الاجتهاد: قدّم قائد الثورة الإسلامية، الإمام الخامنئي، صباح اليوم (الأحد) 24/8/2025، التعازي في ذكرى شهادة الإمام الرؤوف، علي بن موسى الرضا (عليه الصلاة والسلام)، وذلك في لقاء مع جمع عفير من مختلف فئات الشعب، واصفًا الإمام (ع) ب«وليّ نعمة الإيرانيين».
وأكّد سماحته قائلًا: «لقد خرج مذهب أهل البيت من العزلة، بفضل نتائج سفر الإمام الثامن إلى خراسان، واكتسب الشيعة روحًا معنوية استطاعت أن تحفظهم عبر التاريخ وتُوسّع دائرة أتباع مدرسة أهل البيت يومًا بعد يوم».
ورأى الإمام الخامنئي أنّ «إيجاد قفزة في ترويج قضية عاشوراء» هو من أهم نتائج سفر الإمام الرضا (ع) إلى خراسان، مضيفًا: «لقد جذب الإمام علي بن موسى الرضا (ع) قلوب الناس إلى ثورة عاشوراء، ووضع في صميم أذهانهم فلسفتها وأهدافها، أي مكافحة الظلم وعدم تحمّل الفجّار والفاسقين في المجتمع الإسلامي».
وفي جزء آخر من كلمته، عدّ قائد الثورة الإسلامية «صمود الشعب الإيراني بكل قوّة واقتدار في الحرب المفروضة الثانية» مدعاةً لكسب هذا الشعب عظمة خاصة وعزّة مضاعفة في أعين العالم، وقال: «حقًّا، ما هو سبب العداء المستمر لكلّ إدارات أمريكا مع إيران طوال 45 عامًا؟».
وأكمل سماحته مجيبًا: «كان الأمريكيون في الماضي يُخفون السبب الحقيقي لهذا العداء وراء عناوين مثل الإرهاب، حقوق الإنسان، الديمقراطية، قضية المرأة وقضايا مشابهة، أو يقولون إنّهم يريدون تغيير سلوك إيران. لكنّ هذا الشخص الذي يتولّى الحكم اليوم في أمريكا أفشى السبب الحقيقي للعداء وقال: نريد أن تخضع إيران إلى أوامرنا؛ أي في الحقيقة نريد أن يكون الشعب الإيراني والنظام الإسلامي خاضعين لإمرتنا».
وشدّد الإمام الخامنئي على «أهمية الفهم العميق لهدف الأمريكيين الخبيث هذا»، قائلًا: «إنّهم يريدون أن تكون إيران بتاريخها العظيم، وشعبها المفعم بالعزّة والافتخارات، خاضعة لأوامر أمريكا».
وأردف قائد الثورة الإسلامية قائلًا: «الذين يقولون: لماذا لا تتفاوضون مباشرة مع أمريكا وتحلّون مشاكلكم معها، إنّما هم سطحيّون؛ لأنّ جوهر القضيّة ليس كذلك، وفي ظل الهدف الحقيقي لأمريكا من عدائها لإيران، فإنّ هذه القضايا غير قابلة للحلّ».
ووصف سماحته تصريحات وإجراءات المسؤولين الأمريكيين الساعية إلى «إخضاع الشعب الإيراني وجعله تابعًا» بأنّها «إهانة للإيرانيين»، مؤكّدًا أنّ «الشعب قد ساءه هذا التوقّع المشين، وسيقف بقوّة بوجه هذا المطلب».
وقال الإمام الخامنئي: «لقد حرّضوا ودعموا الكيان الصهيوني كي يُنهي، على حدّ زعمهم، أمر الجمهورية الإسلامية؛ لأنّهم لم يتخيّلوا أنّ الشعب سيصمد في وجههم ويوجّه لهم صفعة تجعلهم يندمون».
ولفت قائد الثورة الإسلامية إلى أنّ «حفنة من عملاء أمريكا المرتزقة اجتمعوا في أوروبا بعد يوم واحد من اندلاع الحرب»، موضحًا: «لقد كانوا واثقين ومتوهمين إلى درجة أنّهم عقدوا اجتماعًا لتعيين الحكومة المقبلة بعد يومٍ واحدٍ فقط من بدء الهجوم، حتى إنّهم اختاروا ملكًا!».
وقال سماحته مشيرًا إلى «مشاركة شخص إيراني في ذلك الجمع من الحمقى»: «العار لذلك الإيراني الذي يعمل ضدّ بلاده لمصلحة اليهود والصهيونية وأمريكا».
كما أكّد قائد الثورة الإسلامية أنّ التصوّر الواهم بوجود فجوة بين الشعب والنظام هو من تخيّلات الأعداء وأذنابهم، وقال: «لقد وجّه الشعب الإيراني، بثباته إلى جانب النظام والقوّات المسلحة والحكومة، صفعة قوية إلى أفواه أولئك جميعهم».
وأوضح سماحته أنّ «إظهار القوّة من قبل القوات المسلحة للجمهورية الإسلامية غيّر المعادلات»، وأضاف: «نحن وجميع أبناء الشعب الإيراني نقدّم الشكر إلى القوات المسلحة على إنجازها العظيم، وسنشهد من الآن فصاعدًا ازدياد قوّة إيران وقواتها المسلحة يومًا بعد يوم».
وأشار سماحته إلى أنّ «الجمهورية الإسلامية، رغم هذه العداوات طيلة الأعوام الـ45 الماضية، ازدادت قوّة يومًا بعد يوم، وأدرك العدو أنّ وسيلة إرجاعها إلى الوراء لا تكمن في استخدام أدوات وأساليب العنف، بل في إثارة الخلافات والنزاعات داخل البلاد».
ووصف قائد الثورة الإسلامية الكيان الصهيوني بأنّه «أبغض كيان وحكومة في العالم في نظر الشعوب»، وأضاف: «بل حتى الحكومات الغربية مثل بريطانيا وفرنسا، التي كانت دائمًا من الداعمين للكيان الصهيوني، باتت تدينه اليوم؛ لكنّ هذه الإدانات تبقى لفظية وبلا جدوى».
وأدان سماحته «الجرائم الراهنة لقادة الكيان الصهيوني، مثل قتل الأطفال عبر تجويعهم وتعطيشهم أو إطلاق النار عليهم في صفوف توزيع الطعام»، مؤكدًا أنّها «جرائم غير مسبوقة في تاريخ البشرية»، وأضاف: «لا بدّ من الوقوف في وجه هذه الجرائم المفجعة، لكن الوقوف باللسان وبالإدانات لا يجدي نفعًا، بل ينبغي كما فعل الشعب اليمني الشجاع أن يُصار إلى إغلاق كل طرق الإمداد للكيان الصهيوني».
وأعلن الإمام الخامنئي «استعداد الجمهورية الإسلامية لاتخاذ أيّ إجراء ممكن في هذا الصدد»، وأعرب سماحته عن أمله في أن «يبارك الله المتعالي حركة الشعب الإيراني وجميع المطالبين بالحقّ في العالم، ويقتلع هذا السرطان المتغلغل والمهلك من المنطقة، ويوقظ شعوب المسلمين ويوحّدهم».
وكشف سماحته عن «دور بعض العناصر الداخلية التابعة لأمريكا والصهيونية في أنحاء البلاد، إلى جانب بعض الكتّاب والمتحدثين الغافلين» في إثارة الفتنة والانقسام، وقال: «اليوم، بحمد الله، الشعب متحد، ومع اختلاف الأذواق السياسية والاجتماعية، يبقى متوحّدًا في الدفاع عن النظام والبلاد، وفي مواجهة العدو. وهذا الاتحاد هو الذي يمنع تعدّي الأعداء، ولذلك يسعون إلى ضربه».
وشدّد الإمام الخامنئي على أنّ «صيانة الوحدة الوطنية مسؤولية عامة»، وقال: «لا يجوز المساس بالاتحاد المقدّس، والاجتماع العظيم، والدرع الفولاذي لقلوب الناس وعزائمهم».
وعا سماحته إلى «دعم خادمي البلاد»، قائلًا: «على الشعب أن يدعم الخادمين، ومن بينهم رئيس الجمهورية الذي يعمل بنشاط ومثابرة ومتابعة؛ فهذا النوع من الأشخاص يجب أن يُثمَّن».
وختم الإمام الخامنئي بالتأكيد على «ضرورة الحفاظ على وحدة الشعب مع بعضه بعضا، الشعب مع الحكومة، المسؤولين مع بعضهم، والشعب مع القوات المسلحة»، وأضاف: «المؤشرات والدلائل تُظهر أنّ أكبر مسعى للعدو اليوم ينصبّ على المساس بهذه الوحدة والتناغم والتضامن».