خرید فالوور اینستاگرام خرید لایک اینستاگرام قالب صحیفه
الرئيسية / خاص بالموقع / 22 تقرير خبري خاص / من الدوحة إلى قم: الوفد الإيراني يروي تجربة “وحدة الأمة” ويكشف عن مزايا الفقه الشيعي في مواجهة المستجدات.
شريعتمدار - ترابي - الاستصحاب

من الدوحة إلى قم: الوفد الإيراني يروي تجربة “وحدة الأمة” ويكشف عن مزايا الفقه الشيعي في مواجهة المستجدات.

خاص الاجتهاد: شهدت قم الجلسة الأولى من سلسلة “تقرير الوفد الفقهي الإيراني حول مقالات وفعاليات مؤتمر مجمع الفقه بجدة”، حيث ركزت المباحث على موضوع “دليل الاستصحاب: مبانيه، ونطاقه، وتطبيقاته”. وقد أجمع اثنان من أساتذة الحوزة العلمية في قم على الدور المحوري للاستصحاب في النظام الاجتهادي الشيعي وقدرته على استيعاب المسائل الفقهية الناشئة والمستحدثة.

وفي هذا السياق، وصف الأستاذ السيد نور الدين شريعتمدار الجزائري الاستصحاب بأنه قاعدة شاملة وحاسمة لاستنباط الأحكام المستحدثة. من جانبه، دعا الأستاذ مرتضى ترابي، بعد عرضه لدقائق المدرسة الأصولية الشيعية في تعريف وتقسيم الاستصحاب، إلى ضرورة ربط القاعدة بالمجالات الحياتية الفعلية لضمان المشاركة النشطة للفقه في معترك المسائل المعاصرة.

وأفاد الاجتهاد أن سلسلة الجلسات العلمية المخصصة لدراسة وقائع المؤتمر السادس والعشرين لمجمع الفقه الإسلامي الدولي ـ الذي انعقد في قطر في شهر مايو/أيار 2025 ـ قد بدأت في مدينة قم المقدسة. وتُنظَّم هذه الجلسات بجهد من مكتب ممثلية الجمهورية الإسلامية الإيرانية لدى المجمع.

عُقدت الجلسة الافتتاحية يوم الأحد الموافق 28 سبتمبر/أيلول 2025 في معهد الدراسات التقريبية التابع لمجمع التقريب بين المذاهب. شارك في الجلسة كل من الأستاذ السيد نور الدين شريعتمدار الجزائري و الأستاذ مرتضى ترابي، وهما عضوان في الوفد الإيراني الموفد إلى قطر وأستاذان لدروس الخارج في الحوزة العلمية بقم. وقد قاما بشرح محور “دليل الاستصحاب: مبانيه، ونطاقه، وتطبيقاته”. وشهد البرنامج حضور جمع من الفضلاء وأساتذة الحوزة، بمن فيهم الأستاذ أحمد مبلغي، ممثل الجمهورية الإسلامية الإيرانية في مجمع الفقه الإسلامي الدولي.

ممثلية إيران في مجمع الفقه بجدة: مهمتنا “جسر بين التراث الحوزوي والفضاء الدولي”

في مستهل الجلسة، وصف حجة الإسلام صاعد رازي، مساعد البحوث في مكتب ممثلية المجمع العالمي، مهمة المكتب بأنها “جسر بين التراث العلمي للحوزة والفضاء الدولي”.

وأشار إلى تاريخ المجمع قائلاً: تأسس مجمع الفقه الإسلامي الدولي في عام 1981 للميلاد (1401 هجري / 1359 شمسي) بمبادرة من منظمة التعاون الإسلامي. وقد أصدر المجمع حتى الآن، عبر دوراته الـ 26، ما مجموعه 265 قراراً/مصوبة، يشتمل كل قرار منها على عدة فروع فقهية.

