الاجتهاد: كتاب (السيدة زينب عقيلة بني هاشم) من تأليف الدكتورة عائشة محمد علي عبد الرحمن، المعروفة ببنت الشاطئ، اختصّ الکتاب بسرد سیرة السیدة زینب(عليها السلام)منذُ ولادتها إلی وفاتها،
مستعرضاً الظروف والأحداث التي شهدتها الأُمة الإسلامیة فی تلك الحقبة الزمنیة، والأهوال التي تکبّدتها السیدة زینب(عليها السلام)وأهل بیت الرسول(صلى الله عليه واله) من حکومة بني أُمیّة، والتي انتهت بقتل سبطه الإمام الحسین(عليه السلام) وأهله وأصحابه، فکانت السیدة زینب(عليها السلام)الشاهد لتلك الواقعة الألیمة، والسفیر الذي نقل أحداثها، وفضح المشروع الأُموي الذي کان یهدف إلی إطفاء نور الله، ومحو معالم الدین والشریعة، وأسقطه./ قراءة: م. سميرة عبد الرحمن الجزائري*
یتمیّز الکتاب بالأُسلوب الأدبي الممتع الرصین، والمُسنَد إلی مصادر التاریخ المعتبرة، فهو کما وصفته الکاتبة في المقدّمة من أنّه «لیس تاریخاً بحتاً، وإن أُخذ مادته کلّها من مراجع تاریخیة أصیلة، کما أنّه لیس قصة خالصة، وإن اصطنع الأُسلوب القصصي غالباً في العرض والأداء، وإنّما هو صورة لأُنثى قُدّر لها أن تعیش في فترة تعجُّ بجلیل الأحداث، وأن تؤدّي علی مسرح الدولة الإسلامیة دوراً أقلّ ما یوصف به أنّه دور ذو شأن»[1].
عنوان الكتاب: (السيدة زينب عقيلة بني هاشم).
الطباعة والنشر: للکتاب طبعتان:
الطبعة الأُولی: صدرت عن دار الهلال للطبع والنشر، سنة (1952م).
الطبعة الثانیة: صدرت عن دار الکتاب العربي (بیروت، لبنان)، سنة (1978م).حجم الكتاب وعدد صفحاته في هذه الطبعة (181) صفحة.
خطة الكتاب
خلاصة الكتاب وهدفه: استهلّت الدكتورة عائشة کتابها کما هو معتاد بالإهداء والمقدّمة، رتّبت الکتاب في أربعة مباحث، کلّ مبحث یصوّر لنا دور السیدة زینب(عليها السلام) ضمن زوبعة من الأحداث والتغیّرات السياسية، إلّا أنّه على الرغم من صفحاته القليلة، واختصاصه حسب عنوانه بعقیلة أهل البیت السیدة زینب(عليها السلام)،
فقد رکّزت فيه الکاتبة أکثر علی سرد قصة الفتنة التي شهدتها الأُمة الإسلامیة بعد رحلة الرسول الأکرم(صلى الله عليه واله) وما جری علی أهل البیت(عليهم السلام) وأتباعهم، حیث ذکرت محطات تاریخیة ألیمة، وكشفت عن حقائق تاريخية خطيرة، ومخطّطات دقیقة ترمي إلی محو الإسلام وزواله، فاتسمت تلك الحقبة بالقتل والغدر والتکالب علی السلطة والخلافة، إلى أن آلت إلى قتل الإمام الحسین (سبط النبي(صلى الله عليه واله) )، والسبب في ذلك هو تراجع الأُمة عن الخط المحمدي الأصيل، وتسلّط الحکّام غیر الشرعیین واستیلاؤهم على الحكم والخلافة.
وقد جالت الكاتبة في تاريخ العالم الإسلامي آنذاك، وذكرته بجزئياته، ففتحت صفحة من التاريخ بدأت بما جرى على الصديقة الكبرى فاطمة بنت محمد(صلى الله عليه واله)، وموقفها من الشیخین بعد جحدهم لإمامة الإمام علي(عليه السلام)، وإبعاده عن الخلافة، واختتمتها بأسر ابنتها زينب(عليها السلام)، وكانت في كلّ محطّة تذكر موقف زينب(عليها السلام) ودورها، وكيف أنّها شهدت مقتل أبيها وأخويها الحسن والحسين(عليهم السلام)، وثارت لهم وما استكانت وما ضعفت، فأرعبت يزيد بن معاوية بثباتها وقوّتها وأفحمته، بل فضحته بفصاحتها وبیانها، فكان لها الفضل في وصول صدى كربلاء إلى الناس وخلودها إلی الأبد.
