الثورة الإسلامية

فى الذكرى 44 لانتصار الثورة الإيرانية الإسلامية فى إيران / د. عبدالله الأشعل

الاجتهاد: قامت الثورة الإسلامية فى إيران فسميت إيران الجمهورية الإسلامية الإيرانية وتقف هذه الثورة على نفس المستوى من الثورات الكبرى فى التاريخ ونذكر منها الثورة الفرنسية والثورة الشيوعية،

فالثورة الفرنسية أنشأت النظام الديمقراطى بعد قرن تقريبا من تخبط الثورة، ولا نظن أن باريس الحالية تتبنى حقيقة مبادئ الثورة الفرنسية التى بشرت بحقوق الإنسان والمواطن فى أواخر القرن الثامن عشر وهى المحطة الكبرى بعد عدة قرون من صدور الماجنا كارتا 1215 فى بريطانيا خلال عصر النهضة

ولذلك كانت بريطانيا أسبق من فرنسا فى الديمقراطية ولم تجد هذه الدول غضاضة فى أن تحترم حقوق الإنسان الأوروبي وحده بينما تسحق غيره بالاستعباد عن طريق الاستعمارو له تاريخ طويل من سجل الجرائم الفاحشة فلم يكن هناك استعمار طيب واستعمار شرير بل لإنهم تجملوا فاستخدموا وصف الاستعمار للدلالة على الاستعباد والترفع والعنصرية ولاتزال دراسات الاستعمار قاصرة فى بيان حقيقته ودوره فى نهب ثروات الشعوب المستعمرة ووضعوا لذلك قانونا دوليا يجيز الاستعمار واعتبر هذا القانون أن مقاومة هذا الاستعمار عمل إجرامى

وفرق القانون الأوروبى المسيحى بين مقاومة الغزو ومقاومة الاحتلال ولم يعترف الفقه الأوروبى فى الأمم المتمدينة كما كانت أوروبا تطلق على نفسها بالمقاومة حتى احتلت ألمانيا فرنسا واجتاحت أوروبا كلها، ولكن المشكلة أن اعترافها بالمقاومة ظل قاصرا على أوروبا وآخر فصول هذا التمييز هو مساندة المقاومة الأوكرانية ضد الغزو الروسى.

والنموذج الثانى هو نموذج الثورة الشيوعية فى روسيا عام 1917 التى أنشأت الاتحاد السوفيتى الذى اتفق مع الغرب على استلحاق شعوب العالم الثالث ولم تقصد موسكو تحرير هذه الشعوب مطلقا وإنما كانت تلك نكاية فى الاستعمار الغربى وأبرز الأدلة على أن إنشاء اللجنة الرابعة فى الأمم المتحدة لتصفية الاستعمار تم بتوافق موسكو وواشنطن تدليسا على الشعوب الضعيفة.

وقد ظهرت الثورة الإسلامية فى إيران 1979فى ظروف سياسية داخلية وإقليمية ودولية، وجاءت شعاراتها تحديا للواقع الغربى المعادى للإسلام فوصفت نفسها بالثورة الإسلامية وتحدت الثورة الإيرانية إسرائيل والولايات المتحدة واتخذت صف المستضعفين فى العالم ضد المستكبرين واتخذت هذا الموقف منذ اليوم الأول حيث قامت لتحرير المواطن الإيرانى من طغيان حكم الشاه وتحرير إيران من الهيمنة الغربية والإسرائيلية بل وأنزلت العلم الإسرائيلى من على مبنى السفارة الإسرائيلية لتضع علم فلسطين مكانه ومنذ ذلك الوقت حلت محل العالم العربى فى دعم المقاومة ضد إسرائيل بعد أن تخلى العرب عنها ودخولهم إلى بيت الطاعة الأمريكي بتوصية إسرائيلية.

