو ابن العم وابن الخال ومن بدرجتهما، أو عدم تحجب أخت الزوجة أو زوجة ابن الأخ أو زوجة ابن الأخت،

فهذا لا جواز له لأنّ هذه الأصناف ليست من المحارم وعدم وجوب الحجاب مخصوص بالمحارم فقط، ويحرم على المرأة المسلمة أن تتجرّد أمام اليهودية أو النصرانية أو المجوسية إلا إذا كانت أمة، أي مملوكة، ويجوز تعمّد النظر دون ريبة من قبل (أولي الإربة) وهو كما قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (الأحمق الذي لا يأتي النساء) (10)، وليس له حاجة جنسية في النساء، ويجوز النظر للأطفال الذين لم يعرفوا عورات النساء ولم يقووا عليها لعدم شهوتهم وكذلك جواز التبرّج أمامهم، قال الإمام علي الرضا “عليه السلام”: (لا تغطي المرأة رأسها من الغلام حتى يبلغ) (11)، ويجوز إدامة النظر إلى البنت الصغيرة، والعجوز المسنّة دون تلذّذ وريبة(12).

ثانياً: استثناء بعض النساء من غير المحارم:

إنّ علّة تحريم النظر الدائم والمتواصل هو منع مقدمات وأسباب الانحراف، والأمر بعدم النظر موجّه للرجل والمرأة على حد سواء، ولكن الإسلام استثنى بعض النساء وجوّز النظر إليهنّ دون تلذّذ مراعاة للأمر الواقع، فجوّز النظر إلى وجوه وأيدي وشعور نساء أهل الكتاب وأهل الذمة(13)، قال رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم”: (لا حرمة لنساء أهل الذمة أن ينظر إلى شعورهن وأيديهنّ) (14)، ويجوز النظر إلى كل متبرّجة غير متقيّدة بالحجاب الإسلامي،

ويجوز النظر غير المتعمّد إلى المجنونة، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (لا بأس بالنظر إلى رؤوس أهل تهامة والأعراب، وأهل السواد والعلوج، لأنّهم إذا نهوا لا ينتهون)، وأضاف: و (المجنونة والمغلوبة على عقلها لا بأس بالنظر إلى شعرها وجسدها ما لم يتعمّد ذلك)، والنظر الجائز مختص بنظر الرجال إلى الأصناف المذكورة من النساء، وأن لا يكون نظر شهوة وتلذذ، ولا يجوز تعميم الحكم للنساء المسلمات بأن ينظرن إلى رجال أهل الكتاب.

ثالثاً: استثناء بعض الحالات:

المحرّم في الشريعة الإسلامية يصبح جائزاً عند الضرورة، فالنظر المتبادل بين الرجل والمرأة سواء كان متوالياً أو متقطعاً يكون جائزاً في حال الضرورة، والضرورة قد تكون حاجة مخففة، وقد تكون ضرورة شديدة، وجواز النظر عند الحاجة يكون مختصّاً بالنظر إلى الوجه واليدين، والحاجة مثل الشهادة للمرأة أو عليها، فلا بدّ من رؤية وجهها ليعرفها(15)، وجواز النظر للحاكم والقاضي من أجل التعرف عليها للمثول أمامه أو الحكم عليها(16)،

وجواز النّظر لمن أريد التعامل معها في بيع وشراء واجارة وغير ذلك من أنواع المعاملات، والضرورة تبيح جميع المحظورات حتى النظر إلى جسد المرأة، وأفضل مصداق للضرورة هو حالات العلاج التي قد تكون على أيدي الرجال في حال الاضطرار أو عدم وجود المثل أي المرأة التي تقوم بنفس دور الطبيب من الرجال، ويشمل ذلك جميع حالات العلاج مثل تنظيف الجروح ومعرفة نبض العروق ونحو ذلك.

