الاجتهاد: تتمحور هذه الدراسة حول دواعي استخدام الذكاء الاصطناعي في الجوانب الشرعية، الفقهية، والقضائية، والعلمية، وغيرها، ومدى توافق هذا الاستخدام مع هذه الجوانب، من منظور القواعد الفقهية الأصولية، الكلية، وذلك أنه قد انتشر استعماله في بعض الجوانب الشرعية، كالقضاء، وغيره، ولو بصورة جزئية، إلا أن الواقع سيستلزم دمج هذه التقنية في كثير من جوانب الحياة الإسلامية، مما يعني بالضرورة وجوب التعامل مع هذه المسألة والتأصيل لها.
وباستعمال المنهج الوصفي والاستنباطي خلصت الدراسة إلى أن هناك ترابط وثيق بين الحاجة لاستخدام الذكاء الاصطناعي، وبين مقاصد الشريعة الإسلامية، من جهتين، الأولى: موافقته لمقاصد التيسير وجلب المصالح، والثانية: درء المفاسد التي قد تترتب على استخدامه، وبعض القواعد الأصولية تستوعب استخدام الذكاء الاصطناعي في المجالات الشرعية، كقاعدة: (المشقة تجلب التيسير، والضرر يزال، والضرورات تبيح المحظورات).
إلا أنه لابد من مزيد من التأصيل والدراسة لجوانب عديدة يستخدم فيها الذكاء الاصطناعي بشكل كبير، من خلال إجراء دراسة تفصيلية لاستخدامه في المجالات الشرعية وفق قاعدة درء المفاسد أولى من جلب المصالح، ودراسة صور استخدامه في مجالات الحياة الاجتماعية، وبيان موقف الشرع منها، هذه الاستخدامات، كتغيير الصور ومقاطع الصوت والفيديو، والدراسات والبحوث العلمية، وغيرها.
إن الله جل جلاله وتقدست أسماؤه خلق الإنسان واستخلفه في الأرض، وهيأ له من أدوات ذلك ما تقوم به حياته، ويصلح به شأنه، فسخر له ما في السماوات، وما في الأرض، وأسبغ عليه نعمه ظاهرة وباطنة وكل يوم لنعم الله على الإنسان تجل وظهور، في دينه ودنياه،
ومن جميل فضل الله تعالى على الإنسان أن فضله على كثير من خلقه بالعلم والإدراك، فهياً له سبل العلم، وألهمه ،طرقه، فما يزال الإنسان في كل يوم يعلو له في هذا الشأن مكان، وله في كل يوم كشف وعلم جديد، يستحدثه حينا بعد حين؛ تيسيرًا لحاجاته، وتسخيرا له في جميع مجالات حياته، ومنها على سبيل التمثيل لا الحصر، استخدامه لتقنية المعلومات في شتى مجالات حياته وأخص بالذكر منها: استخدامه لما يعرف بالذكاء الاصطناعي، أي: محاكاة الآلة المصنعة، ذات البرامج المعلوماتية القادرة على محاكاة السلوك العقلي الإنساني، حيث شرع الإنسان في تطبيقها في كثير من شؤونه الحياتية اليومية، مستفيدا منها في جميع المجالات، موفرا الجهد والمال والوقت، وفيها من المنافع ما لا حصر له، وفيها من المفاسد أيضًا،
ومن هنا كان لزاما أن نميل إلى هذا الجانب؛ لنستوضح معالمه، وتسبر أغواره، إذ إن كل مجالات استخدام الذكاء الاصطناعي في الأمور الحياتية اليومية لا يكاد يخلو من الحل أو الحرمة، والندب أو الكراهة أو الإباحة، فكان لزاما علينا أن نقف عليه من منظور علماء الفقه الأصوليين، لنبين مشروعيته، ومدى توافقه من القواعد الكلية الأصولية، وكيف يمكن الاستفادة من هذه النعمة العظيمة وفق حدود الشرع وضوابطه، وهو ما سأجتهد في تبيينه من خلال بحثي هذا الذي أسميته (استخدام الذكاء الاصطناعي في ضوء القواعد الكلية الأصولية (دراسة تأصيلية).
مشكلة البحث
تتمحور مشكلة هذا البحث في دواعي استخدام الذكاء الاصطناعي في الجوانب الشرعية الفقهية، والقضائية والعلمية وغيرها، ومدى توافق هذا الاستخدام مع هذه الجوانب من منظور القواعد الفقهية الأصولية الكلية، ويمكن إيضاح ذلك من خلال الأسئلة الآتية:
– ما الذكاء الاصطناعي؟ وما مدى توافق استخدام الذكاء الاصطناعي مع الاستخدام الشرعي الإسلامي في ضوء القواعد الفقهية؟ وهل هناك قابلية للتأصيل لهذا الاستخدام وتقنينه؟
– ما أنواع الذكاء الاصطناعي، وما مجالات استخدامه الممكنة في التشريع الإسلامي؟
أهمية البحث وأهدافه:
تبرز أهمية البحث في أنه سيناقش مسألة استخدام الذّكاء الاصطناعي في الجوانب الشرعية، حيث إنه قد انتشر استعماله في بعض الجوانب الشرعية، كالقضاء، وغيره، ولو بصورة جزئية، إلا أن الواقع سيستلزم دمج هذه التقنية في كثير من جوانب الحياة الإسلامية، مما يعني بالضرورة وجوب التعامل مع هذه المسألة والتأصيل لها.
ولذلك سيهدف هذا البحث إلى:
– بيان مفهوم الذّكاء الاصطناعي، وأنواعه، ومجالات استخدامه.
– بيان إمكانية استخدام الذّكاء الاصطناعي في الجانب الشرعي، الفقهي والقضائي وغيرهما.
– إيضاح العلاقة الترابطية بين هذا الاستخدام والقواعد الأصولية الكلية.
– إيضاح مدى مدى استيعاب القواعد الأصولية الكلية لمخرجات استخدام الذكاء استخدام الذّكاء الاصطناعي في ضوء بعض القواعد الاصطناعي، والإشارة إلى بعض محاذير هذا الاستخدام، ومخاطره.
الإضافة العلمية:
يظهر الفرق بين هذه الدراسة والدراسات السابقة جليًّا، إذ إن هذه الدراسة عامة، تتناول القواعد الأصولية الكلية، ومدى قابلية تنزيل استخدام الذّكاء الاصطناعي بكل أنواعه واستخدامه وفق هذا القواعد، في حين أن الدراسات الأنفة تخصصية من حيث التقييد بالقضاء في الأولى، والعقوبات في الثانية، والروبوت في الثالثة، وكل الباحثين فيها قد أحسنوا وأجادوا.
منهج البحث :
ستتبع الباحثة المنهج الوصفي، والاستقرائي.
وستتقيد الباحثة بالآتي:
1- التأصيل لاستخدام الذّكاء الاصطناعي وفق القواعد الكلية الأصولية، وبعض القواعد الفرعية إن دعت الدراسة التأصيلية لذلك.
2- لن تتعرض الباحثة لتعريف القواعد، وأدلتها لعدم احتياج البحث لذلك.
3- عند ذكر التعريفات ستكتفي الباحثة بما دعت الحاجة إلى تعريفه بصورة مختصرة، خشية الإطالة.
المؤلف: د. أحلام محمد محسن عقيل – جامعة الملك سعود للعلوم الصحية_ جدة
المصدر: مجلد 18 عدد 2 (2023): مجلة جامعة القرآن الكريم والعلوم الإسلامية المحكمة المجلد ( 18) العدد (2)_ ديسمبر2023م
تحميل المقالة
astkhdam_aldhka_alastnay_fy_dw_bd_alqwad_alklyt_al