وقد صوّرت لنا الكاتبة واقعة الطف، والمصائب التي تكبّدتها السيّدة زينب(عليها السلام)، وما جرى عليها وعلى أهل بيتها، فاستغرقت هذه المسألة ثلثي الكتاب تقريباً؛ لذا وسمت السيّدة زينب(عليها السلام) فیه بأنّها بطلة كربلاء، كلّ ذلك بأُسلوبها الرصین والبدیع، وطريقة سردها التي تجعل القارئ ينشدُّ إلى مطالعة الكتاب، ولا يسأم من خوض الکاتبة في الكثیر من الجزئيات والتفاصیل، بل تجعله يعيش الأحداث، و يقاسم أهلها آلامهم و أفراحهم.
فهرس محتويات الكتاب
ـ إهداء
ـ مقدّمة
ـ مقدّمة الطبعة الثانیة
المبحث الأول: في بيت النبوّة
ـ آباء وأجداد
ـ ظلال علی المهد
ـ الصبا الحزین
المبحث الثاني: عقيلة بني هاشم
ـ الزوجة
ـ الأبناء
ـ البیت
المبحث الثالث: بطلة كربلاء
ـ نذر العاصفة
ـ الهجرة
ـ دلیل الرکب
ـ محاولة وإصرار
ـ نحو وادي الموت
ـ بطلة کربلاء (یوم الطف)
المبحث الرابع: بعد المأساة
ـ موکب الأسری
ـ أوبة الرکب
ـ الرحلة الأخیرة
ـ طالبة الثأر
ـ الصدی الخالد
أهمّ المسائل التي حُرّرت في الكتاب
المبحث الأول: في بيت النبوّة
افتتحته الكاتبة ببشرى قدوم السيّدة زينب(عليها السلام)، فوصفت ببراعة ترقّب بيت النبوّة للمولود الجديد، بعد الحسن والحسین ومحسن الذي لم یقدّر له العيش حسب نقلها[3]، وكان ذلك في السنة السادسة للهجرة، فأسماها النبيّ الكريم (زينب) إحياءً لذكرى ابنته زينب[4].
أبواها علي وفاطمة(عليهما السلام)، أمّا فاطمة: فإنّها منبت الأشراف من سلالة الرسول(صلى الله عليه واله)، وأمّا علي(عليه السلام): فهو وصیّه، كما أشادت بذكر محاسن أجدادها وشيمهم.
تتطرّق بعدها إلی ذکر الأخبار الحزینة الواردة في مصائب السيّدة زينب(عليها السلام)، وما يجري عليها في كربلاء، إلّا أنّها تشكّك في صحّة ما ورد؛ حيث تقول في نقلها: «لو صدقت الأخبار»، «حدّثوا…»، «فيما يقولون»[5]، ثمّّ ترجع لتوثّق تلك الأخبار عند أغلب المؤرّخين[6]، فیما تنسب حالة التشكيك إلى بعض المستشرقين[7].
وتصوّر حزن وقلق بیت النبوة، خصوصاً فاطمة(عليها السلام)، ولم تفت الکاتبة الفرصة کما جرت علیه عادتهم من محاولة تفضیل عائشة على بنات العترة، فتقول: «فلقد كانت تعتادها من حين إلى حين نوبات من القلق والاكتئاب، وهي نوبات قديمة غير طارئة، لعلّها بدأت بموت أُمّها خديجة(رضي الله عنها)، ثمّ أخذت تزداد في بطء منذ جاءت عائشة إلى بيت الرسول، وشغلت مكان الأُمّ الراحلة…»[8]،
ولا يمكن أحداً أن يدلي بتصريح كهذا إلّا إذا كان جاهلاً لشخص فاطمة(عليها السلام) أو جاحداً لها، وتختم الفصل بوصف نبوغ زينب(عليها السلام) وأحداث رحلة جدّها(صلى الله عليه واله)، وما جرى على أُمّها وأبيها(عليهما السلام) بعد غصب الخلافة، وانتهت هذه الحقبة التاريخية من عمر زينب(عليها السلام) برحلة أُمّها فاطمة(عليها السلام)، وهي غاضبة ساخطة على الشيخين.
