الاجتهاد: اختتمت العتبة العباسية المقدسة فعّاليات مؤتمر حراك كربلاء العلمي الدولي بنسخته الثانية، الذي استمرّ لمدّة يومين.
أكّد المشاركون في مؤتمر تراث كربلاء العلمي الدولي الثاني، على أهمية حفظ التراث بوصفه الهوية الخاصة للمدينة التي تستمدها من إرثها الثقافي والمعرفي، مشيرين إلى أن التراث الكربلائي قد توافر على خصائص مهمة ومنزلة رفيعة بين التراث الفكري البشري.
کما أكّدوا القائمين والمشاركين في المؤتمر على أهمية التعريف بالتراث الكربلائي؛ كونه يمثل السجلّ الحافظ للهوية الشيعية ولجميع أتباع أهل البيت (عليهم السلام)”.
وأضافوا بأن “التراث الكربلائي قد توافر على خصائص التراث المهمة التي جعلته تراثًا يُعتد به، ويَحظى بمنزلة رفيعة، ويجد لنفسه مكانًا متميزًا بين التراث الفكري البشري، إذ تبوّأ منزلة سامية، وبلغ شأوًا بعيدًا في الجودة والغزارة والتنوع، ووقف شامخًا يُصوّر آفاق الحياة المختلفة، ويُعبر عن نوازع العلماء في ميادين الحياة شتّى”.
ولفتوا إلى أن “سبل نشر التراث الكربلائي يأتي في مقدّمتها إحياء تراث العلماء الأعلام ودراسته واستخراج الكنوز العلمية والمعرفية من تلك الآثار، وإعادة صياغتها بلغة علمية معاصرة تسهم في رفد الحركة المعرفية بمعطيات علمية جديدة تفتح الآفاق أمام الدارسين والباحثين”.
وبحسب القائمين بأن “حراك كربلاء العلمي في القرن العاشر الهجري وتراث المدينة في هذه الفترة لم يظهر إلى النور ويسلّط الضوء على نتاجاته العلمية، كما لم يحظَ أعلامه بالشهرة والذيوع وما قدّموه للبشرية على مختلف المستويات”.
وأشاروا إلى أن “الجهود المبذولة لإقامة هذا المؤتمر تكللت بالنجاح عن طريق إماطة اللثام عن أسماء جديدة لم يعرف عنها من قبل، ووصل عددهم إلى (38 عَلماً)، جمعهم كتاب من إصدارات المركز، وسم بعنوان (تراث أعلام الحائر في القرن العاشر) فضلاً عن إصدارات تراثية أخرى تخص هذه الفترة التاريخية”، مبينين بأن “هذه النتائج شكّلت الدافع الرئيس لإقامة هذا المؤتمر العلمي المُبارك، ليكون ردًّا على ادعاء من قال بعدم وجود حركة علمية في كربلاء إيَّان القرن العاشر الهجري”.
كما وكشف المؤتمر عن الظلم الذي لحق علماء الدين ورجال الحوزة العلمية إبان تلك الفترة التاريخية من عمر المدينة، وما تعرضوا له من ملاحقات واضطهاد من قبل السلطات الحاكمة آنذاك.
هذا وشهد المؤتمر مشاركة (60 بحثاً) علمياً مقبولاً، تناولت مختلف الجوانب التراثية المتعلّقة بتراث كربلاء السامي، لباحثين حوزويين وأكاديميين من مختلف الجامعات العراقية، ومن دول متعددة، كالكويت والسعودية وإيران ومصر ولبنان.
وأشرف على فعّاليات المؤتمر الذي أُقِيم في قاعة الإمام الحسن المجتبى(عليه السلام)، مركز تراث كربلاء التابع لقسم شؤون المعارف الإسلامية والإنسانية في العتبة المقدسة، ويُقام المؤتمر الموسوم بـ (حراك كربلاء العلمي في القرن العاشر الهجري) تحت شعار (تُراثُنا هُويَّتُنا).
وحضر ختام المؤتمر كلٌّ من نائب الأمين العام للعتبة العباسية المهندس عباس موسى أحمد، وعدد من مسؤولي العتبة المقدسة وشخصيات حوزوية وأكاديمية.
وشهدت فعّاليات الجلسة الختامية للمؤتمر تقديم ثلاثة بحوث ناقشت الحراك الثقافي في القرن العاشر الهجري، وأبرز علماء تلك الحقبة ونتاجاتهم الأدبية والفكرية.
وقد قدّم الباحثون خلال يومي المؤتمر عشرات الأبحاث العلمية، وما يقرب من خمسة عشر كتاباً بين تحقيقٍ لمخطوطات القرن العاشر الهجري، وتأليفاتٍ كاشفة عن اهتمامات تلك الحقبة الزمنية.
وكانت العتبة العباسية قد أطلقت فعّاليات اليوم الأول من مؤتمر تراث كربلاء العلمي الدولي بنسخته الثانية في يوم الجمعة الموافق (17/ 11/ 2023م).
كما تضمّن ختام المؤتمر بياناً ختامياً لأهمّ ما جاء فيه من نتائج وتوصيات، ألقاها مدير تحرير مجلّة تراث كربلاء الأستاذ المساعد الدكتور فلاح رسول الحسيني،
ويمكن إجمالها بالآتي:
1- ضرورة الاستمرار في بحث الحقب الزمنية المقسمة على قرون؛ لنخلص في الخاتمة إلى خريطة معرفية يمكننا منها أن ننظر في تاريخية حركة العلوم، وتطوّرها ومراحلها ومستوياتها واهتماماتها وأعلامها، ونقاط التحول وعوامله ونتائجه، والإفادة من ذلك كله في رسم الخطط المستقبلية.
2- إتاحة المخطوطات المتوافرة من نتاجات القرن العاشر للمحقّقين والباحثين، وحثّهم على تحقيقها وإنجازها.
3- السعي إلى استحصال المخطوطات المفقودة من نتاجات هذا القرن، التي ذكرتها المؤلّفات المتخصّصة، وفهرستها وإتاحتها للباحثين.
4- متابعة الأعمال التحقيقية والتأليفية الخاصة بهذا القرن التي لمّا تُنجز بعد، واقتراح الموضوعات الصالحة للدراسة التي يمكن استيحاؤها من المؤلّفات والأبحاث المقدّمة.
5- تخصيص عدد أو مجموعة أعداد من مجلّة تراث كربلاء المحكّمة التي تصدر من مركز تراث كربلاء، لنشر ملفّات خاصّة بهذا القرن.
6- نظراً لصعوبة البحث التراثي المتخصّص من تحقيق وتأليف، ستُعقد النسخة الثالثة من مؤتمر (تراثنا هويّتنا الدولي) بعد سنتين من الآن.
المصدر: وكالات