آية الله الشيخ على أكبر رشاد: أشار قائد الثورة الاسلامية في لقائه العام الماضي إلى ثلاث رسائل للمؤسسة علماء الدین و عدّ كلاً من ” الإرشاد الفكري والديني ” و ” الإرشاد السياسي و رفع البصيرة ” و ” الإرشاد والتواجد في منصات الخدمات الإجتماعية ” كثلاثة واجبات على عاتق علماء الدین. في الحقيقة يجب أن يتعلم الطالب كل ما تستلزمه هذه الرسالات الثلاث العظيمة.
وفقاً ل “الاجتهاد”: استقبل قائد الثورة الاسلامية آية الله السيد علي خامنئي يوم الإثنين (28/8/2017 – 6/12/1438هـ) حشدا من اساتذة وطلبة الحوزات العلمية بمحافظة طهران، بهذه المناسبة أجرت وكالة تسنيم الدولية حواراً مع آية الله الشيخ على أكبر رشاد؛ رئيس مجلس حوزة طهران العلمية و رئيس معهد الثقافة والفكر الإسلامي، وتحدث معه حول هذة اللقاء و المسائل التي طرحت في هذا اللقاء.
وفي ما يلي نص الحوار:
1 – أكد قائد الثورة الإسلامية المعظم في لقائه الأخير مع عدد من الطلاب كالسابق على اهتمام الطلاب بالبحث والدرس تأكيداً بالغاً و هذا كان أول شيء أشار إليه سماحته. برأيكم ماهي دلالات كل هذه التأكيدات؟
آية الله رشاد: بداية أود أن أشكر خاضعاً سماحة قائد الثورة الإسلامية المعظم بذاته وأيضاً أشكر العاملين والمسؤولين وأصحاب الأمر و زملاءنا في مركز الإدارة وخاصة الطلاب الأعزاء الذين شاركوا جميعهم في حدوث هذه الحادثة الزاهرة والقيمة والمعرفية.
بعد أن طرح الطلاب الشباب مواضيع، أعرب قائد الثورة الإسلامية المعظم عن رضاه بشكل مستمر وصريح وعميق، لأن الجلسة أقيمت بشكل مميز وكل المواضيع المطروحة مكتوبة أو غير مكتوبة سواء كانت في مخطط الجلسة أو لم تكن وحتى الأشخاص الذين قاموا یحدثون من وسط الجمع بلا دور ومكتوب، جميعهم طرحوا نقاطاً جيدة و إجمالياً كان وراءها الإخلاص والدوافع الإلهية و منبثقة عن الشفقة.
ثم بعد ذلك تطرق سماحته بالأول إلى تأكيد على الدراسة، حضرتك سألت ما هو سر تأكيد قائد الثورة الإسلامية المعظم على هذه النقطة؟ في الجواب يجب أن نقول إن سماحته بيّن سر هذا التأكيد، وقال يجب أن يكون الطالب واقفاً على القضايا الساسية وقوفاً تاماً و يعرف قضايا العصر جيداً و يحصل على خبرات مختلفة وقدرات كثيرة تحتاجها الدراسة ثم التدريس والبحث.
أشار سماحته في لقائه العام الماضي إلى ثلاث رسائل للمؤسسة علماء الدین و عدّ كلاً من ” الإرشاد الفكري و الديني ” و ” الإرشاد السياسي و رفع البصيرة ” و ” الإرشاد والتواجد في منصات الخدمات الإجتماعية” كثلاثة واجبات على عاتق علماء الدین. في الحقيقة يجب أن يتعلم الطالب كل ما تستلزمه هذه الرسالات الثلاث العظيمة.
فاعلية هذه المعلومات والخبرات والمعارف مع قدرات الشخص رهينة لعنصر العلم، يجب أن يكون الطالب عالماً دينياً في النشاطات الدينية، لا ينبغي أن يكون خطيباً فحسب و لا كاتباً فحسب و لاينبغي أن يتمتع بالمهارات الاجتماعية كل هذه آلية وطليعة وهامشية، الأصل والصلب هوالعلم.
قال قائد الثورة الإسلامية المعظم إن المقتنيات والمكتسبات والقدرات الأخرى إلى جانب العلم تصبح فاعلة ولولا العلم ربما لم تكن هذه الأمور فاعلة وقد تضر أحيانا؛ هذا يعني أن الشخص الذي ليس لديه علم ملزوم وكاف ولكنه خطيب بارع ليس معلوماً ماذا يقول في خطبه للناس، لكنه إذا كان مثقفاً و عالماً يشرح الحقائق.
في الحقيقة يمكننا القول بأن التمتع بالعلوم اللازمة هو شرط المعلومات الأخرى وإن لم يكن هذا المؤشر موجوداً فلا قيمة لتلك المعلومات وأحيانا قد تكون مناوئاً للقيم.
*انبساط و فرحة قائد الثورة الإسلامية المعظم لأجل لقائه مع الطلبة وطلاب الجامعات الخائفين على البلاد.
2- كيف تقيم تصور قائد الثورة الإسلامية المعظم بالنسبة إلى انتقاد الوضع الراهن في الحوزات العلمية ونشاطات الطلبة؟
آية الله رشاد: قائد الثورة الإسلامية المعظم على أعتاب ثمانين من عمره ونرجو أن يمد الله عمره بالصحة والتوفيق ويمد ظله العالي. سماحته كسلفه الإمام الخميني (ره) حتى في الثمانين من عمره يفكر ويتعقل كشاب عشريني أو ثلاثيني. هذه الميزات التي يجب أن يتمتع بها الشباب، موجودة الحمد لله في شخصية سماحته بأعلى مستوى، و لهذا يرحب سماحته بانتقاد المؤسسات و التصرفات عموماً. إحدى تلك الساحات والمجالات التي يرحب سماحته بشكل مضاعف بانتقادها مصحوباً بالاقتراح والحل، هو شؤون الحوزة والجامعة لأن سماحته يعرف أن دور الجامعة والحوزة دور مهم ومصيري.
3- يرحب سماحته بالممارسة النقدية تجاه الشؤون الحوزة والجامعة ترحيباً مضاعفاً مقارنة بالمجالات الأخرى وإن نقم بمقارنة بين الحوزة والجامعة نرى أن انتقاد الحوزة يحظی بترحيب أكثر لدى سماحته. ما هي أسباب هذا الأمر؟
آية الله رشاد: أعتقد أن قائد الثورة الإسلامیة المعظم يرى أن دور الحوزة في إصلاح المجتمع أهم من دور الجامعة إذن نقد الحوزة وإصلاحها و رقي بها له أهمية أكثر. لهذا السبب خلال مجالستي سماحته قرابة نصف قرن بعد أيام المراهقة حتى الآن، رأيت أن سماحته يشعر بالفرح كثيراً حينما يظهر الطلاب والطلبة الشباب بتصور انتقادي.
حين نقارن تعابيره في اللقاءات الطلابية مع نظيرها في اللقاء مع المسؤولين وأصحاب الأمر وحتى أساتذة الجامعات نجد مدى لطافتها ونجد أن سماحته كم مقداراً يؤكد على أن هذه اللّقاءات مثيرة للفرح، بعبارة أخرى أن سماحته يشعر بالتمتع عند اللقاء مع الشباب وخاصة عندما يرى أنهم يواجهون القضايا العلمية والتربوية والحوزوية والجامعية والتنفيذية والاقتصادية والمعيشية للبلاد مواجهة نقدية.
كان قسم كبير من أحاديث الطلاب الشباب تتعلق بمجال انتقاد الحوزة؛ من إدارتها وصولاً إلى التنظيم والتخطيط و الشؤون الأخرى، لكن من حسن الحظ كان هناك طلاب بصيرون وفهيمون أدلوا خلال انتقاداتهم باقتراحات جيدة لإصلاح الحوزة تستحق الأخذ في الاعتبار والترحيب من جانب مدراء الحوزات العلمية وأولي أمرها بأنحاء البلاد.
4 – أكد قائد الثورة الإسلامیة المعظم على الشأو البعيد حتى تكوّن المجتمع الإسلامي والحكومة الإسلامية الذي مازلنا بعيدين عنهما. برأيكم ما هي أسباب هذا المدى البعيد وما هي حلولكم لتقليص هذه المسافة البعيدة؟ ماذا على الحوزة أن تقوم بها في هذا المجال؟
آية الله رشاد: قدم سماحة قائد الثورة الإسلامیة المعظم معالجاً وعمليةً لتصنيع الحضارة بشكل أطروحة ونظرية، تبدأ في الحقيقة من الثورة وتغيير المعايير وتنتهي إلى بناء الحكومة والمجتمع وبالأخير إلى بزوغ حضارة حديثة وهذا الأمر وتيرة معقدة للغاية، قال سماحته أن الثورة هي تغيير المعايير ويحتاج إلى الكفاح لكنها ليست حادثة، ليست ” وقعة في ما واقعه” كما نقول نحن الطلبة، ليست ظاهرة بل هي معلاج، الثورة ليست حادثة بل هي إحياء العالم، الثوروية أسلوب للحياة.
كوننا قمنا بالثورة ليس بمعنى أن الثورة انتهت وعملنا انتهى بتقديمنا المعايير، بل يجب أن يتم تثبيت هذه المعايير التي قدمت خلال الثورة ومازلنا نواصل ما قدمه النبي المكرم (صلى الله عليه وآله وسلم) لأن الثورة الإسلامية هي استمرار بعثة النبي (صلى الله عليه وآله وسلم) ونهضته.
