الدكتور عبد الله الجباري

الفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم بين الاتباع والإبداع … د. عبد الله الجباري

من جمالية الدين الإسلامي، أنه ليس دين الأحزان والأتراح، بل دين الفرح والسرور، والهناء والحبور، لذلك أمر الله تعالى بالفرح، ونبه إلى ما ينبغي أن يُصرف له النشاط والمرح، فقال عز من قائل : “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا”، ولعل الصحابة رضي الله عنهم (باستثناء أبي سفيان ومن كان على شاكلته) كانوا أفضل من فهِم جوهر هذا الأمر الرباني ومعانيه، وأسمى من أدرك كنهه ومراميه. بقلم الدكتور عبد الله الجباري *

موقع الاجتهاد: يعد الفرح من الغرائز المركوزة في الفطر الإنسانية، إلا أنه يختلف سببه وباعثه باختلاف الناس وميولاتهم ومكونات شخصياتهم، حيث نجد من يفرح للقضية التي تكون سببا لحزن الآخرين، وهذا الاختلاف قد يكون مقبولا سائغا في قضايا حياتية فرعية، لكن القضايا الكبرى والمصيرية، لا يكاد يختلف حولها اثنان.

وقد تناول القرآن ومصنفات السنة قضايا الفرح في أكثر من موضع، وفي سياقات مختلفة، من ذلك ما حكاه القرآن الكريم عن أناس فاقدي البوصلة، ممن لم يهتدوا لضبط نوازعهم، فأعلنوا فرحهم حيث لا يجوز الفرح، مثل المنافقين الذين تقاعسوا عن نصرة النبي في تبوك، ففرحوا حين أذن لهم في البقاء بعد أن استأذنوه، ظنا منهم أن ذكاءهم جنّبهم القتال بخلاف المؤمنين، فسجل القرآن فرحهم في سياق الذم والتقريع، “فَرِحَ الْمُخَلَّفُونَ بِمَقْعَدِهِمْ خِلَافَ رَسُولِ اللَّهِ وَكَرِهُوا أَنْ يُجَاهِدُوا بِأَمْوَالِهِمْ وَأَنْفُسِهِمْ فِي سَبِيلِ اللَّهِ وَقَالُوا لَا تَنْفِرُوا فِي الْحَرِّ قُلْ نَارُ جَهَنَّمَ أَشَدُّ حَرًّا لَوْ كَانُوا يَفْقَهُونَ”،

ومن أمارات فقدان البوصلة الهادية، أن يظهر الإنسان الفرح في موضع الحزن، وأن يظهر الحزن في موضع الفرح، مثل من يُسَرّ بما قد يحل بالنبي صلى الله عليه وسلم من الشدائد والمصائب، “إِنْ تُصِبْكَ حَسَنَةٌ تَسُؤْهُمْ [حزنا وغما لوقوعها] وَإِنْ تُصِبْكَ مُصِيبَةٌ [كهزيمة في معركة] يَقُولُوا قَدْ أَخَذْنَا أَمْرَنَا مِنْ قَبْلُ وَيَتَوَلَّوْا وَهُمْ فَرِحُونَ [بما نزل بالنبي صلى الله عليه وآله وسلم من النائبات]”

وسطرت لنا كتب السنة والسيرة لأبي سفيان موقفا سلبيا لا يقل عن مواقف المنافقين المسطورة أخبارهم في آي الكتاب، وذلك حين انهزم المسلمون بادئ الأمر في موقعة حنين، حيث فرح لتلك الهزيمة وأظهر الشماتة في المسلمين، فقال عبارته الشهيرة : “لا تنتهي هزيمتهم دون البحر” وكانت الأزلام في كنانته، فقال له صفوان وهو مشرك : “فو الله لأن يربّني رجل من قريش أحب إلي من أن يربّني رجل من هوازن”،

وغان عن البيان أن هذا الفرح الصادر من أبي سفيان لم يكن في محله، بل هو مما يشينه وينقص من قدره، لذلك عمل مصنفو الحديث جاهدين على ستره وعدم ذكره، بيد أنهم أطبقوا على ذكر الأثر بسنده، فاكتفوا بذكر الحديث بين صفوان وأخيه، وهذا ناتج عن تغول الثقافة الأموية إبان عهد الرواية والتدوين الذي أسس لعهد التصنيف، ولم يُذكر أبو سفيان إلا في المصادر القليلة مثل “شرح مشكل الآثار” و”عيون الأثر”، وقد أورد ابن تيمية كلام أبي سفيان بتمامه في “منهاج السنة”، إلا أن حبه لبني أمية حال بينه وبين تسمية أبي سفيان، فورّى عنه، ونسب قوله إلى أحد الطلقاء.

لم يكن أبو سفيان آخر الأمويين الذين يفرحون في موضع الحزن، بل ورث منه ذلك غيره من الأمويين وأنصارهم والمنتسبين إليهم، مثل مسلم بن عقبة، الذي كان قائد يزيد حفيد أبي سفيان في حملته العسكرية لإخضاع أهل المدينة الذين خلعوا بيعته، فجاس خلال الديار، واستباح المدينة، وقتل المهاجرين والأنصار والقراء والصلحاء والفضلاء، وذلك في موقعة الحرة الشهيرة.

ولفظاعة جرائمه سمي “مسرف بن عقبة”، لإسرافه وجيشه في القتل واغتصاب الحرائر وغير ذلك من الأفاعيل القبيحة، ومات بعد هذه الموقعة بأيام، وكان قد نصحه الطبيب في شأن استعمال الدواء، فأجابه بقوله : “إنما كنت أحب البقاء حتى أشفي نفسي من قتلة أمير المؤمنين عثمان، فقد أدركت ما أردت، فليس شيء أحب إلي من الموت على طهارتي، فإني لا أشك أن الله قد طهرني من ذنوبي بقتل هؤلاء الأرجاس” [تاريخ الإسلام للذهبي : 2/711]، ومن خلال هذا الكلام يتبين أن هذا القائد الأموي فرح وطرب لقتله جماعة من المهاجرين والأنصار والسلف الصالحين، وأورد جرائمه مورد الفخر، وأنها وسيلة يتطهر بها من أوزاره، ويتقرب بها إلى الله تعالى.

والفرح إن كان منهيا عنه في مثل هذه المواقف، فإنه منهي عنه أيضا إن كان مبالغا فيه حتى يصل إلى درجة البطر والأشر والطغيان بالنعمة، ومنه قوله تعالى : “وَإِنَّا إِذَا أَذَقْنَا الْإِنْسَانَ مِنَّا رَحْمَةً فَرِحَ بِهَا وَإِنْ تُصِبْهُمْ سَيِّئَةٌ بِمَا قَدَّمَتْ أَيْدِيهِمْ فَإِنَّ الْإِنْسَانَ كَفُورٌ”، قال العلامة ابن عاشور : “ويحمل الفرح على مطلقه المقول عليه بالتشكيك، حتى يبلغ مبلغ البطر”.

وفي هذا السياق قال الله تعالى : “إِنَّ قَارُونَ كَانَ مِنْ قَوْمِ مُوسَى فَبَغَى عَلَيْهِمْ وَآتَيْنَاهُ مِنَ الْكُنُوزِ مَا إِنَّ مَفَاتِحَهُ لَتَنُوءُ بِالْعُصْبَةِ أُولِي الْقُوَّةِ إِذْ قَالَ لَهُ قَوْمُهُ لَا تَفْرَحْ إِنَّ اللَّهَ لَا يُحِبُّ الْفَرِحِينَ”، وقد علق على هذه الآية العلامة ابن عاشور بقوله : “إن الفرح إذا لم يعلق به شيء دل على أنه صار سجية الموصوف فصار مرادا به العجب والبطر.

وقد أشير إلى بيان المقصود تعضيدا لدلالة المقام بقوله : إن الله لا يحب الفرحين، أي المفرطين في الفرح … والمبالغة في الفرح تقتضي شدة الإقبال على ما يفرح به وهي تستلزم الإعراض عن غيره، فصار النهي عن شدة الفرح رمزا إلى الإعراض عن الجد والواجب في ذلك”.

ونظير ذلك ما قرره الإمام الغزالي رحمه الله تعالى في إحيائه، “إن النفس تفرح بالتنعم في الدنيا وتركن إليها وتطمئن إليها أشراً وبطراً حتى تصير ثملة كالسكران الذي لا يفيق من سكره، وذلك الفرح بالدنيا سم قاتل يسري في العروق”.

هذه بعض تجليات الفرح السلبي المنهي عنه شرعا، وبالمقابل، يرشدنا القرآن إلى الفرح المرغب فيه، وهو الفرح في الموطن المناقض لموطن فرح أبي سفيان، الفرح بالنصر الإلهي الذي يعز الأمة ويرفع من شأنها، “يومئذ يفرح المؤمنون بنصر الله”، ففي حالة النصر يظهر المسلم الهَزَج والطرب والسرور، ومن استشهد في المعركة ليس أقل فرحا ممن بقي حيا يرزق، لأنهم في الجنات “فَرِحِينَ بِمَا آتَاهُمُ اللَّهُ مِنْ فَضْلِهِ”، يتنعمون بما حباهم الله تعالى من الزلفى والكرامة والنعيم الخالد الذي لا يفنى، آمنون من الخوف والحزن والهم والغم وغير ذلك مما يكدر صفو حياة الإنسان في الدنيا.

وكما أخبرنا القرآن الكريم بفرح المؤمن بالنصر على الأعداء، فإن السنة تنبؤنا عن فرح المؤمن بالنصر على النفس وشهواتها وملذاتها، “للصائم فرحتان يفرحهما : إذا أفطر فرح، وإذا لقي ربه فرح بصومه”.

ومن جمالية الدين الإسلامي، أنه ليس دين الأحزان والأتراح، بل دين الفرح والسرور، والهناء والحبور، لذلك أمر الله تعالى بالفرح، ونبه إلى ما ينبغي أن يُصرف له النشاط والمرح، فقال عز من قائل : “قل بفضل الله وبرحمته فبذلك فليفرحوا”، ولعل الصحابة رضي الله عنهم (باستثناء أبي سفيان ومن كان على شاكلته) كانوا أفضل من فهِم جوهر هذا الأمر الرباني ومعانيه، وأسمى من أدرك كنهه ومراميه، فوجهوا كامل عنايتهم للفرح برسول الله صلى الله عليه وآله وسلم ومتعلقاته، لأنه هو الرحمة، بل عين الرحمة الواجب الفرح بها، والاهتبال بأحوالها، ومظاهر فرحهم به وتجلياته كثيرة لا يحصيها العد، ولا يبلغها الحصر والحد، ويمكن أن نورد نتفا منها، ولمعا للدلالة على غيرها، إذ يكفي من القلادة ما أحاط بالعنق.

أولا : كان الصحابة يميزون بين درجات الفرح ومراتبه، وكانت –باعترافهم – أقصى تلك الدرجات وأعلاها ما كان له برسول الله صلى الله عليه وسلم تعلق واتصال، نلمس ذلك ونلفيه من خلال شعورهم بعد سماع قول رسول الله صلى الله عليه وآله وسلم : “أنت مع من أحببت”.

وقد ظهر ذلك جليا على مستوى وجدانهم وانفعالهم وأسارير وجوههم، وهو ما حكاه أنس بن مالك بوصفه : “فما رأيت المسلمين فرحوا بشيء بعد الإسلام أشد ما فرحوا يومئذ”، وفي رواية البخاري : “ففرحنا يومئذ فرحا شديدا”.

ثانيا : لما مرض النبي صلى الله عليه وآله وسلم مرض وفاته، انقطع عن الصحابة الكرام والتزم بيته، فحزن الصحابة لحاله، وكان أبو بكر يؤمهم في الصلاة، وما أن برقت بارقة أمل فهموا منها سلامته وتحسن حاله حتى ابتهجوا لها، وسرّوا بها، وهي حين كانوا في صلاة، فكشف رسول الله صلى الله عليه وسلم ستر الحجرة، ونظر إليهم، وهو قائم، ثم تبسم ضاحكا، قال أنس : “فبُهثنا [أو بهشنا] ونحن في الصلاة من فرحِ بخروج رسول الله صلى الله عليه وسلم”، وفي رواية البخاري : “فهممنا أن نفتتن من الفرح برؤية النبي صلى الله عليه وسلم”.