المبحث الثاني: عقيلة بني هاشم
تُخصص الكاتبة هذا المبحث بحياة السيّدة زينب(عليها السلام) الأُسرية، تستهلّه بزواجها بابن عمّها عبد الله بن جعفر بن أبي طالب، فأثمر قرانهما المبارك أربعة بنين وفتاتين. امتازت السيّدة زينب بخدرها؛ إذ تقول: «لا نكاد نلمحها إلّا من وراء ستار»[9]،
ثمّ تصفها بأنّها كالشمس الطالعة، وكشق القمر، استناداً إلى ما ذكره الطبري[10] وابن أبي أيّوب[11]، وكان عمرها آنذاك يناهز الخمس وخمسين سنة، وقد أثقلتها المصائب والأحزان، كما تشهد لها بالبلاغة، وقوّة البيان، ورباطة الجأش، والشجاعة في مقابل يزيد والكيان الأُموي، وفي الأثناء تنقل جانباً من سيرة جعفر الطيّار وابنه عبد الله، وقضية منع دفن الإمام الحسن(عليه السلام) في غرفة جدّه المصطفى(صلى الله عليه واله)[12].
المبحث الثالث: بطلة كربلاء
تعقد الكاتبة هذا الفصل لأجل بطلة كربلاء، فتقول: «لم نكن لنلقي بأنفسنا في غمار الأحداث السياسية العنيفة التي شهدها البيت العلوي لو أنّ زينب ظلّت بعيداً عن ميدان الأحداث، وبقيت في الحجاز عاكفة على حياتها الخاصّة»[13].
وأوّل ما تلقي الكاتبة القارئ في غمار الأحداث العنيفة، تلقيه في حرب الجمل، ثمّ صفّين، ثمّ النهروان، إلى أن تصل إلى ذلك اليوم المشؤوم؛ حيث يُضرَب الأميرُ(عليه السلام) في محرابه، هذا كلّه والسيّدة زينب(عليه السلام) تتابع الأحداث بقلب دامٍ، ويستمرّ مسلسل القتل والغدر، فيُقتل الحسن(عليه السلام) بتدبير من معاوية، فتهيج أشجان زينب(عليها السلام) من جديد، وأخوها يتلفّظ بين يديها كبده.
بعد هذه الأحداث الدامية تبدأ حرکة الحسین(عليه السلام)، فتنقل الکاتبة جزئيات النهضة الحسينية بكل تفاصيل السفر إلى كربلاء، وأهمّ مسألة يجب أن نقف عندها في هذا المبحث ما نقلته الكاتبة عن كتاب (السيّدة زينب وأخبار الزينبیات للعبيدلي النسابة)[14]، لتوجيه عدم خروج عبد الله بن جعفر مع الإمام الحسين وزينب(عليهما السلام)، من أنّ عبد الله بن جعفر طلّق السيّدة زينب(عليها السلام) قبل واقعة الطف، وتزوّج بأُختها أُمّ کلثوم.
وتُنهي المبحث بوصول القافلة إلى كربلاء، والجميع مستعدّ للمنية، أمّا زينب(عليها السلام)، فإنّها كانت تتهيّأ لإكمال حركة القافلة من جديد.
المبحث الرابع: بعد المأساة
في المبحث الأخير تستعرض الكاتبة مرحلة جديدة من حياة السيّدة زينب(عليها السلام)، فتصوّر قوّتها وعزّتها وكبريائها في عين الأسر والسبي، ومواجهتها الشجاعة للحكم الأُموي، وذلك من خلال مواقفها وخطاباتها في الكوفة والشام، ثمّ تعود إلى مدينة جدّها لتُكمل مهامها بإقامة المآتم، وتبقى تذيع أصداء كربلاء، فتُهاجر إلى بلاد النيل، فتلقى استقبالاً حاراً من قِبل المصريين، وتنهي أيامها فيها، فشیدوا لها حرماً أضحى مزاراً للمريدين والمشتاقين، يذكّر التاريخَ أنّه في يوم من الأيام قتلت فئة باغية ابن بنت رسولهم(صلى الله عليه واله).
