الاجتهاد: أجاب المرجع الديني سماحة آية الله السيد علي السيستاني(دام الله ظله)، على استفتاءات حول الحقوق الشرعية والتوسط في إيصال بعض الحقوق الشرعية إلى مكاتب المراجع .
السؤال: تنصّ إجازتكم في الحقوق الشرعية على أنّ للمجاز (الوكيل) صرف الثلث ــ مثلاً ــ ممّا يتسلّمه من سهم الإمام (عليه السلام) أو غيره من الحقوق الشرعية في مواردها المقرّرة شرعاً، ومعنى ذلك ــ في ما نفهم ــ أنّ هذا المقدار ليس مخصّصاً للمجاز نفسه بصفته حاملاً للإجازة، بل عليه أن يراعي في صرفه الضوابط الشرعيّة لذلك، وبناءً على هذا فما هي حدود ما يسمح للمجاز بصرفه على نفسه ممّا يقبضه من الحقوق الشرعيّة؟
الجواب: إذا كان الحقّ المقبوض من قبيل سهم السادة وردّ المظالم ومجهول المالك والكفارات ونحوها من حقوق الفقراء وكان المجاز فقيراً ــ بالمعنى الشرعي للفقر ــ واجتمعت فيه سائر شروط استحقاق ذلك الحقّ جاز له أن يأخذ منه بمقدار مؤونته اللائقة بشأنه لا أزيد.
وإذا كان الحقّ المقبوض من قبيل سهم الإمام (عليه السلام) وكان المجاز ممّن يصرف أوقاته في القيام بخدمة دينيّة عامّة كتعليم الجاهلين وإرشاد الضالّين ونصح المؤمنين ووعظهم ونحو ذلك جاز له أن يتناول منه بمقدار ما يحتاج إليه في مؤونته مع مراعاة الاقتصاد وعدم التجاوز عن المستوى المعيشي لذوي الدخل المتوسط من إخوانه المؤمنين في المنطقة، وبذلك يظهر الحال في سائر الحقوق الشرعيّة.
السؤال: يتوسّط بعض طلاب الحوزة العلميّة من سكنة المحافظات أو غيرهم في إيصال بعض الحقوق الشرعية إلى مكتب المرجع فيعطى لهم أحياناً جزء منها بنسبة الثلث أو أقلّ أو أزيد، وقد أشكل فهم ذلك على الأشخاص، فهل يكون ذلك على وجه الهبة أو التمليك أم ماذا؟
الجواب: ليس الإعطاء المذكور على وجه الهبة والتمليك، بل مجرّد الإذن بصرفه في موارده المقرّرة شرعاً وفق الضوابط المذكورة لذلك في الرسالة الفتوائيّة:
فلو أعطي مقداراً من حقوق الفقراء ــ كمجهول المالك وردّ المظالم ــ ولم يكن هو فقيراً شرعاً ــ ولو لكونه قادراً على العمل وتوفير نفقته لولا كونه مشتغلاً بطلب العلم من دون أن يكون واجباً عليه عيناً ــ لم يجز له أن يتناول شيئاً منه، بل عليه صرفه على غيره من المستحقّين.
ولو أعطي من سهم الإمام (عليه السلام) وكان ممّن يصرف أوقاته في تحصيل العلوم الدينيّة ويهيّئ نفسه للقيام بترويج الشرع المقدّس ونشر أحكامه ومعارفه ونحو ذلك من الخدمات الدينيّة العامّة جاز له أن يتناول منه على حدّ ممّا هو مبيّن بالنسبة إلى أصحاب الإجازات.
السؤال: يسعى بعض الأشخاص إلى التوسّط في إيصال الحقوق الشرعيّة إلى مكتب المرجع مدّعين أنّهم يستحقّون بذلك جزءاً منها لاندراجهم في (العاملين عليها) الذين هم أحد أصناف المستحقّين للزكاة، فهل لهذه الدعوى نصيب من الصحّة؟
الجواب: العاملون على الزكاة هم الذين ينصبهم الإمام (عليه السلام) أو نائبه لجمع الزكاة وضبطها وحسابها وإيصالها إلى الإمام (عليه السلام) أو نائبه أو إلى مستحقّيها، فلا يشمل مثل هؤلاء الأشخاص، مع أنّ هذا العنوان إنّما ورد في الزكاة دون سائر الحقوق الشرعيّة.