الضرورات تبيح المحظورات:

وعند الضرورة يجوز النظر إلى أي موضع لا يمكن العلاج إلاّ بعد الوقوف عليه، روى أبو حمزة الثمالي، عن الإمام محمد الباقر “عليه السلام” قال: سألته عن المرأة المسلمة يصيبها البلاء في جسدها إمّا كسر أو جراح في مكان لا يصلح النظر إليه ويكون الرجال أرفق بعلاجه من النساء، أيصلح له أن ينظر إليها؟ قال: (إذا اضطرت إليه فيعالجها إن شاءت) (17)، وهذا يعني جواز إجراء العمليات الجراحية من قبل الرجال للنساء ومنها عملية الولادة حيث يطّلع الطبيب فيها على عورة المرأة،

وهذا الجواز مشروط بالضرورة، والضرورة تأتي بعد عجز النساء عن علاج المرأة في الولادة، أو عدم توفّر القابلة من النساء، والقاعدة الكلية في النظر أنّه: (يجوز نظر الرجل إلى مثله، ما خلا العورة، والمرأة إلى مثلها كذلك، والرجل إلى محارمه ما عدا العورة، كل ذلك مقيد بعدم التلذذ والريبة إلا في الزوجين) (18)، وشرط عدم التلذذ والريبة نافذ الحرمة في جميع الحالات حتى في النظر إلى المحارم كالأخت والخالة والعمة وزوجة الأب، وبعكسها في النساء أيضاً، كنظر الأخت والخالة والعمة وزوجة الأب إلى مقابلها من الرجال، سُئل الإمام جعفر الصادق “عليه السلام” عن هذا النظر فقال: أما يخشى الذين ينظرون في أدبار النساء أن يبتلوا بذلك في نسائهم (19).

أحكام متفرقة في العلاقات العملية:

1-حكم سماع صوت المرأة الأجنبية:

سماع صوت المرأة الأجنبية جائز من قبل الرجال، وقد دلّت السيرة على جوازه، فرسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم” كما هو متواتر كان يسمع صوت النساء، وكنّ يسألنه عن شؤون الدين، وقد اشتهر عن السيدة فاطمة الزهراء خطبتها في المسجد النبوي الشريف ومعارضتها لأبي بكر وعمر في خصوص الخلافة، وفدك(20) والمحرّم من السماع هو السماع الموجب للّذة والفتنة، ولذا حرّم الإسلام على المرأة ترقيق القول وتليين الكلام بالصورة التي تثير الرجال، أو يكون الكلام بنفسه مؤدياً للإثارة لاحتوائه على معانٍ مثيرة، فلا بدّ أن يكون الكلام مستقيماً بريئاً من الريبة موافقاً للدين، قال الله تبارك وتعالى : (…فَلَا تَخْضَعْنَ بِالْقَوْلِ فَيَطْمَعَ الَّذِي فِي قَلْبِهِ مَرَضٌ وَقُلْنَ قَوْلًا مَعْرُوفًا) (سورة الأحزاب الآية 32).

2-حكم مصافحة المرأة الأجنبية:

يحرم مصافحة المرأة الأجنبية مباشرة، ويجوز من وراء الثياب بأن يكون عازلاً بين اليدين، بشرط أن لا يغمز كفّها، فإن غمز الكفّ من المحرّمات، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (لا يحل للرجل أن يصافح المرأة إلاّ امرأة يحرم عليه أن يتزوجها: أخت أو بنت أو عمة أو خالة أو ابنة أخت أو نحوها، فأمّا المرأة التي يحل له أن يتزوّجها فلا يصافحها إلا من وراء الثوب ولا يغمز كفها) (21)، فالمصافحة حرام بين الرجل والمرأة، ويمكن للإنسان الذي يعيش في أوساط الاختلاط أو في مجتمعات غير إسلامية أن يصافح من وراء الثياب دفعاً للحرج الذي يواجهه.

3-حكم الخلوة بالمرأة الأجنبية:

قال رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم”: (لا يخلونّ رجل بامرأة، فإنّ ثالثهما الشيطان) (22)، وقال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: فيما أخذ رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم” البيعة على النساء … ولا يقعدن مع الرجال في الخلاء) (23)، والاختلاء يعني الانفراد في مكان خال من الناس في موضع واحد لا يصله أحد مع عدم الأمن من الفساد، لأنّ الاختلاء يؤدي إلى إثارة الشهوة وتيسير مقدمات الانحراف، وقد اعتاد البعض على ترك الأخ مع الزوجة أو ابن الأخ مع زوجة العم أو ما شابه ذلك، وهو من الأمور التي حرمتها الشريعة إلاّ في حالات الضرورة القصوى.