مزايا الكتاب
1ـ استطاعت الكاتبة أن تحقّق قسطاً كبيراً من الهدف المرجو من الكتاب، بنقل حقائق التاريخ وربطها بحياة السيّدة زينب(عليها السلام) بتسلسل تاريخي منطقي.
2ـ استطاعت الكاتبة أن تدمج بين الأُسلوب القصصي البليغ وبين المادّة العلمية المسندة، ممّا أضفى على الكتاب جمالاً، وإن كان الإسناد في الكثير من الموارد يحتاج إلى التدقيق والتصحيح، وعلی الرغم من أنّها لم تأتِ بمعلومات جدیدة لمن لدیه اطلاع علی التاریخ الإسلامي، إلّا أنّها أبدعت في تصویر الوقائع التاريخية وربطها بحياة السيّدة زينب(عليها السلام).
3ـ کثرت الاستطرادات في بعض المواقع من الکتاب، کان بعضها مناسباً، والبعض الآخر لم یکن ذکره ضروریاً، إلّا أنّ المجموع لم یکن مملاً ولا مخلاً بجمال الکتاب وقوّته، بل لم یخلُ الاستطراد من فائدة.
4ـ اعتمدت الکاتبة علی مصادر معتبرة عند العامّة، من قبيل: تاريخ الطبري، عيون الأخبار، الإصابة، مقاتل الطالبيين، وغيرها من الكتب، إلّا أنّها أخفقت في رجوعها إلى کتب المستشرقين.
والجدیر بالذکر أنّ الکاتبة نقلت أحداث وحقائق تاریخیة خطیرة جداً، تتنافى مع ما تؤمن به على مذهبها، إلّا أنّها في الأعمّ الأغلب لزمت موقف الحياد في نقلها، فلم تحاول أن تخفي حقیقة من الحقائق، وإن كانت تحاول في بعض المواضع توجيه المواقف النكراء التي قام بها بعض مَن كانت لهم مكانة في صدر الإسلام، کما أنّها لم تبدِ رأيها بشکل صریح في كثير من المواقف، بل إنّها وقفت موقف الراوي، وكأنّ القضايا التي تناولتها لا تخصّها، أو كأنّها ناقلة لوقائع تاريخیة مضت وانتهت، ولا جدوى من تحليلها أو مناقشتها.
المصادر والمراجع
* القرآن الكريم.
1-بنات النبي(صلى الله عليه واله) أم ربائبه؟، جعفر مرتضى العاملي، المركز الإسلامي للدراسات، بيروت، الطبعة الثانية، 1423هـ/2002م.
2-تاريخ الأُمم والملوك، محمد بن جرير الطبري (ت310هـ)، تحقيق ومراجعة: نخبة من العلماء، مؤسسة الأعلمي، بيروت، الطبعة الرابعة، 1403هـ/1983م.
3-زينب الكبرى(عليها السلام) من المهد إلى اللحد، محمد كاظم القزويني(ت1415هـ)، مؤسسة النبراس للطباعة والنشـر، النجف الأشـرف.
4-السيّدة زينب وأخبار الزينبيات للعبيدلي النسابة، حسن محمد قاسم، دار الطباعة المنيرية، مصر.
5-الصواعق المحرقة على أهل الرفض والضلال والزندقـة، أحمد بن محمد بن حجر الهيتمـي (ت974هـ)، تحقيق: عبد الرحمن بن عبد الله، وتركـي كامل محمد الخراط، مؤسسة الرسالـة، بيروت، 1417هـ/1997م.
6-قاموس الرجال، محمد تقي التستري، مؤسسة النشر الإسلامي التابعة لجماعة المدرّسين بقم المشرّفة، الطبعة الأُولى، 1419 هـ.
7-الكامل في التاريخ، علي بن أبي الكرم المعروف بابن الأثير(ت630هـ)، دار الكتب العلمية، بيروت.
8-مسند الإمام أحمد، أحمد بن محمد بن حنبل (ت241هـ)، دار إحياء التراث العربي، 1414هـ/1993م.
9-ناسخ التواريخ (الطراز المذهّب في أحوال سيدتنا زينب(عليها السلام))، الميرزا محمد تقي سبهر، ترجمـة وتحقيق: السيّد علـي جمال أشرف، مدين، قم، 1427هـ.
*مؤسسة وارث الأنبياء/القسم النّسوي، من الجزائر.
الهوامش
[1] بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص9.
[2] اُنظر: حسن عبد الباسط، عائشة عبد الرحمن (بنت الشاطئ) رائدة التفسير البياني، على الرابط:
http://www.alhayat.com/article/942709.
[3] يردُّ هذا الادّعاء بقوّة السيّد محمد كاظم القزويني في کتابه (زینب الکبری(عليها السلام) من المهد إلی اللحد)، صفحة (32ـ33)، ویتّهم الکاتبة بتحريف الحقائق وتزويرها عندما اعتبرت أنّ محسناً وُلِد قبل السيّدة زينب(عليها السلام)؛ لكي تخفي الجريمة النكراء التي ارتُكبت في حقّ الصديقة فاطمة(عليها السلام) من حرق بابها، وكسر ضلعها، وإسقاط جنينها.
[4] هذه النسبة في تسمیة السیّدة زینب(عليها السلام) ليست صحيحة، كما أكّد ذلك السيّد جعفر مرتضى العاملي في کتابه (بنات النبي أم ربائبه؟)، ص(78ـ86)، حیث أثبت أنّ زینب زوجة أبي العاص بن الربيع لم تکن بنت النبي الأکرم(صلى الله عليه واله)، والکاتبة استفادت في نقل سیرة زینب زوجة أبي العاص من سيرة ابن هشام، والثابت لدی مدرسة أهل البيت(عليهم السلام) أنّ الله تعالى أسماها زینب في السماء. اُنظر: كتاب ناسخ التواريخ، المجلد الخاص بالسيّدة زينب(عليها السلام) تحت عنوان (الطراز المذهّب في أحوال سيدتنا زينب)، للعالم والمؤرّخ محمد تقي سپهر کاشاني، الملقّب بلسان الملك.
[5] بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص28ـ 29.
[6] اُنظر: ابن حجر الهيتمي، أحمد بن محمد، الصواعق المحرقة: ج2، ص566. وروى أحمد بن حنبل من حدیث علي(عليه السلام) بالإسناد إلى عبد الله بن نجا عن أبیه: أنّه سار مع علي(عليه السلام)، فلما حاذى نینوى، وهو منطلق إلى صفّین، نادى: «اصبر أبا عبد الله، اصبر أبا عبد الله بشطّ الفرات، قلت: وماذا؟ قال: دخلت على النبي (صلّى الله عليه وسلّم) ذات يوم وعيناه تفيضان، قلت: يا نبي الله، أغضبك أحد؟ ما شأن عينيك تفيضان؟ قال: بل قام من عندي جبريل قبل، فحدّثني أنّ الحسين يُقتل بشطّ الفرات. قال: فقال: هل لك إلى أن أشمّك من تربته؟ قال: قلت: نعم. فمدّ يده فقبض قبضة من تراب فأعطانيها، فلم أملك عيني أن فاضتا». ابن حنبل، أحمد، مسند أحمد: ج1، ص85. واُنظر: ابن الأثير، علي بن أبي الكرم، الكامل في التاريخ: ج3، ص443.
[7] منهم: (رونالد سون)، ومن مؤلّفاته كتاب (عقيدة الشيعة). (هنري لامنس): وُلِد في بلجیکا، وتوفّي في بیروت (1862ـ1937م)، من مؤلّفاته: (فرائد اللّغة)، (سورية وأهمّيتها الجغرافية)، (فاطمة وبنات محمد) كتبه باللغة الفرنسية.
[8] بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص31.
[9] المصدر السابق: ص52.
[10] اُنظر: الطبري، محمد بن جرير، تاريخ الأُمم والملوك: ج4، ص341.
[11] اُنظر: التستري، محمد تقي، قاموس الرجال: ج11، ص42.
[12] اُنظر: بنت الشاطئ، عائشة عبد الرحمن، السيّدة زينب عقيلة بني هاشم: ص51ـ52.
[13] المصدر السابق: ص57.
[14] اُنظر: حسن محمد قاسم، السيّدة زينب وأخبار الزينبيات للعبيدلي النسابة: ص64.
التعريف بالكاتبة
وُلِدت عائشة محمد علي عبد الرحمن بشمال مصر سنة (1330هـ/1912م)، وكان والدها مدرّساً في المعهد الديني، وجدّها لأُمها عالماً من علماء الأزهر، فتربّت على يد والدها، ونهلت من مجالس الفقه والأدب التي كان يُقيمها، وحفظت القرآن الكريم في كتاتيب بلدتها، فظهرت عليها بوادر النبوغ والذكاء منذ صغرها.
دراستها
التحقت الکاتبة بكلّية الآداب بجامعة القاهرة سنة (1939م)، حیث حصلت على شهادة الدكتوراه في الأدب سنة (1950م)، ناقشها آنذاك عميد الكلّية الأُستاذ طه حسين.
مناصبها
عملت بالتدريس الجامعي في تسع دول عربية، وكانت عند فوزها بجائزة الملك فيصل العالمية أُستاذة للدراسات العليا في الشريعة بجامعة القرويين في المغرب، وأُستاذة كرسي في اللغة العربية وآدابها في جامعة القاهـرة، كما بادرت إلى الكتابة والتأليف في سنّ مبكرة؛ حيث شاركت في مجلّة النهضة النسائية بمقال، وكان عمرها لا یتجاوز الثامنة عشرة سنة، وبعدها بسنتين كتبت في جريدة الأهرام المصریة، وكانت ثاني امرأة تكتب فيها بعد (مي زيادة).
تميّزت (بنت الشاطئ) عن قریناتها بجمعها بين الدراسة العميقة للعلوم الإنسانية وعلوم العربية؛ حيث قرّرت البيان القرآني أصلاً للدرس البلاغي، والدلالات القرآنية أصلاً للدرس اللُّغوي، والشواهد القرآنية أصلاً للدرس النحوي، ومنهج علماء الحديث أصلاً للمنهج النقلي وتحقيق النصوص وتوثيقها، فکان تحقيقها للنصوص أُنموذجاً جيّداً في خدمة النص، وتقريبه إلى القارئ والباحث، بتوضيح ما فيه من غموض، وتصحيح ما طاله من تصحيف أو تحريف، ومن أبرز ما قامت به في مجال التحقيق، تحقیق رسالة الغفران، حيث کتبت دراسة شاملة عنها[2].
مؤلّفاتها
من أبرز مؤلّفاتها: التفسير البياني للقرآن الكريم، والقرآن وقضايا الإنسان، وتراجم سيّدات بيت النبوّة، کما قامت بتحقيق الكثير من الوثائق والمخطوطات. وأمّا في مجال الأدب والتأریخ، فمن أبرز نتاجاتها (رسالة الغفران) لأبي العلاء المعرّي، وكتاب الخنساء الشاعرة العربية الأُولى، ومقدّمة في المنهج، وقيم جديدة للأدب العربي، كما كتبت عدّة روايات، أشهرها روایة (علی الجسر بین الحیاة والموت)، تروي من خلالها سيرتها الذاتية، وغيرها من المؤلّفات التي کانت تهدف إلی الدفاع عن الإسلام وقيمه، وحثّ المرأة ودفعها إلی طلب العلم والمعرفة بأُسلوب جمیل، وذوق أدبي رفيع.
جوائزها
نالت بنت الشاطئ العديد من الجوائز والأوسمة، منها: جائزة الحكومة المصرية في الدراسات الاجتماعية والريف المصري، وجائزة المجمع اللُّغوي في القاهرة لتحقيق النصوص، وجائزة القصة القصيرة، وجائزة الدولة التقديرية في الأدب، ووسام الاستحقاق من الطبقة الأُولى من مصر، ووسام الكفاءة الفكرية من الملك الحسن الثاني، وجائزة الأدب من الكويت. وكانت عضواً في مجمع البحوث الإسلامية، والمجلس الأعلى للثقافة، والمجالس القومية المتخصّصة في مصر.
تحميل الكتاب