السؤال: هل تثبت للمجاز من قِبَلكم في الحقوق الشرعيّة صلاحيّة أن يهب بعض الخمس لمن اشتغلت ذمّته به أو يصالحه بالأقلّ رعايةً لحاله أو لكي لا يمتنع عن أداء الخمس بالمرّة؟
وإذا لم تكن له هذه الصلاحيّة فما هي موارد المصالحة المسموحة له بمقتضى إجازته؟
وما هو موقف المجاز ممّن اشتغلت ذمّته بالخمس سابقاً ثمّ أملق وأصبح عاجزاً عن دفعه حاضراً ولا يتوقّع قدرته على ذلك في المستقبل المنظور؟
الجواب: لا يصحّ إسقاط شيء من الخمس الثابت على المكلّف وعليه المبادرة إلى إخراجه بتمامه، ولو لم يكن يتيسّر له أداؤه إلّا تدريجاً رجع إلى الحاكم الشرعي أو وكيله لتقسيطه عليه، ولو لم يكن متمكّناً من أدائه حالاً ولا يتوقّع تمكّنه منه مستقبلاً فعليه أن ينوي أداءه لو حصلت له القدرة عليه، ولا إثم عليه في هذه الحالة.
وأمّا المصالحة فموردها الحقوق المشتبهة حيث يشكّ المكلّف في تعلّق الخمس ببعض أمواله أو في اشتغال ذمّته بشيء منه فيصالحه الحاكم الشرعي أو المأذون من قِبَله بنسبة الاحتمال.
السؤال: ١ـ هل يجوز للوكيل أن يحسب جزءاً ممّا يدفع إليه من الخمس على نفسه ثمّ يرجعه إلى دافعه ليصرفه اين ما يشاء، على نفسه أو أهله أو أولاده أو غيرهم؟
٢ـ هل يجوز للوكيل أن يأذن لدافع الخمس في أن يصرف جزءاً منه على أهله وأقربائه من دون التقيّد بالضوابط المذكورة في الرسالة الفتوائيّة لمستحقّي الخمس؟
٣ـ هل يجوز للوكيل أن يعفي المكلّف عن بعض ما عليه من الخمس أو يتسامح ذمعه في المحاسبة كأن لا يحسب عليه خمس ما يستخدمه في المؤونة وإن كان ممّا مضى عليه الحول قبل استخدامه فيها؟
٤ـ هل يجوز للوكيل أن ينقل الخمس إلى ذمّة المكلّف من أعيان أمواله ويسمح له في أدائه تدريجاً توسعةً عليه بالرغم من تمكّنه من التعجيل في أدائه من غير عسر وحرج؟
٥ـ هل تبرأ ذمّة المكلّف بالرجوع إلى هكذا وكيل؟ وبماذا تنصحون المؤمنين في هذا المجال؟
الجواب: ١ـ ليس له ذلك، ومن أرجع إليه شيء ممّا دفعه من الحقّ الشرعي فكأنّه لم يدفعه أصلاً.
٢ـ لا أثر للإذن في ذلك، وعلى المكلّف التقيّد بعدم صرف شيء من الحقّ الشرعي على غير مستحقّيه، فإنّه لا يجوز له ذلك أبداً.
٣ـ ليس له اسقاط شيء من الحقّ الشرعي أو التسامح في المحاسبة، ولا تبرأ ذمّة المكلّف بذلك.
٤ـ ليس له ذلك، فإنّه لا بدّ من التقيّد بعدم مداورة الحقّ الشرعي إلى الذمّة والإذن في التأخير في أدائه إلّا مع اقتضاء الضرورة أو نحوها ذلك.
٥ـ لا تبرأ ذمّة المكلّف من الحقّ الشرعي إلّا بدفعه بتمامه وفقاً للضوابط المقرّرة شرعاً، وعلى إخواننا المؤمنين وفقهّم الله تعالى لمراضيه التقيّد بمراجعة من يُعرف بالفضل والدقّة والاحتياط من الوكلاء والمجازين في المنطقة.
السؤال: كثير من الوكلاء أو المعتمدين من قِبَلكم يستلمون الخمس وبقيّة الحقوق الشرعيّة من الناس ولا يسلّمونهم وصلاً من مكتب سماحتكم بالمبلغ المذكور، فهل تبرأ ذمّة صاحب الخمس بذلك أم يجب عليه أن يخمّس مرّة ثانية؟
الجواب: لا يحكم ببراءة الذمّة بذلك.