4-حكم مشي المرأة في الطريق:

من الأفضل للمرأة أن لا تمشي وسط الطريق، وإنّما في جانبه، قال رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم”: (ليس للنساء من سروات الطريق شيء، ولكنها تمشي في جانب الحائط والطريق) (24).

5-حكم الدخول على النساء:

أوجب الإسلام الاستئذان في حالة دخول الرجل على المرأة، قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: نهى الحبيب المصطفى “صلى الله عليه وآله وسلّم” أن يدخل الرجال على النساء إلاّ بإذنهن أو بإذن أوليائهن (25)، فالاستئذان واجب، وهو حق شخصي للمرأة من جهة، وهو يحول عن الوقوع في ما هو حرام على الرجال من جهة أخرى، فطلب الإذن يتيح للمرأة الفرصة لارتداء حجابها، وبذلك يتجنب الرجل النظرة المحرمة،

ويجوز للعبيد المملوكين لمرأة معينة أو الأطفال الدخول على المرأة الدخول على المرأة المالكة في أي وقت، لأنّ الاستئذان المتكرر يولّد الحرج في مسألة الخدمة، واستثنى الإسلام ثلاث أوقات فلا يباح لهم الدخول إلاّ بعد الاستئذان، قال سبحانه وتعالى: (يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لِيَسْتَأْذِنْكُمُ الَّذِينَ مَلَكَتْ أَيْمَانُكُمْ وَالَّذِينَ لَمْ يَبْلُغُوا الْحُلُمَ مِنْكُمْ ثَلَاثَ مَرَّاتٍ مِنْ قَبْلِ صَلَاةِ الْفَجْرِ وَحِينَ تَضَعُونَ ثِيَابَكُمْ مِنَ الظَّهِيرَةِ وَمِنْ بَعْدِ صَلَاةِ الْعِشَاءِ ثَلَاثُ عَوْرَاتٍ لَكُمْ لَيْسَ عَلَيْكُمْ وَلَا عَلَيْهِمْ جُنَاحٌ بَعْدَهُنَّ طَوَّافُونَ عَلَيْكُمْ بَعْضُكُمْ عَلَى بَعْضٍ) (النور الآية 58) أما إذا بلغ الطفل الحلم فيجب عليه الاستئذان عند الدخول على أيّة امرأة وإن كانت محرمة عليه، قال تبارك وتعالى: (وَإِذَا بَلَغَ الْأَطْفَالُ مِنْكُمُ الْحُلُمَ فَلْيَسْتَأْذِنُوا …) (النور الآية 59)،

وقال الإمام الصادق “عليه السلام” : (ومن بلغ الحلم فلا يلج على أمه ولا على أخته ولا على خالته ولا على سوى ذلك إلا بإذن)(26)، وقال أيضاً “عليه السلام” : (يستأذن الرجل إذا دخل على أبيه ولا يستأذن الأب على الابن، قال: ويستأذن الرجل على ابنته وأخته إذا كانتا متزوجتين) (27)، فالاستئذان حق يجب العمل به، لكي لا يفاجأ الداخل المرأة وهي في حالة لم تكن متهيأة لاستقباله.

6-حكم تشبه الرجال بالنساء والعكس:

خلق الله تعالى الإنسان ذكراً أو أنثى ووضع لكل جنس خصوصياته التي تميّزه عن غيره من الحركة والسكون، ومن الاندفاع نحو ممارسة معينة والانكماش عنها، ولذا فمن الواجب على الجنسين أن يحافظ كل منهما على خصوصياته المميزة له، في كلامه وجلوسه ومشيته ولباسه وعاداته وتقاليده، لذا حرّم الإسلام تشبّه أحد الجنسين بالجنس الآخر.

قال رسول الله “صلى الله عليه وآله وسلّم”: (لعن الله المتشبهين من الرجال بالنساء، والمتشبهات من النساء بالرجال) (28)، وأعراف المجتمع وتقاليده هي التي تشخص وتحدد طبيعة التشبّه، وهو قد يختلف من مجتمع لآخر ومن زمن لآخر.

7-حكم العلاقة مع الصبيان قبل البلوغ:

وضع الإسلام بعض الأسس والقواعد السلوكية لوقاية الإنسان من الانحراف، وتهذيب ممارساته عن طريق التمرّن والتدريب ومجاهدة النفس، لتكون له حصانة من الانزلاق، ولهذا وضع الإسلام أحكام الاستحباب والكراهة لهذا الغرض، فمن المستحسن للإنسان المسلم أن يداوم على المستحبات ويتجنب المكروهات وإن كانت جائزة، ومن هذه المكروهات التي نهى عنها الإسلام هي تقبيل الصبي من قبل المرأة وتقبيل الصبية من قبل الرجل من غير محارمه، فهو مكروه إن كان بدون شهوة، ومحرّم إن كان بشهوة،

قال الإمام جعفر الصادق “عليه السلام”: (إذا بلغت الجارية ستّ سنين، فلا ينبغي لك أن تقبلها)(29)، وقال الإمام الصادق “عليه السلام”: (إذا بلغت الجارية ستّ سنين فلا يقبلها الغلام، والغلام لا يقبل المرأة إذا جاز سبع سنين)(30)، فمن المستحسن عدم تعويد الصبيان على هذه الممارسات، لكي لا يشبّوا عليها لأنّهم سوف لا يجدون حرجاً منها عند بلوغهم، وقد أثبت الواقع صحة ذلك، فكثير من الانحرافات عند البلوغ تكون مستشرية بين النساء أو الرجال الذين واجهوا مثل هذه الممارسات في مرحلة الصبا.(*).

الهوامش

(1) من لا يحضره الفقيه، الصدوق، 4: 18 – 4970.

(2) الكافي، الكليني، 5: 559، دار الكتب الإسلامية، طهران 1403هـ.

(3) الكافي، 5: 559.

(4) مجمع البيان، الطبرسي، 4: 138، مطبعة العرفان، صيدا 1355هـ.

(5) الكافي، 5: 522.

(6) وسائل الشيعة، 20: 193.

(7) اللمعة الدمشقية، محمد مكي العاملي: 183.

(8) الحدائق الناضرة، يوسف البحراني، 23: 65. وجامع المقاصد، 12: 41-42.

(9) اللمعة الدمشقية، محمد مكي العاملي: 183، الحدائق الناضرة، 23: 61.

(10) مجمع البيان 4: 138.

(11) الكافي، 5: 533، وجامع المقاصد 12: 3.

(12) الحدائق الناضرة 23: 64.

(13) الكافي 5: 524.

(14) الكافي 5: 524.

(15) اللمعة الدمشقية: 183. وجواهر الكلام 29: 89.

(16) المبسوط 4: 161. والحدائق الناضرة 23: 63. وجامع المقاصد 12: 34.

(17) الكافي 5: 534.

(18) الحدائق الناضرة 23: 61.

(19) الكافي، 5: 520.

(20) تاريخ الطبري، أحداث سنة 11هـ. والإمامة والسياسة. وتاريخ اليعقوبي.

(21) الكافي 5: 525. وجامع المقاصد 12: 44.

(22) مستدرك الوسائل 14: 266.

(23) الكافي، 5: 519.

(24) الكافي، 5: 518.

(25) الكافي، 5: 528.

(26) الكافي، 5: 529.

(27) الكافي، 5: 528.

(28) علل الشرائع، الصدوق: 602، دار إحياء التراث العربي ط2، بيروت 1385هـ.

(29) الكافي، 5: 533.

(30) وسائل الشيعة، 20: 230/ 25502.

 

(*) المصدر كتاب “الحياة الزوجية السعيدة” للشيخ عباس أمين حرب العاملي. ص165

 

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky