خاص الاجتهاد: المرجعية العلمية في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي: هدف استراتيجي لمركز “نور” لحماية معارف أهل البيت./ منهجية غير مسبوقة: المنظومة التفسيرية تستخرج الإجابات بـ “جلد وصفحة” وعرض صورة المصدر للتحققدشّن سماحة آية الله مكارم الشيرازي، المنظومة الذكية للحوار مع التفاسير، وهي أول روبوت محادثة (Chatbot) تفسيري في العالم الإسلامي، قام بإطلاقه مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية (نور).
تفاصيل الإطلاق وأهميته
أفاد مراسل وكالة أنباء الحوزة، بأن حجة الإسلام والمسلمين محمد حسين بهرامي، رئيس مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية (نور)، صرَّح خلال لقائه بآية الله العظمى مكارم الشيرازي – والذي عُقد بمناسبة تدشين منظومة “الحوار مع تفاسير القرآن” – بما يلي:
“يُعد الاستخدام الموثَّق للذكاء الاصطناعي في تفسير القرآن خطوة استراتيجية لحماية التراث العلمي ومواجهة التحريفات الفكرية في العصر الحديث.
مركز “نور” ودوره في الذكاء الاصطناعي القرآني
أكد أستاذ الحوزة والجامعة أن إطلاق المنظومة الذكية للحوار مع تفاسير القرآن الكريم يمثل نقطة تاريخية في مسار الأتمتة الذكية للعلوم الإسلامية والتحول الذكي للعلوم القرآنية، وأضاف: يأتي هذا المشروع امتدادًا لأكثر من ثلاثة عقود من جهود مركز (نور) لتقديم خدمات تقنية للباحثين في التفسير ضمن الحوزة العلمية وعموم المهتمين.
وأشار حجة الإسلام والمسلمين بهرامي إلى أن مركز (نور)، بعد 36 عامًا من النشاط العلمي في مجال البرمجيات الإسلامية والقرآنية، يقع على عاتقه واجب إنتاج أدوات ذكية في عصر الذكاء الاصطناعي التوليدي، تكون في خدمة القرآن الكريم ومعارف أهل البيت (عليهم السلام)، وتصون المرجعية العلمية للحوزة في هذه المرحلة.
وشدَّد بهرامي على ضرورة تصميم أدوات ذكية وطنية، موضحًا: إذا استُخدِمت أدوات الذكاء الاصطناعي دون الاستناد إلى المباني الوحيانية ومعارف أهل البيت (عليهم السلام)، فقد تُحلِّل مفاهيم القرآن الكريم في إطار المبادئ الغربية الخاطئة. لذا، يجب أن تُوظَّف عملية الأتمتة الذكية للعلوم الإسلامية في ميدان الدفاع الثقافي والمعرفي.
وشدَّد بهرامي مؤكدًا: إن أدوات المحادثة الذكية العامة، التي يتم إنتاجها وتطويرها في الغالب من قِبل دول غير مسلمة، ليست بمنأى عن خطر الانحياز في تفسير القرآن. وعلى الرغم من هذه المشكلات، فهي تسعى حاليًا لكسب المرجعية في العالم الإسلامي وبين المجتمعات الإسلامية.
لهذا السبب، قرر مركز (نور) اليوم أن يصمم الأدوات الذكية الدينية من أجل الدفاع العلمي عن القرآن وتوفير الوصول إلى التفسير الصحيح المرتكز على التراث التفسيري للعالم الإسلامي.
التعريف بالمنظومات: من الحوار مع الأحاديث إلى الحوار مع التفاسير
وفيما يخص تفاصيل المشروع، أوضح رئيس مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية: في الخطوة الأولى، قمنا بتطوير منظومة “الحوار مع الأحاديث”، والتي تتيح للمستخدم طرح سؤاله على المنظومة ليحصل على الأحاديث ذات الصلة بشكل موثق وتحليلي.
أما خطوتنا الجديدة، فهي المنظومة الذكية للحوار مع تفاسير القرآن الكريم، والتي تقوم باستخلاص وتحليل وتقديم الإجابات من نص التفاسير مباشرةً.
وتابع بهرامي قائلاً: صُممت هذه المنظومة بالاعتماد على أكثر من 400 دورة من دورات تفسير القرآن الكريم، وهو ما يمثل تراثًا شاملاً للتفاسير التي أُنتِجت على مدى أربعة عشر قرنًا في العالم الإسلامي، حيث تم تحميل قرابة مليون صفحة من التفسير فيها.
مضيفا: يتم تقديم الإجابات فقرة بفقرة مع التوثيق الدقيق للمراجع التفسيرية، بذكر المجلد والصفحة، كما يتم عرض صورة الصفحة ذاتها من الكتاب لتمكين الباحث من التحقق من صحة المعلومة.
الدقة في الإحالة والالتزام بالنص الأصلي للتفاسير
وفي شرحه للميزة الأساسية للمنظومة، أوضح حجة الإسلام والمسلمين بهرامي: هذه الأداة لا تنتج أي جمل أو تحليلات خارجة عن نطاق النصوص التفسيرية. بمعنى آخر، فإن الإجابات هي نفسها التي وردت في التفاسير. فإن هدفنا هو تقديم إجابة موثقة وموثوقة بناءً على النص الأصلي للتفاسير.
الرؤية المستقبلية: المساعد الشامل للعلوم الإسلامية
وخلال هذه المراسم، رسم بهرامي ملامح مستقبل الأبحاث قائلاً: يجري العمل حاليًا على إنتاج مساعدات حوار (Chat Assistants) في الفروع الأخرى من العلوم الإسلامية، مثل: أصول الفقه، والفقه، والرجال.
وأضاف: أملنا هو أن تنتقل هذه المنظومات في المرحلة اللاحقة نحو التكامل والاندماج، وصولًا في نهاية المطاف إلى إنتاج “المساعد الشامل للعلوم الإسلامية”.
هذه الأداة ستكون قادرة على وضع كافة فروع العلوم الدينية، من التفسير والحديث إلى الفقه والتاريخ، تحت تصرف العلماء والباحثين وعموم المهتمين، وذلك ضمن إطار ذكاء اصطناعي شامل وموثَّق بالنصوص المعتبرة.
فصلٌ جديدٌ أمام البحوث الدينية
وأكد رئيس مركز البحوث الكمبيوترية للعلوم الإسلامية (نور) على ضرورة أن يقدم الذكاء الاصطناعي المفسِّر للقرآن إجاباته من منظور المباني الإسلامية وعلى أساس معارف أهل البيت (عليهم السلام)، وأضاف: إذا تم الحفاظ على هذه السمة، فستظل العلوم الإسلامية مرجعية ومُلهمة في الفضاء العالمي الذكي.
كما صرَّح رئيس المركز بأن (نور) مُلتزم ببناء نموذج، بشفافية ودقة علمية، يضمن للباحث عند طرح سؤاله أن يكون واثقًا من حصوله على الإجابة المبنية على المباني والمصادر الإسلامية المعتبرة، وليس على تخمين آلي يعتمد على بيانات عامة وكثيرة الأخطاء.
وفي ختام الحفل، ثمَّن حجة الإسلام والمسلمين بهرامي دعم مراجع الدين العظام والحوزة العلمية، معتبرًا إطلاق هذه المنظومة بمثابة “بداية فصل جديد في الأبحاث الدينية.

الاجتهاد موقع فقهي