ثالثا : كثيرا ما تألم الصحابة لخبر غير سار حول رسول الله صلى الله عليه وسلم، لكن بشاشة الفرح سرعان ما تظهر على محياهم لمجرد سماع خبر مفرح، حتى ولو كان خاصا غير عام، مثال ذلك ما وقع للسيدة فاطمة صلى الله عليها وسلم حين رحب بها النبي صلى الله عليه وسلم بعدما أقبلت عليه، وأسرّ إليها بأنه حضر أجله، فحزنت وبكت، فأسرّ إليها في الحين بأنها أول أهل بيته لحوقا به، فضحكت، مما يعني أن الحزن العميق لم يحل دون الفرح بخبر سرعة اللحوق، لذلك قالت السيدة عائشة رضي الله عنها : “ما رأيت كاليوم فرحاً أقرب من حزن”.

رابعا : إذا غاب النبي صلى الله عليه وسلم عن الصحابة، لم يكن يهدأ لهم بال حتى يروه بينهم سالما، ومرة خرج في غزوة، مع ما يكتنف ذلك من مخاطر، فبقيت امرأة معلقة القلب والوجدان به صلى الله عليه وسلم، فنذرت إن رده الله سالما أن تضرب بالدف على رأسه، فلما عادت حكت له نذرها، فقال لها : أوف بنذرك، وقد استنبط منه البيهقي أن إذن النبي صلى الله عليه وسلم لها ليس لذات النذر، وإنما لما فيه من إظهار الفرح بسلامته. وقبل هذه المرأة، أظهر الحبشة الفرح بقدوم النبي صلى الله عليه وسلم من خلال لعبهم بالحراب. ونظائر ذلك عديدة كثيرة.

خامسا : لم يقتصر فرح الصحابة بذات النبي صلى الله عليه وسلم وما يتعلق بها من سلامة وشفاء وغيرهما، بل تعدى ذلك إلى مستوى الرأي والفتوى، سئل ابن مسعود عن امرأة مات زوجها قبل الدخول، ولم يسم لها الصداق، فقضى لها بصداق المثل والميراث والعدة، ولم يكن مطمئنا كامل الاطمئنان لرأيه، إذ هو ظن لا يرقى إلى القطع، لذا قال عقبه : “فإن يكن صوابا فمن الله، وإن يكن خطأ فمن نفسي ومن الشيطان، والله ورسوله بريئان من ذلك”، بعد ذلك شهد له رهط من أشجع بأن قضاءه وافق قضاء رسول الله صلى الله عليه وسلم في نازلة مماثلة، “ففرح ابن مسعود فرحا شديدا” لهذه الموافقة.

هذه نماذج وأمثلة من فرح الصحابة برسول الله صلى الله عليه وسلم، الذي لم يكن شكلا واحدا، ونوعا منفردا، بل عبروا عنه بأشكال متعددة، وأبدعوا في ذلك كما فعل الحبشة والمرأة صاحبة الدف، ومن كمال الاقتداء بهم، ألا نفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم فقط، بل أن نعدد أشكال ذلك كما عدّدوا، وأن نبدع في ذلك كما أبدعوا رضي الله عنهم.

وبما أن المناسبة شرط، فإن إظهار أمارات الفرح بمناسبة المولد النبوي أليق وأدعى للقبول، وقد انتبه إلى ذلك أسلافنا رحمهم الله، فأظهروا السرور بشهر المولد، وبليلة المولد، وبيوم المولد، وبمكان المولد … فقرروا له العطلة عن العمل، والاجتماع للذكر، وإطعام الطعام، …. وما علينا إلا أن نحافظ على وهج ذلك مع إبداع طرائق جديدة، يمكن أن نجدد بها فرحنا برسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن يتعدى فرحنا إلى الآخرين، وألا يبقى فرحا ذاتيا، ولتحقيق ذلك نقترح جملة من التصرفات يمكن القياس عليها والنسج على منوالها :

1 – أن يخصص الميسورون صدقة ذات قيمة لأسر معوزة، وأن يذكروهم أثناء التسليم أن هذه الصدقة تعبير عن الفرح بقدوم ذكرى المولد النبوي الشريف.

2 – توعية التجار بأهمية الذكرى، ليخصصوا أياما للتخفيضات في السلع، مع تثبيت لافتات على أبواب المحلات بأن هذه التخفيضات في سياق الفرح بالمولد النبوي، لترسيخها في الأذهان وتثبيتها في الوجدان.

3 – إحياء الجمعيات والمؤسسات العمومية والخاصة للمهرجانات الثقافية والرياضية تحت يافطة الفرح بالذكرى.

4 – إيلاء المدرسين للذكرى أهميتها، وتخصيص جزء من حصص الدروس للناشئة لتنبيههم إلى الفرح بذكرى مولد رسول الله صلى الله عليه وسلم، وأن ذلك مما يقبح تغافله والتغاضي عنه.

5 – تخصيص الخطباء والوعاظ لخطبهم ودروسهم للمناسبة، وما يؤسف له، أن كثيرا من الوعاظ ممن تأثروا بالدعوة الوهابية النجدية خصوصا، يعرضون عن هذه المناسبة ولا يشيرون إليها، وليتهم اكتفوا بهذا، ففي أحايين كثيرة يتطرقون إليها بشكل سلبي مع التركيز على بدعيتها وضلال أصحابها …. وهم مخطئون في ذلك، خصوصا أن المسألة قتلت بحثا من قبل علماء الأمة قديما وحديثا، وأن ما يكررون على مسامع الناس من أفكار سطحية لا تعدو أن تكون مجرد شبهات يروجون لها.

6 – إقامة حفلات في المنازل والبيوت، والمؤسسات والجمعيات، والساحات العامة والمسارح، وعدم حصرها في المساجد والزوايا.

7 – التركيز على المجال الإبداعي، خصوصا الشعر، وذلك من خلال تنشيط مسابقات في حفظ قصائد المديح أو في نظمها.

8 – إقامة فعاليات شبابية لتوزيع الورود أو بطاقات تحمل عبارات رقيقة تحت شعار الفرح بمولد سيد المخلوقات، ويمكن أن يتم توزيعها في المحطات والأماكن المكتظة، وقد تم تطبيق ذلك في محطة القطار بهولندا منذ سنوات، مما يعطي للآخر فرصة التعرف على الإسلام من زاوية أخرى غير الزاوية التي يركز عليها الإعلام الغربي.

كما يمكن إقامة فعاليات أخرى مع التركيز على الشعار، ونكون بذلك مقتدين بالصحابة الكرام في فرحهم برسول الله صلى الله عليه وسلم، وإن اختلفت الأشكال والطرائق.

هذا، ويجمل بي في الختام أن أنبه إلى أن الفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم هو لغة الكون كله، ولا يوجد دليل يمنعه في وقت معين، أو زمان خاص، ومن لم يفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم أو عارض ذلك أو عرقله فإنما يشذ عن النسق الكوني، فالأنبياء يفرحون برسول الله صلى الله عليه وسلم، وقد عبروا عن ذلك ليلة المعراج، والملائكة يفرحون برسول الله صلى الله عليه وسلم، وكم منهم من استأذن الله تعالى أن ينزل إلى النبي صلى الله عليه وسلم ليسلم عليه ويتشرف به، والكائنات تفرح برسول الله صلى الله عليه وسلم حيث استنارت بمجرد بروزه إلى الدنيا، “ورأت أمي حين حملت بي كأنه خرج منها نور أضاءت له قصور بصرى من أرض الشام”.

ورقت لمولده قلوب قساة المشركين ففرحوا وابتهجوا، وما أبو لهب عنا ببعيد، ويوم القيامة تفرح وتسعد كل المخلوقات برسول الله صلى الله عليه وسلم حين يقول : “أنا لها، أنا لها”.

أنت بيت التمام أنت تمامُ ال//بيت أنت أساسه والبناء

أنت مسك الختام أنت ختام ال//مسك فيه تنافسَ الكبراء

من لدن آدم إلى ابنة وهب//تُنتَقى أين توضع الحُسَباءُ

حملته حملا خفيفا فمرّت//به لم تحمل مثله نفساء

وبشهر الربيع في فصله ألقَت//ربيعا تحيى به البُصَراءُ

هذه ليلةٌ مُبَدّلة الأتراح//أفراحا حقَّ فيها الهناء.

 

 * . عبد الله الجباري: باحث في الدراسات الإسلامية – المغرب -من مواليد مدينة القصر الكبير التي تلقى بها تعليمه إلى حدود الباكلوريا، حاصل على شهادة الدكتوراه من شعبة الدراسات الإسلامية بجامعة محمد الخامس بالرباط، وباحث مهتم بالشؤون التربوية والفكر الإسلامي، له العديد من الأبحاث والدراسات المنشورة، وشارك في العديد الملتقيات الوطنية والدولية..

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky