الاجتهاد: صوت مجلس النواب، اليوم الأربعاء، على مدونة الأحكام الشرعية لمسائل الأحوال الشخصية وفق الفقه الجعفري.
وذكر بيان للمجلس، ان “مجلس النواب صوت على مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية على وفق الفقه الجعفري المرسلة من ديوان الوقف الشيعي”.
جاء ذلك بعد ان صوت مجلس النواب على إضافة فقرة مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية على وفق الفقه الجعفري المرسلة من ديوان الوقف الشيعي، على جدول اعماله
الأحوال الشخصية في العراق.. من إقرار القانون إلى إدراج “المدونة” تحت سقف البرلمان
جرى اليوم تحت قبة البرلمان العراقي، تطور لافت في قضية قانون الأحوال الشخصية في العراق، فبعد إقرار مجلس النواب القانون منذ نحو سبعة أشهر، عاد المجلس ليصوت في جلسته التي عقدها اليوم الأربعاء، على مدونة الأحكام الشرعية وفق الفقه الجعفري.
ووافق مجلس النواب العراقي، في جلسته على إدراج مدونة الأحكام الشرعية للفقه الجعفري الخاصة بقانون الأحوال الشخصية والمرسلة من ديوان الوقف الشيعي على جدول أعمال الجلسة، ومن ثم صوت المجلس على المدونة.
وكان ديوان الوقف الشيعي، أعلن اليوم الأربعاء، إنجاز كتابة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية على وفق المذهب الشيعي الجعفري وإرسالها لمجلس النواب.
إقرار قانون الأحوال الشخصية
التصويت على مدونة الأحكام الشرعية وفق الفقه الجعفري لم يكن ليتم اليوم لولا إقرار البرلمان العراقي قانون الأحوال الشخصية، الذي تم التصويت عليه في سلة واحدة إلى جانب قانوني العفو العام وإعادة العقارات في الـ21 من يناير/كانون الثاني الماضي.
وأوضح بيان صادر آنذاك عن الدائرة الإعلامية لمجلس النواب، أن تصويت المجلس على مقترح تعديل قانون الأحوال الشخصية “جاء انسجامًا مع ما أقرته المادة (2) من الدستور بأنه لا يجوز سن قانون يتعارض مع ثوابت أحكام الإسلام وما أقرته المادة (41) من ضمان حرية الأفراد في الالتزام بأحوالهم الشخصية وحسب دياناتهم أو مذاهبهم أو معتقداتهم، أو اختيارهم، ولوضع تلك المادة موضع التنفيذ وتنظيم تلك الحرية في إطار القانون بالشكل الذي يحافظ معه على المحاكم كجهة قضائية موحدة بتطبيق أحكام قانون الأحوال الشخصية وفقا للقانون”.
مشيرًا إلى انه جاء “بالنظر إلى طلب مواطني المكون الشيعي في مجلس النواب تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 بما يتيح للعراقيين المسلمين من أتباع المذهب الشيعي تطبيق أحكام المذهب الجعفري الشيعي عليهم، وعدم موافقة المكون السني في مجلس النواب بعدم سريان هذا التعديل على العراقيين المسلمين من أتباع المذهب السني”.
رد الطعن من “الاتحادية” ومصادقة الرئاسة
وصادقت الرئاسة العراقية، في 13 من شهر شباط الماضي، على قوانين الأحوال الشخصية والعفو العام وإعادة العقارات.
جاء ذلك بعدما قررت المحكمة الاتحادية العليا، رد الطعن المقدم بالقوانين الثلاثة، وإلغاء الأمر الولائي الخاص بإيقاف العمل بها.
وكانت المحكمة الاتحادية أصدرت، يوم الثلاثاء (4 شباط 2025) أمرًا ولائيًا بإيقاف تنفيذ قوانين العفو العام والأحوال الشخصية وإعادة العقارات.
وجاء في وثيقة حينها، اطلع عليها (شفقنا العراق)، أن “وقف تنفيذ القانون هو سلطة جوازية وهو إجراء وقائي مؤقت إلى حين الفصل في مدى دستورية القوانين موضوع الدعاوى ومطابقتها للدستور من عدمه”.
وتم إلغاء هذا الأمر الولائي من قبل المحكمة الاتحادية، لتتيح المجال أمام الرئاسة العراقية للمصادقة على قانون الأحوال الشخصية.
جدل واسع وانتقادات داخلية وخارجية
ومما تجدر الإشارة إليه أن قانون الأحوال الشخصية أثار (قبل وبعد) إقراره في البرلمان جدلًا واسعًا بين العراقيين بين مؤيد ورافض للتعديلات التي يعتبرها البعض “تفسيرات لا تناسب البلاد المتنوعة ثقافيًا ودينيًا ومذهبيًا”.
ورأى البعض ان القانون يضمّ فقرات عدّت أنها حد أو حرمان لحقوق الأم والزوجة، مع تحيز للرجال.
وأثار تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي (الذي أقره البرلمان في شهر كانون الثاني الماضي) انتقادات حادة من عدد من منظمات حقوق الإنسان.
وواجه إقرار القانون، حملات رفض لتعديله لجهة الوقفات الاحتجاجية والبيانات والاجتماعات والنقاشات، تضاف إلى ذلك المعارضة البرلمانية التي تقودها عضوات في مجلس النواب.
وحذّرت منظمة هيومن رايتس ووتش في شهر آذار الماضي، من أن تعديل قانون الأحوال الشخصية العراقي “يشكل انتهاكاً خطيراً لحقوق النساء ويشرع الزواج غير المسجل”.
هذا وشنت عدد من الصحف الأجنبية، في شهر كانون الثاني الماضي هجوما غير مسبوق على الحكومة والبرلمان العراقي على خلفية تمرير قانون الأحوال الشخصية، معتبرة أنه “يستبدل” دور القضاة برجال الدين.
والصحف البريطانية مثل الديلي ميرور، الاكسبرس والديلي ريكوردر، اعتبرت القانون خرقا مباشرا للاتفاقيات التي وقع عليها العراق وتضمن حقوق الأطفال، معتبرة ان القانون اصبح يشرعن “الزواج من الأطفال حتى سن التاسعة في العراق”، وقالت إنه “تراجعا” في مستوى حقوق الانسان داخل العراق.
وفي السياق نفسه، عدّت صحف أمريكية مثل ذا صن، القانون “استبدالا” لدور القضاة في شؤون الأحوال الشخصية، على حد وصفها.
تأييد القانون
بالمقابل فإن أحزاباً وأوساطًا عراقية دعمت التصويت على تعديل القانون الذي جرى في كانون الثاني الماضي، وقد قادت حملة إعلامية كبيرة في هذا الاتجاه.
وعبرت كتلة تحالف قوى الدولة البرلمانية، ضمن الإطار التنسيقي، عن دعمها لإقرار قانون الأحوال الشخصية، مؤكدة، في بيان، أن “التعديل يأتي استجابة لمتطلبات واحتياجات المجتمع المتنوعة، وأنه يضع أمام المواطنين خيارات منطقية تتناسب مع مختلف الظروف والحالات، مما يعزز مبدأ الحرية الشخصية ويحترم تنوع المجتمع”.
وأضافت: “نؤكد حق كل مواطن في اختيار الأنسب له في التعامل مع أحواله الشخصية، بما يتوافق مع قناعاته وظروفه الخاصة”.
ورأى النائب جواد اليساري، أن “تصويت مجلس النواب على تعديل قانون الأحوال الشخصية لا يعارض الاتفاقات الأممية اطلاقاً، وهذا التعديل لا يفرض أي شيء على المواطن، بل هو يخير المواطن باختيار الأحوال التي يريد الجواز عليها وهذا امر طبيعي وامر دستوري”.
بدوره دافع النائب رائد المالكي عن تعديل قانون الأحوال الشخصية، مبيناً أن التعديل المقترح لقانون الأحوال الشخصية هو تنفيذ لأحكام المادة 41 من الدستور التي تنص على أن العراقيين أحرار في أحوالهم الشخصية.
كما أشار إلى أن «أحكام المدونة الشرعية ستتضمن بابين؛ الأول للفقه الجعفري والآخر للفقه السني».
وأوضح المالكي أن «مقترح القانون يحافظ على وحدة السلطة القضائية ولا يخلق ازدواجاً في المحاكم، وستكون هناك فقط أحكام القانون 188 وأحكام المدونة، وستطبق المحاكم الحالية كليهما حسب اختيار الشخص عند إبرام عقد زواجه».
“إنجاز تاريخي مهم”
واليوم، وبعد تصويت البرلمان العراقي على مدونة الأحكام الشرعية، وصف الكاتب الدكتور عبد الهادي الحكيم، هذه الخطوة بانها “إنجاز تاريخي مهم”.
وقال الحكيم في منشور له على صفحته على الفيسبوك: “مجلس النواب يصوت على مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية على وفق المذهب الشيعي الجعفري، فتهانينا لكل المؤمنين وخاصة العراقيين منهم بهذا الإنجاز التاريخي المهم”.
وأضاف “الشكر كل الشكر لمن سعى وواصل السعي حتى تم التصويت على (المدونة) والتصويت قبلها على (القانون) وذلك بعد جهد جهيد وعمل دؤوب، فهذه هي المرة الأولى منذ عقود تطبق المحاكم الرسمية العراقية الأحكام الشرعية وفق المذهب الجعفري بعد محاولات بدأها الإمام السيد محسن الحكيم وتوجت اليوم”.
موقف القضاء العراقي
وكان مجلس القضاء الأعلى، قد عقد اجتماعًا في شهر أيلول الماضي (قبل إقرار قانون الأحوال الشخصية) لمناقشة مشروع تعديل قانون الأحوال الشخصية رقم (188) لسنة 1959 المعدل.
وقال بيان صادر عن المجلس حينها، إن الاجتماع شهد استعراض مواد مشروع القانون المذكور وتبين عدم دقة التصريحات الإعلامية التي تختزل مشروع التعديل وتصوره بطريقة غير صحيحة بأن الغاية منه (تزويج القاصرات أو سلب حضانة الأطفال من الأم أو حرمان الزوجة من النفقة، وحرمان البنت من الميراث في العقارات).
وأضاف البيان إن “هذا التصوير يخالف الحقيقة وما يرمي إليه هذا التعديل”.
موضحًا إن “أساس فكرة تعديل قانون الأحوال الشخصية النافذ، تستند ابتداء إلى نص المادة (41) من دستور جمهورية العراق لسنة 2005 التي تنص على (العراقيون أحرار في الالتزام بأحوالهم الشخصية حسب دياناتهم أو معتقداتهم أو اختيارهم وينظم ذلك بقانون).
وأشار مجلس القضاء الأعلى إن الموضوع المتعلق بالأحوال الشخصية، هو خِيار للشخص ولكن وفقا لقانون يصدر من مجلس النواب.
كما تابع إن أصل مشروع القانون المطروح، لم يتناول الأحكام التفصيلية التي تتعلق بأحوال الأسرة من زواج وطلاق وحضانة ونفقة وما إلى ذلك من أمور تتعلق بالجوانب الشرعية والفقهية.
مبينًا إن القانون “أحال هذه القضايا إلى مدونة الأحكام الشرعية التي تعد لاحقًا من قبل المجلس العلمي في ديوان الوقف الشيعي والمجلس العلمي والإفتائي في ديوان الوقف السني بالتنسيق مع مجلس القضاء الأعلى وتقديمها إلى مجلس النواب للموافقة عليها خلال (6) ستة اشهر من تاريخ نفاذ هذا القانون”.
قانون الأحوال الشخصية في العراق قبل التعديل
وكان قانون الأحوال الشخصية في العراق، قبل التعديل، ينصّ على أحقيّة الأمّ بحضانة ولدها وتربيته في حال الزواج وبعد التفرقة، من دون أن تسقط حضانة الأمّ المطلّقة بزواجها ثانية. لكنّ التعديل الجديد الذي جرى التصويت عليه يسلب الأمّ حقّ حضانة الولد في حال تزوّجت من جديد.
وفي القانون غير المعدّل، كان يحقّ للولد المحتضن اختيار إقامته، عند بلوغه الخامسة عشرة من عمره، مع مَن يشاء من أبوَيه إذا أنست المحكمة منه الرشد في هذا الاختيار، لكنّ عملية تخييره تجرى عند بلوغه السابعة من عمره بعد التعديل.
كذلك كان القانون المعمول به قبل التعديل ينصّ على أن يكون التفريق وفقاً للقانون المدني، لكنّ التعديل ينصّ على أن يكون وفقاً للفقه السنّي أو الشيعي حسب اختيار الثنائي، علماً أنّه في حال لم يكن للزوجة مذهب فقهي للاحتكام إليه تعتمد المحكمة مذهب الزوج في التفريق بينهما بما يتعلّق بالحقوق.
وتضمّن تعديل قانون الأحوال الشخصية إدخال الوقفَين السنّي والشيعي في قضايا الخلع والتفريق.
محاولات سابقة لتعديل القانون
وهذه ليست المرة الأولى التي تسعى فيها قوى سياسية عراقية، إلى إلغاء أو إجراء تعديل على قانون الأحوال الشخصية ففي عام 2003 ألغى رئيس “مجلس الحكم” آنذاك السيد عبد العزيز الحكيم، قانون الأحوال المدنية لسنة 1957، حين تسلم رئاسة المجلس قبل أن يعيد الحاكم الأمريكي المدني بول بريمر العمل به سنة 2004.
وتأجلت القراءة والتصويت على القانون منذ عام 2019 بعد أن شهدت بغداد تظاهرات متكررة لنساء ورجال رافضين له.
المصدر: شفقنا
نص مدونة الأحكام الشرعية في مسائل الأحوال الشخصية على وفق المذهب الشيعي الجعفري