الثورة الإسلامية معلاج مستمر وعظيم وغير قابل للزوال كما أكد قائد الثورة الإسلامیة المعظم في لقائه الأخير مع الطلاب كثيراً، على أنه يجب أن يتحول كل من الحوزة ومؤسسة القضاء والمؤسسات الثقافية والمؤسسة التنفيذية وإلخ، إلى مجال كي يحدث معلاج الثورة فيه.
يجب أن يواصل الشعب بنفس الروح الثوريّ والجهادي ونفس الشجاعة والجرأة والإيثار تطلعات الثورة الإسلامية ویقوم بترسیخها، اليوم يؤكد قائد الثورة الإسلامية المعظم على أنه يجب أن نواصل الكفاح ونمضي قدماً بالروح الثوري حتى يتم ترسيخ تطلعات الثورة الإسلامية فإن لم نفعل ذلك ستحدث الظروف الماضية کما کانت قبل الثورة.
5 – خلال العامين الأخيرين كثيراً ما تم تأكيد واستخدام مفهومين في خطاب قائد الثورة الاسلامية؛ الأول ” الروح الثوري” و الثاني ” حرية إطلاق النار ” يبدو أن يحظي هذان التعبيران بأهمية خاصة في الحوزة و الجامعة.ما هي برامج الحوزة لتفعيل هذين التعبيرين كثيري الاستخدام في خطاب قائد الثورة المعظم وماذا لديكم في المستقبل؟
آية الله رشاد: هناك وضعيتان في العكسرة والموسسات العسكرية؛ وضعية السلام و وضعية الحرب. في ظروف الحرب يجب أن يكون الجميع مستعدين من القادة والمسؤولين العسكريين وصولاً إلى الشرائح المختلفة من الشعب، شئنا أم أبينا أو نؤمن أم لم نؤمن لا تتغير الحقيقة بأن لدينا رسالة جديدة للعالم ونحن قد قدمنا أسلوباً للحياة و فكراً و ثقافة بل حياة عالمية حديثة مبنية على الإسلام العصري.
هذا الفكر والثقافة الحديثتين يختلف تماماً عن الوضع الراهن في العام بل يعكاسه، نحن نقدم حالياً قيماً لا تعتبر قيمة في مناطق مختلفة من العالم وربما تعتبر مضاداً للقيم.
نحن نعتبر مواضيع بأنها مضاد للقيم في حين تعتبر تلك المواضيع في المناطق المختلفة من العالم بأنها من القيم، نقول أحاديث توقظ الشعوب المختلفة وتمنحهم اليقظة والمعرفة، الأعداء لا يطيقون هذا الوعي والإيقاض لدينا و يتطاولون بنا نحو ۴۰ عاماً، قد شاهدنا مراراً وتكراراً الإعتداء على حدودنا، فرضوا قبل سنوات الحرب على مدار ثماني سنوات وتلقى العدوان البعثي الدعم من ناحية كثير من الدول حتى يركعونا عسكرياً و حربياً.
*الحوزة العلمية هي منصة لتبيين قيم الثورة.
منذ عقود بدأ الأعداء غزواً ثقافياً ضدنا و وجّهوا لنا هجوماً فكرياً وثقافياً نحن نعيش في ظروف کهذه. قال سماحة قائد الثورة المعظم إن الثورة لم تنته وسوف لا تنتهي، حينما نحن نكف عن تطلعات وقيم الثورة آنذاك تنتهي الثورة، هل من المقرر أن نكف عن هذه المعايير ؟ هل نكف عن التوحيد والعدالة والحرية ؟ هل نكف عن التقدم والنمو والأسلوب الديني للحياة؟ إذن مادمنا لم نكف عن هذه القيم نتعرض للهجوم. منبثق هذه الثورة ومنصة إنتاج وتبيين هذه القيم هو الحوزة العلمية، الحوزة هي التي أنتجت على مدار من العقود معارف الثورة وحالياً الحوزة هي التي تقوم بدعم هذه المعارف الثورية وهذه القيم والمعايير الثورية نظرياً و عملياً.
هناك رسالتان للحوزة في مجال الثورية، إن تكن لكتل الشعب رسالة واحدة وهي الثورية عملياً فالحوزة لها رسالتان فكرياً و عملياً، رسالتها الفكرية تعود إلى أنها منصة لإنتاج المعرفة الدينية ورسالتها العملية تعود إلى أن الحوزة لها دور قيادي في المجتمع والشعب والمؤمنون والملتزمون بالدين والثوريون يتوقعون اتخاذ أهل الحوزة المواقف.
أهل الحوزة لهم المسؤولية القيادية على الصعيدين والمستويين، إن تكن الحوزة مطلعاً للثورة فكل شرائح المجتمع لها دورها في الثورة والجميع استثمروا فيها. إن تتعرض الثورة اليوم للخطر سیتعرض الدين والتشيع ومدرسة أهل البيت عليهم السلام التي انبثقت منها الثورة للخطرات.
ميزة الثورية هي حرية إطلاق النار. الثورية لاتتماشى مع الرفاهية والراحة، الثورية لا تتماشى مع المعلاجات البيروقراطية المملة ومضيعة للفرص والطاقة.
حرية إطلاق النار ليس خروجاً عن القاعدة بل هو قاعدة، تختلف زمام المبادرة وحرية إطلاق النار عن إطلاق النار العشوائي، لا يحق لأحد أن یطلق النار على الصديق والعدو بذريعة زمام المبادرة، حرية إطلاق النار تعني الالتزام بالواجبات، الشخص الذي میّز واجبه لا يستطيع أن يقصر، الشخص الذي مكلف ويميز تكليفه عليه أن یركض وراء تمييز تكليفه وإن قصر فهو مجرم.
حرية إطلاق النار تعني أن يقوم الشخص بواجبه وفقاً لتمييز التكليف ومراعياً القواعد ومباني النضال والقيم الأخلاقية والفقهية والشرعية كاملاً. أعتقد أن استخدام هذا المصطلح في مجال الثقافة أكثر من المجالات الأخرى، لأن الثقافة ليست شكلية و تعميمية، لا أريد أن أقول إننا لا نحتاج في نظام ومؤسسة مجال الثقافة والشؤون الثقافية إلى هذا المصطلح، هناك كثير من القضايا والشؤون الثقافية لا تطبق إلا عبر المؤسسات الرسمية.
فقهياً وشرعياً يكون بعض من مستويات ومراحل العمل الثقافي على عاتق المؤسسات الرسمية مع العلم بأنه يجب أن يحدث جزء كبير من العمل الثقافي في إطار الأمر بالمعروف والنهى عن المنكر، إذن يجب أن تقوم بواجبها و لايتدخل الناس.
أكد قائد الثورة المعظم و الإمام الخميني (ره) مراراً إن رأيتم أن المسؤولين يقصرون في القضايا ومسؤولياتهم عليكم أن تدخلوا في المنصة والساحة وهذا يعني الأخذ بزمام المبادرة في مجال الثقافة وهذه المسألة أكثر تناسباً و ضرورة، نظراً لأن نشاطات الحوزة تكون علمية وثقافية على العموم، ستكون لإشارة حرية إطلاق النار و العمل وفق إطار حرية إطلاق النار فی الحوزة دلالة أخرى وستکون أكثر دلالة .
* أشكر حضرتك منحتنا هذا الوقت وفي الختام إذا تکون لديك نقطة تفضل:
آية الله علي اكبر رشاد: أنا أشكركم أيضا. في الختام أرى أنه من الضروري أن أشير إلی نقطة مهمة وهي أن توجيهات قائد الثورة المعظم بشأن الحوزات العلمية بالنسبة للطلبة هي واجب شرعي و وطني وثوري.
قصدي من الطلبة هو الجميع، من المدرس البارز وصولاً إلى الفاضل في الحوزة والطلبة الشباب والمبتدئين في الحوزة العملية . يجب أن نشد على أيدي بعضنا البعض حتى نطبق هذه التوجيهات، إقامة المؤتمرات والمقابلات و تكرار هذه المواضيع في القعدات الطلابية لازمة ولكن ليست كافيةً بل إن لم ندخل في مجال العمل ولا نعمل بقدر الكفاية لن تجدي هذه الأحاديث نفعاً. قائد الثورة المعظم منذ أكثر من نصف قرن يكون يقوم بدوره كمثقف وعالم مستيقظ و مفكر ومناضل وعالم متواجد في المنصة.
إحدى نوايا قائد الثورة الإسلامية المعظم هي مخاوف سماحته الثقافية لاسيما بشأن الحوزة و خلال هذا 40 _ 50 عاماً قدم سماحته والآخرين أفكارا و مشروعات عملية كثيرة لإصلاح و رقي وتحول الحوزة وقد تم تطبيق جزء من هذه التوجيهات و الأفكار في الماضي .
أنا كطالب أقضي اليوم أعوام شيخوختي لكني قضيت كل عمري في الحوزة وهذا مفخرة لي وأخدم نحو اربهة عقود الطلاب وأشتغل بالتدريس، هاجسي و هوايتي الكبرى هي تطبيق توجيهات قائد الثورة المعظم في مجال الحوزة والتحول والرقي بها.