وقد استمرت العادة أن أهنئ الشعب والحكومة فى إيران كل عام بانجازات هذه الثورة وصمودها في وجه العقوبات الشديدة التى فرضت عليها، وانتصار الثورة بدأ أولاً بطرد الشاه وإنشاء نظام سياسى ينسجم مع الإسلام عموما وليس فى القرآن إسلام شيعى وإسلام سنى ردا على الحاقدين على هذه الثورة ووصفهم إياها بأنها ثورة طائفية وأنها تنشر الطائفية فى المنطقة ولم نسمع عن الصراع بين الشيعة والسنة إلا بعد قيام هذه الثورة رغم أن إيران دولة شيعية قبل الثورة منذ أكثر من خمسة قرون

ويكفى أن الثورة الإسلامية ظلت تدعم المقاومة ضد إسرائيل رغم كافة الضغوط وتسخير واشنطن بعض العرب لمناوأتها وتدرك إيران جيدا أن واشنطن وإسرائيل تريدان إنهاء هذه الثورة وإعادة الملكية ولا شك أن التاريخ سيسجل أن الثورة الإسلامية فى إيران كانت أول مسمار فى نعش الغرب ولذلك كان طبيعيا أن يحدث تناغم بين إيران وروسيا وإن لم تشارك إيران فى الشق العسكرى الروسى فى أوكرانيا،

كما سوف يثبت التاريخ أن موقف إيران والغرب من الملف النووى ضد مصلحة إسرائيل، أما العقوبات على إيران فإنها تماهت مع العقوبات على روسيا والصين مما شكل معسكرا عريضا ضد الهيمنة الغربية.

ولولا سطوة واشنطن وإسرائيل على الحكام العرب لكان العرب أيدوا الثورة الإيرانية ولكنهم جعلوا همهم إطفاء أنوار الثورة ويأبى الله أن يتم نوره ولو كره الكافرون.

والطريف أن إيران تمد يدها للعالم العربى للحوار ولكن العرب لا يملكون حرية القرار وسوف يدركون خطأهم بعد أن تأفل شموس الغرب وأمريكا. طبعا الحكام العرب عارضوا الثورة لسببين الأول أن واشنطن وجهتهم إلى ذلك مادامت الثورة كانت ثورة ضد الهيمنة الأمريكية على إيران ثم على المنطقة وترفع إيران شعار أن الخليج للخلجيين وليس للأجانب دخل فى شئونه.

والغريب ان قيام الثورة الايرانية بعد اشهر من نجاح واشنطن في دفع السادات الي زيارة القدس 1977 تمهيدا لتوقيع كامب دافيد كانت من اهم الاسباب في اسراع واشنطن بدفع السادات الي توقيع صفقة السلام مع اسرائيل وهي الجائزة الكبري وفق مصطلح وزير خارجية اسرائيل بعد ذلك بعقود وتردد ان المخابرات الامريكية قدمت تقارير مفادها ان الشعب المصري سوف يثور ضد السادات وكان لدي السادات هاجس يناير 1977 والهبة الشعبية ضده فكان ذلك مبررا كافيا لجمع مصر واسرائيل مما فتح الباب للاختراق الصهيوني للعالم العربي وهي اكير طعنة للامن القومي المصري وانهاء لمفهوم اي عمل عربي مشترك.

السبب الثانى أن الثورة الإيرانية عدوى وهى خطر على الحكام خاصة وأن تطورات المنطقة خلال الثمانينات أيقظت الوعى الشيعى والارتباط بإيران ولذلك فإن إضعاف قبضة واشنطن على الخليج والعرب عموما سوف يسهم فى تسوية كل توترات المنطقة التى تكون إيران الطرف الأخر فيها.

وقد أصدرت كتابا عام 2009 منذ قرابة ربع قرن حول تحديات الحوار الإيرانى العربى وآمل أن يتم هذا الحوار بشكل جدى لمصلحة الطرفين.

وأخيرا يجب على إيران أن تفكر فى تحسين صورتها التى تشوهها إسرائيل وواشنطن فى المنطقة وأن تخصص فى السفارة الإيرانية مختصا بهذا الموضوع لكى يعرف الرأى العام العربى حقيقة المواقف الإيرانية والمصلحة العربية فى الحوار معها.

 

دبلوماسي وكاتب مصري

المصدر: رأي اليوم

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky