العملة-الرقمية-البيتكوين

البيتكوين.. دراسةٌ فقهيّةٌ وحقوقيّةٌ

الاجتهاد: تقوم هذه المقالة على أساس أن البيتكوين ـ من بين الآليات الاقتصادية والحقوقية ـ يمكن له أن يلعب أدواراً شبيهةً بالعُمُلات والنقود القانونية. وعلى هذا الأساس فإننا نسعى في هذه المقالة إلى العثور على الجواب الفقهي والحقوقي عن هذا السؤال القائل: هل يمكن اعتبار البيتكوين عُمْلةً ونَقْداً من الناحية الماهوية، أو هو مجرَّد وسيلةِ دفعٍ، له ماهيّةٌ مختلفةٌ عن النقود؟

بقلم: أ. هانية ميرزائي(*) – د. محمد روشن(**) – د. مصطفى مظفري(***) – ترجمة: مرقال هاشم

مقدّمةٌ
لقد قام تطوُّر شكل النقود في المراحل المختلفة من التاريخ على أساس حاجة الإنسان وآليّة النقود وأدائها. لقد وصلت النقود في مسارها التكاملي إلى مرحلةٍ تجرَّدَتْ فيها عن إطارها التقليدي والفيزيقي، وأخذت تلعب دَوْرها في الاقتصاد الراهن على شكل عُمُلات افتراضية؛ تسهيلاً للمشاريع والأعمال التجارية في العالم المعاصر، وإبرام العقود، والبيع والشراء دون حضور الوسائط، وإشراف الدُّوَل والحكومات.

بناءً على تعريف البنك المركزي الأوروبي([1])، تُعَدّ العُمْلة الافتراضية نوعاً من النقود الرقمية غير الرسمية، والتي يتمّ ضبطها والسيطرة عليها عادةً من قِبَل المتعاملين بها، والتي تكون مقبولةً من قِبَل أعضاء المجتمع الافتراضي الخاصّ، ويتمّ تداولها فيما بينهم.

ومن الناحية الماهوية تختلف العُمُلات الافتراضية عن سائر أنواع العُمُلات (النقود التقليدية، والنقود الإلكترونية) في الغاية والقيمة الأسمى والأساسية للنقود.

إن الغاية الأوّلية من اختراع العُمُلات الافتراضية هي استعمالها في العالم الافتراضي، ومن أجل المقاصد الافتراضية، وإنْ كانت في تطوُّراتها وتحوُّلاتها اللاحقة ترتبط بمنشأ النقود التقليدية والنقود الإلكترونية، ومن هذه الناحية تهدف إلى الدخول في العالم الحقيقيّ أيضاً([2]).

إن البيتكوين نوعٌ من العُمُلات الافتراضية التي تستند إلى الأصول المشفَّرة؛ بقصد إضفاء الاعتبار على العمليات، في حين ليس له منظومةُ سيطرةٍ مركزيّة، ولا تتمّ إدارته من قِبَل أيّ منظّمةٍ أو مؤسّسةٍ حكومية.

وفي الحقيقة فإن البيتكوين هي أوّل منظومة للدفع الرقمي التامّ وغير المركزي في العالم، دون الحاجة إلى المصارف والبنوك المركزية.

لقد تمكَّن مخترعو البيتكوين في مدّةٍ قصيرة من تحويل هذه الفكرة إلى واقعٍ مؤثِّر في عالم الاقتصاد ومراكز وضع السياسات الاقتصادية؛ بحيث انتشرَتْ في الفضاء الافتراضي سريعاً، وعلى نطاقٍ واسع، وتمنح المستخدمين إمكانية القيام بعملية انتقال النقود غير القابلة للاسترجاع، من دون أيّ واسطةٍ.

وفي السنوات القليلة الماضية ارتفعَتْ قيمة البيتكوين في الأسواق العالمية من مئات الدولارت إلى آلاف الدولارات، وسرعان ما تمكَّنَتْ من الحصول على مكانةٍ جيّدة في الكثير من البلدان المختلفة، ومنها: اليابان، والولايات الأمريكية المتَّحدة، وكوريا الجنوبية. وتحظى بالمقبولية بوصفها طريقةً مسموحاً بها في الدفوعات المالية.

ومع انتشار البيتكوين، وارتفاع عدد المستخدمين، تمّ العمل على توظيف أدواتٍ ماليّةٍ جديدة في خصوص البيتكوين، وفي عام 2010م تبلور عقد البيع الاستقراضي، وكذلك عقود اختيار الشراء والبيع بين المستخدمين للبِيتْكُويْن.

وتكمن المسألة الأهمّ في خصوص مشروعية العُمُلات الافتراضية في تقبُّلها ودخولها إلى العالم الحقيقي، وعدم السيطرة على هذا النوع من العُمُلات من قِبَل السلطات.

ومن هنا فقد ظهر الكثير من النقاش والجَدَل حول ماهية العُمُلات الافتراضية منذ بداية ظهورها؛ بحيث كان الفَهْم الدقيق للعُمُلات حتّى الآن موضع نقاش بين المنظِّرين الاقتصاديين والماليين والحقوقيين والفقهاء. وكذلك فإن تشتُّت الآراء في باب التعهُّدات النَّقْدية ناشئٌ من الغموض في ماهية العُمْلة [الافتراضية].

ومن ناحيةٍ أخرى فإن جزءاً من آليّة سائر المجالات في النظام الإسلاميّ، ومن بينها: الاقتصاد، يتبلور على أساس الأحكام الفقهية والشرعية، وإن سائر المقولات في هذا الفضاء بحاجةٍ إلى أحكام فقهية وشرعية ذات صلة بالموضوع؛ لكي نتمكَّن من الاستفادة القصوى، من خلال خفض المخاطر إلى الحدّ الأدنى.

تقوم هذه المقالة على أساس أن البيتكوين ـ من بين الآليات الاقتصادية والحقوقية ـ يمكن له أن يلعب أدواراً شبيهةً بالعُمُلات والنقود القانونية.

وعلى هذا الأساس فإننا نسعى في هذه المقالة إلى العثور على الجواب الفقهي والحقوقي عن هذا السؤال القائل: هل يمكن اعتبار البيتكوين عُمْلةً ونَقْداً من الناحية الماهوية، أو هو مجرَّد وسيلةِ دفعٍ، له ماهيّةٌ مختلفةٌ عن النقود؟

أوّلاً: الجذور التاريخيّة للبیتکوین

للمرّة الأولى، في عام 1998م، اقترح وي داي([3]) مفهوم العُمْلة الافتراضية، بمعنى العُمْلة المشفَّرة؛ بغية تسهيل الأمور المالية، وإيجاد عُمُلاتٍ من دون الحاجة إلى حضور الوسائط، وعدم تدخُّل المؤسّسات الحاكمة، وعمد إلى بيانها في سجلِّه الشخصي بوصفها فكرةً ورؤيةً([4]).

فقد اقترح نوعاً جديداً من النقود، يُستفاد فيها من أسلوب التشفير الكمبيوتري؛ بغية السيطرة وإنتاج النقود، والقيام بالمعاملات من دون واسطةٍ ومرجعيّةٍ مركزيّة.

وبشكلٍ عامّ فقد عمد المتخصِّصون في مجال تقنية المعلومات ـ على مدى سنواتٍ، وفي مختلف الأُطُر المتنوِّعة ـ بمتابعة هذه الفكرة، التي ظلَّتْ حتّى عام 2008م نظريّةً، إلى أن تمّ في هذه السنة تثبيت موقع البيتكوين في الشبكة العنكبوتية، وتمّ التعريف بها بوصفها العُمْلة الافتراضية الأولى، والمثال الناجح والعملي للمشاريع السابقة في هذا المجال.

وفي تشرين الأول 2008م أعلن شخصٌ اسمه «ساتوشي ناكاموتو»([5])، في وكالةٍ خبريّة مشفَّرة باسم (Metzdowd.com)، قائلاً: «أعمل الآن على منظومةٍ نَقْدية جديدة تعمد على التواصل التامّ من النظير إلى النظير، دون تدخُّل شخصٍ ثالث».

وقد شكَّل انتشار هذه المقالة بداية التعامل بالبيتكوين([6]). كان يتمّ تحديد القيمة الأولى للبِيتْكُويْن من قِبَل مختلف المستخدمين في أروقة التحاور، وفي الغالب على أساس التكاليف، ومنها: تكاليف استهلاك الكهرباء من قِبَل المستخدمين لهذه المنظومة، حتّى تمّ في شهر شباط 2010م افتتاح أوّل صراف إنترنتي لتحويل البيتكوين إلى عُمْلةٍ أخرى، والعقود الآتية من التحويلات اللاحقة للبِيتْكُويْن لاستفادة المستخدمين، وتمّ افتتاح أوّل جهازٍ للدفع الآلي؛ لتحويل البيتكوين إلى سائر العُمُلات، سنة 2013م، في مدينة سانتياغو من ولاية كاليفورنا([7]).

ثانياً: البيتكوين وآليّة عمله

يُعتبر البيتكوين في الواقع إبداعاً إنترنتيّاً بآليّاتٍ مشابهة لـ «العُمْلة الفاقدة للرصيد»، أو النقود الحكومية، التي هي وسيلةٌ للنقل والانتقال الماليّ أو ادِّخار القيمة. ويُعَدّ التعامل الفوري والمباشر من دون وسائط، والدفع العالمي، والأجرة المنخفضة جدّاً، وعدم التأثُّر بالحصار عند افتتاح حساب البيتكوين، يُعَدّ ذلك من بين خصائص هذه العُمْلة([8]).

بصفة المستخدم الجديد، يتمّ من خلال نصب محفظة نقود البيتكوين على صفحة الحاسوب أو الهاتف المحمول فتح أوّل عنوانٍ بِيتْكُويْني للمستَخْدِم، ويمكن بذلك الشروع بالعمل بعُمْلة البيتكوين.

إن المباني الأصلية لنظام البيتكوين هي:
1ـ كتلة البيتكوين.
2ـ سلسلة البيتكوين.
استخراج البيتكوين. (تعدين)
4ـ محفظة نقود البيتكوين([9]).

1ـ كتلة البيتكوين

إن الكُتَل عبارةٌ عن وثائق حاسوبية تعمل على تثبيت المعطيات والمعلومات المتعلِّقة بشبكة البيتكوين على نحوٍ دائم. تعمل الكتلة الواحدة على تثبيت عددٍ أو جميع العمليات السابقة في شبكة البيتكوين في فترةٍ زمنية لم يسبق لها أن دخلَتْ في الكُتَل القديمة.

وعلى هذا الأساس، فإن كلّ كتلةٍ هي بمثابة صفحةٍ في دفترٍ كامل أو سجلٍّ لتثبيت الوثائق، وكلّما امتلأت كتلةٌ بدأت عملية فتح كتلةٍ لاحقة في سلسلة الكُتَل. وإن كلّ كتلةٍ تحتوي في ذاتها على ذرّةٍ من الكُتَل السابقة وعنوان الكُتَل اللاحقة؛ كي لا تكون هناك أيّ إمكانية للتلاعب والتغيير في الكُتَل أو حذف واحدةٍ منها.

وعلى هذا الأساس، تكون الكتلة عبارةً عن مخزنٍ دائمٍ للوثائق، حيث يتمّ تسجيل هذه الوثائق فيها مرّةً واحدة؛ لتبقى هناك، ولا تكون قابلةً للتغيير والحذف أبداً([10]).

2ـ سلسلة البيتكوين([11])

هي واحدةٌ من الركائز والدعائم الأساسية للبِيتْكُويْن. إن سلسلة الكُتَل هي في الأساس مقرٌّ للمعطيات التي تمّ توزيعها من الوثائق أو الديوان العامّ لجميع العمليات أو الأحداث الرقمية، والذي هو في الواقع سجلٌّ وثَبْتٌ عامّ بالعمليات البيتكوينية على أساس الترتيب الزمني المحدَّد.

إن الكُتَل الجديدة تضاف إلى سلسلة الكُتَل بشكلٍ متسلسل، وعلى أساس التاريخ. إن سلسلة الكُتَل تحتوي على المعلومات الكاملة وعناوين الحسابات ومحتوياتها منذ البدايات إلى هذا اليوم، وتمَّتْ مشاركتها بين جميع المستخدمين للبِيتْكُويْن؛ لكي يتمّ في الواقع فَهْم مقدار البيتكوين الذي كان موجوداً في كل شبكة بِيتْكُويْن، وهذا الأمر يتمّ دون تعريض الحريم الشخصي للخَطَر، مع رعاية الدائرة الأمنية للممتلكات الرقمية والأطراف المنخرطة ضمن هذه المنظومة([12]).

3ـ استخراج البيتكوين

هو مسارٌ يتمّ فيه إضافة تلك العمليات ـ التي تمّ تأييدها ـ إلى دفترٍ للثبت والتسجيل العامّ باسم سلسلة الكُتَل، وبواسطة هذا المسار ينتشر البيتكوين الجديد في الشبكة. ويمكن لكلّ شخصٍ، من خلال الوصول إلى الإنترنت وامتلاك أجهزة صلبة مناسبة، أن يُسْهِم ـ بوصفه مستَخْرِجاً ـ في مسار الاستخراج.

ويُطْلَق على مقدار البيتكوين الجديد الذي يتمّ الحصول عليه بإزاء الاستخراج، من خلال مسار دفع الأجهزة الصلبة للكمبيوتر على القيام بالحسابات الرياضية لشبكة البيتكوين؛ لغرض تأييد العمليات ورفع مستوى الأمان، عنوانَ استخراج البيتكوين([13]).

كما يُسمَّى مقدار البيتكوين الجديد الذي يتمّ نشره بإزاء استخراج كلّ كتلةٍ باسم مكافأة الكتلة. وتنخفض مكافأة الكتلة ـ بحَسَب تعريف النظام بعد اكتمال 210000 كتلة (ما يقرب من أربع سنوات) ـ إلى النصف.

إن مسار تنصيف المكافأة يؤدّي في نهاية المطاف إلى جنوح مقدار البيتكوين نحو الـ (21) مليون، ولا يزيد على ذلك. وفي البداية كان استخراج البيتكوين يتمّ بواسطة الاستفادة من وحدة حسابات مركزية (CPU) للحواسيب العادية، وفي عام 2013م تمّ إنتاج أوّل أجهزة صلبة خاصة بالاستخراج لشبكة البيتكوين باسم ASIC، حيث تحتوي على قدرةٍ حسابية أكبر([14]).

4ـ محفظة نقود البيتكوين

إن محفظة نقود البيتكوين عبارةٌ عن جهازٍ صلبٍ يتمّ فيه الحفاظ على البيتكوينات. من الناحية الفنِّية لا يتمّ الحفاظ على البيتكوين في أيّ مكانٍ، بل هي عبارة عن رموزٍ خاصة موجودة لعنوان كلّ واحدٍ من البيتكوينات، ويتم الحفاظ عليها في محفظة البيتكوين الشخصي لصاحب الحساب.

إن محفظة البيتكوين تسهِّل عملية إرسال وأخذ البيتكوين، وتحافظ على مالكيّة الحساب البيتكويني للمستَخْدِم. توجد محفظة البيتكوين على أربعة أشكال: جهاز صلب حاسوبي، وهاتف محمول، وتحت الويب، وعلى شكل جهاز مَرِن في متناول المستَخْدِمين([15]).

ثالثاً: موقع البيتكوين في الأنظمة الحقوقيّة العالميّة

لقد عملَتْ أغلب الدُّوَل في قوانينها النَّقْدية والمصرفية على تعريف عملتها الرائجة. ومن الناحية القانونية غالباً ما يكون إصدار النقود ومراقبة تداولها في الدائرة الوطنية حِكْراً على الحكومات والبنوك المركزية في كلّ دولةٍ.

إن مسار اتساع دائرة الإقبال على البيتكوين جعل موارد من قبيل: حساب الضرائب على الأرباح، ومكافحة غسيل الأموال، والإشراف على العمليات الجارية، وإمكان زوال الاستقرار المالي، وخروج رؤوس الأموال من أسواق الإنتاج، وإضعاف النقود الوطنية، في صلب اهتمام الواضعين للسياسات([16]).

ومن هنا كانت دراسة الأبعاد المختلفة والمتنوِّعة للبِيتْكُويْن، والاستفادة منه في المنظومة الاقتصادية، على سلّم أعمال المجالس التشريعية والبنوك المركزية للكثير من البلدان، ولا تستثنى إيران من هذه القاعدة.

إن ماهية البيتكوين تحتوي على الكثير من الغموض والإبهام. هناك مَنْ يذهب إلى الاعتقاد بأن البيتكوين يمكن الاستفادة منه بوصفه وسيلةً للتعامل والبيع والشراء والمبادلة؛ إذ العُمْلة لا يجب أن يكون لها وجودٌ فيزيقي ومادّي بالضرورة.

وعلى هذا الأساس، في عالَمٍ آخذٍ بالانتقال حثيثاً من النظام التناظري إلى النظام الرقمي يمكن حتّى لتقنيّةٍ حديثة، مثل: البيتكوين، أن تكون مناسبةً لهذا العالم الجديد([17]).

ومن ناحيةٍ أخرى يذهب بعض المنظِّرين([18]) إلى الاعتقاد بأن اتضاح ماهية البيتكوين، وما إذا كان نوعاً من العُمُلات والنقود أو هو بضاعة، يحتاج إلى معرفةٍ جادّةٍ بمراكز انتشاره ومالكيه الأوائل، وكذلك آليّة العرض والطلب فيه، والتعامل به.

وبشكلٍ عامّ هناك تناقضٌ بين السعي الحثيث من قِبَل الكثير من الدُّوَل من أجل تنظيم القوانين والإشراف على هذا النظام وبين الماهيّة الوجودية للبِيتْكُويْن من أجل إلغاء الوسائط والمرجعيّة المركزية. لقد أدّى هذا الأمر إلى ظهور النظرات المختلفة إلى البيتكوين بوصفه عُمْلةً افتراضية جديدة من قبل مختلف البلدان.

وتبدو هذه العبارة صحيحةً من الناحية الفنية والعملية، وهي أن البيتكوين نوعٌ من العملات الرقمية على أساس شبكة النظير إلى النظير، والإمضاء الرقمي.

بَيْدَ أن كونَ الشيء عُمْلةً رَهْنٌ بالموقع الحقوقي، وكونُ البيتكوين عُمْلةً رَهْنٌ بقبول موقعه الحقوقي من قِبَل الحكومات.

ويمكن تقسيم موقف الحكومات من البيتكوين إلى ثلاثة أقسام:

في بعض البلدان ـ ومنها: الولايات المتحدة الأمريكية ـ ليس هناك حظرٌ قانوني على البيتكوين في الوقت الراهن، ولا يمنع الشراء والبيع بالبيتكوين، بل يتمّ حالياً تدوين بعض المقرَّرات والقوانين ـ ومن بينها: القوانين الضريبية ـ لهذه المنظومة.

وقد وافقَتْ وزارة الخزانة الأمريكية على مبادلة البيتكوين ـ بوصفه عُمْلة قابلة للتبادل ـ بالدولار. وفي شهر آذار 2014م اعتبر مركز الناتج المحلّي([19]) في الولايات المتحدة الأمريكية (مقرّر الأمور المالية) أن البيتكوين عبارةٌ عن شيءٍ يمكن أن يُمْتَلَك، وتجري عليه القوانين والقرارات الخاصة بالملكيّة؛ بحيث أعلن عن أن جميع العُمُلات الافتراضية ـ ومنها: البيتكوين ـ مشمولةٌ للضرائب على الممتلكات، وتُعَدّ من العُمُلات.

إن الربح والخسارة الناشئة من البيتكوين ـ إذا تمّ الحفاظ عليه بوصفه ثروةً ـ يعتبر ربحاً وخسارةً لرأس المال؛ في حين إذا تمّ الحفاظ عليه بوصفه مدَّخراً فسوف يكون مشمولاً للربح والخسارة العادية.

وكذلك عمدَتْ شبكة الجرائم المالية في الولايات المتحدة الأمريكية إلى تعريف العُمْلة على النحو التالي: «إن العُمْلة عبارة عن النقود المعدنية والورقية الصادرة من قِبَل الولايات المتحدة الأمريكية أو البلدان الأخرى، وتُعْرَف بوصفها العُمْلة الرائجة، والتي تكون مقبولةً في البلدان المصدِّرة لها بشكلٍ متداول بوصفها واسطةً للتبادل».

وفي المقابل، فإن العُمْلة الافتراضية عبارةٌ عن واسطةٍ للتبادل، والتي تعمل في بعض الأنحاء بوصفها عُمْلةً، ولكنّها لا تحتوي على جميع خصائص العُمْلة الحقيقية والواقعية، ولن تكون في أيّ حكمٍ في موقع العُمْلة القانونية([20]).

وعلى هذا الأساس، لا يُنْظَر إلى البيتكوين في الولايات المتحدة الأمريكيّة بوصفه عُمْلةً حقيقية، وإنما يُطلق عليه عنوان العُمْلة الافتراضية.

ويؤكِّد البنك المركزي في الصين على أن البيتكوين بضاعةٌ، ويرى أن البيتكوين بضاعةٌ افتراضية خاصّة، وأنه لا يحتوي على المنزلة الحقوقية المساوية للعُمْلة، ولا ينبغي تداوله في السوق بوصفه عُمْلةً؛ لأنه لم يصدر من قِبَل مرجعية نَقْدية([21]).

وكانت ألمانيا بدَوْرها من جملة البلدان الأولى التي قامَتْ بسنّ القوانين الخاصة بالبيتكوين. ففي ألمانيا أيضاً يُنْظَر إلى البيتكوين بوصفه من الممتلكات القابلة للضريبة، وتعتبر وسيلةً ماليّةً جديدة، وتُعَدّ وحدة لقياس القيمة([22]).

وفي عام 2011م أعلن مرجع وضع القرارات الألماني، في تقريرٍ له بخصوص البيتكوين، عن أنه استناداً إلى قانون الرقابة والإشراف على خدمات الدَّفْع في ألمانيا، وبالنظر إلى خصائص البيتكوين، لا يُعَدّ البيتكوين عُمْلةً إلكترونية.

كما أعرَبَت المساعدة البرلمانية في وزارة الشؤون الاقتصادية والأمور المالية الألمانية قائلةً: «إن البيتكوين ليس عُمْلة إلكترونية، ولا وحدة دفع قانونية، وبالتالي فإنه لا يتمّ تصنيفه بوصفه عُمْلةً أو من أنواع العُمُلات.

وإنما يعتبر تحت مفهوم وحدة الدفع، ووحدة القيمة، وبهذا العنوان يكون قابلاً للقياس بالعُمْلة، ولكنه ليس عُمْلةً؛ لأنه لا يُعَدّ وسيلةً للدفع من الناحية القانونية»([23]).

ذهبَتْ بعض البلدان، مثل: فيتنام وإيسلندا، إلى الإعلان عن عدم قانونية البيتكوين، وحظرَتْ جميع أنواع التعامل بالبيتكوين.

بعض البلدان الأخرى ـ ومنها: فنزويلا وبوليفيا وأغلب بلدان القارّة الأفريقية ـ لم تتَّخذ موقفاً محدّداً بالنسبة إلى البيتكوين، ولم تسلك اتجاهاً خاصّاً في هذا الشأن([24]).

رابعاً: موقع البيتكوين في النظام الحقوقيّ الإيرانيّ

لقد احتدم الجدال والنقاش في إيران ـ كما هو الحال في البلدان الأخرى ـ حول ماهية العُمُلات الافتراضية أيضاً. إن القوانين الإيرانية بشأن البيتكوين ساكتةٌ، ولذلك يمكن القول بعدم وجود مانع بشأن هذا الموضوع.

إن إيران من تلك البلدان التي تعاملَتْ مع مسألة هذه العُمْلة الافتراضية ـ التي لا تخضع للرقابة والعقوبات ـ بشكلٍ حَذِر. إن هذه العُمْلة الافتراضية؛ حيث لم يتمّ الاعتراف بها من قِبَل البنك المركزي، تتمّ السيطرة عليها وتوجيهها في الوقت الراهن من خارج الحدود الإيرانية.

وقد بدأَتْ عملية دراسة تفاصيل وجزئيات من قبيل: المزايا؛ والعيوب، وكذلك القوانين السلبية أو الإيجابية، للاستفادة من هذه الوسائل المالية الجديدة من قِبَل المنظّمات والمؤسّسات المتنوّعة، من قبيل: البنك المركزي، ومركز دراسات المجلس [مجلس الشورى]، ومؤسّسة البورصة والأوراق المالية، ولجنة مكافحة تهريب البضائع والعُمُلات، ووزارة التواصل وتقنية المعلومات، وجهاز شرطة فتا([25])، وكذلك المركز الوطني للفضاء الافتراضي منذ عام 2014م، ولكنْ إلى اليوم لم تصِلْ هذه الجهود إلى مرحلة التنفيذ والتطبيق، للأسف الشديد.

للإجابة عن هذا السؤال القائل: هل يمكن اعتبار البيتكوين في إيران بوصفه عُمْلة رقمية وافتراضية أم لا؟ يجب أن نتعرَّف أوّلاً على ماهية النقود، لنقيم بعد ذلك مقارنة بين البيتكوين وماهية النقود.

1ـ الماهيّة الحقوقيّة للنقود

يذهب بعض المنظِّرين في مجال الحقوق إلى الاعتقاد بأن النقود من الناحية الحقوقية عبارةٌ عن وحدةٍ كمِّية غير معلومة، وهي بشكلٍ عامّ مجرّدة من النظرية الحقوقية. وإن التعاريف الحقوقية القليلة المذكورة للنقود إنما تعرّف النقود في الغالب على أساس وظائفها وأدوارها بوصفها وحدة حسابٍ أو وسيلةً للدفع وواسطةً للتبادل([26]).

إن التعاريف التي يتمّ إبداؤها بشأن النقود من الزاوية الحقوقية أحياناً إنما تقوم على أساس وظيفة النقود بوصفها وسيلةً للدفع، دون لحاظ مختلف آلياتها.

ومن ناحيةٍ أخرى فإن النقود ليست مجرّد وسيلةٍ للدفع فقط، بل هي وسيلةٌ ووحدةٌ لقياس قيمة الأشياء ذات المنفعة العقلائية والقيمة الاقتصادية، والتي تُعَدّ مالاً في المصطلح الحقوقي.

ويذهب بعض المنظِّرين في الحقوق المدنية إلى الاعتقاد بأن العُمْلة الورقية التي يُصطلح عليها اسم النقود هي ليست نقوداً في الحقيقة والواقع، وإنما تمثِّل مقداراً من المال والقيمة الاعتبارية، وفي التعهُّد النَّقْدي يتعلَّق ذلك المقدار من القيمة في ذمّة الشخص، وإذا كان الشخص مديناً قبل عشر سنوات لآخر بمليون دينار يتعيَّن عليه اليوم أن يدفع ذات هذا المقدار من النقود إلى الدائن، والذي تعادل ماليّته الآن مليون دينار قبل عقدٍ من الزمن، ويُعَدّ مساوياً له من حيث القيمة التبادلية([27]).

ولذلك يمكن القول: إنه لا فَرْق بين التعريف الاقتصادي للنقود والتوصيف الذي تسعى الحقوق إليه.

وللنقود من الناحية الحقوقية ثلاث وظائف، وهي:

أـ ملاك تقييم لتعيين الاعتبار.
ب ـ وسيلة للدفع.
ج ـ أفضل وسيلة يمكن الحفاظ عليها في إطار (النقود)([28]).

وبشكلٍ عامّ فإن نظرة الحقوقيين إلى النقود إنما تكون بشكلٍ رئيس من زاوية الحقوق والتعهُّد الناشئ من استعمالها، وقلَّما يتمّ التعرُّض لها من زاوية التعهّد الناشئ من إيجادها ونشرها([29]). وعلى هذا الأساس، فإن النقود الورقية كانت في بداية ظهورها بياناً لادّعاء وطلب يقع على عهدة ناشرها.

في ذلك الوقت، حيث كان نظام النقود القابلة للتبديل قائماً، كان البنك هو المصدِّر للعُمْلة الورقيّة، التي ادَّخرها على أساس الذهب والفضة، ويعمل على إصدار العُمْلة الورقيّة على هذا الأساس، ويتعهَّد بتبديلها بما يعادلها من الذهب والفضة إذا أراد مالكُها ذلك.

والواقع أنه كان يُنْظَر إلى العُمْلة الورقية كوثيقة دَيْن للناشر أو وثيقة طلب المالك؛ حيث كانت قابلة للنقل والانتقال من خلال القبض والإقباض.

ومن هنا فإن الماهية الحقوقية لهذا النوع من العُمُلات الورقية كان شبيهاً بالكمبيالة؛ حيث كانت تعمل على بيان حقّ ديني أو طلب قابل للانتقال لمصلحة المالك، مع فارق أن القيود والشرائط الشكلية للكمبيالة قد تجاوزها في خصوصها، وكانت الآليّة الاقتصادية وأثرها الحقوقي في المبادلات مختلفاً بالكامل.

لقد كانت وظيفة هذه العُمُلات الورقية تحتوي على تأثير الدفع النَّقْدي، في حين أن الكمبيالة كانت تُعَدّ وسيلةً للدفع غير النَّقْدي([30]). وبعد حذف دعامة الذهب والفضة، وتحوُّل العُمْلة إلى النقود المتداولة وغير القابلة للتبديل، تغيَّرَت الماهية الحقوقية للنقود بشكلٍ كامل.

وعلى هذا الأساس، فإن نَقْديّة النقود لا تكمن في قابلية تبديلها أو عدم قابليتها لذلك، بل في قابليتها التبادلية والقبول بها بوصفها ثمناً في المعاملة. وبالتالي فإن النقود الراهنة، خلافاً للسابق، لم تعُدْ تعهُّداً قابلاً للدفع من قبل للناشر وحقّاً دينياً للمالك.

وبعبارةٍ أخرى: إن العُمْلة الورقية لا تعبِّر عن مال، بل هي تُعَدّ مالاً في حدّ ذاتها، وهو مالٌ تُعَدّ قيمته المالية اعتباريّةً تنشأ عن القانون.

وعلى هذه الشاكلة، فإن النماذج النَّقْدية في منظومة العُمْلة القانونية غير القابلة للتبديل تحصل على قوّتها التبادلية من قِبَل القانون ودعم الدولة من جهةٍ، ومن ثقة الناس واعتمادهم العامّ وقبولهم بها بوصفها شيئاً له قيمةٌ وثمنٌ في المعاملات من جهةٍ أخرى.

إن الناس إنما يقبلون بالعُمْلة الرائجة في مبادلة البضاعة والخدمات لثقتهم بأن القبول بتلك النقود سوف يستمرّ في المبادلات، وسوف تعمل بوصفها مدّخراً لقيمةٍ ثابتة([31]).

2ـ ماهيّة النقود في الاقتصاد

هناك نظريّتان بين المفكِّرين الغربيين حول ماهية النقود، وهما:

1ـ النظريّة المعدنية([32]) أو نظرية العُمْلة البضاعية، التي كان يتمّ تداول النقود فيها بوصفها بضاعةً تتَّخذ غالباً شكلَ معدنٍ ثمين([33]).

2ـ النظرية الشارتالية([34])، التي تكون النقود فيها مفتقرةً إلى دعامةٍ حكومية ومن دون أيّ صلةٍ بأيّ بضاعةٍ، ويتمّ إصدارها للوفاء بعهود الدولة([35]).

إن قيمة النقود ـ من وجهة نظر أصحاب النظرية المعدنية ـ تعود إلى قيمة البضاعة التي يتمّ استعمالها وسيلةً للتبادل؛ فإنْ كانت هذه النقود على شكل سبائك من الذهب والفضة كانت قيمتها من قيمة الذهب والفضة في السوق؛ وإنْ كان تداول هذه النقود يتمّ على شكل عُمْلةٍ ورقية كانت قيمتها من القيمة الذاتية للمعدن الثمين الذي يدعمها.

ولكنْ طبقاً للنظرية الشارتالية فإن النقود واسطةٌ اجتماعية مستقلّة عن أيّ مادّةٍ أخرى تتمثَّل النقود في إطارها. إن النقود ـ في ضوء هذه النظرية ـ عبارةٌ عن مطالبة واعتبار وعوض أو تعهُّد بالدفع، تمّ التأسيس لها واختراعها بواسطة العلاقات الاجتماعية.

