خاص الاجتهاد: استعرض المتحدثون في مؤتمر مبلغي الأربعين الأبعاد المتعددة لهذه الشعيرة العظيمة، مبينين أثرها العميق في ترسيخ الإيمان وتوحيد صفوف الأمة الإسلامية. وأكدوا على تفرّد مراسم أربعين هذا العام، مشددين على جوهرية مواصلة درب الإمام الحسين (ع) لتبقى منارة للأجيال القادمة.
وبحسب وكالة “الحوزة” للأنباء في إيران، أقيم مؤتمر مبلّغي الأربعين بحضور كبار المسؤولين والمديرين والمبلّغين في هذا المجال، اليوم الخميس 5 صفر 1447، في مجمع “يادكار إمام” الثقافي في مدينة قم.
الأستاذ حسيني القزويني: إرادة ولي العصر (عج) وراء المليونية الأربعينية
في مستهل المؤتمر، أكد الأستاذ السيد محمد حسيني القزويني على أهمية تبيان فلسفة الأربعين، قائلاً: في أربعينية الإمام الحسين، رسالتنا الأولى هي أن نوضح للناس فلسفة الأربعين؛ لماذا نُظمت هذه المسيرة العظيمة في إطار مراسم الأربعين.
وأضاف: إننا نغفل عن العديد من الأمور ونعتقد أننا من يقوم بها بأنفسنا؛ وهذا خطأ فادح. ففي الحقيقة، إن الإرادة الإلهية وعناية الإمام المهدي (عج) هما خلف هذه الحركة العظيمة. فلو لم تكن عناية الله وعناية الإمام ولي العصر (عج) موجودة، لما كان تصور هذا التجمع المهيب في قالب مسيرة الأربعين ممكناً.
وتطرق أستاذ الحوزة العلمية بقم إلى المزاعم المتعلقة بالتشرف بلقاء الإمام المهدي (عج)، معربًا عن تشككه في 99% من هذه الادعاءات؛ “فقد شهدنا الكثير من الافتراءات، والمخالفات، والأوهام في هذا السياق.” إلا أنه استدرك قائلاً: “لكن بعض الحالات قد أورثتني اليقين، ومنها ما رواه أحد الأكابر بأنه نال شرف اللقاء بالإمام لمدة 12 يومًا في مطلع فترة الدفاع المقدس. وقد نقل عنه قوله: “لقد كان العدو يسعى لإحداث الفتنة والفرقة في إيران، ولكننا جئنا وأوجدنا الألفة.
حكاية من زمن الثورة: الأستاذ حسيني القزويني يكشف عن تدخل غيبي
إننا غالباً ما نُخدع بظاهر الأحداث، هكذا بدأ الأستاذ حسيني القزويني سرده. “لقد قصّ عليّ آية الله خزعلي (ره) مراراً تفاصيل ذلك اليوم المصيري، الحادي والعشرين من بهمن (10 فبراير)، في مدرسة علوي بطهران. كنت أنا والسادة مهدوي كني، طالقاني، وجناتي هناك. صدر بيان الإمام الخميني (ره) يدعو فيه كل أفراد الشعب، شباباً وشيوخاً، نساءً ورجالاً، للخروج إلى الشوارع في الثاني والعشرين من بهمن (11 فبراير).
لكن في نفس اللحظة، كان بختيار قد فرض الأحكام العرفية، مهدداً بإطلاق النار على الجميع. توافقنا جميعاً على أن الإمام قد أخطأ؛ فلو خرج الناس، لكانت مذبحة حقيقية. لكن الخوف كان يمنعنا من التعبير عن رأينا. وحده آية الله طالقاني (ره)، بجرأته المعهودة، اتصل بالإمام. حاول لمدة ربع ساعة إقناعه بالتراجع، لكن الإمام رفض. وفجأة، سقط الهاتف من يده، وبدأ يبكي بشدة.
بعد أن استعاد هدوءه، سألناه: هل وجه لك الإمام كلاماً قاسياً؟ أجاب: لا. فسألناه: إذن لمَ بكيت؟ فقال: كنت أُلحّ، فقال الإمام جملة أقعدتني عن الحراك: “إذا كان هذا البيان من صاحب الزمان نفسه، فهل ستظل تصرّ؟” حينها، أدركنا جهلنا التام بالإمام الخميني، وبصاحب العصر والزمان (عج).
وأضاف أستاذ الحوزة العلمية بقم: الأربعين ليست سوى إرادة ولي العصر (عج). نحن مجرد وسيلة. وبتعبير العلامة مصباح اليزدي (رحمه الله)، نحن أقلام تكتب؛ أما اليد التي تمسك بالقلم والإرادة التي تحركنا، فهي لشخص آخر. أحياناً، يؤدي ضعف العقيدة إلى اعتقادنا أن هذه الحركة نابعة منا نحن.
الأربعين: تمهيد لقدوم صاحب الزمان (عج)
وأضاف الأستاذ القزويني: من أهم واجباتنا هو توضيح فلسفة الأربعين، ولماذا تعلقت إرادة الإمام المهدي (عج) بهذه الشعيرة. هذا التجمع المليوني العظيم هو بلا شك تدريب عملي لاستقبال الإمام المهدي (عج). يجب التركيز على هذا الجانب ونشر الوعي به بشكل أكبر. ينبغي أن يدرك الناس وتترسخ في أذهان الزوار هذه الحقيقة: أن هذا التجمع المليوني هو مقدمة ليوم ظهور الإمام (عج).
وتابع: علينا أن نتطلع إلى ساعة الفرج بشوق بالغ، لا أن ننتظرها في عام أو شهر أو حتى يوم محدد. فقد ورد في الروايات أن الشيعة ينامون ليلاً على أمل أن يكون الصباح هو الفرج، ويستيقظون صباحاً على أمل أن يكون اليوم هو يوم الفرج.
تطرق الأستاذ حسيني القزويني في جزء آخر من حديثه إلى الشبهات المثارة حاليًا على الصعيد الدولي ضد الشيعة ونظام الجمهورية الإسلامية. وقال: في الوقت الراهن، تشن الوهابية حملة دعائية واسعة النطاق وغير محدودة ضد نظام الجمهورية الإسلامية، مستخدمة عددًا هائلاً من القنوات الفضائية وآلاف المواقع والقنوات والمجموعات على الإنترنت. لذا، من الضروري مراقبة هذه الأجواء وإعداد الردود المناسبة.
تحذير من دعوة فرقة “أحمد الحسن” الضالة
وأضاف: أحد المواضيع الهامة المتعلقة بمراسم الأربعين هو التواجد النشط لأتباع فرقة أحمد الحسن، الذين وجهوا دعوات خاصة لهذه الأيام. يجب أن نمتلك معلومات كافية حول هذه المجموعة. هذه الفرقة تعتقد بضرورة القضاء على المرجعية ورجال الدين لكي يتحقق ظهور الإمام المهدي. هذا الفكر أخطر بكثير من داعش
50 مراسلة بلا رد: دعوة للمناظرة والمباهلة مع “أحمد الحسن”
كشف أستاذ الحوزة العلمية بقم أنه تواصلنا أكثر من 50 مرة مع أحمد الحسن وأتباعه لغرض المناظرة، وحددنا موضوع المناظرة بأنه ارتداد أحمد الحسن. وقد أعلنا حتى عن استعدادنا لـالمباهلة، لكننا لم نتلقَ أي رد منه أو من أنصاره.
تحذير من فرقة “عبد الله هاشم” المنشقة عن أحمد الحسن: انحراف عقدي وأخلاقي غير مسبوق
وتابع الأستاذ: إحدى الفرق المنشقة عن أحمد الحسن هي جماعة تُدعى عبد الله هاشم. هذا الشخص، الذي انفصل عن أحمد الحسن، يتمتع بإمكانيات دعائية واسعة في لندن، وكذلك الحال في جمهورية أذربيجان. لا أعتقد أن التاريخ شهد فرقة معادية للدين بمثل هذا الحجم من الانحراف. هؤلاء يدعمون زواج المحارم واللواط. لا يوجد تيار معادٍ للدين أو للمذهب يمتلك هذا القدر من الانحراف العقدي والأخلاقي. عقائدهم صهيونية، معادية للدين، ومناقضة للأخلاق بشكل كامل. من المؤكد أن أتباع هذه الفرقة سيكون لهم حضور نشط في مسيرة الأربعين هذا العام.
وأشار أستاذ الحوزة العلمية بقم إلى نتائج دراسات فريق صموئيل هنتنغتون حول عوامل نجاح الشعب الإيراني، قائلاً: خلص هنتنغتون وفريقه البحثي، بعد دراسة المسلمين في مختلف البلدان، إلى أن سر نجاح إيران يكمن في ثلاثة أمور:
أولاً: نفوذ رجال الدين والمرجعية الذي يجب استهدافه.
ثانياً: العزاء للإمام الحسين (ع)، حيث يقارن الناس جرائم يزيد بجرائم أمريكا؛ لذا يجب استغلال المداحين غير المتعلمين ورجال الدين المرتزقة لتحريف هذه المجالس.
ثالثاً: قضية انتظار الفرج، والتي يجب إضعاف اعتقاد الشباب الإيراني بالمهدوية من خلال اختلاق أئمة زمان مزيفين.
وفي ختام كلمته، ذكر الأستاذ القزويني: ينبغي لنا أن نلتفت إلى بيانات الولي الفقيه في خطابه الأخير حول مسؤوليات رجال الدين. يجب علينا أن نُهيئ شبابنا لـالتزكية الروحية، وأن نقدم إجابات شافية لشبهاتهم. لا بد من توضيح الجوهر والفلسفة الحقيقية للأربعين. لقد تمكنت السيدة زينب (سلام الله عليها) والإمام السجاد (عليه السلام) من تغيير مجرى الأحداث، وقاما بعمل حال دون تكرار فاجعة عاشوراء من قبل الخلفاء فيما بعد. ولذلك، توقف تكرار عاشوراء بالنسبة للأئمة الآخرين (عليهم السلام).