وأوضح أن الدورة السادسة والعشرين للمجمع (التي عُقدت في قطر) ناقشت موضوعات محورية، منها: الذكاء الاصطناعي (AI). دليل الاستصحاب وتطبيقاته المعاصرة. صناعة الحلال. الحوكمة المالية (الحوكمة الرشيدة للمال). الألعاب الإلكترونية (أو الحاسوبية). حقوق الطفل. وأضاف: «إن الهدف من هذه السلسلة من الجلسات هو نقل المعرفة المنتَجة في المؤتمر إلى قم، وإيصال مبادرات الحوزة إلى المحافل الدولية

الاستصحاب: قاعدة فاتحة للحل في المسائل المستجدة
كما شرح الأستاذ السيد نور الدين شريعتمدار الجزائري، بعد تقديره للمنظمين، مكانة «الاستصحاب» في مواجهة المسائل المستحدثة، وقال: الاستصحاب أداة قوية جداً وفاتحة للحلول؛ سواء من جهة حجيته الذاتية التي يتمتع بها، أو من جهة عمومه وشموله لكل حادثة ومسألة مستجدة. وأكد أن جميع أقسام الاستصحاب حجة (معتبرة)، حتى استصحاب العدم الأزلي.

وأضاف أستاذ البحث الخارج في الفقه بالحوزة العلمية في قم، مؤكداً على الدقة المنهجية: لا يخفى على أي فقيه الحاجة إلى الاستصحاب، ولكن يجب توخي أقصى درجات الدقة عند تطبيقه؛ ابتداءً من معرفة الموضوع ومقدار الحجية، ووصولاً إلى شروط الإجراء وإحراز الموانع، وكذلك معالجة التعارضات؛ سواء تعارض الاستصحاب مع نفسه، أو تعارضه مع قواعد أخرى مثل قاعدة اليد، وقاعدة الصحة في عمل الغير، وقاعدة القرعة.

أمثلة تطبيق الاستصحاب في المسائل المستحدثة
وانتقل شريعتمدار بعد ذلك لتقديم أمثلة على تطبيق قاعدة الاستصحاب في المسائل المستحدثة، مشيراً إلى أن الاستصحاب يمثل “حلاً فعالاً للغاية” في قضايا مثل: تغيير الجنس، والموت الدماغي، وزرع الأعضاء، ونقل الدم، والذبح الصناعي، والتصرف في الأراضي التي تحولت إلى ممرات عامة، والعبادات في المناطق القطبية، والمياه الملوثة، والجيلاتين.

وأضاف: في الجانب القضائي والجنائي، أوردنا أيضاً أمثلة يجد فيها القاضي نفسه مضطراً للاستصحاب لإثبات الحكم أو نفيه.

ضوابط تطبيق قاعدة الاستصحاب
وعدّد الأستاذ أربعة ضوابط أساسية لتطبيق قاعدة الاستصحاب، وهي: 1- وجود يقين سابق بالموضوع أو الحكم، مع شك لاحق. 2- التقدم الزمني لليقين على الشك. 3- فعلية اليقين والشك. 4- وحدة القضية المتيقنة والمشكوكة.

وفي ختام كلمته، لخّص الأستاذ شريعتمدار الجزائري الاستنتاجات قائلاً:

إن تطبيق الاستصحاب يكون عندما لا يتوفر دليل معتبر آخر. والأدلة على حجيته كثيرة ووفيرة، وهي مستمدة من السنة، والعقل، وسيرة العقلاء، والإجماع. أما نسبة الاستصحاب إلى الأدلة الأخرى في موارد التعارض فهي مختلفة: ففي بعض الحالات يُقدَّم الاستصحاب، وفي حالات أخرى تُقدَّم تلك الأدلة، ويكون ذلك إما من باب الورود، أو الحكومة، أو التخصيص/التخصص.

تجربة مؤتمر قطر ووحدة الأمة الإسلامية
في الجزء الختامي من كلمته، أشار الأستاذ السيد نور الدين شريعتمدار الجزائري إلى تجربة الحضور في مؤتمر قطر، قائلاً: إن هذا التجمع هو من الألطاف الإلهية ومن النعم الكبرى التي منّ الله بها على الأمة الإسلامية. وأعلى نتيجة لهذا التجمع هي الوحدة والائتلاف للأمة؛ حيث ترابط العلماء المسلمون من مختلف المذاهب كجسد واحد في هذه الجلسات، ليكونوا شركاء في الأفراح ومتجاورين في الأحزان.

وأضاف في الختام: من النتائج الأخرى لهذه الجلسات التشاور في استنباط أحكام المسائل المستحدثة؛ تلك المسائل التي يواجهها الناس يومياً ويحتاجون فيها إلى توجيه شرعي. وهذا التشاور الجماعي بحد ذاته عامل مهم لتعزيز تضامن الأمة الإسلامية.

شريعتمدار - ترابي - الاستصحاب

الأسباب الموجبة لوجود المجامع الفقهية
بعد ذلك، تناول الأستاذ مرتضى ترابي في الجزء الثاني من الجلسة “الأسباب الموجبة لوجود المجامع الفقهية”، وعدّد ثلاثة عوامل رئيسية: الأول: التقدم التقني في مختلف المجالات. الثاني: تطور العلوم الإنسانية التي تبدي رأيها في نفس الميادين التي يختص بها الدين. الثالث: الضغوط/الالتزامات الصادرة عن المؤسسات القانونية الدولية. وأكد أن هذه العوامل الثلاثة خلقت ضرورة الدخول الفعال للحوزة العلمية في مختلف الميادين.

وتابع أستاذ البحث الخارج في الحوزة العلمية بقم حديثه عن مقاربتين و رؤيتين:

تتبنى المقاربة السلبية (المنفعلة) الابتعاد عن هذه الميادين، أما المقاربة الإيجابية (الفعالة) فتدعو، بالإضافة إلى الإجابة على المسائل الجديدة، إلى عرض النظريات الإسلامية الفريدة والمتفوقة. واختتم بالقول: نحن نؤمن بأن الفقه الشيعي يمتلك هذا الغنى.

المزايا المنهجية للفقه الشيعي والتعاريف المتعددة للاستصحاب
تحدث ترابي عن المزايا المنهجية والفنية للفقه الشيعي قائلاً: لقد أدى تفريق الأمارات عن الأصول العملية، في الفقه الشيعي منذ زمن الوحيد البهبهاني ثم الشيخ الأنصاري، إلى تحديد دقيق لمكانة الاستصحاب. في حين أن الاستصحاب يُعتبر في بعض المتون الأخرى “أضعف الظنون” وتُصنَّف جميع الأدلة كـ”ظنية”، فإننا قمنا ببحث دقيق وأصولي لمكانة التقديم والتأخير».

وأشار إلى تعدد التعاريف للاستصحاب في الفقه الشيعي: بناءً على المبنى الأصولي، يمكن تقديم أربعة تعاريف للاستصحاب: الظن النوعي، الظن الشخصي، الأصل التعبّدي المحض، والأصل المُحرِز؛ وهذه النظرة الأصولية في التعريف تمثل ميزتنا المقارنة.

نقد التقسيمات المحدودة والشائعة
وانتقد عضو هيئة الاستفتاء في مكتب آية الله السبحاني التقسيمات المحدودة الشائعة، فقال: في بعض المتون، تُحصر تقسيمات الاستصحاب في ثلاثة إلى ستة عناوين تكون متداخلة؛ في حين أن أصول الفقه الشيعي تطرح ما لا يقل عن خمسة عشر وجهاً من التقسيم. وأضاف: في المجلد المتعلق بالاستصحاب في هذا المؤتمر، قُدمت 23 مقالة، كانت اثنتان منها للوفد الإيراني. وقد لمسنا أن العمق الأصولي لهذا البحث في الفقه الشيعي واتساع أقسامه كان جديداً وجذاباً لكثير من المخاطبين.

ربط المباحث الأصولية بميدان العمل
وأكد أستاذ الحوزة العلمية في قم على ضرورة ربط المباحث الأصولية بميدان التطبيق العملي، وقال: إذا ربطنا الاستصحاب بالمسائل المعاصرة، فإن ذلك يزيد من حافزية الطلاب ويُظهر فعالية الفقه في الميدان الواقعي. وأشار إلى أنه أورد في مقالته 25 حالة تطبيق للاستصحاب في أبواب فقهية مختلفة، من العبادات إلى الأحوال الشخصية والأطعمة والأشربة والقضاء.

وشدد ترابي على أن تطبيق الاستصحاب يجب أن يكون على موضوعات واقعية، وليس على “افتراضات غير محققة أو غير واقعية”. وفي هذا الصدد، شكك في مسألة جواز تغيير الجنس وتطبيق الاستصحاب على أحكامها، قائلاً: في موضوع تغيير الجنس، بدلاً من الإجابة على الافتراضات غير المحققة، يجب النظر إلى واقع الموضوع. فمن الناحية العلمية، الجنس مسجل في كل خلية، ولا يتحول بالجراحة/الهرمونات؛ وما يحدث هو تجميل مظهري وإزالة عضو.

الأجواء العلمية والاحترام المتبادل في مؤتمر قطر
وفي الختام، قال الأستاذ ترابي: إن بيئة مؤتمر قطر كانت فضاءً طُرحت فيه المباحث العلمية بهدوء واحترام متبادل. وقد تم عرض الجوانب البارزة للفقه الشيعي في باب الاستصحاب دون أن يشعر الآخرون بأننا نتحدث إليهم من موقع تفوق أو تحكم؛ بل كان حواراً علمياً أدى إلى مزيد من الألفة والود بين العلماء.

وخلص إلى أن هذه التجربة أثبتت أن: «الفقه يستطيع، بالإضافة إلى حل المسائل، أن يلعب دوراً وحدوياً في خلق التفاهم والانسجام بين المذاهب الإسلامية.»

الخلاصة الختامية والتقرير عن الجلسة الثانية
في ختام الجلسة، قدم حجة الإسلام صاعد رازي تلخيصاً للمحاور المطروحة، قائلاً: كان المحور الأساسي الذي لعب فيه الوفد الإيراني دوراً فعالاً في مؤتمر قطر هو: التعريف الدقيق للاستصحاب، وتحديد أقسامه وحدوده مع القواعد المشابهة، ووجه تقديمه أو تأخيره بالنسبة للأدلة الأخرى. كما كانت أوجه التشابه المفهومي للاستصحاب وتطبيقاته المعاصرة من النقاط البارزة في العروض المقدمة.

الجلسة الثانية: حماية الأطفال والمسائل المستجدة في حقوق الطفل
يُذكر أن الجلسة الثانية من “سلسلة جلسات دراسة مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي” ستُعقد يوم الأحد الموافق 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025 (27 مهر 1404) في قم، تحت عنوان: “حماية الأطفال والمسائل المستجدة في حقوق الطفل”.

وستتولى السيدة المجتهدة زهراء صفاتي تقديم العرض، فيما سيتولى حجة الإسلام محمد صاعد رازي مهام السكرتير العلمي. وسيقومان باستعراض تقارير وإنجازات مؤتمر مجمع الفقه الإسلامي الدولي لعام 2025 حول موضوع حقوق الطفل.

وتأتي هذه الجلسة استمراراً للجهود العلمية الرامية إلى المراجعة المنتظمة لمصوبات ومباحث المؤتمر الأخير الذي عُقد في الدوحة في مايو/أيار 2025، والذي تناول مجموعة من القضايا المستحدثة في مجالي الفقه والحقوق. وتسعى الجلسة المقبلة، بالتركيز على حقوق الطفل، إلى تقديم تقرير مكثف ودقيق عن المباحث التي طُرحت في مؤتمر الدوحة وعرضها للنقاش المتخصص.

محاور الجلسة القادمة
وفقاً للتقرير، تشمل المحاور التي ستتم مناقشتها:

الحماية الفعالة للأطفال من التهديدات المستجدة.

تبيين مكانة الطفل في الفقه المعاصر.

تحديث الأدبيات الفقهية في مواجهة التحولات الاجتماعية والتقنية.

دراسة التداخلات والتمايزات القانونية في مجالات مثل: العنف ضد الأطفال، الرعاية والصحة النفسية، خصوصية البيانات، البيئات الرقمية، والتعليم.

ومن المتوقع في هذا الإطار أن يتم رسم صورة واضحة لوضع الأبحاث، والثغرات المعرفية، والمسارات المقترحة للاجتهاد والتقنين. ومن المقرر أن يقدم التقرير التحليلي للسيدة صفاتي، مع مراجعة النتائج والمباحث الرئيسية لمؤتمر الدوحة، خطوطاً عامة لخارطة طريق فقهية – بحثية للمتابعات اللاحقة.

تُعقد هذه الجلسة بمشاركة “مكتب مجمع الفقه الإسلامي الدولي” كمنظم، و باستضافة “مؤسسة الاجتهاد العليا”. وقد ذكر المنظمون أن الهدف من هذه السلسلة من الجلسات هو إيجاد مسار متواصل لنقل النتائج العلمية، وتعزيز الحوار التخصصي بين الباحثين، وربط تقارير المؤتمرات بالاحتياجات العلمية والتعليمية للحوزات العلمية والجامعات.

وتذكّر شبكة “اجتهاد” بأن الجلسة المذكورة، والتي ستتحدث فيها السيدة المجتهدة زهراء صفاتي، ستُعقد يوم الأحد الموافق 19 أكتوبر/تشرين الأول 2025، من الساعة الواحدة حتى الثانية ظهراً، في مؤسسة الاجتهاد العليا على العنوان: قم، شارع المعلم الغربي، الزقاق 8.

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *