خاص الاجتهاد: عقد أمس الخميس (23 / 12 / 2021م) في مدرسة نواب للدراسات العليا بمدينة مشهد المقدسة المؤتمر الوطني الثاني لتكريم المرجع الراحل آية الله السيد محمود الحسيني الشاهرودي.
وحضر في هذا المؤتمر الذي عقد برعاية مركز إدارة حوزة خراسان العلمية ووزارة الثقافة والإرشاد الإسلامي العلماء والأساتذة ونجل المرجع الحسيني الشاهرودي وممثل الولي الفقيه في محافظة خراسان وإمام جمعة مشهد ووزير الثقافة والإرشاد الإسلامي في إيران وطلبة العلم وجمع من المؤمنين.
وتحدث في هذه المؤتمر إمام جمعة مشهد المقدسة آية الله علم الهدى والدكتور محمد مهدي اسماعيلي وزير الثقافة الإيراني ونجل المرجع الحسيني الشاهرودي ومدير مركز إدارة حوزة خراسان العلمية وبعض الشخصيات العلمية الأخرى عن الشخصية والأبعاد العلمية والدينية لهذا العالم الجليل.
وقال أمين مؤتمر آية الله السيد محمود الحسيني الشاهرودي “ره” في هذا المراسم: “تم القيام بأنشطة مكثفة لعقد هذا المؤتمر منها انتاج 15 مجلدًا من الكتب حول حياة وأنشطة هذا المرجع الكبير كما تم إنتاج فيلمين إلى جانب 15 برنامجًا إذاعيًا من قبل وسائل الإعلام الوطني.
نبذة عن المرجع الديني الراحل آية الله السيد محمود الحسيني الشاهرودي “ره”
السيد محمود الحسيني الشاهرودي، (1301 – 1394 هـ) أحد مراجع الشيعة في النجف الأشرف. درس على يد الآخوند الخراساني (قليلاً) والميرزا النائيني والآغا ضياء العراقي، وكان يُدعى ذو الشهادتين لما كان يتمتع بثقة عند مراجع عصره.
في الوقت الذي كان يهتم بالخدمات العامة بشكل بارز، كان ذائع الصيت بسبب نمطه في الحياة التي كانت تهيمن عليها البساطة. المشهور بأن النضال الثوري الإيراني، بقيادة الإمام الخميني حظي بتأييد هذا المرجع. يعدّ أول من قام بتأسيس بعثة الحج في مكة والمدينة المنورة ثم حذا حذوه سائر مراجع الشيعة، كما قام بإحياء مسيرة الأربعين سيراً على الأقدام إلى حرم الإمام الحسين (ع).
ولد آية الله السيد محمود الحسيني الشاهرودي “ره” في عام 1301 هـ باحدى القرى التابعة لمدينة شاهرود في عائلة فلاحية معروفة بالتقوى والصلاح, وكان جده السيد عبد اللّه الشاهرودي من علماء شاهرود المعروفين, ينتهي نسب عائلته إلى الإمام الحسين عليه السلام بثلاثة وثلاثين عقباً
دراسته و تدريسه:
– كـانت لدى السيد الشاهرودي منذ صغره رغبة شديدة في دراسة العلوم الدينية، وقد ساعده عـلـى الـمضي في ذلك تشجيع والدته التي كانت ترغب في أن ترى ولدها يوما من الايام عالما مثل جده السيد عبد اللّه الشاهرودي .
– تعلم القراة والكتابة والقرآن الكريم عند معلم خاص في محل ولادته .
– سـافـر الى منطقة (بسطام) لاكمال دراسة العلوم الدينية, وعند وصوله الى هناك واظب على الـدراسـة بشكل منقطع النظير, ونتيجة لاستعداداته ومواهبه اخذ يدرّس زملاءه واصدقاءه بعض العلوم التي اكتسبها في حوزة بسطام .
– سـافـرالى مشهد المقدسة لاكمال الدراسة الحوزوية وخلال اقامته هناك قام بتدريس السطوح العالية, بسبب قوة ذكائه وكثرة استعداداته .
– في عـام 1949 م هاجر الى النجف الاشرف لغرض حضور حلقات الدرس التي كان يقيمها المراجع العظام من امثال: الآخوند الخراساني, وآية اللّه ضياء الدين العراقي, وآية اللّه الميرزا النائيني .
– استمر آية اللّه الشاهرودي على تدريس الطلاب الفقه والاصول, في مرحلة البحث الخارج اكثر من خمسين سنة, ونتيجة لذلك ذاع صيته في اوساط الحوزة العلمية, واصبحت له كذلك شهرة بين الحوزات العلمية في المدن الاخرى .
إجتهاده و مرجعيته:
نال السيد الشاهرودي درجة الاجتهاد وعمره 35 سنة, واصبحت له مكانة بين اوساط العلماء والـمـراجـع آنـذاك, وقـد لـقـّبه (آية اللّه ابو الحسن الاصفهاني, وضياء الدين العراقي, والميرزا النائيني) بذي الشهادتين, لانهم اذا ارادوا أن يعطوا لاحد العلماء درجة الاجتهاد, فإنهم كانوا يرسلونه الى آيـة اللّه الـشاهرودي, كي يقوم بامتحانه, وفي حالة نجاحه يزوده السيد بتاييد اجتهاده, وكان هذا التأييد يعتبر عندهم بمثابة شهادتين, ولهذا منحوه ذلك اللقب .
وبعد رحلة المرجع الكبير السيد ابي الحسن الاصفهاني في عام 1986م اخذ كثير من الشعب الايراني بتقليد السيد الشاهرودي، و كذلك فعل باقي الشيعة في الدول الاسلامية المختلفة, وهكذا اخـذ الناس يرجعون في التقليد اليه بشكل اكثر, وبالخصوص بعد رحلة المرجعين الكبيرين السيد البروجردي والسيد محسن الحكيم (رحمهما اللّه ).
صفاته و اخلاقه:
1- الـزهد والتقوى : نروي الحادثة الاتية كدليل على زهده وتقواه، فقد ارسل احد المؤمنين من اهالي الكويت مبلغا قدره خمسة آلاف دينار كويتي الى السيد الشاهرودي لكي يشتري به دارا, لانه كـان منذ وصوله الى النجف الاشرف يسكن في دار للايجار, فرفض السيد استلام المبلغ و قال لابـنـه الـسيد علي الشاهرودي, حوّل هذا المبلغ الى الدينار العراقي، واصرفه على الاحتياجات الضرورية للحوزة العلمية في النجف الاشرف, وباقي الحوزات في المدن المقدسة الاخرى .
وفـي الـسنة الثانية قام بعض الفضلاء بجلب مبلغ آخر لنفس الغرض, وقاموا بشراء دار للسيد وحـوّلـوا سـند الدار باسمه, وعندما سمع بذلك رفض كما رفض في المحاولة الاولى, الا انه بعد الاصرار والالحاح الشديدين لهؤلاء الفضلاء عليه، فقد وافق على الانتقال الى الدار الجديدة .
2- رقة القلب: كان شديد العطف على شرائح المجتمع كافة, واذا تعرض احدهم لا سمح اللّه الى ضائقـة أو مشكلة, فانه يساهم في رفع تلك الضائقة وحل تلك المشكلة, وفي الحالات التي يعجز عن المساعدة أو المشاركة فيها, يقوم بالذهاب الى مرقد اميرالمؤمنين علي (عليه السلام), ويدعو اللّه سبحانه ان يرفع تلك المعاناة ويتوسل بالمنزلة العظيمة التي يتمتع بها الامام عند اللّه سبحانه .
3- عشقه للامام الحسين عليه السلام: ومن خصوصياته الاخرى هي ذوبانه في حب سيد الشهداء ابـي عـبـد اللّه الـحـسين (عليه السلام), وينقل عنه انه عندما كان يذهب لالقاء دروسه ويجد في طـريـقه مجلسا لاحياء ذكرى مصائب الحسين (عليه السلام), فانه كان يشترك في ذلك المجلس مع الـحاضرين لاحياء المناسبة, ويجلس قليلا ثم يخرج ذاهبا لالقاء درسه, وينقل عنه كذلك انه ذهب لزيارة كربلا المقدسة خلال عمره الشريف ماشيا على قدميه 260 مرة .