والحقيقة أن النقود في الشارتالية عبارةٌ عن معيار نَقْديّ تصدر فيه العُمْلة من قِبَل الدولة، ويتمّ تداولها بوصفها عُمْلةً نَقْدية. إن النقود في هذه المنظومة قد تمّ إيجادها من قِبَل الدولة ـ دون أن تحظى بدعمٍ حكومي ـ، وإصدارها لغرض تغطية نفقاتها([36]).

إذن، يمكن العثور في الاقتصاد على نظريتين في ماهية النقود؛ إذ يرى البعض أن النقود بضاعةٌ على شكل معادن ثمينة أو عُمْلة ورقية مدعومة بهذه المعادن؛ ويرى آخرون أنها لا تحظى بأيّ دعامةٍ، ولا صلة لها بأيّ بضاعةٍ، وإنما هي مجرّد أمر اعتباري لتسديد الديون، ولا يمكن إصدارها إلاّ من قِبَل الحكومات حَصْراً([37]).

إن وظيفة النقود وآلية عملها ـ طبقاً لتعريف البنك المركزي الأوروبي([38])، ومنظّمة مكافحة الجرائم المالية للولايات المتحدة الأمريكية([39]) ـ عبارةٌ عن:

1ـ واسطة للتبادل.
2ـ وسيلة لادّخار القيمة.
3ـ وحدة لقياس القيمة.

وأما البنك المركزي للجمهورية الإسلامية الإيرانية فإنه يُضيف إلى الوظائف الثلاثة المتقدّمة وظيفةً رابعة للنقود، في مشروع إصلاح النَّقْد الوطني، بتاريخ: 19 / 8 / 2014م، وهي عبارةٌ عن: النقود معيارٌ للدفوع الآجلة([40]).

وحيث تشكّل النقود في الاقتصاد همزة وصل بين الحاضر والمستقبل يكون لها بُعْدٌ زمنيّ، وتنطوي لذلك على وظيفةٍ رابعة أيضاً. إن الوظيفة الرابعة للنقود هي أنها معيارٌ للدفوعات الآجلة والمتأخِّرة([41])؛ أي إنها تقع في المعاملات طويلة الأمد، مثل: الاقتراض والإقراض، بوصفها وحدة نَقْديّة أساسية.

وعلى الرغم من جميع الاختلافات المحتدمة بين علماء الاقتصاد في بيان ماهية النقود يمكن اعتبار إجماع المنظِّرين على الوظائف الثلاثة للنقود ـ وهي: واسطة في التبادل، ومعيار لقياس القيمة، وادّخار القيمة ـ أمراً قطعيّاً وثابتاً([42]).

ومن بين هذه الوظائف الثلاثة الأصلية للنقود تمكّن البيتكوين حتّى الآن من النجاح نسبياً في الوفاء بوظيفة الواسطة في التبادل. إن القيام بالمعاملات عن طريق البيتكوين سهلةٌ للغاية، وقليلةُ التكلفة، ومع ذلك فإن جميع البضائع غير متوفِّرة حالياً في الأسواق القابلة للتجارة بالبيتكوين.

وفي خصوص وظيفة وحدة القياس النَّقْدية فإنها لم تتحقَّق بالنسبة إلى البيتكوين في الظروف الراهنة إلاّ على مستوىً منخفضٍ.

إن التحدّي الأكبر أمام وظيفة البيتكوين يكمن في الاضطلاع بوصفه وسيلةً لادخار القيمة في مقام العُمْلة والنقود، وهذا إنما يُكْتَب له التحقُّق إذا تمَّت الاستفادة من البيتكوين في أعمال التجارة، وكذلك الاستفادة منه بوصفه ادخاراً للقيمة للمستقبل.

والمشكلة الرئيسة في هذا الشأن تكمن في الوصول إلى الثبات والاستقرار النسبيّ في قيمة البيتكوين. إن الحكومات، من خلال فرض سياستها النَّقْدية، تعمل على دعم استقرار وثبات قيمة العُمُلات القانونية في البلد. وأما البيتكوين؛ فحيث إنه لا ينتمي إلى أيّ مقامٍ أو دولةٍ مركزية، يفتقر إلى هذا الدعم، ولا يحظى بهذه الحماية([43]).

3ـ ماهيّة النقود في الفقه

يمكن تبويب الآراء المذكورة من قِبَل المفكِّرين المسلمين في خصوص ماهية النقود إلى قسمين رئيسين؛ فهناك مَنْ يذهب في تحليل ماهية النقود إلى التأكيد على قوّتها الشرائية؛ بينما يذهب الآخرون إلى اعتبار القيمة الاسمية للنقود بوصفها العنصر الأساس لماهيتها([44]).

ومن بين المفكِّرين في مجال الحقوق الإسلامية كان السيد الشهيد محمد باقر الصدر في طليعة المحلِّلين لماهية النقود. ومن وجهة نظره هناك اختلافٌ كبير بين العُمُلات الورقية المدعومة والتي يمكن تبديلها بالذهب والفضة وبين العُمْلة الرائجة حاليّاً والتي يتمّ إعفاء الجهة المصدِّرة لها عن تبديلها بالذهب على أساس القانون([45]).

إن السيد الشهيد الصدر لا يرى مثليّة النقود في الأوراق والأرقام المكتوبة عليها، بل بالإضافة إلى ذلك يرى مثل النقود شيئاً يجسّد قيمتها الحقيقية، ويرى في النقود الورقية المتداولة حاليّاً، والفاقدة لدعامة الذهب، والتي لا تكون الجهة المصدِّرة لها متعهِّدةً بتبديلها بالذهب أو غيره من المعادن الثمينة، أنها أوراقٌ نَقْدية إلزامية، وأن ماليتها

مسألةٌ اعتبارية فقط، ولا تكون لها قيمةٌ ذاتية، وإنما يُضْفَى إليها الاعتبار بواسطة القانون والدولة([46]).

لقد اتَّفقَتْ كلمة المفكِّرين في مجال الحقوق الإسلامية على اعتبارية مالية النقود المتداولة حالياً بين الناس([47])، ويذهب بعض المفكِّرين في مجال الحقوق المدنية بدَوْرهم إلى الاعتقاد بأن العُمْلة الورقيّة ـ التي يُطْلَق عليها الآن تسامحاً مصطلح (النقود) ـ ليست نقوداً في الحقيقة، بل هي تمثِّل مقداراً من النقود، وتكون قيمتها اعتبارية.

إن حقيقة النقود هي ذات القيمة التبادلية والاعتبارية لها([48])، بَيْدَ أن هناك اختلافاً في ما يتعلَّق بخصوص كيفية قيمتها وماليّتها؛ حيث يمكن تفكيك الآراء الموجودة في هذا الشأن إلى طائفتين رئيستين:

أـ نظريّة القوّة الشرائيّة

إن مبدع هذه النظرية هو السيد الشهيد الصدر، الذي قال بأن النقود المتداولة حالياً هي مالٌ مثليّ؛ حيث لا يرى مثليّتها في العُمْلة الورقية وعدد الأرقام المكتوبة عليها، بل في ذلك الشيء الذي يعكس قيمتها الحقيقية، وإن القيمة الحقيقية للنقود هي ذاة القوّة الشرائية أو القيمة التبادليّة لها([49]).

وفي ضوء هذه النظرية تكون النقود مالاً مثليّاً، ولذلك يمكن القول: إن حقيقة النقود التامّة تكمن في «القوّة الشرائيّة» فيها، والقوّة الشرائيّة ليست سوى المالية والقيمة التبادلية.

وذات هذه النظرية ذَكَرَها بعض المحقِّقين الآخرين بعباراتٍ مختلفة، ومن ذلك ـ على سبيل المثال ـ أنهم قالوا: إن العُمْلة الورقية شيءٌ يمنح الاعتبار بواسطة مرجعية معتبرة وقانونية، بحيث تضفي عليها القدرة على الشراء اعتباراً ماليّاً وقيمة([50]).

ويذهب السيد الموسوي البجنوردي ـ وهو من أنصار نظرية القوّة الشرائيّة ـ إلى القول بأن ماهيّة النقود تكمن في اعتبار القدرة على الشراء من قِبَل المرجع القانوني([51]).

ب ـ نظريّة القيمة الاسميّة

إن النقود الاعتبارية ـ في ضوء هذه النظرية ـ لا تختلف من ناحية نَقْديّتها وقيمتها التبادلية عن النقود الحقيقية، وإن ماهية النقود لا تتوقَّف على قوّتها الشرائية، بل تقوم على أصل قيمتها التبادلية، وليس على مقدارها.

ومضافاً إلى ذلك إذا كانت القوّة الشرائية هي ذات القيمة التبادلية الحقيقية والواقعية لها إذن لا تكون النقود مالاً مثليّاً، وينبغي اعتبارها بضاعةً قيميّة، في حين أن الفقهاء لا يعتبرونها مالاً قيميّاً. وبعبارةٍ أخرى: إن أنصار هذه النظرية يقولون: إن النقود هي القيمة التبادلية للأشياء المتضمِّنة لقيمتها الاستهلاكية([52]).

إن الفقهاء المعاصرين ـ بمعزلٍ عن المباحث النظرية ـ، من خلال قولهم بمعيارية العُرْف في بيان وتشخيص المسائل والمفهوم العُرْفي، قد جعلوا النقود ملاكاً، وقالوا: إن العُمْلة الورقية مثليّة، وما دام لها اعتبار لا يُتصوَّر فيها انخفاض القيمة؛ لأنها معيارٌ في حدّ ذاتها، وإن قيمة العُمْلة الورقيّة لا تقلّ عن القيمة المحدّدة لها، حتّى وإنْ تراجعت القوّة الشرائية([53]).

وعلى هذا الأساس، فإن الذي يبدو للنظر هو أن القول بنظرية المال الاعتباري للنقود هو الأصحّ من بين الأقوال الأخرى. إن للنقود مجرّد قيمة تبادلية بَحْتة، وإن المالية منشأ ودعامة ذلك الاعتبار.

وفي ضوء هذه النظرية يكون للنقود ـ من أيّ نوعٍ كانت، ومن أيّ حيثيّةٍ ـ مراتب من الاعتبار؛ اعتبار في مرتبة تحديد وحدة قياس القيمة ومقدارها، وكذلك اعتبار النقود واسطة في المبادلة التي يتمّ وضعها من قِبَل القانون، بمعنى أنه يتمّ جعل الذات للنقود بالحكم المعتبر، وتظهر النقود إلى الوجود بوصفها مالاً (دون قيمة معيَّنة). وعندها فإن المعتبر بهذا الموجود يمنح ماليّةً أوّلية معيّنة، ويتمّ تعيين مقدار كلّ وحدة قياس للقيمة([54]).

إن العملات الافتراضية ـ في ضوء هذه النظرية ـ بما يتناسب مع فضاء ظهورها وتداولها في العالم الافتراضي يتمّ جعل الدعامة القيميّة لها، ووحدتها القيميّة، ووظائفها وسائر الآثار والمراتب الوجودية لها، من قِبَل المُعْتَبِر، وما دام اعتبار العُمْلة الافتراضية المجعولة من قِبَل المعتبر والمستخدم سارياً يكون وجود النقود والعُمُلات الافتراضية سارياً.

إن النقود الافتراضية ـ من قبيل: النقود المتداولة حالياً ـ تثبت المشروعية لها على أساس اعتبار المؤسِّسين لها (في آلية الإنشاء والسيطرة)، مع فارق أن دعامة وجودها تكمن في العالم الافتراضي، وليس في المؤسّسات الحاكمة. إن التدقيق في مشروعية النشاط المؤدّي إلى إنتاج وقيمة العُمْلة الافتراضية إنما يكمن في ملاحظة المشروعيّة الوجوديّة لهذه النقود.

وعليه، ما دامت أرضية إنتاج وتداول النقود الافتراضية مشروعةً فإن الشارع لا يحدث مانعاً في مقابل هذه الاعتبارات والعقود العُرْفية. وعلى هذا الأساس، ما دامت النقود الافتراضية موجودةً بواسطة اعتبار موجدها، وكان منشأ وجودها هو النشاط أو المال المشتمل على منفعةٍ محلَّلةٍ وغاية عقلائية، وما دام هذا العقد محترماً بين المستخدمين، فسوف يكون مورد احترام الشارع أيضاً([55]). وعلى هذا الأساس يمكن اعتبارها من النقود.

4ـ البيتكوين في الفقه الإسلاميّ

في أمور المعاملات والمعاوضات يؤدّى العِوَض في مقابل المُعَوَّض، وعلى هذا الأساس يمكن للشخصين اللذين تتوفَّر فيهما الأهلية الكاملة أن يتبادلا ما يمتلكانه ـ الأعمّ من الأعيان والمنافع ـ في إطار العقود المعيَّنة أو غير المعيَّنة، وعلى أساس مجرّد التراضي بينهما.

إن المعوَّض قد يكون بضاعةً أو خدمةً أو أيّ شيءٍ آخر يرغب به العقلاء، ولكنْ طبقاً للأصل الأوّلي يجب أن يكون هناك تعادلٌ وتوازنٌ بين العوض والمعوّض. وفي المجتمع العقلائي منذ البداية إلى هذه اللحظة ارتَقَت المعاوضة مع ازدهار المدنية من البضاعة بالبضاعة بإزاء الثمن إلى الحدّ الذي تحوّل الثمن من النَّقْدين (الذهب والفضة) وتكامل، وفي دائرة التكامل أخَذْنا نشهد انتشار العُمُلات الورقية وسائر العُمُلات النَّقْدية المدعومة بالذهب والفضة وسائر الدعامات الأخرى في الوقت الراهن.

وفي المرحلة التكاملية، اتجَهَت الحكومات المركزية والمستقلّة إلى إصدار العُمُلات الورقية، وفي فترةٍ أخرى بادر الاتحاد الأوروبي إلى إصدار عُمْلةٍ مشتركة باسم اليورو، وفي الوقت الذي كانت تبدو معه هذه الخطوة الأخيرة مستبعدة وغير مألوفة في ضوء التعريف البَدْوي للنقود وطريقة انتشارها، ولكنّها في الوقت الراهن تعرف بوصفها عُمْلةً قابلة للتداول، إلى الحدّ الذي مال معه واضعو السياسة الاقتصادية في إيران مراراً وتكراراً إلى المبادلات الخارجية بهذه العُمْلة الأجنبيّة.

والآن بعد ظهور العالم الافتراضي، وتغيير الفضاء والمعاملات التي سادَت المجتمعات العقلائية، وفي المدنية الحديثة، وفي الأجواء الفضائية للفعل وترك الفعل، قد بلغَتْ مرحلةً من الاعتراف بها رسميّاً، بحيث إنها أضحَتْ ـ بالإضافة إلى ضرورة التأسيس للشرطة السيبرانية ـ بحاجةٍ إلى تعريف الجريمة في هذا المجال، وتَبَعاً لذلك العقوبة المتناسبة مع هذه البيئة الافتراضية.

وفي هذه الأجواء يجب تعريف النقود أو العِوَض بما يتطابق مع مقتضياتها وإصدارها وتبادلها وقبضها وإقباضها ضمن هذا الإطار الافتراضي. وعلى هذا الأساس فإن القِيَم الاقتصادية في هذا الفضاء؛ حيث تكون مرغوبةً عند العقلاء، يتمّ تبادلها في مقابل قيمةٍ أخرى، وتقيم معادلة التوازن، ويتحقَّق البيع والشراء في نهاية المطاف.

وفي التعاطي مع هذا الفضاء والاقتضاءات ونوع التعامل المدني والرغبة المدنية، وحتّى جزئيّتها بوصفها قسماً من المدنية، يجب الحكم على هذه الظاهرة في ضوء القواعد الفقهية وأصولها ودعائمها، وعند الوقوف على عدم وجود الاختلاف يجب الاعتراف رسمياً بهذا النوع من المبادلات والتقييم.

وفي هذا القسم سوف نعمل في البداية على بيان رأي المخالفين، ثمّ الموافقين، لنعمل بعد ذلك على مناقشة هذه الآراء على أساس الأصول والقواعد الفقهية:

أ ـ المخالفون لمشروعيّة البيتكوين

هناك من الفقهاء مَنْ خالف مشروعية العُمْلة الافتراضية، وأثبت بالأدلة الآتية افتقارها إلى المشروعية.

وهناك مَنْ قال ببطلانها من باب الحكم الأوّلي؛ وبعضهم من باب المصلحة؛ وتمسَّك بعضهم لذلك بدليل الإخلال في النظام الاقتصادي؛ واعتبرها آخرون من أكل المال بالباطل.

وفي ما يلي سوف نعمل على نقل آراء هؤلاء، بعد بيان مختلف المباني:

1ـ عدم المشروعيّة من باب الإخلال بالنظام

يُعَدّ وجوب حفظ النظام والحيلولة دون اختلال نظم حياة المسلمين إحدى المسائل الضرورية في الفقه. وقد ذهب الفقهاء إلى التسليم ببداهة هذا الأصل (حفظ النظام) كقاعدةٍ عقليّة وضروريّة، إلى الحدّ الذي رفعوا معه أيديهم عن الأحكام الأوّلية في الكثير من الموارد، وأفتوا بالأحكام الثانوية؛ من أجل الحفاظ على النظام.

ومن هنا فقد ذهبوا؛ بالنظر إلى عيوب ومخاطر البيتكوين ـ من قبيل: المشاكل الأمنية، وتسهيل الجرائم الأمنية، والتهرُّب من دفع الضرائب، وغسيل الأموال، التي تؤدّي إلى اختلال النظام الاقتصاديّ وحتّى السياسي في المجتمع ـ، إلى القول بأن المصلحة تقتضي أن يعمل الحاكم الإسلامي على المنع من دخول هذا النوع من العُمُلات إلى الاقتصاد الحقيقيّ والواقعيّ، إلى حين انتظام أمرها وإنتاجها وتداولها([56]).

2ـ عدم المشروعيّة من باب تضييع الأموال ومخالفة المصلحة

في إبداءٍ للرأي من قِبَل أحد المحقِّقين في مركز أبحاث التنمية والدراسات الإسلامية لسوق البورصة والعُمُلات تمّ بيان الاستدلال على النحو التالي: استناداً إلى أدلّةٍ من قبيل: قاعدة لا ضَرَر، وقاعدة الإتلاف، وقاعدة المصلحة ـ التي تنهى بأجمعها عن السياسات النَّقْدية الخاطئة، والتغيير الضَّرَري في حجم النقود ـ، ما لم يكن هناك ترتيبٌ وإجراءٌ من قِبَل السلطة الحاكمة للسيطرة على النقود الافتراضية في الاقتصاد الواقعيّ يجب المنع من مشروعية النقود الافتراضية في الاقتصاد الحقيقي.

إن وجود هذه النقود في مجتمعاتها الافتراضية إذا لم يكن لها تأثيرٌ في نظام النقود الحقيقية فسوف تكون مشروعةً، ولن تواجه إشكالاً؛ وأما إذا كان دخول ما يُصْطَلَح عليه بالنقود الافتراضية إلى العالم الحقيقي يؤدّي إلى ظواهر من قبيل: تغيير حجم النقود، وتضييع أموال الغير، وظواهر على خلاف المصلحة، من قبيل، العُمْلة الصعبة، وتسهيل الأعمال الجرمية، فيمكن؛ استناداً إلى هذه القواعد الفقهية ـ التي تنظر في الغالب إلى الفقه الحكومي ـ، اعتبار التأسيس للبِيتْكُويْن في المنظومة المالية للبلاد مُشْكِلاً من الناحية الشرعية([57]).

3ـ الموافقة المشروطة والدَّوْر الرقابيّ للبنك المركزيّ

إن أحد المنظِّرين في مجال الاقتصاد الإسلامي (نائب رئيس الاتحاد العالمي لعلماء المسلمين)، ضمن مخالفته لهذه العُمْلة الافتراضية في ظلّ الظروف الراهنة وبيان المشاكل المحيطة بها، ذهب في نهاية المطاف إلى الإعلان عن موافقته عليها، بعد رفع عيوبها وآفاتها، كما يلي:

إن البيتكوين ليس عُمْلةً؛ لأنه لا يحمل مواصفات العُمْلة. كما أنه ليس سلعة؛ فهو لا يحمل مواصفات السلعة. لذلك فإن العُمُلات الرقمية بشكلها الحالي ليست مما يجوز التعامل به.

وأما إذا توفَّرَت العوامل لذلك؛ بأن تعمد الدولة إلى تبنّي البيتكوين من خلال مؤسّسة البنك المركزي، بحيث تصبح عُمْلةً معلومة المصدر، وذلك ما يُكْسِبها ثقةً واعتباراً، وأن يتمّ تأسيس شركاتٍ استثمارية تشرف على هذه العُمْلة وتبيعها كحصص للمستثمرين، وأن تتبنّاها مجموعةٌ من المصارف، وتشرف على تسييرها وإدارة آلياتها؛ عندها سوف يمكن القول بجواز الاستفادة من العُمْلة الرقمية([58]).

من خلال طرح سؤالٍ واحد على المراجع العظام، على الشكل الآتي، كانت الإجابات الصادرة منهم تشير في الغالب إلى الحرمة.

ولكنْ يبدو أن الذي كان مطمح نظر الفقهاء ليس هو أصل العُمْلة الأجنبية، بل كان المنظور لهم في تلك الإجابات هو التوالي الفاسدة المترتِّبة عليها، إلى الحدّ الذي أفاد أحد الفقهاء جوابين يبدوان متعارضين في ظاهرهما، ولكنَّهما ليسا كذلك في واقعهما؛ إذ إن أحدهما ناظرٌ إلى أصل البيتكوين، والآخر ناظرٌ إلى التوالي الفاسدة المترتِّبة عليه.

وإن الذي يقع مورداً لبحث كاتب هذه المقالة هو مجرّد أصل الموضوع؛ إذ إنه لو كان موضوع مباح آخر يشتمل على توالٍ فاسدة يجب أن يقع مورداً للنهي؛ وفيما نحن فيه كان البحث عن ذات الموضوع أيضاً، دون عوارضه الجانبية، ورُبَما كان الكاتب أيضاً من القائلين بالحرمة عند مواجهة التوالي الفاسدة، ونهى عنه.

سؤال: ما هو حكم التعامل بالبيتكوين (العُمْلة الرقميّة)؟([59])

أـ الشيخ ناصر مكارم الشيرازي: بالنظر إلى الغموض الكبير الذي يحيط بالبيتكوين فإن التعامل به مشكلٌ.
ب ـ الشيخ الوحيد الخراساني: شراؤه وبيعه باطل.
ج ـ الشيخ لطف الله الصافي الگلپايگاني: حرامٌ، وأكلٌ للمال بالباطل.
د ـ السيد موسى الشبيري الزنجاني: إذا اشتمل استعمال هذا النوع من العُمُلات على مفسدةٍ اقتصادية، أو مخالفةٍ قانونية، كان شراؤه وبيعه محلَّ إشكال.

إلاّ أن سماحته قال في استفتاءٍ آخر: إذا كان اعتبار الأخذ بإزاء أمرٍ محلَّل، ولم يكن مخالفاً للقانون، فلا إشكال فيه من الناحية الشرعيّة([60]).

وعليه، كما هو ملحوظٌ، فإنه في بعض الأسئلة وبعض الإجابات، باستثناء الاستفتاء الأخير، لم يتعرَّض أيّ واحدٍ من هؤلاء العلماء لبحث المسألة والموضوع من حيث الأصل الأوّلي، وإنما من مجرّد زاوية الخشية من المشاكل، فتمسَّك الأوّل بالمصلحة، ومرجع آخر وافق بشكلٍ مشروطٍ من خلال الإحالة إلى رفع إشكال المخالفة، ثمّ عمد في نهاية المطاف إلى بيان موافقته.

4ـ قاعدة الغَرَر
إن الغموض الذي يحيط بوضع البيتكوين، والمجازفة الكبيرة الناجمة عنه (على فرض إثباتها)، قد تشكِّل دليلاً على كونه من الغَرَر، وبالتالي بطلان المعاملات القائمة على هذا الأساس([61]).

يتَّضح من قاعدة الغَرَر اشتراط العلم بوجود العوضين والوثوق بهما، وفي حالة الغَرَر يكون البيع باطلاً. ويقوم إجماع الفقهاء على فساد البيع الغَرَري. ويستنبط من عبارة بعض الفقهاء أن الخَطَر داخلٌ في المعاملة الغَرَرية. وإن الخَطَر عبارة عن: احتمال ضَرَر يحذر العقلاء من الوقوع فيه، وليس الاحتمال الضعيف الذي لا يعتني به الناس عادةً([62]).

إن من بين الموارد الأخرى التي يجب بحثها في مسألة البيتكوين هي غَرَريّته. إن البيع الغَرَري يعني بيع شيءٍ ينخدع المشتري بظاهره، ويكون باطنه مجهولاً.

إن الغَرَر لغةً يعني الاشتمال على الخطر أو التعرُّض إلى الهلاك والزوال والفناء. إن هذا النوع من البيع باطلٌ بإجماع الفقهاء من الشيعة وأهل السنّة.

وحيث ينطوي سوق البيتكوين على اضطراباتٍ وتأرجحاتٍ كبيرة، فقد ذهب بعض خبراء تسعيرة البيتكوين إلى اعتباره عُمْلةً غير عقلائيّة، واعتبار مبادلاتها غَرَرية.

ولكنْ في المقابل ذهب الكثير من الخبراء الآخرين إلى تبرير هذه التأرجحات والتقلُّبات، واعتبروا ذلك مسألةً عقلائيةً، وناشئة عن سوق العرض والطلب. بالإضافة إلى ما يقال من أنه عندما يصبح البيتكوين عُمْلةً مرجعية ومعيارية لن يبقى هناك شيءٌ من هذه التقلُّبات والتأرجحات.

وعلى أيّ حال فإن مجهولية وضع البيتكوين، واشتماله على المخاطرة والمجازفة الكبيرة (على فرض إثباتها)، قد تشكِّل دليلاً على غَرَريته، والقول نتيجة لذلك ببطلان المعاملات المنعقدة ضمن هذه المقولة([63]).

يبدو أن هذه العُمْلة معروفةٌ بالنسبة إلى المتخصِّصين في مجالهم، وإن ما يقومون به ليس من قبيل: مواجهة الخَطَر الذي يتجنَّبه العقلاء. وعلى هذا الأساس، فإنه، مثل أيّ عُمْلةٍ أجنبيّة أخرى، قد يشتمل على بعض التقلُّبات والتأرجحات المختلفة، تَبَعاً للظروف والشرائط الخاصّة، ولا تُعَدّ في الأساس من المجازفة والمخاطرة.

وإن هذه القاعدة، التي سعى بعضهم إلى إبطال المبادلات بالبيتكوين على أساسها، لا يمكن لها أن تكون هي المبنى. وإن عمومات أصول الصحّة والتراضي ـ على ما سيأتي في القسم الآتي ـ على درجةٍ أكبر من الإتقان، تثبت مشروعيّة هذا النوع من التبادل.

ب ـ الموافقون على مشروعيّة البيتكوين

يتَّضح، من خلال التمسّك بأصول الصحّة، والتراضي، وتعادل العوضين، وأن هذا النوع من التبادل ليس غَرَرياً، وأن سيرة العقلاء قائمةٌ في الوقت الراهن على الرغبة بهذا التبادل، أنه ما لم يثبت أن التعامل بالبيتكوين مخالفٌ للشرع يمكن أن يكون عِوَضاً عن المعاملات في دائرته الخاصّة، ومن ناحيةٍ أخرى سوف يكون تابعاً للأصول العامّة للمبادلات والقواعد الحاكمة عليها.

1ـ هل البيتكوين مالٌ؟

ورد في تعريف المال قول بعضهم: «المال ما يُبْذَل بإزائه المال». وهذا التعريف ـ كما ترى ـ لا يخلو من الدَّوْر بطبيعة الحال.

وقال العلاّمة الطباطبائي في تعريفه: «المال ما يتعلق به الرغبات من الملك، كأنه مأخوذ من الميل؛ لكونه مما يميل إليه القلب»([64]).

وقال الدكتور أبو القاسم گرجي ـ بدَوْره ـ في تعريف المال: «ما يرغب به العقلاء؛ بسبب منافعه الواقعية أو الاعتبارية، ويبذلون بإزائه نَقْداً أو شيئاً آخر»([65]).

وقال الإمام الخميني: «ليس المال إلاّ ما يكون مورداً لرغبة العقلاء وطلبهم، ومعه يبذلون بإزائه الثمن»([66]).

ومن بين جميع التعاريف يمكن للتعريف الذي ذكره الشيخ الطوسي للمال أن يُرشدنا إلى مشروعية النقود الرقميّة أكثر من سائر التعاريف الأخرى؛ إذ يقول [ما معناه]: كلّ شيء يُعَدّ في العُرْف مالاً تكون له المالية، سواء أكان مباحاً في أصله أم لا([67]).

وعليه؛ بالنظر إلى مباني الفقهاء حول ماليّة شيء، يمكن الوصول إلى هذه النتيجة، وهي أن البيتكوين مالٌ، ويمكن له أن يقع في مقابل معوَّضٍ آخر.

2ـ أصالة الصحّة

طبقاً لجريان أصالة الصحّة في الأحكام، والقول بهذا الأصل، لو أن معاملةً ـ سواء أكانت عقداً أو إيقاعاً ـ تمّ إبرامها، ثمّ شكَكْنا في صحتها، جرى البناء على صحّة تلك المعاملة([68]).

إن هذه القاعدة تُعَدّ من المستقلاّت العقلية، بحيث إن عدم جريانها يؤدّي إلى الاختلال في النظام، وفي حياة الناس ومعاشهم([69]). كما يمكن تسرية هذه القاعدة على غير المسلمين أيضاً؛ وعليه لو حكم العقلاء بصحّة عملٍ في نظام تعاملاتهم وجب الحكم عليه بالصحّة([70]).

فإن أصالة الصحّة في معناها الوضعيّ ـ هي من ناحية ـ عبارةٌ عن اعتبار آثار ونتائج أعمال الآخرين صحيحةً، والحكم بجريانها. وعلى هذا الأساس، فإن كل ما ينطبق عليه عنوان العقد والتجارة عن تراضٍ وجب اعتباره عقداً صحيحاً، وإنْ كان لا يبعد احتمال النقص أيضاً([71]).

ومن ناحيةٍ أخرى فإن أصالة الصحّة يعني حمل فعل الآخرين على الوجه التامّ والكامل في مقابل الوجه الناقص. إن أصالة الصحّة بهذا المعنى لا تختصّ بفعل المؤمن فقط، بل تعمّ جميع المسلمين، بل حتى الكفّار في بعض الموارد أيضاً([72]).

إن المسلمين، بل جميع العقلاء يحملون شؤون حياة الآخرين ـ الأعمّ من العبادات والمعاملات والأقوال والعقائد ـ على الصحّة، ويعتبرون الفساد والبطلان على خلاف الأصل والمسار الطبيعيّ، ومن هنا فإنهم يطالبون الذي يدَّعي الفساد بدليلٍ([73]).

3ـ أصل التراضي في التِّجارات

إن أصل التراضي ـ في ضوء قوله تعالى: ﴿يَا أَيُّهَا الَّذِينَ آَمَنُوا لاَ تَأْكُلُوا أَمْوَالَكُمْ بَيْنَكُمْ بِالْبَاطِلِ إِلاَّ أَنْ تَكُونَ تِجَارَةً عَنْ تَرَاضٍ مِنْكُمْ﴾ (النساء: 29) ـ يُعَدّ واحداً من المباني الأساسية والجوهرية في المبادلات. وبالنظر إلى هذا الأصل الجوهري يُعَدّ مقطوع الصحّة والمشكوك في صحّته داخلاً في عمومات هذه الآية، ولا يخرج من عمومات هذه الآية غير المقطوع بفساده.

وعليه؛ حيث يكون البيتكوين ـ بوصفه عوضاً في مقابل معوَّضٍ ضمن حدود التراضي بين المتعاملين ـ أمراً مشكوكاً فيه إذن يجب القول للمشكِّك: إن هذا الشكّ غير جديرٍ بالملاحظة والاهتمام.

وبالنظر إلى الترديد الذي أبداه بعض الفقهاء بشأن عدم مشروعية البيتكوين، من أمثال: السيد علي السيستاني، فإنهم لم يجيبوا عن الاستفتاءات الواردة في هذا الشأن([74])، وأما السيد الشبيري الزنجاني فقد أجاب في استفتاءٍ خاصّ حول هذا الموضوع بقوله: «إذا كان الاعتبار المأخوذ في مقابل عملٍ محلَّل، ولم يكن مخالفاً للقانون، فلا إشكال من الناحية الشرعيّة»([75]).

4ـ أصالة الإباحة

لقد ذهب بعض العلماء إلى الاعتقاد بأن البيتكوين جائزٌ في الأصل. ويمكن بحث هذا الرأي بالنظر إلى البحث السابق حول معايير النقود والذهب؛ حيث تمّ بيان قاعدة مشهورة بين الفقهاء، وهي: «الأصل في المعاملات الإباحة». وهذا يعني أن الأصل الكلّي مقبولٌ في المعاملات التجارية.

وبعبارةٍ أخرى: إن كلّ شيءٍ جائز، إلاّ ما وجدناه مخالفاً لأصول الشريعة بالكامل. وعليه تكون العُمْلة الرقمية ـ بالنظر إلى هذا الأصل ـ جائزةً في الأصل. وعلى هذه الشاكلة، حيث توجد هذه الخصائص يمكن اعتبار كلّ شيءٍ بوصفه عُمْلةً ونَقْداً؛ فإذا اعتبر الناس شيئاً ما ذا قيمةٍ فإنه سوف يكون من وجهة نظر جميع الناس أو جماعةٍ كثيرة منهم وسيلةً للتبادل، ومعياراً لتقدير قيمة الأشياء، ويُنْظَر إليه كوحدةٍ للحساب.

وعلى هذا الأساس، فإن كلَّ عُمْلة رقمية (مثل: البيتكوين) تشتمل على الشرائط المتقدّمة سوف تكون مقبولةً بوصفها من النقود.

وقد أصدرَتْ إحدى المدارس الدينية الإسلامية في جنوب أفريقيا ـ واسمها (دار العلوم زكريّا) ـ بياناً جاء فيه: إن البيتكوين يحتوي على شرائط المال، وعلى هذا الأساس تكون التجارة به جائزةً. ومع ذلك فقد أشارَتْ هذه المدرسة إلى أن العُمُلات الرقمية بوصفها نقوداً حاصلةً على الشرائط يجب أن تحظى بتأييدٍ من قِبَل السلطات الحكومة([76]).

 

خلاصةٌ واستنتاج

لقد تمّ التعريف بالنقود من الناحية الحقوقية على أساس وظائفها ومهامها بوصفها وحدةً للحساب أو وسيلةً للدفع وواسطةً في التبادل.

ومن زاوية الاقتصاد هناك مَنْ يعتبر النقود سلعةً، وشكلها هو المعادن الثمينة (الذهب والفضة مثلاً)، أو العُمُلات الورقية المدعومة بالمعادن الثمينة؛ ويراها بعضهم من دون دعمٍ ومن دون ارتباطٍ بأيّ سلعةٍ، وإنما هي لمجرّد تسوية الديون، ويرَوْن أن إصدارها منحصرٌ بإرادة السلطات الحاكمة، ولذلك ليس هناك اختلافٌ بين التعريف الاقتصادي للنقود وبين التوصيف الحقوقي.

كما أنه من زاوية الفقه، وعلى أساس النظرية القائلة بأن النقود مالٌ اعتباري، يتمّ جعل النقود والعُمُلات الافتراضية بما يتناسب مع فضاء جعلها وتداولها في العالم الافتراضي، ودعم القيمة، ووحدة القيمة، ووظائفها، وسائر آثارها ومراتبها الوجودية، يتمّ جعلها من قِبَل مركزٍ معتبر، وما دام اعتبار العُمْلة الافتراضية من قِبَل جاعلها ومستخدمها مقبولاً فسوف يكون وجود النقود الافتراضية جارياً.

ومن هنا إذا كان مبنى إنتاج وتداول النقود الافتراضية مشروعاً فإن الشارع لن يضع عقبةً أمام هذه الاعتبارات العُرْفية، ولن يمنع إجراء هذه العقود. ومن هنا فإن البيتكوين ـ سواء من الزاوية الاقتصادية، وكذلك من وجهة نظر علماء الحقوق إلى النقود، والتي هي في الأساس وبشكلٍ رئيس تأتي من زاوية الحقوق والعهود الناشئة من استعمالها، وقلَّما يتمّ التعرُّض إلى العهود الناشئة من جعلها ونشرها ـ يحظى بوظائف النقود.

ومن هنا يمكن تحليل البيتكوين من حيث الماهية بوصفه نوعاً من النقود الافتراضية. ويبدو أن القبول بنظريّات غير النقود (السلع والممتلكات الرقميّة وما إلى ذلك) لا يعني تجاهل وظيفة ودَوْر البيتكوين بوصفه واسطةً للتبادل ومعياراً لقياس القيمة؛ لأن التكنولوجيا والتقنيات الافتراضية ـ ومنها: البيتكوين ـ قد غيَّرَتْ مسار التجارة بسرعةٍ فائقة.

لقد تمّ اليوم توسيع منصّاتٍ متعدّدة للتعامل والقيام بالمبادلات بواسطة البيتكوين، بل تمّ في بعض البلدان نصب صرّافات آلية (ATM)، وهذا الأمر يحظى بأهمِّيةٍ فائقة في انتشار البيتكوين، وقبوله على المستوى العامّ في المجتمع كواسطةٍ للتبادل، مثل النقود التقليدية.

ويبدو أن التحدّي الأهمّ الماثل أمام مشروعية استخدام البيتكوين كعُمْلةٍ افتراضية يكمن في دخوله وتقبّله في العالم الحقيقي. في النظام النَّقْدي للبلدان لا يمكن تنظيم عُمُلات العالم الحقيقي والعُمُلات الافتراضية في منظومةٍ واحدة بسهولةٍ.

وعلى واضعي السياسات النَّقْدية ـ بالنظر إلى دخول هذا النوع من النقود والعُمُلات في الاقتصاد الحقيقي، ومع أخذ المزايا والعيوب الموجودة فيها ـ أن يعملوا على حفظ المنافع، مع رعاية المصلحة.

ومن الواضح بداهةً أن الحكومات تعمل على دعم وحماية قيمة النقود والعُمُلات القانونية من خلال فرض وتطبيق السياسات النَّقْدية.

وحيث إن البيتكوين ليس تابعاً إلى أيّ جهةٍ أو دولةٍ مركزية فإنه في الوقت الراهن محرومٌ من الدعم والحماية في الكثير من البلدان، ومن بينها: إيران.

ولذلك فإن البيتكوين لم يتمكَّن حتى الآن من أن يمتلك الآليّة والوظيفة القانونية بوصفه من النقود، وأن يُستفاد منه في القيام بأعمال التجارة، وادّخار القيمة للمستقبل، على نطاقٍ واسع، وكما يُشْعِر البندان (أ) و(ب) من المادّة العاشرة من القانون النَّقْدي والمصرفي للبلاد: «إن البنك المركزي الإيراني مسؤولٌ عن تنظيم وتطبيق السياسة النَّقْدية والاعتبارية على أساس السياسات العامّة والكلِّية لاقتصاد البلد»، و«إن هدف البنك المركزي الإيراني هو الحفاظ على قيمة النقود وموازنة الدفوعات وتسهيل المبادلات التجارية، والمساعدة على تنمية اقتصاد البلاد».

ومن هنا، فإنه بالنظر إلى عالمية وافتراضية هذا النوع من النقود والعُمُلات، يكون بحث تحدِّياته والقيام بالنظام المالي والحقوقي المناسب الذي يضمن المصلحة العامّة أمراً ضرورياً، ولا يمكن اجتنابه.

 

الهوامش

(*) طالبةٌ في مرحلة الماجستير في قسم الحقوق في جامعة طهران.
(**) أستاذٌ مساعِدٌ في قسم الحقوق في جامعة الشهيد بهشتي، طهران.
(***) أستاذٌ مساعِدٌ في قسم الحقوق في جامعة الشهيد بهشتي، طهران.
([1]) European Central Bank.
([2]) انظر: محمد مهدي سليماني پور، بررسي فقهي پول مجازي (بحث فقهي حول العُمُلات الافتراضية)، المجلة الفصلية تحقيقات مالي إسلامي، العدد 2: 173، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([3]) وي داي (Wei Dai): مهندس حاسوب معروف بمساهمته في التشفير والعُمُلات المشفَّرة. (المعرِّب).
([4]) European Central Bank, 2012.
([5]) ساتوشي ناكاموتو (Satoshi Nakamoto): اسمٌ مستعار يستخدمه شخصٌ أو أشخاص عملوا على تطوير عملة البيتكوين الافتراضية، وقاموا بتأليف ورقته البيضاء، وأنشأوا البرنامج المرجعي الأصلي للبِيتْكُويْن، ونشروه. وكجزء من تنفيذ العملية ابتكر ناكاموتو أوّل قاعدة بيانات سلسلة الكُتَل، وكان هو أوّل مَنْ حلّ مشكلة الإنفاق المزدوج للعملة الرقميّة باستخدام شبكة نظير إلى نظير. وكان ناكاموتو نشطاً في تطوير البيتكوين حتّى كانون الأول عام 2010م. (المعرِّب).
([6]) انظر: محمد مهدي سليماني پور، بررسي فقهي پول مجازي (بحث فقهي حول العُمُلات الافتراضية)، المجلة الفصلية تحقيقات مالي إسلامي، العدد 2: 170، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([7]) للوقوف على الجذور التاريخية للبِيتْكُويْن انظر:
http://historyofbitcoin.org/
([8]) Elwell & Murphy, 2013 Bitcoin: Questions, Answers, and Analysis of Legal Issues, Congressional Research Service Report (20 December).
([9]) انظر: مير ميثم سيد حسيني، بيت كوين نخستين پول مجازي (البيتكوين أول عملة افتراضية)، مجلة ماهنامه بازار سرمايه إيران، العددان 114 ـ 115: 85. (مصدر فارسي).
([10]) انظر: المصدر السابق: 86.
([11]) Block chain.
([12]) See: Elwell & Murphy, 2013 Bitcoin: Questions, Answers, and Analysis of Legal Issues, Congressional Research Service Report (20 December).
([13]) انظر: مير ميثم سيد حسيني، بيت كوين نخستين پول مجازي (البيتكوين أول عملة افتراضية)، مجلة ماهنامه بازار سرمايه إيران، العددان 114 ـ 115: 87. (مصدر فارسي).
([14]) انظر: المصدر نفسه.
([15]) انظر: المصدر السابق: 85.
([16]) تقرير مركز أبحاث المجلس، بيت كوين ابزاري نوين در نظام پرداخت هاي إلكترونيكي (البيتكوين وسيلة حديثة في نظام الدفوعات الإلكترونية)، رقم 13617. (مصدر فارسي).
([17]) انظر: رضا ميرزا خاني، بيت كوين وماهيت مالي وفقهي (البيتكوين وماهيته المالية والفقهية): 28، مركز پژوهش توسعه ومطالعات إسلامي، شهر دي، عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([18]) انظر: د. عبد الستار أبو غدة، النقود الرقمية: الرؤية الشرعية والآثار الاقتصادية، مؤتمر الدوحة الرابع للمال الإسلامي، 2018م.
([19]) Internal Revenue Service (IRS).
([20]) Fin CEN, 2013.
([21]) PBC, 2013.
([22]) See: JERRY BRITO AND ANDREA CASTILLO… and Spencer E. Ante, «Bitcoin Startups Begin to Attract. Real Cash,» Wall Street Journal, May 8, 2013.
([23]) تقرير مركز أبحاث المجلس، سياستگذاري كشورهاي آمريكا چين وألمان در زمينه أبزارهاي مالي ديجيتالي جديد مانند: بيت كوين (وضع السياسات في بلدان مثل الولايات المتحدة الأمريكية والصين وألمانيا في مجال الأدوات المالية الرقمية الجديدة، من قبيل: البيتكوين)، رقم 28013691. (مصدر فارسي).
([24]) للوقوف على الاتجاه الدقيق لكلّ واحد من هذه البلدان انظر:
bitlegal.io
([25]) شرطة فتا: مختصر لعبارة (پليس فضاي توليد وتبادل اطلاعات إيران)، وهي وحدة في شرطة الجمهورية الإسلامية الإيرانية تختصّ بمكافحة الجرائم الإلكترونية وشبكات التواصل الاجتماعي والإنترنت والفضاء الافتراضي. (المعرِّب).
([26]) See: Rahn , Richard, «The End of Money & The Struggle For Financial Privacy», Seattle, Discovery Institute Press, 1999.
([27]) انظر: مهدي شهيدي، سقوط تعهّدات (إسقاط العهود): 85، كانون وكلاي مركز، طهران.
([28]) انظر: محمد سلطاني، ماهيت حقوقي پرداخت در پول إلكترونيك (الماهية الحقوقية للدفع في العُمُلات الإلكترونية)، مجلة پژوهشنامه حقوق إسلامي: 79 ـ 120، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1394هـ.ش. (مصدر فارسي).
([29]) انظر: إبراهيم عبدي پور، تحليل حقوقي ماهيت پول إلكترونيكي (التحليل الحقوقي لماهية العُمُلات الإلكترونية)، العدد 16: 59، ربيع وصيف عام 1389هـ.ش.
([30]) See: Sifers, R. (1997). Regulating Electronic Money in Small-Value Payment. 49 Federal Communication Law Journal , 708.
([31]) انظر: إبراهيم عبدي پور، تحليل حقوقي ماهيت پول إلكترونيكي (التحليل الحقوقي لماهية العُمُلات الإلكترونية)، العدد 16: 59 ـ 60، ربيع وصيف عام 1389هـ.ش.
([32]) النظرية المعدنية (Metalism Theory): نظريّةٌ تعرِّف المال بوصفه سلعةً ذات قيمة جوهرية تجعلها مقبولة على نطاقٍ واسع كوسيلةٍ للتبادل، من قبيل: المعادن الثمينة، مثل: الذهب. (المعرِّب).
([33]) See: Menger, K; «on the origin of money»; Economic Jornal, 2, 1892, p. 242.
([34]) النظرية الشارتالية (Chartalism Theory): نظريّةٌ مالية غير سائدة، تشدِّد على تأثير السياسات والأنشطة الحكومية على قيمة المال. وبعبارةٍ أخرى: إن هذه النظرية تقول: إن المال ليست له قيمة جوهرية، ولكنه يكتسب قيمته من قِبَل الحكومة. (المعرِّب).
([35]) See: Ingham, G; the nature of money; policy press, Cambridge, 2004, p. 12.
([36]) انظر: المصدر نفسه.
([37]) انظر: محمد إسماعيل توسلي، تحليل ماهية پول (تحليل ماهية النقود)، مجلة اقتصاد إسلامي، العدد 48: 110.
([38]) European Central Bank.
([39]) Financial Crime Enforcement Network.
([40]) انظر: رضا ميرزا خاني، بيت كوين وماهيت مالي وفقهي (البيتكوين وماهيته المالية والفقهية)، مركز پژوهش توسعه ومطالعات إسلامي، شهر دي، عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([41]) تقرير مركز أبحاث المجلس، بيت كوين أبزاري نوين در نظام پرداخت هاي إلكترونيكي (البيتكوين وسيلة حديثة في نظام الدفوعات الإلكترونية): 24، شهر أرديبهشت، سنة 1393هـ.ش، رقم 13617. (مصدر فارسي).
([42]) انظر: محمد مهدي سليماني پور، بررسي فقهي پول مجازي (بحث فقهي حول العُمُلات الافتراضية)، المجلة الفصلية تحقيقات مالي إسلامي، العدد 2: 179، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([43]) انظر: رضا ميرزا خاني، بيت كوين وماهيت مالي وفقهي (البيتكوين وماهيته المالية والفقهية)، مركز پژوهش توسعه ومطالعات إسلامي، شهر دي، عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([44]) انظر: محمد مهدي سليماني پور، بررسي فقهي پول مجازي (بحث فقهي حول العُمُلات الافتراضية)، المجلة الفصلية تحقيقات مالي إسلامي، العدد 2: 179، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([45]) انظر: المصدر نفسه.
([46]) انظر: الشهيد السيد محمد باقر الصدر، البنك اللاربوي في الإسلام: 152، انتشارات دار الصدر، قم، 1425هـ.
([47]) انظر: إبراهيم عبدي پور، تحليل حقوقي ماهيت پول إلكترونيكي (التحليل الحقوقي لماهية العُمُلات الإلكترونية)، العدد 16: 62، ربيع وصيف عام 1389هـ.ش.
([48]) انظر: مهدي شهيدي، سقوط تعهّدات (إسقاط العهود): 85.
([49]) انظر: الشهيد السيد محمد باقر الصدر، الإسلام يقود الحياة: 209، انتشارات دار الصدر، قم، 1429هـ ق.
([50]) انظر: السيد محمد الموسوي البجنوردي، نظرخواهي أز فقها پيرامون مسايل فقهي وحقوقي ناشي أز كاهش أرزش پول (استطلاع آراء الفقهاء حول المسائل الفقهية والحقوقية الناشئة عن قيمة النقود)، مجلة رهنمون، العدد 6: 108، طهران، عام 1372هـ.ش. (مصدر فارسي).
([51]) انظر: المصدر السابق: 110.
([52]) انظر: إبراهيم عبدي پور، تحليل حقوقي ماهيت پول إلكترونيكي (التحليل الحقوقي لماهية العُمُلات الإلكترونية)، العدد 16: 63، ربيع وصيف عام 1389هـ.ش.
([53]) انظر: المصدر السابق: 64.
([54]) انظر: رضا ميرزا خاني، بيت كوين وماهيت مالي وفقهي (البيتكوين وماهيته المالية والفقهية)، مركز پژوهش توسعه ومطالعات إسلامي، شهر دي، عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([55]) انظر: محمد مهدي سليماني پور، بررسي فقهي پول مجازي (بحث فقهي حول العُمُلات الافتراضية)، المجلة الفصلية تحقيقات مالي إسلامي، العدد 2: 167 ـ 197، السنة السادسة، ربيع وصيف عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([56]) انظر: المصدر نفسه.
([57]) انظر: رضا ميرزا خاني، بيت كوين وماهيت مالي وفقهي پول مجازي (البيتكوين وماهيته المالية والفقهية)، مركز پژوهش توسعه ومطالعات إسلامي: 47، رقم التقرير: 96 ـ 20 ـ 2017، شهر دي، عام 1396هـ.ش. (مصدر فارسي).
([58]) انظر: الشيخ علي القرّه داغي، مؤتمر الدوحة الرابع للمال الإسلامي، 9 يناير 2018م.
([59]) انظر: أحكام خريد وفروش، حكم بيت كوين چيست؟ (أحكام الشراء والبيع، ما هو حكم البيتكوين؟):
hadana.ir
([60]) انظر: أحكام إسلامي ـ أحكام اقتصادي، بيت كوين پديده اي نو ظهور در دنياي اقتصاد (الأحكام الإسلامية والأحكام الاقتصادية، البيتكوين ظاهرة مستَحْدَثة في عالم الاقتصاد):
Tebyan.net
([61]) انظر: المصدر السابق.
([62]) مير فتاح حسيني مراغه إي، عناوين (العناوين): 311 ـ 314 2، مؤسّسة النشر الإسلامي، قم، 1418هـ.ش.
([63]) انظر: السيد مصطفى بهشتي:
https://article.tebyan.net/95133
([64]) العلاّمة السيد محمد حسين الطباطبائي، الميزان في تفسير القرآن 2: 44، دار إحياء التراث العربي، ط 1، بيروت، 2006م.
([65]) أبو القاسم گرجي، مقالات حقوقي (مقالات حقوقية) 2: 311، انتشارات دانشگاه طهران، طهران، 1369هـ.ش. (مصدر فارسي).
([66]) السيد روح الله الخميني، كتاب البيع 1: 20، مؤسسة إسماعيليان، قم.
([67]) انظر: الشيخ أبو جعفر الطوسي، المبسوط في فقه الإمامية 8: 20، مكتب المرتضوية لإحياء الآثار الجعفرية، طهران، 1387هـ.ش.
([68]) انظر: السيد محمد الموسوي البجنوردي، قواعد فقهية 1: 45، مؤسسة عروج للطباعة والنشر، 1379هـ.ش.
([69]) انظر: الشيخ مرتضى الأنصاري، فوائد الأصول 2: 720، انتشارات مركز جهاني علوم إسلامي، قم.
([70]) انظر: المصطفوي، السيد كاظم، القواعد الفقهية: 105، انتشارات مركز جهاني علوم إسلامي، قم، 1421هـ.
([71]) مجموعه مقالات حقوقي (سلسلة المقالات الحقوقية): 354.
([72]) السيد أبو القاسم الخوئي، مصباح الأصول 2: 322، مكتبة الداوري، قم.
([73]) انظر: المصدر السابق 3: 323.
([74]) سؤال: هل يُعَدّ شراء وبيع البيتكوين جائزاً من الناحية الشرعية أم لا؟ أعتزم شراء البيتكوين وبيعه لاحقاً، فهل بيع البيتكوين وشراؤه جائزٌ من الناحية الشرعية؟
الجواب: في مورد هذا النوع من الشركات والعمل فيها ليس هناك من جوابٍ.
http://www.askdin.com/showthread.php?t=61492&s=4a0f030286a4ed4dd5cd7b4a6bd12ee2
([75]) مسأله إي خاص كه هيج فتوايي ندارد (مسألة خاصة ليس لها أيّ فتوى).
https://article.tebyan.net/39513
([76]) انظر: خاطره پور حضرت، بررسي جامع فقهي بيت كوين، أرزهاي ـ ديجيت (بحث فقهي جامع حول البيتكوين والعُمُلات الرقميّة)؛ محمد أبو بكر، تحليل شرعي بيت كوين، أرزهاي ديجيتال وبلاك چين (التحليل الشرعي للبِيتْكُويْن، والعُمُلات الرقمية، وسلسلة الكُتَل).
http://persianecoin.ir

 

المصدر: موقع نصوص معاصرة

اترك تعليقاً

لن يتم نشر عنوان بريدك الإلكتروني. الحقول الإلزامية مشار إليها بـ *

Slider by webdesign

Clicky