ومـن مميزاته الاخرى اهتمامه الشديد بالامر بالمعروف والنهي عن المنكر, والتوكل المطلق على اللّه في جميع الامور, والبساطة في العيش والابتعاد عن كل مظاهرالترف .
خدماته:
للسيد اعمال خيرية جليلة نذكر اهمها:
1- بنى مدرسة القزويني في النجف الاشرف .
2- بنى مدرسة البخارائي في النجف الاشرف .
3- بنى المدرسة المحمودية في منطقة فاروج .
4- قام بترميم بناء مدرسة زاهدان .
5- بنى مدرسة ومكتبة في مدينة فومن .
6- بنى مسجدا في زاهدان .
7- بنى مسجدا في جاجرم .
8- بنى مسجد المعصومية في مدينة بجنورد, ومسجدا آخر في نفس المدينة .
9- بنى مسجدا في مدينة (گنبد قابوس ) في مازندران .
10- بنى المسجد الجامع في كلالة .
11- بنى المسجد الجامع في داميان .
12- بنى مسجدا في منطقة طيبات .
13- بنى مسجدا وحسينية في مدينة كابل .
14- بـنـى مـجمعا سكنيا يقع بين النجف الاشرف ومدينة الكوفة لطلبة العلوم الدينية باسم حي الامام الشاهرودي, تم انجاز المرحلة الاولى منه في حياته والثانية بعد وفاته, اما القسم الاخير من المشروع فلم يتم انجازه بسبب ابعاد النظام العراقي البعثي لعائلة الشاهرودي الى خارج العراق .
15- اوصى بمعالجة المرضى من المحتاجين مجانا, وذلك عن طريق الاتفاق مع بعض الاطباء والصيدليات وتحمله لمصاريف العلاج والدواء.
طـلابـه:
تخرّج على يديه عشرات الطلاب نذكر قسما منهم :
1- السيد مرتضى الفيروزآبادى .
2- الشيخ محمد علي التوحيدي التبريزي .
3- السيد محمد الشاهرودي (ابنه ).
4- الشيخ مسلم الملكوتي .
5- الشيخ حسين الوحيدي الهمداني .
6- الشيخ غلام رضا الباقري الاصفهاني, وغيرهم .
مؤلفاته:
نذكر أهم آثاره المطبوعة وهي :.
1- حاشية على العروة الوثقى .
2- حاشية على وسيلة النجاة .
3- الرسالة العملية : طبعت في عام 1366 هـ .
4- ذخيرة المؤمنين .
5- تقريرات بحث آية اللّه ضياء الدين العراقي .
6- تقريرات بحث الاصول والفقه لاية اللّه الميرزا النائينى، وغيرها.
وقد قام بعض طلابه بكتابة تقريرات لدروسه في الفقه والاصول, منها مطبوع ومنها لم يطبع لحد الان .
أولاده:
للسيد الشاهرودي ثلاثة ابناء، واربع بنات, اما الابناء فهم :
1- آية اللّه السيد محمد الشاهرودي .
2- حجة الاسلام السيد علي الشاهرودي .
3- حجة الاسلام السيد حسين الشاهرودي .
وفاته:
انـتقل الى رحمة اللّه تعالى بعد عمر طويل قضاه بالعلم والعمل الصالح وذلك بتاريخ 18 / شعبان / 1394 هـجري شمسي (2015) في النجف الاشرف, ثم نقل جثمانه الطاهر الى مدينة كربلاء المقدسة لغرض تغسيله بماء الفرات, قرب مرقد سيد الشهداء الامام الحسين واخيه ابي الفضل عليهما السلام, وتم تشييع جثمانه الـشـريـف هـناك ثم اعيد الى مدينة النجف الاشرف وشيع تشييعا مهيبا شاركت فيه جميع طبقات الـمـجـتـمـع حـيث مثواه الاخير, ودفن في الصحن الشريف الى جوار مرقد جده الامام علي بن ابي طالب (عليه السلام ).
مصدر السيرة: راسخون